الإصابة بالوذمة الحملية

الكاتب: رامي -
الإصابة بالوذمة الحملية
"

الإصابة بالوذمة الحملية.

الوذمة الحمليةgestational edemaهي توضع السوائل ضمن أنسجة الحامل بسبب المتغيرات الوظيفية في أثناء الحمل، وقد تصل زيادة السوائل إلى 2 ـ3 لترات؛ ولاسيما في الوسط خارج الخلوي. تظهر الوذمة سريرياً في الأطراف السفلية، وبالمقابل يمكن أن تحتبس السوائل فيزيولوجياً دون ظهور وذمات، وهذا يعني أن الحامل يجب ألا تنقص الوارد من السوائل، وألا تستعمل المدرات لإنقاص هذا الحجم الزائد من السوائل.

يتظاهر احتباس الماء في الجسم بزيادة وزن الحامل، وتقيَّم الزيادة الوظيفية اللامرضية كالتالي:

ـحتى 500غ أسبوعياً.

ـحتى 2000غ شهرياً.

ـحتى 10كغ في كامل الحمل.

ولفهم آلية حدوث الوذمة في أثناء الحمل يجب معرفة المتغيرات الفيزيولوجية في جسم الحامل فيما يخص: الجهاز القلبي الدوراني الوعائي، والجهاز البولي الكلوي.

أولاً ـالتغيرات القلبية الدورانية الوعائية

تبدأ التغيرات الحركية الدورانية في الحامل في المرحلة الباكرة بعد الإلقاح، وليست العوامل المسببة لهذه التغيرات موثقة جيداً؛ ولكن يمكن ربطها بالاستقلاب الستيروئيدي في الوحدة الجنينية المشيمية.

يزداد النتاج القلبي الناجم عن ازدياد نبض القلب بدءاً من الأسبوع الحملي السادس من جهة وعن زيادة حجم الانقباضة القلبية بدءاً من الأسبوع الحملي الثامن من جهة أخرى بنسبة 40% عما كان عليه قبل الحمل، إن هذه الزيادة التي تستمر حتى نهاية الحمل لها ـ كما يلاحظ ـ وظيفة مهمة؛ وذلك لارتفاع حاجة الحامل والجنين إلى المواد الغذائية والأكسجين.

وتتتابع التغيرات التالية في الجهاز القلبي الوعائي في الحامل:

ـنقص المقاومة في الأوعية المحيطية.

ـزيادة حجم الدم الجائل في جسم الحامل.

ـزيادة حجم النتاج القلبي في الدقيقة.

من المثبت علمياً حدوث توسع وعائي شرياني وريدي في المرحلة الباكرة من الحمل بسبب تراجع المقوية العضلية في العضلات الملس؛ مما يؤدي إلى تراجع نسبي في حجم الدم الجائل، وبسبب تفعيل نظام جهاز الرينين ـ أنجيوتنسين ـ ألدوستيرون الذي يسبب ارتفاع نسبة عود الامتصاص الكلوي للسوائل والصوديوم. ينجم عن زيادة الحجم هذه زيادة حجم الانقباضة القلبية والنبض من جهة وحدوث تمدد في الدم من جهة أخرى؛ مما يعني انخفاضاً نسبياً في الهيماتوكريت والهيموغلوبين. ومما يثير الانتباه أن هذه التغيرات يمكن إثباتها بدءاً من الأسبوع الحملي السابع. أما زيادة الكريات الحمر؛ فتحدث على نحو ثانوي. إن تغيرات التكيف مع الحمل في الجهاز القلبي الوعائي في نظام الاستقلاب وفي التغيرات الغدية كلها تبدأ في مرحلة الحمل الباكر، ولا يمكن القول إنها ردة فعل على ازدياد حاجة الجنين. وتؤدي زيادة حجم الانقباضة إلى انخفاض المقاومة الوعائية وزيادة حجم البطين الأيسر في القلب الذي يمكن ملاحظته في الصور الشعاعية بشكل ضخامة قلبية؛ لكن هذه الموجودات يجب أن تقيَّم على أنها فيزيولوجية وليست مرضية. أما نبض القلب فإنه يزداد بنسبة 10 ـ45/د.

ويبدأ ازدياد حجم الدم الجائل حتى 40% ( أي ما يعادل 1.5 ـ2 لتر) مع الأسبوع الحملي الثاني عشر، ويبلغ قيمته العظمى في الأسبوع الحملي (32 ـ36)؛ مما يفضي إلى التغيرات المذكورة سابقاً. وإن ازدياد الحاجة إلى الأكسجين لدى الحامل والجنين يجعل ازدياد الكريات الحمر العام حاجة ملحة.

يعدّ ازدياد حجم السوائل ضمن الجهاز الوعائي وقاية نوعية للحامل من عواقب النزوف في أثناء الولادة. وإذا لم يكن النزف كبيراً؛ فإن حجم الدم الجائل العام يعود إلى الطبيعي في الأسبوعين الأولين بعد الولادة.

يتغير ضغط الدم الانقباضي تغيراً قليلاً غير قابل للتقييم، أما الانبساطي فإنه يهبط إلى قيمة تصل حتى 15ملم/زئبق، ويعلل ذلك بنقص المقاومة في الأوعية المحيطية.

وقياس الضغط الدموي مشعر جيد لمتابعة بعض الحالات المهمة مثل ما قبل الإرجاج؛ ولكن هناكعوامل عديدة لها شأن مهم في تغيراته الوظيفية مثل:

1 ـحجم الدم الجائل.

2 ـالنتاج القلبي.

3 ـالمقاومة الوعائية المحيطية.

4 ـلزوجة الدم.

5 ـمرونة جدران الأوعية الدموية الكبيرة.

ومن العسير ضبط المدلولات النسبية لهذه العوامل وتأثيراتها في الضغط الدموي ضبطاً دقيقاً.

تحدث نتيجة التغيرات الموصوفة سابقاً في جهاز الحامل الدوراني الوعائي ضخامة قلبية تبدأ بالظهور في الثلث الثاني للحمل، وتصبح واضحة بشكل صريح في أواخر الحمل. يكون الضغط الوريدي في أثناء الحمل في الحدود العليا الطبيعية (4 ـ8 سم/ماء)، أما في القسم السفلي من الجسم؛ فيكون الضغط الوريدي في الثلث الأخير من الحمل مرتفعاً (10 ـ25 سم/ماء). ويؤدي هذا الارتفاع ـ مع انخفاض الضغط الحلولي في المصورة (البلازما) وسوء العود اللمفاوي الذي يسببه ارتفاع الضغط الوريدي ـ إلى حدوث الوذمة في الحامل وحول الكعبين خاصة، ولا تعدّ هذه الوذمة مرضية.

وقد تحدث لدى الحامل بسبب تلك التغيرات دوالٍ في الطرفين السفليين ودوالٍ فرجية ومهبلية كما يحدث أحياناً توسع في الأوعية المستقيمية وميل لتشكل خثرات تسبب التهاب وريد خثري أو صمات دموية وعائية. وللوقاية من ذلك تنصح الحامل بالقيام بالنشاط الحركي على نحو فاعل وارتداء الجوارب الضاغطة؛ ولكن لا ينصح بارتداء هذه الجوارب الضاغطة مدة طويلة كما في الرحلات البرية والجوية الطويلة.

ويتحمل القلب العبء الأكبر في أثناء المخاض بسبب:

1 ـزيادة النتاج القلبي بالدقيقة بين التقلصات الرحمية.

2 ـارتفاع حجم الدم الجائل في الدوران بنسبة تصل حتى 500مل بكمية الدم التي تضخ من الرحم إلى الدوران العام في أثناء المخاض. يتحرر في الوقت نفسه العديد من الهرمونات (هرمونات الشدة) مثل النورأدرينالين تنجم عنها زيادة المقوية الوعائية. ومع استمرار التقلصات الرحمية واتساع عنق الرحم ينتج ارتفاع في نتاج القلب بالدقيقة؛ وكذلك معدل النبض بنسبة قد تصل حتى 35%.

ويرتفع الضغط الدموي في طور الانقذاف حتى 190مل/زئبق. ويجب هنا زيادة الانتباه في المريضات اللواتي لديهن قصة مرضية قلبية سابقة؛ وتقصير طور الانقذاف بمساعدة المحجم الجنيني لتخفيف العبء الشديد على حركية الجهاز الوعائي الدوراني .

وبعد الولادة تتحرك السوائل المتجمعة على نحو متزايد في الوسط خارج الخلوي في أثناء الحمل نحو الدوران العام؛ مما يؤدي الى ارتفاع نتاج القلب بالدقيقة. ولكن هذه القيم تتراجع إلى القيمة ما قبل الحمل في أسبوعين تقريباً بعد الولادة؛ ولذلك فإن الأمهات المصابات بقصة مرضية قلبية سابقة معرضات على نحو كبير لحدوث وذمة رئة مباشرة بعد الولادة .

وفي 10 ـ15 دقيقة بعد الولادة يرتفع النتاج القلبي بالدقيقة بنسبة تصل إلى 60 ـ80% بسبب زوال الحاجز الوريدي للأجوف عبر الرحم الحامل، وبالتالي نقل الدم الذاتي من الرحم والمشيمة إلى الدوران العام. كما تتحرك السوائل خارج الوعائية إلى جهاز الدوران مما يتظاهر بزيادة العود الوريدي إلى القلب، وبالتالي زيادة حجم الانقباضة القلبية، وبعد ساعة تقريباً يعود نتاج القلب بالدقيقة إلى الحالة التي كان عليها في بداية المخاض.

ثانياً ـالتغيرات في الكلية والمجاري البولية ومخزون السوائل

تحدث ابتداء من الأسبوع الحملي العاشر تغيرات وصفية في الأعضاء المسؤولة عن طرح البول، مثل توسع الحويضة والكؤيس والحالب ترى في الجهة اليمنى أكثر من الجهة اليسرى، تنجم عن التأثير البروجستروني في العضلات الملس وعن ضغط الرحم الحامل على الجوار.

ينجم عن ازدياد الحجم داخل الوعائي وارتفاع النتاج القلبي ازدياد التروية الوعائية الكلوية مما يؤدي إلى زيادة نسبة الرشح الكُبيبي بنسبة النصف؛ وكذلك إلى تغير الوظيفة الأنبوبية. تبلغ هذه التغيرات حدها الأعظم في الأسبوع الحملي 32، ويبدأ هذا الحد بالتراجع بعدئذ باتجاه الوضع الذي كان عليه قبل الحمل.

وتفسر هذه التغيرات الكلوية بارتفاع قيم بعض الهرمونات مثل الألدوستيرون دي أوكسي كورتيكوستيرون والبروجسترون والكورتيزول.

وبسبب ارتفاع الرشح الكُبيبي يزيد طرح الصوديوم، ولتعديل هذه الزيادة يرتفع الألدوسترون في الدم إلى خمسة أضعاف قيمته أحياناً؛ ليزيد عود امتصاص الصوديوم.

وفي حالات مرضية مثل الانسمام الحملي ينقص الرشح الكُبيبي مع بقاء زيادة عود الامتصاص الأنبوبي للماء والصوديوم؛ مما يسبب الوذمات المعممة.

يتراجع الرشح الكُبيبي الكلوي في الانسمام الحملي بنسبة 30 ـ40% مقارنة بالحمل الطبيعي، وتسبب الأذية في البطانة الكُبيبية الكلوية بيلة بروتينية لا انتقائية. ويسبق الأذية البطانية اضطراب في الوظيفة الأنبوبية ينجم عنه نقص في طرح حمض البول والكلسيوم والكاليكرين في البول؛ مما يعني أن ارتفاع حمض البول في الدم ونقص نسبة الكاليكرين/ الكرياتين في البول غالباً ما يسبقان العلامات السريرية في الانسمام الحملي، وأن ارتفاع الكرياتينين وحمض البول في الدم مع نقص التبول حتى توقفه يدل على سوء وظيفة كلوية شديد، ويكون نقص حجم البول هنا ناجماً عن نقص الحجم ما قبل الكلوي.

"
شارك المقالة:
81 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook