الأسواق الشعبية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الأسواق الشعبية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الأسواق الشعبية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
تعد الأسواق (ذات الصفة المحلية) التي تعرف بالأسواق الشعبية بنوعيها: الدورية المؤقتة أو الدائمة من أهم عوامل الجذب السياحي لارتباطها بالثقافة الاجتماعية للمنطقة ومجتمعها المحلي، وارتبطت نشأة هذه الظاهرة بوجود ظروف اقتصادية وسكانية معينة مثل: الزراعة المعاشية، انخفاض مستوى دخل الفرد، وقلة كفاءة الطرق. وعلى الرغم من زوال معظم الأسباب الكامنة وراء ظهور الأسواق الشعبية في فترات تاريخية سابقة في كثير من دول العالم، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال مستمرة وفي ازدياد في المملكة العربية السعودية بصفة عامة والمنطقة الشرقية بصفة خاصة، إذ ينعقد في محافظة القطيف وحدها أربع وأربعون سوقًا دورية تخدم عشرين قرية وخمس مدن رئيسة، وتتوزع هذه الأسواق في أراضٍ سهلية لا تعترضها أي ظواهر تضاريسية وعرة؛ ما جعلها تتصف بسهولة الوصول إليها من جميع المناطق  .  كما أن ما يميز مدن محافظة الأحساء وقراها، ويجعلها في مصاف المدن والقرى السياحية في المملكة هو أسواقها الشعبية المؤقتة الفريدة بطابعها التقليدي المحببة لكل من رآها، خصوصًا أن طبيعة الأسواق الشعبية المؤقتة في محافظة الأحساء فريدة حقًا، وتكتسب هذه السمة من أشكالها، ومن بساطة الأهالي القائمين عليها الذين يمثلون بمنتجاتهم وعاداتهم وتقاليدهم المتبعة في البيع والشراء ما يعرف علميًا بالثقافة التقليدية الحية. وتعد طبيعة الباعة وغنى منتجاتهم المحلية التي تجسد بكل أنواعها تراث الأجداد من أكثر المقومات جاذبية؛ إذ إنها تجعل من هذه المواقع مراكز سياحية من الدرجة الأولى، خصوصًا أن هذه الأسواق متباينة من مدينة إلى أخرى ومن قرية إلى غيرها، وتفتح أبوابها بالتبادل على مدار أيام الأسبوع؛ ما يمكّن السائح من التمتع برؤية سوق شعبية في كل يوم والمشاركة في فعالياتها  .  ومن السلع التي تباع في هذه الأسواق الشعبية المؤقتة بكثرة: التوابل والبقول بأنواعها، الأسماك المملَّحة والمجففة، والمأكولات الشعبية كالسمن والزبد والحلويات والعطور والملابس والأواني الشعبية والتقليدية وغيرها من مختلف السلع.
 
وأسواق الأحساء الدورية (الشعبية) كثيرة ومتنوعة، حيث تنعقد في صبيحة كل يوم من أيام الأسبوع من الساعة السادسة صباحًا حتى الساعة الحادية عشرة ظهرًا سوق شعبية كبيرة، يجلب إليها سكان منطقة الأحساء من البادية والحضر وأهل القرى مصنوعاتهم وحيواناتهم ومحصولاتهم المحلية والمستوردة ويعرضونها للبيع.
 
والأسواق الشعبية الأسبوعية (المكشوفة) في الأحساء هي أسواق متنقلة على مستوى المحافظة تباع فيها مختلف الأغراض، وتتم فيها المقايضة بين أهل البادية وأهل الحاضرة، وتشتمل على عدد من المعروضات منها: الصناعات اليدوية، المحصولات الزراعية، وبعض أنواع المنسوجات، وتعد سوق الخميس  التي تقام في مدينة الهفوف أشهرها؛ إذ تتميَّز بتنوع معروضاتها من خضراوات وسلع ومواد غذائية وأدوات منـزلية وجميع ما يحتاج إليه المتسوقون. وكذلك سوق الأربعاء التي تقام في مدينة المبرز، حيث تحتوي على المواد الغذائية المختلفة والمحصولات الزراعية، وهي سوق مماثلة لسوق الخميس  .  وهذه الأسواق الدورية (الشعبية) يبينها (جدول 4) .
 
أما أسواق الأحساء الشعبية الدائمة فهي: سوق المواشي والحراج في الجنوب الغربي للأحساء على طريق الرياض وعلى بعد 3كم من الهفوف، وسوق الجمال التي تقع بجانب مدخل الأحساء، وتقام كل يوم خميس، حيث تتوافد عليها جموع مختلفة من الناس، خصوصًا ممن لهم اهتمام بمزايين الجمال، وأسواق الخضار والفاكهة واللحوم والسمك بالهفوف والفاضلية والسلمانية والعويمرية والرقيقة والصالحية والمبرز والجلعة والحزم والمسعودي والعيون والقارة والعمران والرميلة والجفر والمنصورة، إضافة إلى سوق التمور بالمبرز وزيقجان بالهفوف  
 
ومما يؤهل وسط مدينة الهفوف ليكون واحدًا من أهم المواقع السياحية بمحافظة الأحساء أسواقه التقليدية الدائمة مثل: سوق اللحم، وسوق الدهن إلى الجنوب من الحميدية، وإلى جانبه سوق الصاغة  ،  وسوق الحدادين والصفارين وسوق النجاجير (النجارة) وسوق الأسلحة، وسوق البسط، وسوق البدو.
 
أما المحال المتنقلة أو غير الثابتة - وهي التي تقام يوم الخميس وتعرف باسم سوق الخميس والتي تقام حاليًا في شرق الهفوف وعند سوق الخضار المركزية - فتمثل مناخًا ملائمًا لعرض المنتجات المعمولة طوال أيام الأسبوع، إضافة إلى تمكين المشتري من شراء أغراضه دفعة واحدة، وعلى الرغم من وجود سوق أخرى مشابهة تظل سوق الخميس المنتدى الأول لعموم الأحسائيين وغيرهم، ويباع في هذه المحالّ القحفيات والصنادل والبضائع الغذائية والأدوات الزراعية والخبز، أما البدويات اللائي يبعن الصوف والملابس فينصبن أبسطتهن في ميدان الحميدية، وتباع الأدوات الفخارية شمال دروازة الخباز بالقرب من سوق التمر القديمة أو سوق السمك الحالية، كما تباع البهائم والسلال في ميدان الخميس وخارج الدروازة، ويستظل الباعة في سوق الخميس بالعماريات المصنوعة من السماط والخيش، وتباع في هذه السوق إضافة إلى المنتجات المحلية: البضائع والأدوات المستوردة كالعطور والبسكويت والساعات والسمك المجفف  
 
إن هذه الأسواق - على اختلاف أشكالها وتنوع منتجاتها وتباين مواقعها - لتعد بحق المرآة التي تعكس جزءًا مهمًا من تراث وثقافة المنطقة الشرقية، وهي تشكل منظومة ثقافية متكاملة أضفت على وسط مدينة الهفوف التجاري السمة السياحية، فجميع المحال التجارية في هذه الأسواق كانت وما زالت هدفًا ومقصدًا لكل أبناء محافظة الأحساء وللزوار القادمين من خارج المنطقة  
 
وتعد تنانير الخبز الشعبي المنتشرة في المنطقة الشرقية بصفة عامة ومحافظة الأحساء بصفة خاصة من مقومات الجذب السياحي بأشكالها وبتصميماتها المعمارية الداخلية، وكذلك أشكال وأنواع الخبز المنتجة التي تعكس نوعًا وشكلا مهمًا لتراثنا الشعبي الأصيل، وتنتشر كذلك دكاكين صناعة المأكولات والحلويات الشعبية في بعض الشوارع والأزقة الضيقة بحي الرفعة القديم بوسط مدينة الهفوف حيث الكثافة السكانية المرتفعة ما جسد في هذه الشوارع والأزقة الحيوية الحياة الشعبية بأفضل صورها وأشكالها، ووسم هذه الأمكنة بالسمة السياحية التقليدية المميزة بالمنطقة الشرقية. ومن الملاحظ أن معظم هذه المأكولات والحلويات الشعبية تصنع في البيوت بوساطة بعض الأسر، ثم تعرض للبيع في الأسواق والدكاكين، إلا أن بعض هذه المأكولات والحلويات ما زالت تصنع داخل بعض الدكاكين بالطرق والوسائل التقليدية، مثل الكبة الشعبية الحساوية والمشبك والحلاوة الحساوية، ولعل طريقة صنع هذه المأكولات ومراحل إنتاجها المتنوعة والطويلة من أهم عوامل الجذب السياحي، حيث تظهر مهارات الصانع وحركاته وأدوات ومراحل الصنع بوضوح أمام أعين الزوار وهذا ما يعرف علميًا بالتراث غير المادي  
 
وتعد سوق السمك الشعبية بتاروت التابعة لمحافظة القطيف - من المنظور السياحي - واحدة من أكثر الأسواق الشعبية جذبًا للزوار سواء لشراء أو لمشاهدة أنواع السمك، أو لمراقبة عمليات الدلالة على السمك التي تتم بشكل تقليدي مميز وجذاب تعارف عليه الأهالي والصيادون وتوارثوه جيلا بعد جيل.. إن حركة الصيادين والبائعين والمشترين والدلالين في السوق تعد في حد ذاتها من الأمور المشجعة واللافتة للنظر والجذابة  .  وتبلغ مساحة السوق نحو 20 ألف متر مربع، يحيط بها شارع نافذ من جهتي الشمال والشرق، وشارع بدر من الجنوب وشارع الفتح من الغرب  
 
وتعد المنطقة الشرقية من أهم مناطق المملكة العربية السعودية التي تمركزت فيها أنواع متعددة من المنتجات الحرفية لتوافر الخامات الأولية بعدد من المواقع في المنطقة، إضافة إلى طبيعة الأنشطة الاقتصادية التي تتم مزاولتها في المنطقة مثل الأنشطة التي تتعلق بالزراعة، والتجارة، وصيد الأسماك، والغوص لجمع اللؤلؤ، وغير ذلك من الأنشطة التي يعتمد عليها معظم فئات السكان في المنطقة الشرقية، ورغبتهم في مزاولة الحرف اليدوية التي اكتسبوا إتقانها بالوراثة من أجدادهم جيلا بعد جيل، وكان ذلك سببًا رئيسًا في بقاء واستمرار العمل فيها؛ إذ تجد لها مكانًا مرموقًا في الأسواق الشعبية لتصريفها، وذلك بتنظيمها في الأمكنة التي يرتادها زوار المنطقة من السياح وغيرهم، بحيث يستمتع السائح بمشاهدة الحرفيين وهم يزاولون العمل المهني بصورة مباشرة؛ ما يزيد من رغبته في اقتناء بعض المنتجات الحرفية من ناحية، ويزيد حماس الحرفي في مزاولة نشاطه من ناحية أخرى، وذلك لشعوره أن هناك من يستمتع برؤيته أثناء عمله، إضافة إلى المكاسب المادية التي يحصل عليها من بيع منتجاته.
 
ويعد الموقع الجغرافي لمعظم محافظات المنطقة الشرقية، خصوصًا محافظة الأحساء وغيرها من المحافظات المحاذية للخليج العربي التي يعتمد عليها كثير من سكان دول الخليج عند رغبتهم في التسوق واقتناء المنتجات الحرفية وغيرها من المقتنيات التراثية المعروضة في الأسواق الشعبية  
 
وتعد سوق الخميس بمحافظة القطيف من الأسواق الشعبية المشهورة والقديمة، وتقع على مساحة 60 ألف متر مربع، ويحدها شارع الخليفة عمر من الشمال، وشارع الملك فهد من الجنوب، وشارع الملك فيصل من الغرب، وشارع نافذ من الشرق، وهي سوق لعرض المنتجات المتنوعة؛ الشعبية والحديثة، المحلية والمستوردة، رخيصة السعر والمتوسطة  . 
 
وتوجد في مدينة ابقيق سوق شعبية مشهورة تدعى سوق (أبو مية) التي تغنيك عن الأسواق التي تبيع بأسعار باهظة الثمن، كما يوجد سوق السبت التي تبدأ من بعد صلاة الجمعة وتستمر حتى انتهاء يوم السبت، وتقع هذه السوق الأسبوعية خلف ثانوية ابقيق في حي المطار، وأهم ما يميزها أنها تجمع ما بين الماضي والحاضر.
 
شارك المقالة:
166 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook