التربة بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
التربة بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية

التربة بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية.

 
تعد التربة أحد المصادر الطبيعية المتجددة في المنطقة الشرقية، وهي من المقومات الأساسية والضرورية التي يعتمد عليها وجود الغطاء النباتي وبقية الكائنات الحية الأخرى في المنطقة، وأحد العوامل البيئية الطبيعية المؤثرة في توزيع الغطاءات النباتية في المنطقة حيث تعتمد عليها تلك النباتات اعتمادًا كليًّا في الحصول على متطلباتها المائية والغذائية. والتربة بشكل عام هي الطبقة العلوية المفتتة من صخور المنطقة التي طرأت عليها بعض التغيرات الكيميائية والفيزيائية واختلطت بها نسبة من المادة العضوية والماء والهواء حتى أصبحت ملائمة لنمو نباتات المنطقة  
 
وتشتمل التربة عادة على أربعة مكونات رئيسة هي: المادة المعدنية والعضوية والسائلة والغازية إلا أن هذه المكونات تختلف نسبتها من تربة إلى أخرى في المنطقة وأحيانًا تختفي بعض تلك المكونات في بعض الترب كما هو الحال بالنسبة لاختفاء المادة العضوية من ترب الكثبان الرملية قليلة الغطاء النباتي، وكذلك خلو ترب الأمكنة القاحلة في المنطقة من الرطوبة في شهور الصيف. ويرتبط كل واحد من مكونات التربة المذكورة آنفًا بغلاف من أغلفة الكرة الأرضية، فالمادة المعدنية ترتبط بغلاف المنطقة الصخري، في حين ترتبط مادة التربة العضوية بكائنات المنطقة الحية، ويرتبط الماء بالغلاف المائي، في حين يرتبط الهواء بالغلاف الجوي، كما يتضح فيما بعد.
 
بناءً على ما تقدم يمكن القول إن تربة المنطقة الشرقية هي مجموعة التفاعلات التي تتم بين الأغلفة الأربعة في المنطقة، وإن جميع مكوناتها وخصائصها الفيزيائية والكيميائية تتأثر مع مرور الوقت بخصائص المنطقة المناخية والجيولوجية والتضاريسية والحيوية.
 
لذا فإن فهم التربة ومعرفة مكوناتها وخصائصها الكيميائية والفيزيائية خلال وقت معين في المنطقة الشرقية يتطلب معرفة خصائصها الجيولوجية والتضاريسية والمناخية والحيوية في ذلك الوقت. ففيما يتعلق بتركيب المنطقة الجيولوجي فإن أراضي المنطقة تقع ضمن ما يعرف بالرف العربي. وتغطي سطح الرف العربي مجموعة من الطبقات الرسوبية شبه المستوية والمختلفة السمك التي ترسبت خلال العصور الجيولوجية المتتابعة. وتتكون الطبقات الرسوبية في الرف العربي من الصخور الرملية والجيرية والطفلية والطينية. وفيما يتعلق بسطح المنطقة الشرقية فإنه يعد سطحًا منبسطًا ومستويًا في معظم أجزائه على الرغم من انتشار بعض التلال والجبال والهضاب المتناثرة في أجزاء مختلفة داخل المنطقة التي تبرز فوق المستوى العام للسطح وتعرف محليًّا بالقور والبرقات، كما تنتشر في المنطقة الكثبان الرملية والأودية والسباخ وغيرها من المعالم التضاريسية الأخرى مثل السهل الساحلي الغربي للخليج العربي. وبشكل عام ينحدر سطح المنطقة نحو الشرق والشمال الشرقي انحدارًا تدريجيًّا. وأما خصائص المنطقة المناخية فإنها تتسم بقلة الأمطار والتذبذب وعدم الانتظام في سقوطها من سنة إلى أخرى. وتعد المنطقة الشرقية من أقل مناطق المملكة مطرًا ومن أعلاها ارتفاعًا في درجات الحرارة وفي معدلات التبخر، وهذا يجعل الميزان الرطوبي السنوي في المنطقة ميزانًا سالبًا والجفاف هو السمة السائدة لمناخ تلك الأراضي. ومن هذا يتبين أن ظروف المنطقة المناخية بشكل عام لا تساعد على وجود أي نوع من النباتات عدا تلك النباتات الجفافية والموسمية والمتوغلات التي توجد في بعض الأجزاء حيث يتوافر لها قدر كافٍ من المياه لسد متطلباتها  
 
وتختلف تربة المنطقة الشرقية في خصائصها من جهة إلى أخرى تبعًا لاختلاف خصائص أجزاء المنطقة المناخية والجيولوجية والتضاريسية والبيولوجية، كما أنها تختلف أيضًا في مدى صلاحيتها لنمو المحصولات الزراعية والنباتات البرية. وأهم ما تتسم به تربة المنطقة أن محتواها الرطوبي منخفض في معظم شهور السنة، كما تتسم أيضًا بافتقارها إلى المادة العضوية عدا تلك الترب التي ينمو فيها غطاء نباتي مثل تلك الترب الصالحة للزراعة في مناطق المنخفضات.
 
وبما أن التربة مورد طبيعي متجدد تنمو فيه نباتات المنطقة المختلفة ومنها تحصل على متطلباتها المائية والغذائية، فإن معرفة أصلها ونشأتها وتكوينها وكذلك معرفة مركباتها الكيميائية والبيولوجية والعوامل والعمليات التي تؤثر فيها ومحاولة تحديد أصنافها وتوزيعها الجغرافي في المنطقة وكذلك معرفة خصوبتها ومدى ملاءمتها وصلاحيتها لنمو النباتات أمر مهم من أجل إدارتها وتحسين إنتاجيتها والبحث في أساليب الحفاظ عليها من التدهور ومن التعرض إلى عمليتي التعرية والتملح وغيرهما من العمليات المضرة بإنتاجية التربة، ويمكن تناول ذلك على النحو الآتي:
 

عوامل تكوين التربة وعملياته

 
تؤدي مجموعة من العوامل والعمليات دورًا بارزًا ومهمًا في تكوين التربة وتشكيلها في المنطقة. كما تقوم تلك العوامل والعمليات بدور واضح في تحديد خصائص تربتها الفيزيائية والكيميائية. وفيما يأتي عرض لأهم العوامل والعمليات المؤثرة في تكوينها:
 
1 - المواد الأولية:
 
تشتق مواد التربة الأولية في المنطقة من تكويناتها الصخرية. ويعود تركيب المنطقة الجيولوجي إلى رواسب المايوسين والباليوسين المغطاة بطبقات تكوينات الزمن الرابع التي تتكون من الحجر الرملي والحجر الجيري والحجر الطفلي وكذلك الحجر الطيني، كما تحتوي على الرواسب السلتية والرملية المتحركة التي نادرًا ما يزيد سمكها على 10م. والمادة الأولية التي تكونت منها ترب المنطقة إما أنها مشتقة من الصخور التي ترتكز عليها بفعل عمليات التجوية، وإما من تلك المنقولة من مكان إلى آخر بفعل الرياح كما هو الحال بالنسبة إلى المادة الأصلية التي تكونت منها ترب الكثبان الرملية المنتشرة في المنطقة وتجمعت بفعل الرواسب الرملية الريحية، وكذلك تلك الترب التي نقلت مادتها الأولية بوساطة الجريان المائي كما هو الحال في تربة الأودية  
 
وللمادة الأولية التي تكونت منها ترب المنطقة أثر في مجموعة من الخصائص الكيميائية والفيزيائية لها؛ إذ ترث التربة هذه الخصائص من الصخر الذي اشتقت منه كما تؤثر المادة الأولية فيما تحتويه التربة من مواد مغذية للنباتات، إضافة إلى تأثيرها في قوامها، وذلك عن طريق حجم الحبيبات وشكلها، فإذا اشتقت المادة الأولية من الحجر الرملي على سبيل المثال كما هو الحال بالنسبة لترب الكثبان الرملية في المنطقة فإنه سوف يتم الحصول على حبيبات الرمل ذات الشكل الكروي والحجم الخشن، وإذا اشتقت التربة من الحجر الطيني أو الطفلي فإن حبيباتها سوف تكون ناعمة؛ لذا فإن المادة الأولية لها تأثيرات في قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء والمادة العضوية والعناصر المعدنية، كما أن لها تأثيرًا في مسامية التربة ونفاذيتها وتهويتها وتصريفها  
 
شارك المقالة:
109 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook