الأقاليم المناخية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الأقاليم المناخية في المملكة العربية السعودية

الأقاليم المناخية في المملكة العربية السعودية.

 
 
على الرغم من وصف مناخ المملكة بالمناخ المداري الجاف عمومًا؛ إلا أن امتدادها الطويل من الشمال إلى الجنوب واتساع مساحتها وتباين مظاهر السطح بها أكسب مناخات مناطقها المختلفة بعض الخصائص التفصيلية التي يمكن معها تقسيم المملكة إلى ثلاثة أقاليم مناخية فرعية هي:
 
أ) إقليم المناخ القاري:
 
يسود في الهضاب الداخلية، ويتسم بارتفاع درجة الحرارة صيفًا وانخفاضها شتاءً. وأمطار هذا الإقليم قليلة تسقط في فصلَي الشتاء والربيع، مع ملاحظة وجود تباينات؛ فالمعدل الحراري السنوي يتناقص من الجنوب إلى الشمال، في حين تتزايد كميات الأمطار على الترتيب في الاتجاه نفسه.
 
ب) إقليم المناخ الساحلي:
 
على الرغم من افتراض تشابه أحوال المناخ في السهلين الساحليين على البحر الأحمر والخليج العربي؛ إلا أن موقـع كـل منهما بالنسبـة إلى الكتـل الهوائية والتضـاريس المحيطـة بهما قد سجَّل فـروقًا منـاخية بينهما؛ ففي الساحل الغربي على البحر الأحمر ترتفع درجة الحرارة صيفًا، لكنه يتمتع بشتاء دافئ؛ لذلك فالمدى الحراري الفصلي فيه صغير، وأمطاره قليلة تسقط في فصلَي الشتاء والربيع على الأجزاء الوسطى والشمالية، أما الجزء الجنوبي فأمطاره صيفية. وأما السهل الساحلي الشرقي على الخليج العربي فهو مرتفع الحرارة صيفًا، شديد البرودة شتاءً بسبب تعرضه للرياح الشرقية والشمالية الشرقية؛ ما أدى إلى كبر المدى الحراري الفصلي، أما أمطاره فهي قليلة شتوية وربيعية، بالإضافة إلى كثرة العواصف الرملية.
 
ج) إقليم المناخ الجبلي:
 
وهو الإقليم المناخي الأكثر تميُّزًا، ويقتصر على مرتفعات السروات وجنوب الحجاز، فهو معتدل الحرارة صيفًا وشتاءً، وهو الأكثر أمطارًا في عموم المملكة، كما يمكن وصفه بالإقليم دائم الخضرة.
 
 

موارد المياه في السعودية

 
تُعد المملكة من الدول الفقيرة في مواردها المائية؛ فهي خالية من الأنهار والبحيرات العذبة، وأمطارها قليلة يُفقَد قسم كبير منها بسبب التبخر الشديد عقب السقوط مباشرة، في حين يجري القسم المتبقي منها على السطح منحدرًا إلى الشعاب والأودية. ويمكن حصر الموارد المائية في المملكة في أربعة أقسام هي: المياه السطحية، ومياه العيون والينابيع، والمياه الجوفية العميقة، وتحلية مياه البحر:
 
1 - المياه السطحية:
 
تتكون هذه المياه بعد سقوط الأمطار وما يعقبه من جريان سطحي للمياه في الشعاب والأودية، وفي كثير من المواقع تتجمع المياه في شبكات أحواض تصريف خارجية وداخلية:
 
أ) أحواض التصريف الخارجي:
 
تزوِّدها وديان حوض البحر الأحمر، وهي على الرغم من قصرها إلا أنها تنحدر من السفوح الغربية للمرتفعات الغربية وتصل بسرعة إلى البحر، وهي غنية بالمياه والطمي، ومن أهمها - من الجنوب إلى الشمال - أودية: جَازَان، وضمد، وصَبْيا، وبَيْش، وعتْود، وحَلِي، والليث، وفاطمة، ورابغ، والحَمْض، وعِفَال.
 
ب) أحواض التصريف الداخلي:
 
تزوِّدها شبكات كثيفة من الأودية الكبيرة كثيرة الروافد، مثل أودية: الرُّمة / البَاطِن، حَنِيفة / السَّهباء، الدَّوَاسر وروافده: تَثْلِيث، بِيشَة، ورَنْية، وتُربَة، ووادي السِّرْحَان. ونشأت على ضفاف هذه الأودية مراكز الاستقرار البشري والواحات.
ولقد أُنشئ أكثر من 237 سدًا خرسانيًا وترابيًا وركاميًا على الأودية في مختلف المناطق؛ لأغراض متعددة منها: تخزين مياه الأمطار، ثم إسالتها تدريجيًا لتغذية الطبقات المسامية أسفل السدود، ولحماية الأراضي الزراعية المنتشرة على جانبَي الأودية من أخطار الفيضانات السريعة، والمساعدة في استصلاح الأراضي القابلة للزراعة، وتوفير مياه الشرب.
 
2 - العيون (الينابيع):
 
يُطلق اسم العيون (أو الينابيع) على المواضع التي تتدفق منها المياه الجوفية تدفقًا طبيعيًا فوق سطح الأرض، ويعتمد ذلك على نفاذية الصخور ومستوى المياه. وينقسم هذا المورد المائي حسب نشأته إلى أربعة أقسام؛ هي:
 
أ) عيون الأودية الفيضية:
 
توجد في إقليم الدرع العربي، عندما تتقاطع الطبقة الحاملة للمياه مع الوديان أو الأخاديد العميقة، مما ينجم عنه كشف جانب من الطبقة تتدفق منه المياه على شكل ينابيع. وأهم ما يميز هذا النوع من الينابيع قابلية تعويض المفقود من مياهه، عن طريق الأمطار التي تعمل على رفع مستوى الماء الجوفي باستمرار. ومن أشهر هذه العيون: عين العزيزية في وادي فاطمة، وعين زبيدة في وادي النعمان.
 
ب) عيون شقوق البازلت:
 
ويوجد هذا النوع في مواقع الحرَّات، حيث تتدفق المياه إلى السطح عبر شقوق صخور البازلت، مثل: ينابيع المدينة المنورة، وخَيْبَر، والعُلا.
 
ج) عيون الانكسارات:
 
تحدث نتيجة لحركات صدوع وانكسارات في باطن الأرض، فتأتي المياه من أعماق بعيدة عن صخور القاعدة المركبة، كما في عيون منطقة جازان ومحافظة الليث اللتين تتميزان بوجود العيون الحارة التي تراوح درجة حرارتها بين 50° و 70° مئوية.
 
د) عيون الصخور الرسوبية:
 
يرتبط ظهورها بميل الطبقات الرسوبية الحاملة للمياه، فإذا كان ميل تلك الطبقات شديدًا في اتجاه معين فإنها تكوِّن حافات صخرية باتجاه ميل الطبقات، ولذلك تندفع بقوة عند أقدام تلك الحافات وفي مواقع التصاق الطبقات، مثل عيون: الخَرْج، والأفْلاج، والأحساء  . 3 - المياه الجوفية العميقة:
يحوي النطاق الرسوبي من المملكة كميات من المياه الجوفية يصل عمقها إلى مئات الأمتار في باطن الأرض، مكوِّنةً خزانات مائية كبيرة، وقد تجمعت المياه خلال العصور المطيرة التي يُؤرَّخ حدوثها بما قبل عشرة آلاف سنة، إذ كانت الأودية الكبيرة الجافة حاليًا - مثل وادي الرُّمة  ووادي الدَّوَاسر - تمثل نظمًا نهرية عظمى تجري فيها المياه، وقد تسربت مياه الأمطار عبر شقوق الصخور الرسوبية ومسامها إلى باطن الأرض، وحُفظت في طبقات رسوبية أفقية وشبه أفقية، تتخذ الشكل الحوضي المرتكز على صخور صلدة غير منفذة للمياه.
وتتميز الطبقات الحاملة للمياه بأنها تنحدر تدريجيًا من الغرب إلى الشرق، وباتساعها الأفقي الكبير. وفيما يأتي عرض لأهم التكوينات الحاملة للمياه، وتنقسم إلى تكوينات رئيسة وتكوينات ثانوية:
 
أ) التكوينات الرئيسة:
 
1) تكوين ساق:
 
من خلال (خريطة 15) يتضح امتداد هذا التكوين من أقصى شمال المملكة إلى وسطها، وهو من أقدم التكوينات الرملية التي تعود إلى الزمن الأول، وتصل المساحة المنكشفة منه إلى أكثر من 65000كم  ، وتُقدَّر كمية التغذية السنوية من مياه الأمطار بنحو 260 مليون متر مكعب، ويراوح عمر المياه بين 22 ألفًا و 28 ألف سنة. ويمكن عد هذا التكوين أهم مكامن المياه الجوفية؛ لطبيعة صخوره الرملية المسامية جيدة النفاذية، وارتكازه مباشرة على صخور الدرع العربي الصلبة، وقلة أملاحه نسبيًا، وضخامة احتياطه المؤكد البالغ نحو 50 مليون متر مكعب.
 
2) تكوين تَبُوك:
 
يمتد هذا التكوين من جنوب الحدود الأردنية وشرقها، حتى وادي الرُّمة جنوبًا؛ كما في (خريطة 16) ، ويبلغ متوسط سُمك الوحدات الرملية الحاملة للمياه 200م، ويصل في بعض المواقع إلى 1000م. ويغطي الجزء المنكشف منها مساحة تُقدر بأكثر من 100000كم  . ومياه هذه التكوينات جيدة، تراوح ملوحتها بين 400 و 600مللجم / لتر في المتوسط. وتعتمد منطقتا تَبُوك والقصيم على مياه هذا التكوين، بالإضافة إلى مياه تكوين ساق.
 
3) تكوين الوَجِيد:
 
يتكون من صخور بيضاء أو حمراء، تغطي مساحة تُقدر بنحو 20000كم  في جنوب غرب المملكة؛ كما في (خريطة 17) ، ويراوح سُمْكها بين 400 و 1000م، وتراوح أعماق المياه بين 100 و 1100م، ويُقدر عمرها بنحو 300 ألف سنة. وتقل الملوحة فيها عن 1000مللجم / لتر. وتُقدر كميات الأمطار المغذية لهذا المكمن بنحو 500 مليون متر مكعب سنويًا، ويصل الاحتياطي المؤكد من المياه في هذا التكوين إلى 69 مليون متر مكعب.
 
4) تكوينا المَنْجُور وضرما:
 
يظهر منكشف تكوين المنجور إلى الغرب من حافة طُوَيْق، على مساحة تبلغ 6500كم  ، وتتم تغطية هذا التكوين في أقصى امتداده نحو الجنوب بتكوين ضرما؛ كما في (خريطة 18) ، وكوَّن الاثنان تكوينًا واحدًا عُرف بتكوينات المَنْجُور / ضرما، ويغلب الرمل الخشن والحجر الرملي ذو النفاذية العالية على هذه التكوينات؛ لذلك فهي مشبعة بالمياه التي يراوح عمرها بين 35 و 40 ألف سنة، وتراوح نسبة الأملاح فيها بين 400 و 1500مللجم / لتر، ويصل سُمك التكوين إلى 400م تشمل طبقتين حاملتين للمياه تحت السطحية.
 
5) تكوينا البياض والوسيع:
 
يحوي تكوين الوَسيِع في صخوره الظاهرة على سطح الأرض بعض الإرسابات البحرية، أما تكوين البَيَاض فهو في مجموعه قارِّيُّ النشأة، وعلى الرغم من ذلك فإن كلا التكوينين تغلب عليه الصخور الرملية عالية النفاذية التي يمتد ظاهرها لمسافات كبيرة - كما في (خريطة 19) - تصل إلى 1000كم في الطول وعشرات الكيلو مترات في العرض؛ ولذا فكلاهما مشبع بالمياه، وغالبًا ما يتصل الخزانان ليكوِّنا مكمنًا مائيًا واحدًا يُعرف باسم تكوين البياض / الوسيع الذي يُعد من أوفر مكامن المياه في المملكة، وتراوح نسبة الأملاح في المياه بين 550 و 6000مللجم / لتر، ويُقدر عمر مياه المنكشف عند خريص شرق مدينة الرياض بنحو 16000 سنة.
 
6) تكوين أُمّ رضمة:
 
يمتد ظاهر تكوين أُمّ رضمة في حزام يبلغ طوله 1200كم، ويراوح عرضه بين 60 و 120كم (من وادي الدَّوَاسر جنوبًا إلى منطقة الحدود الشمالية شمالاً)، ثم يظهر مرة أخرى بتركيب صخري مغاير قليلاً في حوض وادي السِّرْحان من غرب عَرْعَر إلى الحدود السعودية الأردنية، ويمتد جنوبًا من تلك الحدود إلى محمية الطُّبَيق؛ كما في (خريطة 20) .
ويبلغ متوسط سُمْك تكوين أُمّ رضمة في قطاعاته الظاهرة فوق سطح الأرض نحو 250م، ويزداد إلى 700م تحت سطح المنطقة الشرقية. وتُعد نوعية المياه جيدة بالقرب من ظاهر طبقاته حيث يبلغ مجموع الأملاح الذائبة فيها نحو 1000مللجم / لتر، لكن خصائص مياهه تتدهور في الأجزاء الساحلية؛ بسبب تسرب بعض مياه الخليج إليه. وتُقدر كمية مياه الأمطار التي تغذي هذا المكمن بنحو 2405 ملايين متر مكعب سنويًا.
 
7) تكوين الدَّمَّام:
 
يظهر هذا التكوين في شرق المملكة، ويتكون أساسًا من الحجر الجيري، ويُعد هو المكمن المائي الرئيس لشرق الجزيرة العربية، وتظهر صخوره في حزام غير متصل يبلغ طوله نحو 180كم، وعرضه يراوح بين 5 و 200كم، من وادي السهباء في الجنوب إلى الحدود الشمالية؛ (خريطة 21) .
وتُعد مياه تكوين الدَّمَّام غزيرة ومتوسطة النوعية، إذ تقل الأملاح الذائبة فيها عن 2000مللجم / لتر، إلا أن ملوحتها تزداد باتجاه الساحل؛ بسبب تغلغل مياه الخليج العربي في صخور المكمن. ويُقدر عمر المياه فيه بنحو 25 ألف سنة، ويراوح سُمْك التكوين بين 50 و 70م، ويصل معدل التغذية السنوية من مياه الأمطار إلى 1601 مليون متر مكعب.
 
8) تكوينات رسوبيات عصر النيوجين:
 
تتكون أساسًا من الحجر الجيري، ويتباين سُمْك صخور هذه التكوينات بين عدد من السنتيمترات إلى 300م، وتحوي بين طبقاتها كثيرًا من أسطح التعرية التي زادت من مساميتها ونفاذيتها الثانويتين، فأصبحت تشكل أهم الخزانات المائية في محافظة الأحساء - كما في (خريطة 22) - حيث تتدفق العيون وتكثر الآبار. وتختلف نوعية المياه من مكان إلى آخر باختلاف نوعية الصخور التي تحتويها، ويراوح مجموع الأملاح الذائبة فيها بين 1000 و 4000مللجم / لتر.
 
ب) التكوينات الثانوية:
 
توجد مكامن ثانوية للمياه أغلبها صغير المخزون، لكنها قد تكون هي المكامن الوحيدة في أمكنة وجودها، وهنا تكمن أهميتها، ومنها: مكامن الجَوْف، وسكاكا، وأبي الرُّوَاث؛ وتنتشر في الأجزاء الشمالية الغربية، ومكامن خُفّ، والجِله، ومجموعات شَقْرَاء، والثُّمَامة، والعَرَمَة؛ في الأجزاء الوسطى والأجزاء الجنوبية الغربية، ومكامن الحرَّات والأودية؛ حيث تنتشر مكامن المياه في الطفوح البركانية (الحرَّات) في مساحة تزيد على 90000كم  ، مغطيةً أجزاء كبيرة من كل من: الدرع العربي، والغطاء الرسوبي في الغرب والشمال الغربي، وكذلك تنتشر المكامن في رواسب الأودية في بطون هذه المجاري المائية، حيث يصل سُمْك الرواسب إلى أقصاه  . 
 
4 - تحلية مياه البحر:
 
تُعد المياه التي تتم تحليتها عبر 30 محطة على ساحلَي الخليج العربي والبحر الأحمر أهم مصادر مياه الشرب في المملكة؛ إذ تسهم بما لا يقل عن 70% من احتياجات مياه الشرب. وتتبوأ المملكة المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج المياه العذبة من البحر، بمعدل 572 مليون جالون يوميًا، وهو ما يشكل 30% من إجمالي الإنتاج العالمي. وتخدم محطات تحلية المياه كلاً من المراكز الحضرية الساحلية والداخلية في جميع أنحاء المملكة.
شارك المقالة:
471 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook