الإنتاج الزراعي بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.
حظي القطاع الزراعي بكثير من الاهتمام، حيث وصل النمو في الإنتاج إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، وقد تحقق تطور القطاع الزراعي عن طريق الدعم الحكومي للبنية الأساسية التي وفرت نظم الري والصرف والمعدات والأراضي للزراعة، وتتركز أعمال الزراعة في واحتي القطيف والأحساء، حيث يوجد فيهما أرض خصبة وبقع زراعية يغطيها النخيل، بالإضافة إلى الحدائق الوارفة.
لقد أسهمت تلك البنية الأساسية والخدمات المتنوعة في إنتاج زراعي وفير ومتنوع من المنتجات الغذائية والخضراوات والفواكه التي تكفي لمتطلبات السوق السعودية.
إن واحة الأحساء تضم العدد الأكبر من نخيل المنطقة الشرقية، في حين يزيد الإنتاج السنوي من التمور فيها على 60 ألف طن، وهناك عدد من أصناف أشجار النخيل منها أصناف مبكرة وأصناف وسط الموسم وأصناف متأخرة.
ولوجود واحتي الأحساء والقطيف الزراعيتين اكتسبت المنطقة الشرقية أهمية من الناحية الزراعية، حيث تمتاز واحة الأحساء بتوافر عيون المياه على سطحها بغزارة فصارت منطقة استقرار زراعي منذ آلاف السنين، وتشتهر بنخيلها وتمورها التي تصنف إلى أكثر من 80 نوعًا، ولقد كان الإنتاج الزراعي يسد معظم احتياجات السكان الغذائية، بل كانت المنطقة من المراكز التجارية التي تقصدها القوافل، وقدرت مساحة الأراضي المزروعة في الأحساء قديمًا بأكثر من 30.000 هكتار، وكان بها أكثر من 3 ملايين نخلة ونحو 50 عينًا من المياه المتدفقة، وبلغ ما صدرته الأحساء من التمور عام 1320هـ /1902م نحو 10.000 طن، وبلغ إنتاج الأحساء من الأرز الذي تشتهر به 18.600 طن، وبلغ إنتاج القمح 450 ألف طن، كما تعد منطقة حرض من المناطق المتميزة في زراعة الأعلاف على مستوى المملكة.
أما القطيف فاشتهرت بالزراعة وإنتاج التمور أيضًا، وكانت بحكم موقعها همزة وصل بين تجارة الشرق والغرب، فالزراعة شيء ثابت تعتمد عليه منطقة القطيف في حياتها الاقتصادية، وهناك منطقة وادي المياه وقرية العليا اللتان تتوافر فيهما زراعة القمح والأعلاف ويعتمد اقتصادهما بشكل كبير على الزراعة.
وقد أدركت المملكة منذ بداية التنمية أهمية القطاع الزراعي لها؛ لارتباطه الوثيق بغذاء الإنسان، ويقوم هذا القطاع بدور رائد لتحقيق الأهداف العامة للتنمية لإسهامه الفعال في إحداث تغيير حقيقي في البنية الاقتصادية للمملكة، وتحقيق النمو المتوازن بين المناطق.
وفيما يخص الأوضاع التنموية للقطاع الزراعي في المنطقة الشرقية خلال خطط التنمية السابقة، فقد تم توزيع نحو 304 آلاف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة تعتمد على المياه الجوفية المتجددة، وبلغت نسبة الأراضي المزروعة 15%.
أما أهم الزراعات في المنطقة فهي كالآتي:
1 - التمور:
تشكل أشجار النخيل الزراعة الأساسية في واحات المنطقة الشرقية بمساحة قدرت بـ11.043 هكتارًا؛ بما يعادل 7.8% من مساحة المملكة وبإنتاج بلغ 118.667 طنًا؛ أي ما نسبته 13.4% من إنتاج المملكة، تقوم على تصنيعها 7 مصانع؛ أي 14% من مصانع التمر بالمملكة، ولكنها تنتج 33.951 طنًا من التمور المعلبة وهذا يوازي 48.2% من إنتاج مصانع التمر بالمملكة، وذلك حسب إحصاءات عام 1424هـ /2003م.
لقد كان إنتاجها سابقًا يعد القاعدة العريضة التي تقوم عليها موارد البلاد الزراعية، وكانت البساتين تؤجر على أساس المحصول من التمر والسلوق (البلح المسلوق والمجفف) الذي يعتمد عليه الملاك والفلاحون على السواء في حياتهم الاقتصادية، فبالإضافة إلى كون هذا المحصول جزءًا لا يتجزأ من الغذاء اليومي؛ إذ يؤكل رطبًا في الصيف وتمرًا في الشتاء، كان يصدر الفائض منه إلى الخارج بكميات كبيرة تبلغ - كما يذكر مؤلف كتاب (دليل الخليج) - 24 ألف طن، أغلبها يصدَّر إلى عُمان والخليج والهند.
تعد محافظة الأحساء من أكبر محافظات المملكة إنتاجًا للتمور، حيث يوجد بها نحو مليون وسبعمئة ألف نخلة من مجموع عدد النخيل بالمملكة الذي يصل إلى اثني عشر مليون نخلة تنتشر في القصيم والقطيف والمدينة المنورة والرياض وسدير وجدة وبيشة والخرج، كما تتميز تمور الأحساء بتنوعها وجودتها ومذاقها الجيد، ويوجد بالأحساء أيضًا واحد من أكبر مصانع تعبئة التمور تملكه الدولة. وقد اختارت المملكة العربية السعودية النخلة شعارًا لها تقديرًا لدورها وعطائها ورمزًا لشموخها ورفعتها، وتعد من أهم المحصولات الزراعية، ولا سيما أن المملكة في مقدمة الدول التي تكثر فيها زراعة النخيل وبها أشهر أصناف التمور وأجودها، وينتشر النخيل في جميع أنحاء المملكة تصدرها واحة الأحساء بمساحة تقدر بـ12 ألف هكتار. هذا الكم من النخيل ينتج 120.000 طن من الرطب والتمور معدلا سنويًا، يتأرجح هذا الرقم بين الزيادة والنقصان من موسم إلى آخر حسب الظروف البيئية التي تتعرض لها الواحة خلال فصول السنة.
يعد رطب وتمر الخلاص من أجود الأنواع البالغ عددها 137 نوعًا وأكثرها من حيث الكم؛ إذ يشكل أكثر من 60% في الواحة، يليه نوع الرزيز الذي يستهلك غالبًا في مرحلة التمر، وقد بدأت أعداد نخيله تتناقص ليحل محلها نوع الخلاص. ومن المتوقع أنه خلال فترة ليست بالبعيدة أن تصل نسبته إلى 90% من بين الأنواع الأخرى، ويرجع ذلك إلى تبوئه قائمة الطلب عليها، وبالتالي فهو أفضلها سعرًا، إذ يراوح هذا السعر بين 6.000 و 12.000 ريال لطن التمور الخام، كما أن هذا لا يختلف فيما لو سوِّق رطبًا في حين أن تمر الرزيز لا يشكل الطلب عليه أكثر من 10% من الطلب على تمر الخلاص، إذ راوحت هذه الأسعار بين 1000 و 2500 ريال للطن على الرغم مما يأخذه مصنع التمور الحكومي التابع لوزارة الزراعة والمياه من كمية تقدر بـ10.000 طن من هذا النوع، ويقدر السعر التشجيعي بـ3000 ريال للطن، ويبدأ موسم الرطب في منتصف شهر يونيو، إذ تبدأ الأنواع المبكرة في الترطيب مثل الطيار والمجناز والغر، ويعد الغر من أجود أنواع الرطب ويقبل عليه المستهلك كثيرًا، وخصوصًا بعد نفاد رطب الخلاص من الأسواق.
كان لدخول أنواع كثيرة من الفاكهة إلى أسواق المملكة أثر سلبي في استهلاك التمور، إذ تدهور الطلب إلى جانب ارتفاع كلفة الإنتاج؛ ما أدى إلى تحول كثير من مزارعي النخيل إلى مزاولة مهن أخرى، فأهملوا النخيل وتدهور الإنتاج، وهذا ما دفع وزارة الزراعة إلى التدخل في هذا الأمر، فقامت بسن التشريعات التشجيعية مثل دفع الإعانات للمزارعين، إلى جانب تشكيل اللجان لدراسة مشكلات إنتاج التمور، ووضع الحلول الكفيلة بوقف هذا التدهور والنهوض بهذه الثروة الوطنية وحمايتها. وكان على رأس هذه الحلول ضرورة إدخال التمور في برنامج الغذاء العالمي ضمن إسهام الحكومة عينيًا في هذا البرنامج. ولتنفيذ ذلك كان لا بد من إنشاء مصنع تعبئة التمور بالأحساء تحت إشراف هيئة الري والصرف بالأحساء، حيث قامت الهيئة بإعداد وتدوين كثير من المعلومات التي تشمل عدد النخيل وكميات الإنتاج - حسب المناطق - وأنواع التمور في مختلف مناطق المملكة؛ حتى تبنى عليها دراسات الجدوى الاقتصادية في إنشاء مشروعات الاستثمار في مجال النخيل والتمور، كما أسهمت في إنشاء مراكز لدراسة زراعة النخيل وإنتاج التمور وتوفير قاعدة أساسية من المعلومات الزراعية والتصنيفية، وسعت إلى إعداد الكوادر الوطنية المؤهلة في مجال زراعة النخيل وتصنيع التمور، وإرشاد المزارعين إلى الطرق الحديثة في زراعتها وإعطاء النخيل بعض الخصوصية، وشراء كمية من التمور من المزارعين بأسعار مجزية، علاوة على تقديم قروض مالية صناعية من صندوق التنمية الصناعية لإنشاء مصانع التمور. وفي هذا الإطار أنشأت وزارة الزراعة والمياه مركز الهندسة الوراثية في المركز الوطني للزراعة والمياه بالرياض، حيث يهتم بالزراعة الفسيلية في إكثار النخيل لإمداد المزارعين وتوفير احتياجاتهم من فسائل النخيل، وعلى أثر ذلك ظهر عدد من المشروعات التصنيعية للنهوض بالتمور وبرز عدد من المصانع مثل: مصنع نادك، والواحة، ووادي حنيفة، ومصنع القصيم، ومصنع الجزيرة التابع لشركة صافولا، ومصنع شركة المنتجات الغذائية، وشركة الأحساء للتنمية، والشركة الشرقية للتنمية الزراعية.
