البيئات النباتية بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
البيئات النباتية بالرياض في المملكة العربية السعودية

البيئات النباتية بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
تعد منطقة الرياض مثالاً لتنوع البيئات النباتية التي يتميز بعضها بخصوبة وكثافة لا بأس بهما، خصوصًا بعد هطلان الأمطار عليها في مواسم الربيع، وتوجد كثير من الروضات، مثل: روضة التنهات، وروضة خريم  ، وروضة نورة، وروضة الخفس، إضافة إلى عددٍ من الروضات الصغيرة المتناثرة في سهول الصمان. وتتسم هذه الروضات بتنوع وكثافة نباتية كبيرين، وتنتشر بالروضات أشجار الطلح والسدر والعوسج، كما يوجد القيصوم، واللصف، والعرفج، والجثجاث، وفي مواسم الربيع ينمو الخزامى، والأقحوان، والنفل، والكحيلة، والربلة وغيرها من النباتات، فتبدو الروضة وقد اكتست بلباس أخضر تتناثر عليه الورود بألوانها الحمراء والصفراء والبيضاء، وروائحها الزكية.
تحـيَّر  فـي الريـاض فليس يـدري     أيجـني  الــورد أم يجـني الأقاحـا
ويوجد في منطقة الرياض كثير من الوديان، مثل واديي حنيفة وحريملاء، وغيرهما من الوديان الكبيرة التي يصل طول بعضها إلى أكثر من 200كم، وتنتشر على حواف مجرى الوادي أشجار الطلح والسدر والينبوت، كما ينمو على سفوح مرتفعات الوادي كثير من الأنواع النباتية الشجيرية والأعشاب المعمرة، مثل: اللصف والعرفج، وفي موسم الربيع تكتسي سفوح مجرى الوادي وحوافه باللون الأخضر، وتنمو النباتات الحولية والمعمرة، مثل: الحميض واليهق. وتغطي الكثبان الرملية مساحة كبيرة من منطقة الرياض، ويكثر في بيئة الكثبان الرملية نبات الأرطى، والغضى، والعاذر، وفي مواسم الأمطار تكتسي سفوح التلال الرملية بكثير من الأنواع النباتية، وبخاصة الشمع (النصي).
كما تشغل السهول مساحة كبيرة من منطقة الرياض، تظهر في مواسم الجفاف صحراء جرداء لا تلبث أن تلبس لباسًا أخضر في مواسم الربيع، فتظهر السهول كأنها مزارع طبيعية، يقول امرؤ القيس:
 
بلاد عريضـــة وأرض أريضــة     مـدافع  غيـث فـي فضـاء عريض
ويوجد في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة الرياض بيئة الجبال (مجامع الهضب)، وينمو في هذه البيئة كثير من الأنواع النباتية ذات الأهمية البيئية والاقتصادية، فتنتشر أشجار السرح بكثافة، كما تنمو أشجار البان، وقد اختفت من جميع بيئات المنطقة ما عدا مجامع الهضب. كما يوجد في المنطقة عدد من السبخات التي ينمو بها كثير من النباتات الملحية، مثل: الهرم، والعكرش، والسويدا، والرطريط.
يضم الغطاء النباتي في منطقة الرياض أكثر من 600 نوع نباتي، تشمل أكثر من ستة أنواع شجرية، وعشرين نوعًا شجيريًا، والبقية أنواع نباتية معمرة أو حولية، كما تتضمن هذه الأنواع النباتية كثيرًا من النباتات ذات الأهمية الطبية، مثل: نبات السنا، والإذخر، والبعيثران، والشيح وغيرها من الأنواع التي ما زال عدد من سكان منطقة الرياض يستخدمها في الطب الشعبي. كما يتضمن الغطاء النباتي بمنطقة الرياض كثيرًا من الأنواع الصالحة للأكل الآدمي، فقد سجل   أكثر من أربعين نوعًا صالحًا للأكل الآدمي طازجة أو بعد الطبخ، مثل: الحميض، والبسباس، والخبيز، إضافة إلى بعض الأنواع العطرية، مثل: العرار، والإذخر، والقيصوم، يقول الصمة بن عبدالله القشيري:
 
تمتــع مــن شـميم عـرار نجـد     فمـا  بعــد العشــية مـن عـرار
ويشكل الرعي منذ القدم أهمية بالغة لدى ساكني شبه الجزيرة العربية قاطبة، فمنذ أن عرف الإنسان الحيوانات عرف معها أهمية المراعي الطبيعية بوصفها وسطًا لتربيتها، فأصبحت تؤدي دورًا مهمًا في حياته، في تأمين غذائه وكسائه، كما أنها أسهمت في بناء حضارته، وقد بينت الدراسات أن أراضي المراعي تشغل 75% من إجمالي مساحة المملكة  ،  وتغطي النباتات الرعوية مساحة كبيرة من منطقة الرياض؛ إذ تنتشر الشجيرات والنباتات المعمرة في الروضات، والفياض، وعلى حواف الوديان، على حين تكتسي السهول في موسم الربيع بكثير من الأنواع النباتية الحولية.
وتتباين إنتاجية المراعي تبعًا لتباين الظروف المناخية من جهة، وشدة الرعي من جهة أخرى، وقد عرفت الصمان في منطقة الرياض بجودة مراعيها. ذكر الهمداني القول العربي المأثور: (من قاظ الشرف، وتربع الحزن، وشتا الصمان، فقد أصاب المرعى)، إلا أن إنتاجية الأراضي الرعوية بدأت تشح نتيجة للظروف المناخية وكثرة السكان المعتمدين على الرعي في كسب قوتهم في ذلك الوقت، وأخذ بعض سكان المنطقة يهجرها بحثًا عن الكلأ في مناطق أكثر خصوبة، يقول الشاعر الهلالي:
 
يـا  نجـد  لـو أن الجفـا منـك مرة     صبرنـا  ولكـن  الجفـا منـك دايـم
يا  نجـد وإن جـاك الحيا فازعجي لي     مـع  الطـير  وإلا ذاريـات النسـايم
ويعد نـزول المطر عنصرًا أساسيًا لتحديد منطقة الرعي حتى لو تحتم الرحيل إلى منطقة رعوية بعيدة، كما عرف الرعاة القيمة الرعوية الخاصة بنباتات المراعي، وأدركوا أهمية تنوع النباتات المرعية.
ويعد تدهور المراعي الذي زادت حدته في منطقة الرياض خلال العقود الأخيرة من هذا القرن من أخطر المشكلات البيئية التي صنعها الإنسان؛ نتيجة تعامله غير الرشيد مع بيئته، خصوصًا أن الأراضي الرعوية تواجه ظروفًا مناخية قاسية نتجت على إثرها هشاشة النظام البيئي، فأصبح الضغط الاستغلالي للغطاء النباتي يفوق الطاقة الإنتاجية، ويخل بالتوازن الطبيعي للبيئة، فيؤدي إلى تدهور المراعي وتصحرها.
 
شارك المقالة:
100 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook