يعدّ احترام الكبير من القيم المهمة التي تحفظ حياة المجتمعات، وتجعلها أكثر نظاماً وقوّةً؛ لذلك حثّ الإسلام في تربية الصغار على احترام الكبار وتقديرهم، ويُعرّف التّوقير في الإسلام بأنّه الاحترام والإجلال لمن هم أكبر سنّاً، وتوقير الكبير لا يقتصر على كبير السنّ فقط، وإنما يشمل كبير السن ذي المنزلة الأدنى، وكبير المنزلة والمكانة حتى لو كان صغيراً في السن، سواء أكانت تلك منزلة دينيّة أو علميّة أو منزلةً عشائرية استحقّها بحكمته وفطنته.
حثَّ الإسلام على حُسن معاملة الكبير والاهتمام به من خلال احترامه وتوقيره وتقديمه في الكثير من الأمور والأعمال، ومن ذلك ما جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه الترمذي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (ليس منا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صغيرنا ويوَقِّرْ كبيرنا ويأمُرْ بالمعروفِ وينْهَ عنِ المنكَرِ)ويظهر ذلك التوقير والاحترام في العديد من الجوانب العملية والممارسات الحقيقية في حياة الفرد المسلم، وقد دعا الإسلام من خلال النصوص الصحيحة في الحديث النبوي أو من خلال الحث العملي على احترام الكبير وتوقيره وطبَّق ذلك في عدة مجالات من أمور الحياة
إنّ تقبيل يد الكبير يدلُّ على احترامه وقيمته عند قومه وعشيرته، وأنّه يَنزَل منزلته الصحيحة عندهم، ويُشترط في تقبيل يد الكبير أمران هما:
روى شهاب بن عباد أنّه سمع بعض وفد عبد القيس وهم يقولون: (قَدِمْنا على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاشتَدَّ فَرَحُهم بنا، فلما انتهَينا إلى القومِ أوسعوا لنا فقَعَدْنا فرَحَّبَ بنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ودعا لنا، ثم نظر إلينا فقال: من سَيِّدُكم وزعيمُكم؟ فأشرنا جميعًا إلى المنذر بن عائذ، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أهذا الأشَجُّ؟ فكان أوَّلَ يومٍ وُضِعَ عليه هذا الاسمُ، يضرِبُه بحافرِ حِمارٍ، قلنا: نعم يا رسولَ اللهِ، فتخلف بعد القَومِ، فعقل رواحِلَهم وضَمَّ متاعَهم، ثم أخرج عيبَتَه فألقى عنه ثيابَ السَّفَر ولَبِسَ مِن صالحِ ثيابِه، ثمَّ أقبَلَ إلى النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد بسَطَ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رِجْلَه واتَّكأَ، فلما دنا منه الأشَجُّ أوسع القومُ له وقالوا: هاهنا يا أشَجُّ، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- واستوى قاعدًا وقبض رِجْلَه-: هاهنا يا أشَجُّ، فقعد عن يمينِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرَحَّبَ به وألطَفَه).