2 - محصولات أخرى:
تشهد المنطقة زراعة جميع أنواع الحبوب والفواكه والخضراوات، فهي تنتج الأرز الأحمر؛ ويسمى الهندي، وإنتاجه لا يكفي الاستهلاك المحلي، ثم اللوبيا والفول (الباقلا) والسمسم، أما الفواكه فكان منها اللوز والبمبر والموز والبوبي والبامير والأترج والرمان بأنواعه والمشمش والخوخ والتوت (التوف) والنبق (الكنار) والسفرجل والعنب والتين والليمون والجرموز والبطيخ بنوعيه الأحمر والأصفر (الشمام) والقثاء (الطروح).
أما الخضراوات والبقول فكان منها الباميا والباذنجان والطماطم (الطماطا) واليقطين (القرع) والهندال والبصل والثوم والفجل (الرويد) والكراث (البقل) والهندباء (الحندباء) والكرفس والنعناع، وينجح فيها أيضًا البرسيم (القت)، ومن الفواكه والخضراوات والبقول التي استحدثت زراعتها ونجحت فيها نجاحًا باهرًا البرتقال واليوسفي (يوسف أفندي) والجوافة والكريب والكوسة والكرنب والملفوف والزهرة والخس والكسبرة والبقدونس والملوخية والخيار والفاصوليا والبازلاء والبطاطس ، حتى أصبح الإنتاج يزيد على الاستهلاك المحلي فيصدر إلى البلدان الأخرى، ويمكن أن نعدد من المحصولات الزراعية زراعة الزهور وكان منها سابقًا الفل (الرازقي) والورد المحمدي والمشموم (الريحان) والياسمين العطر وأشجار الزينة كالدفلي (الجوري)، أما في الوقت الحاضر فقد كثر الاعتناء بها، فوجدت بكثرة مشاتل متخصصة لزراعتها في الواحة، وما يستورد من الخارج، حيث أصبحت تمد مدن المنطقة بأشجار الشوارع والحدائق وكذلك المنازل بجميع أصناف الأزهار والنباتات، وتتماشى معها جنبًا إلى جنب مشروعات تربية الدواجن والأبقار والأغنام، حيث يصل إنتاج بعضها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.
ويوضح (جدول 3) المساحة المزروعة بالهكتار وكمية الإنتاج المحلي في المنطقة الشرقية لبعض المنتجات الزراعية المختارة خلال عام 1426هـ /2005م، حيث جاء مجموع جميع الحبوب في المركز الأول من حيث كمية الإنتاج التي بلغت 204371 طنًا، والفواكه 172622 طنًا، والخضراوات 163523 طنًا، وقد جاء محصول التمور في المركز الرابع؛ إذ قُدِّر الإنتاج بنحو 134735 طنًا، وأخيرًا جاء محصول الأعلاف؛ حيث قدّر الإنتاج بنحو 68825 طنًا. كما بلغ عدد النخيل 2544652 نخلة عام 1426هـ /2005م.
إن دعم القطاع الزراعي في المنطقة حتى ولو بتكاليف بسيطة أو مرتفعة نسبيًا يؤدي إلى إحداث التغيرات الهيكلية الاقتصادية والمساهمة في الإنتاج الزراعي؛ ما يحقق هدف المملكة الرامي إلى الاكتفاء الذاتي من الأغذية، ومن المهم أن يتم ذلك بالموازنة بين التنمية الزراعية واستهلاك المياه الجوفية بتشجيع زراعات البيوت المحمية وتوجيه مزارع الري المحوري إلى إنتاج محصولات الأعلاف لتزايد الطلب عليها في المملكة، كما سيساعد ذلك على تطوير النظام الهرمي للتجمعات العمرانية في المنطقة، ويؤدي إلى تحسين الروابط التجارية بين أجزائها.