التداوي بالأعشاب والنباتات بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
التداوي بالأعشاب والنباتات بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

التداوي بالأعشاب والنباتات بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
إن العلاج بالأدوية الحديثة لم يكن شائعًا في السابق، لذا لجأ الناس إلى الأعشاب والنباتات الزراعية التي كان يُعتقد بفاعليتها في العلاج بناءً على معتقدات ثقافية واجتماعية، وكانت خلطات الأعشاب تُعدّ غالبًا في البيت أو محليًا، وسيتم تناول عدد من الأعشاب والنباتات الزراعية التي كانت منتشرة الاستخدام في السابق.
 
ومن الأعشاب والنباتات المستخدمة:
 
أ) الحلبة: 
 
هي نبتة لها حبوب صفراء، وهي من النباتات المعروفة بفوائدها الغذائية والعلاجية، وتتنوع طرق إعدادها؛ فيُستخدم مغلي بذورها لعلاج عسر البول والطمث والإسهال، ولعلاج النـزلات المعوية والإمساك، ويُستخدم مسحوقها مخلوطًا بالعسل لعلاج قروح المعدة والأمعاء، ويُستخدم أيضًا لعلاج عسر البول وأوجاع الصدر، ويُضاف مسحوقها إلى الشوربة خصوصًا شوربة اللحم، ويُفيد في تقوية العظم وجبر الكسور.
 
والحلبة من النباتات المهمة للمرأة النفساء، فهي تُستخدم غذاءً وعلاجًا عندما تُضاف إلى الشوربة أو الأكلات الشعبية أو يؤخذ مشروبها مباشرة، وتستخدم لإدرار الحليب عند النفساء، كما تُستخدم الحلبة في علاج الدمامل والقروح والأورام، وكذلك الخراج والداحوس.
 
ب) الفلفل الأسود:
 
هو نوع من البهارات يُستخدم بإضافته إلى الطعام أو الحساء، وهو فاتح للشهية ومنشط للهضم ومزيل للغازات، ولفائدته يُحرص على تناوله من قِبَل المرأة النفساء، إذ يضاف إلى الشوربة، ويُستخدم الفلفل بكثرة في فصل الشتاء عند برودة الجو.
 
ج) القرنفل:
 
ويُسمى (العويدي)، وهو من البهارات المنتشرة في البيوت، خصوصًا أنّه يُضاف إلى القهوة العربية ليُعطي مذاقًا خاصًا، ويُستخدم القرنفل بعد طحنه وغليه بصفته طاردًا للغازات، ومسكنًا للمغص، ومُساعدًا للهضم، وفاتحًا للشهية، ومانعًا للقيء، ويُستخدم مسحوقه مسكنًا لآلام الأسنان، ويدخل القرنفل في تركيب لبخات لتسكين آلام المفاصل.
 
د) سكر النبات: 
 
وهو مادة تُستخرج من سيقان قصب السكر، ويُستخدم بعد خلطه ببعض الأعشاب في علاج الأمراض النسوية الداخلية مثل التهابات الرحم، ويعتقد أنه مفيد للنفساء للإسراع في استعادة وضعها السابق، ولا يُستغنى عن سكر النبات للطفل الرضيع؛ إذ يُعد مهدئًا ومُفيدًا في علاج انتفاخ البطن وطاردًا للأرياح.
 
هـ) التمر:
 
النخلة شجرة مباركة، وهي من أشجار الجنة، وقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه سعد: (من أكل سبع تمرات ممّا بين لابتيها حين يُصبح لم يضره ذلك اليوم سمّ حتى يُمسي)  .  ويُستعمل البلح (وهو الذي لا يزال أخضر) فيُعصر ويُشرب ماؤه لكونه قابضًا للمعدة ولشد اللثة، ويُستخدم البُسر (وهو ثمرة النخيل قبل أن تتحول إلى رطب) ملينًا، كما أنّه مُدرّ للحليب، ويُنصح بأكل التمر للمرأة الحامل فهو يُساعد على الولادة، كما أنّه مفيد في خفض ضغط الدم، ويُخلط التمر مع بعض النباتات مثل الحلبة والقرنفل والزنجبيل لعلاج البلغم والبرد. كذلك عجين التمر يُضاف إليه السمن ويُستخدم جبيرة للكسور أو الرضوض.
 
ويُنقع التمر مع ورق السمسم ويُمرس ثم يُشرب لعلاج ديدان المعدة، كما تُستخدم صبخة التمر التي أضيف إليها السمن أو الودك (شحم الحيوانات بعد إذابته) لعلاج الحبوب والطفح الجلدي، وتُستخدم الصبخة لعلاج العين، ويُغلى نوى التمر ويستخدم لإخراج حصاة الكلى، ويُضاف النوى بعد سحقه إلى أعلاف الحيوانات لعلاج الإسهال الذي يُصيبها، ويُستخدم مسحوق نوى التمر المحروق لعلاج القروح وبعض أمراض العين، ويُستخدم معجون التمر الذي أضيف إليه الملح والخل لإيقاف النـزيف، وكذلك يُستفاد من التمر المعجون في علاج تشققات الجلد.
 
و) الكحل:
 
بالإضافة إلى استخدام الكحل مادة للتجميل كان يُستخدم علاجًا أيضًا؛ إذ يُعتقد أنّ الكحل مقوٍّ للنظر.
 
ز) الكمون: 
 
من التوابل شائعة الاستخدام في الطبخ، لكنه يُستخدم أيضًا في العلاج، يُتناول مباشرة أو يتم غليه ثم يُشرب، أو يُخلط ببعض النباتات ثم يتم تناوله، لعلاج المغص، وسوء الهضم، وانتفاخ المعدة، والبرد، وعلاج الديدان، كما أنّ زيت الكمون يُضاف إلى مشروب ساخن لعلاج آلام الروماتيزم والمفاصل وتسكينها، وللكمون قيمة علاجية كبيرة لدى النساء، فهو مسكن لآلام العادة الشهرية ويُساعد في التخلص من دم العادة، وعند حدوث شمم في الرحم، ويُستخدم خليط من مسحوق الكمون والزيت والعسل لعلاج القروح والجروح، ويُستخدم مغلي ماء الكمون لتنظيف الوجه وتنقيته.
 
ح) الحناء:
 
وهي شجرة دائمة الخضرة ذات رائحة طيبة وتُزرع في كثير من مناطق المملكة، وبالإضافة إلى استخداماتها المتعددة في التزيّن - كما سبق -   فهي تستخدم علاجًا، وتزداد أهمية الحناء العلاجية لطبيعة الأعمال الشاقة التي كان يقوم بها الناس في ذلك الوقت مثل الفلاحة والغوص والبناء، إذ يتعرض معها الحرفيون إلى أمراض جلدية مثل الحروق والشقوق وضربة الشمس، والحناء مفيدة في علاج تلك الأمراض، وكذلك الإصابات الفطرية والجلدية، وتطهير الجروح. وتُستخدم لبخة الحناء بعد طحنها وعجنها مع الخل على الجبهة لعلاج الصداع، ويُضاف إلى هذه اللبخة قليل من الملح لعلاج ضربة الشمس، فتُوضع على الرأس وتُلف بقماش عند النوم وتُزال في الصباح، وتُستخدم الخلطة نفسها لعلاج ألم القدمين، وهي مُفيدة في علاج ضعف الشعر والقشرة التي تُصيب فروة الرأس، كما تُستخدم لعلاج الحمّى، وكان الرجال يُخضبون أقدامهم لوقايتها من حرارة الأرض أثناء المشي، ولوقايتها من التشققات.
 
ط) الخروع: 
 
يُستخرج من بذوره زيت معروف بـ (زيت الخروع)، وله استخدامات كثيرة؛ إذ يستخدم لطرد الديدان، وتنظيف المعدة، وعلاج الإمساك والبلغم، وسوء الهضم، وإزالة عفونة المعدة والأمعاء، كما يُستخدم دهانًا للبثور والبقع الجلدية، وتُغلى أوراق الخروع وأزهاره في الماء وتُشرب في الصباح والمعدة فارغة لتسكين آلام الروماتيزم ووجع المفاصل وعسر البول، ويُضاف زيت الخروع مع مواد أخرى مثل الخلّ لعلاج الأورام، والالتهابات، وآلام الثدي.
 
ي) الرشاد: 
 
يستخدم في طرد الديدان، وإدرار الطمث عند المرأة، وعلاج لعرق النَّسا، وتُستخدم أوراقه المغلية مع الماء والملح أو مع العسل لعلاج القوباء والدمامل، كما يستخدم في علاج الربو والبلغم والسعال. ويُستخدم مغلي بذوره في علاج الدوسنتاريا والإسهال والبواسير، وللرشاد قيمة كبيرة عند النساء خصوصًا بعد الولادة، فيُستخدم بعد طحنه مباشرة أو يُضاف إلى الطعام والشوربة (الحساء) وبخاصةٍ شوربة اللحم، إذ يُفيد في إدرار الطمث وإدرار اللبن ومعالجة المغص، كما يُستخدم دخونًا لمعالجة الشمم والتهابات الأعضاء التناسلية عند المرأة.
 
ك) العشرق: 
 
وهو من النباتات المهمة في التداوي، وكان شرب العشرق سائدًا بين أهالي المنطقة، وهو مادة منظفة للأمعاء، ومفيدة لعلاج الإمساك وعفونة المعدة، فهو مسهل ويعمل على خروج الفضلات، كما أنّه يُعدّ طاردًا للبلغم، وكان كثير من الناس يحرص على استخدامه بين الفينة والأخرى، كل ستة أشهر مثلاً، ولأنّه مسهل كان الذين يتناولونه لا يذهبون إلى أعمالهم أو مدارسهم. وكان شراب العشرق يُعد بنقعه في الماء عددًا من الساعات ويُشرب في الصباح على معدة فارغة، وفي بعض الأحيان يُضاف إليه بعض السكر لتحليته، وكان يُنصح شاربه بتجنب أكل اللحوم ليوم أو يومين، وقد حل استخدام زيت الخروع منظفًا للأمعاء مكان العشرق؛ فهو زيت جاهز للاستخدام فلا يتطلب إعدادًا مثل العشرق.
 

 مظاهر الثبات والتغيّر

 
بعد اكتشاف النفط في المنطقة الشرقية وقيام شركة (أرامكو) بجهودها في الخدمات الصحية بدأت الأحوال الصحية في المنطقة تتغير، فقد قامت هذه الشركة في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي (أواسط القرن الرابع عشر الهجري) بإنشاء عدد من المراكز والعيادات الصحية في المنطقة تنفيذًا لاتفاقية مع الحكومة السعودية، وكانت تلك المراكز والعيادات لا تقتصر في تقديم خدماتها على العاملين في الشركة، بل كانت تقدم خدماتها للمواطنين أيضًا، ثم قامت الدولة ممثلة بمصلحة الصحة العامة في بداية الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي بإنشاء عدد من المستوصفات والعيادات الطبية في عدد من مدن المنطقة الشرقية مثل الدمام، والأحساء، ورأس تنورة، والقطيف، وكان لهذه الجهود دور كبير في علاج عدد من الأمراض التي كانت سائدة آنذاك مثل الملاريا والتراخوما والقضاء عليها، وكذلك الأمراض المعدية، كما كان لها دور في انخفاض وفيات الأطفال التي كانت مرتفعة في السابق.
 
وقد أسهم تحسّن الظروف المعيشية وانتشار الوعي الديني والتعليم في رفع المستوى الصحي في المنطقة والقضاء على الخرافات وكثير من المعتقدات الشعبية وعلى الممارسات غير السليمة في التداوي؛ فالتمائم والأحجبة التي كانت تُعلَّق في رقاب الأطفال والنساء لوقايتهم من الأمراض والجن والعفاريت لم يعد لها أثر، ومثلها العلاج بالزار وخمّ (كنس - مسح) مداخل المنازل لعلاج من به عين.
 
كما قلَّت طرق العلاج الشعبية التي كانت سائدة في السابق، والتي كان يستخدمها المطببون الشعبيون مثل الحجامة والكي؛ فقد انحسر لجوء الناس إلى مثل تلك الوسائل، ولكن ما زال يُلاحظ اللجوء إلى بعضها وأحيانًا من باب التقليد فقط. وفي ظل توافر الخدمات الصحية الحديثة قلّ الاعتماد على الوصفات الشعبية في علاج الأمراض، وبخلاف ما كان سائدًا في السابق من علاج الكسور والختان عند مطببين شعبيين وقيام الداية بتوليد النساء في المنازل، اقتصرت تلك الممارسات على المستوصفات والمستشفيات الحديثة، ونظرًا إلى اندثار مهنة الغوص فقد تلاشت الأمراض التي كانت مرتبطة بها والتي سبق توضيحها.
 
 
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook