المحتوى

الاتساع في حركة الإصدار الثقافي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: رامي عبد ربه -
الاتساع في حركة الإصدار الثقافي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الاتساع في حركة الإصدار الثقافي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
ضاعفت الأندية الأدبية في هذه الفترة من إصداراتها الثقافية، إذ افتتح نادي جدة هذه المرحلة بإصدار العدد الأول من دوريته (علامات في النقد الأدبي)  في ذي القعدة 1411هـ / مايو 1991م، ولشهرة هذا الإصدار أصبح يكفي فيه أن تقول: (علامات) لتدل عليه، واستمر هذا الإصدار حتى الآن، محظيًا بتجاوب الباحثين من مختلف أقطار العالم العربي، وبإصرار النادي على دعمه، وتوزيعه إذ يصل إلى أبعد مدى يمكن أن يصل إليه، وصرح جهاز التحرير في العدد الأول بأن من ضمن أهدافه - الإصدار - الكشف عن كنوز التراث، واختيار عناصره الحية القابلة للاستثمار والامتداد الفاعل في الفكر النقدي المعاصر، والاستفادة من خلاصة ما انتهت إليه الدراسات النقدية الحديثة من إنجازات.. لرفع كفاءة الفكر النقدي العربي؛ ليحاور هذه النظريات، ويضيف إليها متمثلاً خصوصيته بما يحفظ عليه قوام شخصيته العربية المسلمة  ،  وقد صدر حتى العدد رقم 50 في شوال 1424هـ / ديسمبر 2003م، الذي حمل قراءات ورؤى عن هذا الإصدار، بمناسبة بلوغ أعداده الـ (خمسين). وتتصدر هذا العدد كلمة الدكتور سعيد السريحي أحد أعضاء هيئة التحرير يتحدث فيها عن البداية، ويذكر أن الفكرة في الإصدار تولدت حينما احتدت المعركة حول الحداثة لإصدار ملف دوري يتضمن أبحاثًا لها مسلكها الحداثي في الدراسات النقدية، ويسم المحاولة بأنها كانت مجرد محاولة تشبه الزفرة الأخيرة، وأن الذين فكروا بها توهموا أن التجربة لن تستمر "غير أننا لم نلبث بعد إصدارنا الأعداد الأولى أن اكتشفنا أن الأفق أكثر رحابة مما كنا نتوهم، وأن الدعم الذي لقيناه سواء من قبل الوسط الثقافي المختص داخل المملكة أو خارجها هو الكفيل باستمرارها"، واستمر صدور (علامات) التي أغرت بإصدارات أخرى لامتصاص ما يرد إليها من موضوعات  .  وفي إصدار (علامات) تأثر واضح بما يجري في تحولات الحركة الثقافية، نلمسه من خلال تغير الاسم، وتنوع الاهتمام، فبعد أن كان الاسم (علامات في النقد الأدبي) تغير إلى (علامات في النقد) ابتداءً من الجزء السادس عشر  ،  ويشير د.عبد الله الفيفي إلى دخول موضوعات في العدد 49 غير نقدية؛ ليقيم دليلاً من ذلك على أن نادي جدة الأدبي الثقافي قد يكون على مشارف فتح نافذة جديدة على (النقد الثقافي)   لكن المتابع لموضوعات (علامات) يلحظ أن (النقد الثقافي) لم يكن غائبًا عنها قبل ذلك، فحسبنا أن نشير إلى موضوعات مثل:
 
 إيديولوجيا اللغة، ترجمة د.أبو بكر أحمد باقادر، الجزء السابع والعشرون
 
 سر الكتابة أو الخروج من القلب والوصول إليه، علي الشدوي، الجزء الرابع والثلاثون
 
 النسق المخاتل، الخروج على المتن، د.عبدالله الغذامي، الجزء السابع والثلاثون
 
 تمجيد النظرية وتقويض الإجراء، سعيد علوش، الجزء السابع والثلاثون
 
وقد بدأت الأعداد الأولى من (علامات)، كما أشار محمد العيد الخطراوي بمئتي صفحة، وهي الآن تتردد بين ستمئة إلى سبعمئة صفحة  ،  ويراها الخطراوي مفتاح نادي جدة، وعلامته المميزة  ،  ولقد حاولت (علامات) كما يرى عبد السلام فزاري أن تتناول بالدرس والتحليل جُلَّ القضايا النقدية والمذاهب الأدبية، وكثيرًا ما تناولت قضايا نقدية مترجمة  . 
 
ويصدر نادي الطائف الأدبي دوريته (ملف النادي)، الذي تسمى باسم (سوق عكاظ)  في إصداراته الأخيرة ابتداءً من العدد التاسع عشر 
 
ويصدر نادي مكة المكرمة دوريته (البلد الأمين)  ، غير أن الناظر إلى (علامات) يجد أنها بحق قفزة كبيرة في تحقيق تطلعات الأدباء الذين كانوا يتطلعون إلى مجلة أدبية، فجاءت فوق الطموح محققة التواصل مع العالم العربي، بل مرسخة لمركزية ثقافية تجعل الأنظار تتجه إليها، وتجعل انتشارها منافسًا لمجلات عربية ذات تاريخ في هذا المجال، ولذلك كان ما استرعى انتباه عبد العالي بوطيب في هذا الإصدار انتشاره القوي في وقت قياسي، وقدرته الخارقة على استقطاب عدد كبير من المثقفين، إلى درجة أصبح من الصعب معها على بعضهم الحصول على نسخة منه، ما لم يبادر لاقتنائها فور عرضها في السوق  .  وكان هذا الاستقطاب إعلانًا لحالة تحول من التشوق للناقد العربي يزف إبداعات أبناء المنطقة، إلى أن يكون هذا الناقد متجهًا لهذا القطب يقدم فيه نظريته، ويحاور بها القارئ العربي
 
وقد هيأ دفع هذا النجاح - الذي حققته هذه الدورية - النادي إلى أن يردفه بإصدارات أخرى تتمثل في:
 
(نوافذ)  ، وهي دورية فصلية تعنى بترجمة الأدب العالمي، من مقالات، وأعمال إبداعية، ففي العدد الثالث مثلاً ترجمة لثلاث مقالات هي: (البراغماتية: أضواء على النص المترجم) لفيرناند هيلين ترجمة محمد خير البقاعي و (المقولات الجمالية) لآن سوريو ترجمة علي نجيب إبراهيم، و (توجهات حديثة في علم اجتماع الأدب) لويندي جريسولاد ترجمة أبو بكر باقادر، ويتضمن العدد نصوصًا إبداعية مختلفة من الأرجنتين والصين والهند، في القصة والشعر والمسرح، وقد جاءت افتتاحية ذلك العدد من ذلك الإصدار لتؤكد - على الرغم من الرؤية الانفتاحية على شعوب العالم - الاهتمام بثقافات الشعوب المسلمة ذات السمات المتميزة، وتود من الإخوة المترجمين الاهتمام بتلك الثقافات، كما تأمل أن ينال الشعر اهتمامًا أكبر  ،  وابتداء من العدد الحادي عشر تفتح نوافذ في بعض أعدادها ملفات للغة وثقافة شعب، حين تجد مواد تشعر أنها تمنح القارئ صورة أفضل، وقد اقتصر ذلك العدد على نماذج للشعر المكتوب باللغة الإسبانية لعدد من الشعراء، ومترجم منها مباشرة  .  وفي العدد (العشرين) نجد ملف الأدب الفارسي، بينما تشير الافتتاحية إلى ملف أدب الطفل الذي سينشر في عدد قادم  
 
وجاء من الملفات في (نوافذ) ملف الأدب الأردي  ،  وملف الأدب الروسي  ،  وملف الشعر الأفريقي  ،  وملف الشعر الروماني  
 
وفي (نوافذ) تشير الأعداد الأول إلى أسماء هيئة التحرير التي تتكون إضافة إلى الإشراف الذي يتسنمه عبد الفتاح أبومدين، من كل من: محمد الشوكاني، عبد العزيز السبيل، أبو بكر باقادر، صالح بدرة، لكنها تتغير بعد ذلك فنجد في العدد العشرين، أن رئيس التحرير هو عبد العزيز السبيل، إضافة إلى هيئة التحرير المكونة من كل من: محمد الشوكاني، لمياء باعشن، قدرية عوض، وهو ما يشعرنا بالفاعلية التي يتيحها نادي جدة للمرأة
 
ومن إصدارات النادي أيضًا دورية (الراوي) وهي دورية تعنى بالإبداع القصصي في الجزيرة العربية، وتأتي افتتاحيتها المعنونة بـ (صوت الراوي) لتعلق انحيازها نحو السرد، فالمقولة التي تحملها كأنها تنبع من صوت الراوي، وإن كان (الراوي) هو اسمها. وفي العدد الرابع نجد تعليلاً للتركيز في مساحة جغرافية للإبداع المنشور فيها، وهي منطقة الجزيرة العربية، وإفادة بأن ذلك يأتي لعدة أسباب يأتي أبرزها من منطلق الحجم الكبير للإبداع القصصي في هذه المنطقة، ويأتي أيضًا تعويضًا عن غياب مطبوعة أدبية متخصصة في هذا الفن في أيٍّ من أقطار الجزيرة العربية 
 
وتستضيف دورية (الراوي) في كل عدد من أعدادها أحد المبدعين، تقدم عنه تعريفًا، وتستمع إلى شهادة منه، ثم تقدم عنه عدة شهادات، ونماذج من إبداعه
 
ويخصص النادي الأدبي الثقافي بجدة للشعر دورية (عبقر)  التي بدأت الصدور في جمادى الأولى عام 1419هـ / 1998م، وقد خصص لقصاد الشعر بألوانه وأطيافه كافة، إلى الحد الذي يخصص فيه للشعر العربي القديم مساحة تحت عنوان (الذاكرة). ولنتوقف قليلاً أمام العدد الثالث الصادر في جمادى الأولى عام 1420هـ / 1999م، لنجد أن افتتاحيته تشير إلى التردد أمام معيار تحتكم فيه الدورية إلى ما تختار من الشعر لتترك هيئة التحرير (عبقر) مصطرعًا لذائقات مختلفة وتجارب متنوعة دون أن تفرض اتجاهًا أو تحجب توجهًا، وتفتح المجال للشعر من مختلف أقطار الوطن العربي، وقد منح هذا العدد الشعر في المغرب فصلاً خاصًا نشره تحت عنوان (الأفق)، وخصص لشعر المرأة في المملكة بابًا خاصًا سماه (ملف) أما بقية النصوص فسمّاها (فضاءات). وبالاطلاع على الأسماء تجد هذا العدد يتجاور فيه عبد العزيز محيي خوجة، وراضي صدوق، ودخيل الله أبوطويلة، وماجد الحسيني، إلى جانب علي جعفر العلاق، وسعيد السريحي، ومحمد العلي، وطلال الطويرقي، وقد تضمن العدد دراسة وحيدة هي (قراءة حوارية لنصي طرفة بن العبد) لقاسم حداد، و (الخبت) لعلي الدميني بعنوان آخر هو (ترحلات طرفة بين الاسم - العلم والاسم - العلامة) لمعجب الزهراني، وقد خصصت دورية (عبقر) العدد الثاني الذي صدر في ذي القعدة عام 1419هـ / 1999م، للشعر الذي تجاوب مع إنجاز القائد المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - وذلك في إطار الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس المملكة
 
أما (جذور)  فهي دورية تعنى بالتراث، وكأنها أرادت أن تحمل جزءًا مما كانت تقوم به (علامات)، حسب ما تدل عليه هذه الجملة التي لازمت اسم الدورية منذ العدد الأول الذي صدر في ذي القعدة 1419هـ / فبراير 1999م، وقد أشارت افتتاحيته إلى أن التراث الذي تعنى به لا يقف عند حدود الحقول التي تبدأ باللغة والنحو والأدب، بل يستوعب ذلك ويجاوزه إلى التراث العلمي في الزراعة والفلاحة والطب والفيزياء والفلك، والعلوم الاجتماعية والاقتصادية والفلسفية، إذ تقيم الدورية مكانًا للأبحاث التي تتابعه درسًا وقراءة وتأويلاً ونشرًا لنصوصه 
 
وهذا يعني أيضًا أن الدورية تهدف إلى مراودة حقول غائبة عن الدرس في جامعاتنا, مثل: الدراسات الفلسفية، ولكن كل هذا الذي وعدت الدورية بأنها تجاوز اللغة والأدب والنحو إليه لا نجد تمثيلاً له في الأعداد الأول والثاني والثالث. وتقلب طويلاً أعداد الدورية حتى تجد مقالة في أحد الأعداد يمكن أن تمثل ذلك التجاوز مثل: المشرق العربي في رحلات ابن محمد المغربي، لسهى فتحي أحمد، وذلك في العدد التاسع الصادر في ربيع الآخر عام 1423هـ / 2002م، وتجليـات العمـارة الإسلامية في تخطيط مدينة بغداد القديمة لعلي القاسمي في العدد الحادي عشر الصادر في شوال عام 1423هـ / 2002م
 
لكن الذي اضطلعت به (جذور) حقًا، هو عنايتها بالقراءة الجديدة للتراث؛ ولذلك صدَّرت العدد الأول بدراسة عنوانها (التراث وأنماط القراءة) للباحث خالد سليكي، الذي يرى أن البحث في التراث وإعادة قراءته يفضي بالدارس إلى البحث في أحد عناصر تكوينه بصفته ذاتًا لها امتداد في التاريخ، تبدأ من حيث ينتهي إليه هذا الماضي، وما يداخل به الذات من مكوناته التي ما تزال تفعل فيه ومن خلاله 
 
وبمتابعة إصدارات نادي جدة  الأخرى في هذه الفترة نجدها تتنوع بين سلسلة محاضرات النادي التي تستمر حتى الجزء الثانـي عشـر عــام 1413هـ / 1993م، ثــم تتوقف بعد ذلك، ربما لأن المحاضرات قد وجدت منفذًا لها في (علامات) أو في (جذور) بعد ذلك. ويغلب على إصدارات النادي تلك التي تعنى بالنقد في شقيه التنظيري والتطبيقي، وقد خص الأدب السعودي بعدد من الإصدارات مثل:
 
 شعر حسين سرحان، لأحمد عبد الله صالح المحسن عام 1411هـ / 1990م
 
 أدبنا في آثار الدارسين بحوث في القصة والشعر والنقد، للدكاترة: منصور الحازمي، محمد العيد الخطراوي، عبد الله المعطاني عام 1412هـ / 1991م
 
 عبدالعزيز الرفاعي أديبًا، للدكتور محمد مريسي الحارثي عام 1414هـ / 1993م
 
 حمزة شحاتة ظلمه عصره، عبد الفتاح أبومدين عام 1418هـ / 1997م
 
 أحمد قنديل، حياته وشعره، فاطمة سالم عبد الجبار عام 1419هـ / 1998م
 
 إبراهيم هاشم فلالي، خالد بن سالم الدنياوي عام 1421هـ / 2000م
 
 قضايا وإشكاليات في الشعر العربي الحديث، الشعر السعودي أنموذجًا، الدكتور: نذير العظـمة، عام 1422هـ / 2001م
 
 محمد عالم أفغاني من رواد المقالة والترجمة والقصة، د.محمد العيد الخطراوي عام 1423هـ / 2002م
 
وهناك بعض الإصدارات التي تتناول في ثناياها تطبيقات وتحليلات لإبداعات سعودية مثل:
 
 ثقافة الأسئلة، د.عبدالله الغذامي، عام 1412هـ / 1991م
 
 طاقات الإبداع، د.عالي سرحان القرشي، عام 1415هـ / 1994م
 
 تقليب الحطب على النار في لغة السرد، د.سعيد مصلح السريحي، عام 1415هـ / 1994م
 
 إنتاج الوهم أو عباءة الثقافة، جاسر عبد الله الجاسر، عام 1418هـ / 1997م
 
 تشكيل المكان وظلال العتبات، معجب العدواني، عام 1423هـ / 2002م
 
وفي الجانب الإبداعي نجد النادي - حسب القائمة التي تصل إلى عام 1424هـ / 2003م - قــلـيــل العنايــة بهــذا الجانب، فلم يصدر خلال هذه الفترة من الدواوين الشعرية ومن المجموعات القصصية إلا ثمانية تتوزع بينهما بالتساوي، وفي جانب السرد - عدا السيرة الذاتية والذكريات - لم يصدر إلا رواية واحدة، كما قدم النادي في الترجمة الإبداعية إصدارًا واحدًا هو (القلب الفاضح)، قصص عالمية، ترجمة خالد العوض، عام 1413هـ / 1992م
 
وعني النادي أيضًا بترجمة أعمال نقدية منها:
 
 في مفهوم الأدب لتودوروف، ترجمة د.منذر عياشي عام 1411هـ / 1990م
 
 كتابة القصة القصيرة، ترجمة د.مانع الجهني عام 1413هـ / 1992م
 
 نظرية الأجناس الأدبية، تعريب د.عبدالعزيز السبيل، مراجعة حمادي صمود عام 1415هـ / 1994م، وكان التفاعل الثقافي مع الثقافة العالمية حاضرًا في الإصدارات المشار إليها، عبر الدوريات، أو الدراسات النقدية أو الترجمات، وجاء كتاب صالح جواد الطعمة بعنوان (في العلاقة الأدبية بين العرب والغرب) الذي صدر عام 1424هـ / 2003م، مقدمًا ومبرزًا هذا التفاعل من خلال فصول الكتاب التي سلط بعضها الضوء على:
 
 التلقي الأمريكي للأدب العربي
 
 الشعر العربي الحديث المترجم إلى الإنجليزية
 
 نازك الملائكة وآثارها في بعض اللغات الغربية
 
ومن أهم إصدارات نادي جدة في هذا المجال، (تاريخ كمبردج للأدب العربي - الأدب العربي الحديث)، ذلك الإصدار الذي قام على تحريره كل من: د.عبدالعزيز السبيل، د.أبو بكر باقادر، د.محمد الشوكاني. وتشير هيئة التحرير إلى أن الكتاب الأصل طبع في نهاية القرن العشرين الميلادي، وأنه قد حظي بتقدير كبير في الأوساط الأكاديمية، بسبب علميته المتميزة التي جعلته مرجعًا أساسًا لدارسي العربية وآدابها، وقد قام على ترجمة فصول الكتاب عدد من الأكاديميين هم: محمد الشوكاني، أحمد الطامي، سعد البازعي، لمياء باعشن، محمد القويفلي، حسن النعمي، عبد العزيز السبيل، ابتسام صادق، صالح الغامدي، عفت خوقير، سعاد المانع، أبو بكر باقادر، عبد الله المعيقل، سالم الخماش، والكتاب هو بحوث ودراسات كتبت بالإنجليزية لباحثين عرب وأجانب منها على سبيل المثال:
 
 الإحيائيون، س. سوميخ
 
 الشعراء الرومانسيون، د.أوستل
 
 شعر الحداثة، سلمى الخضراء الجيوسي
 
 نشأة الرواية، روجر ألن
 
 القصة القصيرة الحديثة، صبري حافظ
 
وتضمنت إصدارات نادي مكة المكرمة الأدبي  في هذه الفترة دورية وحيدة هي (البلد الأمين) وهي دورية منوعة بين الإبداع والمقال والدراسات وأخبار النادي، وقد صدر العدد الأول منها في رجب عام 1415هـ / 1994م، وموضوعــات الدوريــة عامة يزاحم الأدب والثقافة فيها الأخبار الاحتفالية الخاصة بالنادي، كما تضمنت موضوعات تخصصية منها ما يخص الهندسة، والفقه، وأصول الفقه، إضافة إلى الحوارات مع الأدباء إذ حاورت المجلة شخصيات منهم بعض الأدباء مثل: حسين عرب، إبراهيم العواجي، عاتق بن غيث البلادي، لكن هذه الحوارات لم تستطع أن تكاشف الشخصيات بعمق لتحاورها في إبداعاتها، وإنجازاتها، ورؤاها، وتميزها عن الآخرين، وتتنوع إصدارات الكتب بين الدراسات الأدبية والتاريخية والدينية والتربوية والإعلامية والتوثيقية للنادي والإصدارات هي:
 
 البيوع المنهي عنها نصًا وشرعًا، د.علي بن عباس الحكمي، 1411هـ / 1990م
 
 أثر الدعم الحكومي في نمو المدن السعودية، د.صالح بن علي الشمراني، 1411هـ / 1990م
 
 
 كتيب عن زيارة سمو وزير الداخلية للنادي، 1411هـ / 1990م
 
 الدراسات البيانية في المصنفات الأولى في معاني القرآن الكريم، د.أحمد عبد الواحد، 1412هـ / 1991م
 
 التتمة في التصريف، تحقيق د.محمد سالم العميري، 1414هـ / 1993م
 
 حول الحكمة في الأدب العربي، د.عبدالله باقازي، 1413هـ / 1992م
 
 تأريخ مكة المكرمة، أحمد السباعي، الطبعة الثانية، 1414هـ / 1993م
 
 الطائف في كتب المؤرخين، محمد سعيد كمال، 1416هـ / 1995م
 
 عمود الشعر العربي - النشأة والمفهوم، د.محمد مريسي الحارثي، 1417هـ / 1996م
 
 الأسس الفنية للتحقيق الصحفي، د.غازي زين عوض الله، 1417هـ / 1996م
 
 الحرم الشريف الجامع والجامعة، د.عبدالوهاب أبوسليمان، 1417هـ / 1996م
 
 الاتصال الفكري في كتابات الأدباء السعوديين، د.فهد مسفر الدوسري، 1421هـ / 2000م
 
ويبدو أن عناية نادي مكة المكرمة في إصداراته بالإبداع في مجال الشعر والقصة والمقال قليلة جدًا، إذ لا تجد له خلال الفترة من 1411 - 1421هـ / 1990 - 2000م إلا العناوين الآتية:
 
 خواطر بلا حدود، فيصل عراقي، 1412هـ / 1991م
 
 همس الدموع، د.عبدالله الحسيني بركاتي (ديوان شعر)، 1414هـ / 1993م
 
 صقر الروابي، عبد الكريم نيازي، 1421هـ / 2000م
 
ويلحظ في إصدارات النادي إصدارًا خاصًا بمحاضراته يصدر على فترات متقطعة
 
أما نادي الطائف الأدبي فقد استمر في إصدار دوريته التي كانت تسمى (ملف نادي الطائف الأدبي) منذ العدد الأول حتى العدد التاسع عشر الذي حمل اسم (سوق عكاظ). ويتضمن أغلب أعداد الملف في مجال الدراسات بعض ما يُلقى من محاضرات النادي، وتجد أحيانًا إلى جانبها دراسات أُعدّت خصيصًا للملف وخصوصًا منذ العدد المزدوج 22- 23 الصادر عام 1417هـ / 1997م الـــذي تضمــن دراســـات مثل:
 
 إيضاح الغموض وإنارة المظلم، الصناعتان بين بلاغة الإمام وإمامة البليغ، للدكتور ميجان الرويلي
 
 وهكذا يكتب الشعر، للأستاذ علي حسن العبادي
 
 عبر حركات ثلاث: الحلم.. الفعل.. الموت محاولة الخروج
 
 من الدائرة السوداء، لسمير درويش
 
 شقة الحرية في ميزان النقد، د.عبدالسلام المسدي
 
 رحل مع أسئلة بقيت بلا جواب، جبرا إبراهيم جبرا
 
 روائي الأحلام المكسورة في أزمة التيه، لحسن نصر الله
 
وقد جاء هذا العدد ليقدم تجربة جديدة في مسيرة الملف، إذ نجد الاختلاف في مسميات الأبواب التي تأتي تحتها أعمال الملف فتجد فيه المسميات الآتية:
 
 دراسات
 
 مدارات: للنصوص الشعرية
 
 أبعاد: للنصوص السردية
 
 روافد: للنصوص والدراسات المترجمة
 
 شهادات: للكتاب والفنانين، يدلون بآرائهم حول تجاربهم
 
 مناقشات: للموضوعات التي يدور فيها نقاش وحوار
 
ففي العدد المذكور سابقًا حفلت المدارات بنصوص شعرية لعدد من الشعراء منهم: جاسم الصحيح، سعد الحميدين، إبراهيم الوافي، لطيفة قاري، حمد الفقيه. وتحت عنوان (أبعاد) هناك عدد من النصوص القصصية لعدد من مبدعي هذا الفن منهم: سعد الدوسري، عبد الله باخشوين، عمرو العامري، شريفة الشملان، بدرية البشر، عبد الحفيظ الشمري، وتحت عنوان (روافد) جاءت دراستان، الأولى: (التناقض الظاهري للثقافة) لإدوارد. ت. هول، ترجمة د.أحمد الخطيب، وهي ترجمة للفصل الأول من كتاب: (Edward.T.Hall), (Beyond Culture) ما وراء الثقافة الصادر سنة 1401هـ / 1981م. والثانية بعنوان (قراءات حديثة في النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق) ت. بشير العيسوي، وقد قدم فيها بمقدمة حول كتاب: (Theory into produce): (A reader in modern Literary Criticism)
 
ثم ترجم الصفحات التقديمية التي وصفها المؤلف لاتجاه كل مدرسة من المدارس التي عرض لها، أما النصوص النقدية فقد عرضها باختصار
 
وأما النصوص الإبداعية تحت هذا العنوان فقد جاء منها ترجمتان هما:
 
 خذ حذرك من الغربان التي تطير، أيميه سيزير، ترجمة أحمد عثمان
 
 الطفلة، دونالد بارثلم، ترجمة خلف سرحان القرشي
 
وفتح هذا العدد بابًا مشرعًا على الفن التشكيلي، فكانت لوحة الغلاف الأمامي للفنانة حميدة السنان، ولوحة الغلاف الخلفي للفنان عبد الله إدريس، وتضمن شهادتين ولوحتين في الداخل لكل من: فهد الربيق، واعتدال عطيوي. وجاء العدد المزدوج 25، 26 حاملاً عددًا من الدراسات والمقالات منها:
 
 ما هكذا يكتب الشعر، لعلي حسن العبادي
 
 مسرى يا رقيب ــ نص الحداثة والعتاقة، لمعجب العدواني
 
 مقاربات النص السردي النصانية، للدكتور الطاهر رواينيه
 
وجاء فيه نصوص شعرية وقصصية
 
وفي مجال الترجمة، ترجمت مقالة بعنوان (من العلم إلى الأدب) لرولان بارت ترجمها منذر عياشي، وكذلك تضمن الملف شهادة للفنان عبد الرحمن السلمان، وكانت لوحتا الغلافين الأمامي والخلفي للفنانة شادية عالم
 
وقد خصص العددان 24، 27 لمناسبتين غاليتين على الوطن والثقافة؛ فالأول خصص لمناسبة الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس المملكة، والثاني لمناسبة الاحتفال بمرور عشرين عامًا على تولي الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - مقاليد الحكم في البلاد، وكان من مقالات العدد27:
 
 إنجازات متطورة في عهد الملك فهد، لمعالي الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله السالم
 
 في مواجهات التحديات، لمعالي الدكتور إبراهيم بن محمد العواجي
 
 المنجز الثقافي في عهد الملك فهد، للدكتور سلطان بن سعد القحطاني
 
 أقوال الفهد حول القدس وقضية فلسطين، للدكتور محمود إسماعيل عمار
 
وفي العدد أيضًا عدد من القصائد
 
والناظر في إصدارات نادي الطائف الأدبي  في هذه الفترة، يجد أنه أكثر الأندية الثلاثة نشرًا للكتب الخاصة بالأعمال الإبداعية، إذ أصدر سبعة عشر ديوانًا شعريًا، وست مجموعات قصصية، وتتنوع إصداراته الأخرى  بين الدراسات الأدبية، والتاريخية، والإعلامية، والاجتماعية والنفسية والتربوية وهو تنوع نلحظه في القائمة الآتية:
 
 وقفات مع بعض القاصين، للدكتور محمد بن سعد بن حسين، 1411هـ / 1990م
 
 الدفاع المدني بالطائف، النقيب عبد الرحمن الحارثي، 1411هـ / 1990م
 
 مضامين القضاء البدوي، المقدم صالح الجودي.
 
 تاريخ الشيخ المنصوري، د.إبراهيم الزيد
 
 عامل المكان في الشعر العربي بين الجمالية والتاريخ، د.عبدالله باقازي، 1413هـ / 1992م
 
 العلماء والأدباء الوراقون  في الحجاز في القرن الرابع عشر الهجري، للدكتور عبد الوهاب أبوسليمان، 1421هـ / 2000م
 
والملاحظ أن إصدار النادي من الأعمال المتعلقة بالنقد والدراسات الأدبية قليل جدًا، فلا تجد في قائمته إلا العناوين الآتية:
 
 أنت واللغة، د.عالي القرشي، 1412هـ / 1991م
 
 عامل المكان في الشعر العربي بين الجمالية والتاريخ، د.عبدالله باقازي، 1413هـ / 1992م
 
 النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية  نشأته واتجاهاته، د.سلطان القحطاني،1424هـ / 2003م
 
 أبو وجزة السعدي، للدكتور عادل عبد الله حجازي،1424هـ / 2003م
 
ولنادي الطائف عناية بالترجمة على النحو الذي رأيناه في دورية (سوق عكاظ) ونلحظ ذلك في إصداراته، إذ نجد منها:
 
 مدخل إلى النظرية الشخصية، تأليف د.باربرا أنجلر، ترجمة د.فهد عبد الله الدليم، 1411هـ / 1990م
 رئيس قسم التطور الوظيفي واختلاف الدور، لديفيد بوث، ترجمة د.عبدالله الهذلي ود. سراج الغامدي، 1414هـ / 1993م, وقد أصدر في مجال ترجمة الإبداع، مجموعة قصصية بعنوان (الطريق التعب) ترجمها خلف سرحان القرشي 1415هـ / 1994م
وتأتي لجنة المطبوعات ضمن اللجنة العليا للتنشيط السياحي بالطائف مشاركة في الإصدارات الثقافية، إذ أصدرت عددًا من الإصدارات منها:
 
 الطائف في مرآة الشعر، صدرت طبعته الأولى سنة 1410هـ / 1989م، والثانية عام 1411هـ / 1990م لحماد السالمي
 
 الطائف في مرآة النثر، 1410هـ / 1989م لحماد السالمي
 
 قصر شبرا التاريخي، الطبعة الأولى عام 1410هـ / 1989م، والثانية عام 1411هـ / 1990م إعداد لجنة المطبوعات
 
 علم الفلك والتقويم الزراعي عند ابن عميرة، عبد الملك بن محمد الذويبي، 1413هـ / 1992م
 
 النقوش العربية المبكرة بمنطقة الطائف، د.ناصر الحارثي، 1415هـ / 1994م
 
 الشوق الطائف حول قطر الطائف، معجم موسوعي لما قيل في الطائف من شعر من العصر الجاهلي حتى اليوم، جمع ودراسة وتحقيق، حماد بن حامد السالمي، 1420هـ / 1999م
 
 المعجم الأثري لمحافظة الطائف، ناصر بن علي الحارثي، 1422هـ / 2002م
 
 المعجم الأثري لمنطقة مكة المكرمة، ناصر بن علي الحارثي، 1423هـ / 2003م
 
وقد ضمت هذه القائمة كتابًا لأنجلو بسك ترجمة الدكتور يوسف بن رابع الثقفي بعنوان (الطائف.. العاصمة الصيفية للمملكة العربية السعودية)
 
وهكذا نرى أن لجنة التنشيط السياحي، تضيف إلى نشاطها الثقافي بهذه الإصدارات إضافة مهمة تعنى بتاريخ الطائف، وتمتد في بعضها إلى مكة المكرمة، وتحاول بعض هذه الإصدارات أن تقدم الجديد في دراسة النقوش والآثار، وفي استكناه التاريخ؛ لينطق بالعادات والتقاليد لأبناء المحافظة، ودور الطائف في الوعي الحضاري، فنجد هذه الإصدارات تمتد إلى الألعاب الشعبية، والعادات، والأعراف الاجتماعية، وإيراد أمثلة من نبض إنسان الطائف في تاريخه الحديث والقديم. ومع أن بعض إصدارات اللجنة يفتقد التنظيم المنهجي، والخيط الرؤيوي إلا أن ما تقدمه من شأنه أن يفيد الباحث المتأمل
 
وحين نوجه الطرف إلى الجامعات، نرى عنايتها بالإصدار الثقافي المنهجي، فهناك دورياتها التي تعنى بأصول ثقافة المجتمع، وتراثنا الإنساني والحضاري، وحركة الحياة المعاصرة وما تتطلبه من نظر علمي يشخِّص المشكلات ويقترح الحلول، ونظرًا لما تتسم به دوريات الجامعة من رصانة منهجية، وما تمرُّ به الأبحاث في مسارب النشر، فإن روح المغامرة فيها، ومعاقرة الجديد هي أقل حظًا من تلك الأبحاث الحرة التي تلقى في المؤتمرات والندوات أو تلك التي تكتب للدوريات الأخرى، فإذا لحظنا مثلاً: ما في أبحاث دوريتي (علامات) و (جذور) في نادي جدة من دخول في خضم التجارب النقدية المعاصرة، فإن ذلك الأمر يأتي على استحياء في دورية مثل مجلة جامعة أم القرى للبحوث العلمية المحكمة، ولنقلب مثالاً على ذلك العدد السادس عشر من هذه المجلة، الخاص بأبحاث اللغة العربية وآدابها الصادر عام 1418هـ / 1997م إذ نجد مثلاً بحثًا بعنوان (عبدالملك الجزيري وما بقي من شعره ورسائله) ومن العنوان نعرف أن البحث لا يتوخى أكثر من تعريف القارئ بهذه الشخصية ورصد شعره وكتابته النثرية في رسائله
 
ونجد في المجال النقدي أيضًا بحثًا بعنوان (الحزين الكناني - أخباره وما تبقى من شعره) وهو يسير في الإطار نفسه. ونجد بحثًا نقديًا بعنوان (تبرئة النقد العربي القديم من ثنائية اللفظ والمعنى) ويحاول هذا البحث - وفق المنطلقات النقدية الحديثة التي تؤكد عدم وجود هذه الثنائية - أن يعود إلى التراث ليؤكد براءته منها. ونجد بحثًا آخر بعنوان (نحو المعنى - قراءة أخرى في قصيدة الجبل لابن خفاجة الأندلسي)، ونجد أن هذا البحث يمضي في خطوة المغامرة، ليقدم قراءة أخرى، وليحاور قراءات عدة داخلت هذه القصيدة
 
وعلى ذلك نلحظ كيف أن هذه الأبحاث تسير في إطار المستقر والمألوف، ولا تجاوزه إلا قليلاً، فليست هناك مغامرة في قراءة النص، وليست هناك تطبيقات نظرية حديثة على هذه القراءة إلا في مجال مخاتلات يسيرة في بعض الأبحاث
 
وقد أسهمت جامعة أم القرى عن طريق معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي في الإصدارات البحثية التي تناولت موضوعات, منها ما يتعلق بفهرسة المخطوطات، وقراءة التراث، وتحقيقه، ومنها ما يتعلق بموضوعات تربوية ونفسية واجتماعية، وتتنوع هذه الإصدارات من بحوث قصيرة إلى رسائل جامعية، إلى أعمال موسوعية، وقد هيأ المعهد هذه البحوث للتداول بين شريحة قرائها وما يحدث تواصلاً بين البحث الأكاديمي والقراء، ويمكِّن القراء من الاطلاع على السبر المنهجي الأكاديمي للقضايا التي عالجتها تلك الأبحاث التي عنيت أحيانًا بخطط تربوية، وتنمية اجتماعية، ومعالجات لمشكلات قائمة، وذلك في مثل الإصدارات الآتية:
 رؤية مستقبلية لوظائف كليات المعلمين في المملكة العربية السعودية، لحمدان بن أحمد الغامدي، 1422هـ / 2001م
 وسائل قياس التفكير الابتكاري ومشكلاتها، لمحمد حمزة السليماني، 1413هـ / 1992م
 ملامح التحضر في المملكة العربية السعودية، لمحمد محمود السرياني، 1412هـ / 1991م
 دور التعليم الجامعي في تنمية اتجاهات الطلاب في بعض الأنماط السلوكية والفكرية الدارجة لأبعاد الشخصية المعاصرة، لعبدالله بن عايض الثبيتي، 1417هـ / 1996م
 
ومن أهم إصدارات مركز بحوث اللغة العربية وآدابها:
 
موسوعة الشعر العربي من العصر الجاهلي إلى القرن الرابع الهجري، ثمانية أجزاء، فهرس هجائي وفهرس قوافٍ، لمجموعة من الباحثين بمعهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، وقد صدر عام 1419هـ / 1998م  .
 
ومن الإصدارات الثقافية المهمة التي تتبناها جهة حكومية مجلة الحج والعمرة، وهي مجلة شهرية تصدر عن وزارة الحج، وقد رحلت في السنوات الأخيرة إلى حركة الثقافة العربية والإسلامية، تستنبطها من حركة المسلمين إلى مكة المكرمة في هذه العبادة الروحانية، وما يحفل به ذلك من إشارات إلى عمق الثقافة، واستنطاق كامنها من المشاهد، والآثار، والرحلات؛ فأصبحت مجلة ثقافية جامعة تعنى بالعمق الإنساني والحضاري، وتعنى بتواصل القارئ معها
 
قال أحد المثقفين البحرينيين عنها: "... استطاعت أن تذيب الصراع الموهوم بين الديني والثقافي"، فأجابه رئيس التحرير حسين محمد بافقيه بمقال ضمّنه افتتاحية العدد الثامن من سنتها السابعة والخمسين شوال 1423هـ / 2002م مبتدئًا من كسر ذلك الوهم، وأن المجلة تأمل أن تكون "فضاء يعبر فيه الجميع عما تحمله هذه الشعيرة التي تعيد صياغة عقل المسلم ووجدانه، وتجعل منه كائنًا مختلفًا، حينما تشعره بعدد من المقاصد العميقة التي لم يكن ليتنبه لها، لو لم تتح له معايشة تلك التجربة الروحية الشفافة"  ،  ليشعر القراء برؤية المجلة وهدفها نحو تعميق مفهوم التعدد الثقافي، بعيدًا عن الرغبة في تصنيف الثقافة والمجتمع إلى ثنائية الديني والثقافي. لذلك فإن المجلة بهذا الوعي تدخل في حركتنا الثقافية نمطًا جديدًا بدورية تعي معنى التعدد، ومجاوزته الجمع، والتجاور، وضم المتشابهات إلى حالة انصهار تتابعها في حركة الإنسان المسلم بين وعي الماضي ومعايشة الحاضر، وبين أشواق الروح وضرورات الحياة. وتدخل إلى العدد فتجد فيه أخبارًا تتعلق بالحج والعمرة، وتنظيماتها، ثم تجد عنوانًا لافتًا هو (المسجد المحزون) في باب (وجوه وأمكنة) يتحدث الكاتب فيه عن المسجد الأموي في قرطبة، وكيف تداعت به الذكريات من قصيدة شوقي في دمشق إلى ذلك المكان الذي كتم فيه الأذان، ونسيت الصلاة بالمسجد، ما دعا بالكاتب أن يشعر قارئه بما تملكه لحظة خروجه على هذا الصمت الذي ران على المسجد وأحاله إلى مكان سياحة بأن يصلي فيه ركعتين يحيي فيهما ذلك المسجد  
 
وفي باب (قوافل) نجد رواية لعبدالرحمن الرويشد عن حجة الإمام عبد الرحمن الفيصل، وقد سجلها محمد القشعمي، ولا تنسى مجلة الحج والعمرة أن تنقب في حياة المفكرين والعلماء والمشاهير، فتستدني من عوالمهم أحاديثهم عن رحلات الحج مثلما فعلت في باب (مرايا الحج) في هذا العدد، حين قدمت بعض ما كتبه عن ذلك أحمد لطفي السيد  .  ويستوقفنا في العدد حوار مع المفكر منير شفيق أجراه أبو بكر باقادر  ،  ويقدم الحوار للقراء على نحو مختلف عمّا في الحوارات التي تقدمها الدوريات الأخرى، ذلك أن الحوار هنا هو حوار ثقافة، ونخرج من أمور الحج إلى أمر له علاقة بالثقافة العربية والإسلامية وهو استطلاع عن مكتبة الأسكوريال، تضمن تعريفًا بمجموعة من مخطوطاتها النادرة في مختلف الآداب والعلوم والفنون  .  ومن ضمن ما قدم العدد استطلاع عن الحال الذي آلت إليه أسواق جدة القديمة، ليقول في نهاية الاستطلاع: "التاريخ هنا والتراث للأسماء، فهذه الأسواق تراثية وتاريخية اسمًا ليس أكثر، وهي ليست سوى أسواق جديدة محدثة، وبها محلات ودكاكين على أحدث طراز، ولولا بقايا بنايات بُنيت على الطراز الحجازي تعلو بعض هذه الدكاكين، لما أحسست بما يوحي أن هذه المنطقة هي منطقة تراثية بالأساس"  .  ومن مقالات العدد: (التعليم في إسرائيل وتربية العنف)، سلط فيه كاتبه عبد الله بن عبد العزيز اليحيا الضوء على ما في هذا التعليم من تنمية للعنف والتطرف الذي يبلغ مداه في المدارس الدينية اليهودية المستقلة في فلسطين  .  وفي باب ذاكرة الحج نجد مقالاً لعبدالله السمطي بعنوان (لقب الحاج) في الوجدان المصري
وقد فتح العدد ملفًا عن الاتجاه نحو الشرق وثقافته الذي تجمعه بالإسلام وحضارته وشعوبه الكثير من المزايا، وقد شارك في هذا الملف عدد من الباحثين هم: محمد جابر الأنصاري، عبد الله إبراهيم، أنور عبد الملك، سارة تكاهاشي
 
وفي باب المطالعات نجد عرضًا لكتاب (نصوص عثمانية عن الأوضاع الثقافية في الحجاز مثل: الأوقاف - المدارس - المكتبات) من منشورات مكتبة الملك عبد العزيز العامة، تقديم وترجمة وتعليق الدكتور سهيل صابان ابن الشيخ إبراهيم حقي 
 
وبهذا يتبين لنا مدى تميز التجربة الثقافية التي تقدمها هذه المجلة، فهي قريبة من القارئ لقربها من القضايا والمشاعر، وما يحن إليه من التاريخ والروابط الإسلامية. ومع هذا القرب فهي ليست ثقافة مبتذلة، بل تدخل بالقارئ في عمق المعرفة حين تربط الموضوع والقضية بنسقها المعرفي؛ لذلك لم تكن الثقافة التي تقدمها وتطرحها نخبوية؛ لأنها تساوق حركة الفعل الثقافي نحو ضرورات الحياة، وتكوين الوعي، وتجاوز التقسيم الطبقي، والتقسيم الثقافي للثقافة ذاتها، أو لمتلقي الثقافة، فجاءت بوعي شمولي، يتجسد في ذلك التنوع من أسواق جدة إلى جامع قرطبة، ومن خدمات الحجاج إلى مكتبة الأسكوريال، ومن ذاكرة الحج إلى تلك الكلمة التي تحمل حنين الوجدان المصري واحتفاءه بـ (الحاج)، ومن حوار باقادر مع منير شفيق إلى رؤى حول الاتجاه إلى ثقافة الشعوب الشرقية. وهذا كله يجعل المجلة تنافس غيرها معتمدة على ذاكرة مفتوحة، ووعي عميق، ونظرة شمولية
 
شارك المقالة:
40 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook