الأنماط السياحية في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الأنماط السياحية في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية

الأنماط السياحية في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية.

 
ترتبط السياحة - بوصفها نشاطًا إنسانيًا طوعيًا - بدوافع السياح وعواطفهم ورغباتهم وأذواقهم؛ التي تتباين من شخص إلى آخر حتى إن سافر الناس في مجموعة واحدة وللمقصد السياحي نفسه، وقد تتغير من زمن إلى زمن آخر؛ ولذا فإنه كلما كثرت وتنوعت عوامل الجذب السياحي بأي مقصد، وكلما تعددت الأنماط السياحية التي تمارس فيه بحيث توافق دوافع وأذواق أكبر عدد من السياح؛ زادت جاذبيته وطال عمره بوصفه مزارًا سياحيًا  .  وتتيح مقومات الجذب السياحي الطبيعية والحضارية بمنطقة نجران ممارسة الأنماط السياحية التالية:
 
أ - السياحة الصحراوية:
 
تغطي رمال الربع الخالي 95% من مساحة المنطقة، وتكثر فيها الكثبان الرملية نشطة الحركة، خصوصًا الكثبان الهلالية  التي تجمع أحيانًا كميات هائلة من الرمال يتجاوز ارتفاعها 300م تجعل لها شكلاً آسرًا أخاذًا. ولقرب الصحاري من المستوطنات البشرية في (شبه الجزيرة العربية) عامة والمملكة على وجه الخصوص، فقد صار للصحراء قيمة جمالية ترويحية في نفوس سكانها؛ لما تتمتع به من هدوء وصفاء وجمال طبيعي من كثبان رملية بديعة المنظر، ونباتات حولية ذات أزهار ملونة، وروائح عطرية أخاذة  .  كما توفر الصحراء أيضًا فرصة لممارسة رياضة التزلج على الرمال، أو مسابقات الدبابات الرملية، إضافة إلى التخييم والتأمل في حياة البادية والتكيف مع ظروف البيئة المختلفة.
 
ولقد أصبحت السياحة الصحراوية نمطًا سائدًا بالمنطقة؛ لأنها سياحة محلية بالدرجة الأولى، خصوصًا في فصلي الشتاء والربيع، وعطلات نهاية الأسبوع، وعطلات الأعياد، إذ يخرج سكان الحواضر في رحلات إلى الصحاري المجاورة للتخييم وممارسة رياضات الرمال والمسامرة على الرمال.
 
ب - سياحة المتنـزهات والمناظر الطبيعية:
 
لقد حظيت نجران بجمال طبيعي مزج بين سحر الجبال بلوحاتها التضاريسية الرائعة، ونضرة السهول بغابات أوديتها وبساتينها ومزارعها الزاهية الخضرة، وإشراق الصحاري وأريحية أهليها غير المتكلفة.
 
ولقد وهب الله نجران طبيعة غنّاء تجسدت في أكثر من 67 واديًا  وشعبًا أوجدت متنـزهات طبيعية كثيرة يستروح فيها السكان المجاورون والزائرون، ويستمتعون بمناظرها الجميلة وطبيعتها الخلاّبة من حولها، ومناظر القرى وعمرانها الريفي المميز على ضفاف الأودية، أو الخيام لسكان البادية في أطراف الصحراء، ومناظر الجبال المفردة الكثيرة وكأنها تمارس الرقص الشعبي النجراني البديع. كما أن سد وادي نجران وبحيرته الاصطناعية يضفيان جمالاً صناعيًا متناغمًا مع البيئة حتى صارا من أهم الجواذب السياحية للمنطقة.
 
ويلاحظ أن هذا النمط السياحي ما زال - إلى حد كبير - سياحة محلية وتنـزهًا؛ بسبب أن المقاصد السياحية الأخرى الأقرب إلى أسواق الطلب السياحي الرئيسة في المملكة ما زالت تستأثر بمعظم هواة هذا النوع من السياحة. وتقتصر ممارسة هذا النشاط على أيام عطلات نهاية الأسبوع والأعياد، وكثيرًا ما تكون في شكل رحلات أسرية عائلية أو مجموعات شبابية أو مهنية، حيث ترى كثيرًا من السيارات تجوب الأودية والمتنـزهات بحثًا عن مكان يكفل أكبر قدر من الخصوصية.
 
ج - السياحة الثقافية والأثرية:
 
لا يزال العالم كله يحمل تقديرًا عاليًا للتراث، والفن الشعبي، و (الفلكلور)؛ بوصفه رمزًا للأصالة التي غيبتها الميكنة والفردية وروح الحياة العصرية، وتعبيرًا عن التاريخ الإنساني بالكلمة والقصيدة والنغم والإيقاع الحركي والتناغم الجمعي، وتعبيرًا عن القيم النبيلة بالحكم والأمثال؛ لذلك أصبحت السياحة الثقافية والأثرية نمطًا سائدًا في السياحة الدولية.
 
ولأن منطقة نجران من المناطق التي شهدت عمرانًا متواصلاً عبر تاريخ طويل حافل بالأحداث والتفاعل الثقافي، فقد أضحت من أغنى مناطق المملكة بالآثار والعمران الريفي المتميز والفنون الشعبية والصناعات التراثية العريقة، مما يشكل جاذبًا سياحيًا مهمًا.
 
ولئن كانت الأنماط السياحية الثلاثة السابقة تمثل سياحة محلية بالدرجة الأولى، فإن هذا النمط يمثل سياحة وافدة من مناطق المملكة الأخرى (سياحة داخلية) ودولية بصورة رئيسة. فلقد أسهم المهرجان الوطني للتراث والثقافة (مهرجان الجنادرية السنوي) في رفع الوعي الوطني بأهمية السياحة الثقافية. وساعدت القصة الملحمية لحادثة الأخدود التي وردت في القرآن الكريم على جذب الرحالة قديمًا إلى زيارة المنطقة، ولا زالت آثار الأخدود وغيرها من عوامل الجذب السياحي الثقافية الأخرى تجذب الكثير من السياح والمؤرخين والدارسين؛ للوقوف على التراث الثقافي والأثري للمنطقة، واقتناء التذكارات من صناعاتها التراثية المتميزة خصوصًا الأواني الحجرية، والفخارية، والحلي الفضية، والأدوات والآلات الخشبية والمعدنية، ومصنوعات السعف، والمصنوعات الجلدية، والمنسوجات، والأزياء النجرانية التقليدية، إضافة إلى التقاط الصور التذكارية بجوار بيوت الطين الفريدة، والوقوف على تصميماتها وزينتها الداخلية المتميزة. ولا يفوت السياح والزوار زيارة مراكز الاحتفالات الرسمية والأهلية، وحضور عروض الرقصات والفنون الشعبية البديعة.
 
د - السياحة الاجتماعية:
 
تعد نمطًا سائدًا في السياحة؛ إذ يزور كثير من السياح أقرباءهم وأصدقاءهم في المدن أو البلدان الأخرى. وتدعو قوة الروابط الاجتماعية في منطقة نجران كثيرًا من أبناء المنطقة العاملين أو الطلاب الدارسين في مناطق المملكة الأخرى للعودة إلى الديار وزيارة الأهل والأصدقاء وتفقد ممتلكاتهم أو أعمالهم في المنطقة. كما أن بعض المقيمين في المناطق الأخرى يزورون أقرباءهم أو أصدقاءهم المقيمين بنجران.
 
هـ - السياحة الرياضية:
 
تتوافر لمنطقة نجران فرص إقامة عدد من الأنشطة البيئية، خصوصًا الرياضة الصحراوية البرّية (الخلاء)  ، والجبلية، والمائية (في بحيرة سد وادي نجران). ويتم تطوير رياضات الفروسية وسباق الهجن - بوصفها رياضات عربية سعودية أصيلة - يشرف عليها نادي الفروسية بنجران. ويساعد صفاء سماء منطقة نجران وشمسها الساطعة معظم شهور السنة على توفير جو مثالي لكثير من أنواع الرياضات البيئية، إضافة إلى رياضة كرة القدم والسلة والطائرة وألعاب القوى والتنس الأرضي وغيرها.
 
إن منطقة نجران تتمتع بمقومات سياحية كبيرة، طبيعية وحضارية، من شأنها الانتقال بالمنطقة من نطاق المحلية الضيق إلى رحاب السياحة الداخلية الأشمل، بل الدولية الأوسع، وجَعْل السياحة قطاعًا رئيسًا يوسع قاعدة اقتصادها الإقليمي، ويعوضها عن قلة الموارد الصناعية والمعدنية وموارد الطاقة، لكن الأمر يتطلب مزيدًا من التطوير لتلك المقومات والجواذب السياحية، ومزيدًا من برامج الترويج السياحي.
 

الفعاليات السياحية

 
تهتم الأمانة العامة للتنشيط السياحي بلجانها الفرعية المختلفة بتطوير برامج وفعاليات المناسبات السياحية في منطقة نجران التي بدأت في تنظيمها منذ عام 1423هـ/2002م تحت شعار (ارحبوا في نجران). ومن أهم هذه البرامج والفعاليات:
 
أ - قافلة الصيف:
 
تبدأ البرامج والفعاليات في الموسم السياحي الصيفي بحفل انطلاقة القافلة من مبنى الغرفة التجارية، حيث تنطلق قافلة طويلة من العربات المزينة تشارك فيها معظم الجهات الرسمية والأهلية وتطوف القافلة بطرق مدينة نجران الرئيسة حتى مبنى قصر الإمارة التاريخي. وعادة يحرص السياح والمقيمون على مشاهدتها والمشاركة في فعالياتها لما تتضمنه من أشكال وشعارات بهيجة وجذابة.
 
ب - الخيمة النجرانية:
 
يتضمن برنامج الخيمة النجرانية عددًا من الفعاليات والفنون الشعبية التي تعد من أهم الفعاليات السياحية في المنطقة، إذ تستعرض فيها الرقصات الشعبية التعبيرية المشهورة، مثل رقصة الرزفة، والزامل، ولعبة الطبول، و (الفلكلورات) المتنوعة، بالإضافة إلى مشاركات الجاليات العربية والإسلامية وغيرها بـ (فلكلورات) بلدانهم، وتتنقل فعالياتها بين متنـزه الملك فهد، وحديقة الملك سعود، وقصر الإمارة التاريخي.
 
ج - مهرجان الطفل والأسرة:
 
تحظى برامج الطفل والأسرة باهتمام كبير ضمن فعاليات المواسم السياحية بالمنطقة؛ حيث تتنقل فعاليات المهرجان بين عدد من المواقع السياحية المهمة مثل: حصن نجران، ومتنـزه الجبل الأخضر، وحديقة غرناطة. وتتضمن فعاليات المهرجان مسابقات وعروضًا ترفيهية للأطفال والأسر، ومسرحيات هادفة يشارك فيها الأطفال. ويتضمن المهرجان أيضًا عددًا من الأنشطة النسائية، حيث ينظَّم عدد من المحاضرات الثقافية من قبل مجموعة من نساء وسيدات المجتمع السعودي المثقفات والأديبات، وعدد من الأمسيات الشعرية النسائية.
 
ومن أهم مسابقات مهرجان الطفل والأسرة مسابقة (الرسام الصغير) التي تنظمها جمعية الثقافة والفنون بالتعاون مع الأمانة العامة للتنشيط السياحي بالمنطقة. والمسابقة معدة بطريقة جذابة، وقد خصص لها مرسم مجهز بكل مستلزمات الرسم التي تستحوذ على اهتمام الأطفال، وتقدم جوائز قيمة يدعمها عدد من المؤسسات المحلية للأطفال المميزين ولأحسن لوحة يرسمها الأطفال، كما يهتم المنظمون بإعطاء الأطفال مساحة أكبر لإخراج مواهبهم وصقلها.
 
ومن المسابقات الأخرى مسابقة (أفضل طبق شعبي)، وتستمر طوال فترة المهرجان، ومسابقة (زي المرأة النجرانية القديم) للأطفال.
 
ويحظى مهرجان الطفل والأسرة بإقبال كبير؛ إذ وصل عدد المشاركين في أحد أيام المهرجان في الموسم السياحي لعام 1425هـ/2004م إلى أكثر من 3000 مشارك ومشاركة من الأطفال والأسر  . 
 
د - مهرجان الحرف اليدوية والمأكولات الشعبية:
 
بدأ نشاطه في الموسم السياحي الصيفي لعام 1425هـ/2004م بتنظيم الهيئة العامة للسياحة ورعايتها. وقد أقيمت فعالياته في قصر الإمارة التاريخي، وحظي بحضور جماهيري كبير.
 
هـ - دورة الأمير مشعل الرياضية:
 
ينظم الدورة سنويًا مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالتعاون مع نادي الأخدود الرياضي والأمانة العامة للتنشيط السياحي بنجران، وهي دورة محلية تستمر مدة شهر في عدد من الألعاب الرياضية مثل: كرة القدم، والسلة، واليد، والطائرة، وسباق الدراجات، وسباق الماراثون.
 
شارك المقالة:
46 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook