إمارة العصفوريين بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
إمارة العصفوريين بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية

إمارة العصفوريين بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية.

 

استقرار بني عامر في المنطقة وعلاقتهم بالقرامطة

 
ينتسب العصفوريون الذين حكموا بلاد البحرين خلال القرنين السابع والثامن الهجريين إلى قبيلة بني عامر التي أشارت إليها معظم المصادر على أنها كانت تمتلك زمام السلطة في بلاد البحرين خلال تلك الفترة  .  تنتسب قبيلة بني عامر إلى عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العدنانية، وكانت بلاد البحرين من الأمكنة التي استقرت فيها هذه القبيلة بعد أن غادرت موطنها في نجد أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)  .  وقد جاورت القبيلة قبائل أخرى سبقتها إلى المنطقة، مثل: عبد القيس، وتميم، وبكر بن وائل، وبني سليم  
 
ارتبطت قبيلة بني عامر - كما سبق - بعلاقة تحالف مع القرامطة نتيجة التوافق في المجالات السياسية والاقتصادية، إذ أتاح هذا التحالف لبني عامر فرصة الكسب المادي، والنفوذ السياسي، فيما اعتمد القرامطة على بعض قبائل بلاد البحرين، ومنها: قبيلة بني عامر لتوسيع نطاق نفوذهم السياسي والعسكري، حيث هاجموا بدعمها مناطق واسعة في الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر، وحقق هذا التحالف للطرفين فوائد مادية وسياسية واضحة  .  أما علاقة القبيلة بالعيونيين فقد اتسمت في البداية بالتوتر، إلا أن قبيلة بني عامر نجحت فيما بعد في فرض نفوذها الاقتصادي والسياسي على العيونيين وبلاد البحرين  
 

قيام إمارة العصفوريين

 
أدى التمزق والضعف الذي حدث في الإمارة العيونية إلى حالة من القلق لدى أعيان بلاد البحرين، وبخاصة في الأحساء عندما أدركوا تمام الإدراك عجز الحكام العيونيين عن حمايتهم الأمر الذي قد يعرض مصالحهم التجارية وأموالهم للخطر من قِبل قبيلة بني عامر؛ لذا سارعو إلى كسب رضاهم، حيث أخذ أغنياء الأحساء وبخاصة أعيانها، يتسابقون إلى إرضاء بني عامر بالأموال والهدايا، ويقيمون معهم صلات شخصية وثيقة، بل ويتحالفون معهم ضد العيونيين، وكان من بين هؤلاء إبراهيم بن عبد الله بن أبي جروان أحد أبرز أعيان الأحساء وأثريائها  .  ونتيجة لتدهور الأوضاع في الأحساء فقد اتفق معظم أعيان الأحساء على تسليم السلطة في البلاد إلى زعيم بني عامر الشيخ عصفور بن راشد بن عميرة، فاتصلوا به واتفقوا معه على خطة يقوم بموجبها بمحاصرة الأحساء على أن يقدم أعيان الأحساء الدعم له بالتخلي عن الأمير العيوني وإقناعه بعدم جدوى مواجهة بني عامر، بل يحاول استرضاءهم وفتح أبو اب الأحساء لهم. وقد اشترط زعماء الأحساء في حالة نجاح الخطة أن يكتفي الشيخ عصفور بن راشد بالاستيلاء على أملاك الأسرة العيونية وألا يتعرض لغيرها من الممتلكات. نجحت الخطة وقبض على الأمير العيوني مقدم بن غرير بن الحسن ثم طرد من الأحساء وتم الاستيلاء على أمواله وأموال أسرته، وبذلك استولى بنو عامر على السلطة في الأحساء، وأنهوا حكم الأسرة العيونية فيها في حدود العقد الثاني من القرن السابع الهجري  
 
قام الشيخ عصفور بن راشد باتخاذ إجراءات لحماية الأحساء من الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها من بقايا الأسرة العيونية التي ما زالت تحكم القطيف وأوال، ومن هذه الإجراءات أنه أقام صلات طيبة مع مملكة جزيرة قيس كما يفهم من كلام ابن المجاور  ،  ومن وصف أحد المؤرخين للأمير عصفور بأنه مقدم أمراء الملك جمشيد ملك جزيرة قيس  .  ولم توضح المصادر الظروف السياسية لانتقال السلطة في القطيف إلى العصفوريين غير أن ذلك تم بعد رحيل محمد بن محمد بن ماجد في حدود سنة 631هـ / 1233م إلى جزيرة أوال، حيث اقتصر حكمه على تلك الجزيرة منذ ذلك الوقت  .  وقد سيطر عليها أبو عاصم بن سرحان بن محمد بن عميرة بن سنان   أحد شيوخ بني عامر الذي يلتقي مع الشيخ عصفور في عميرة. إلا أن المصادر لم توضح إن كان أبو عاصم يحكم القطيف بصفته نائبًا عن قريبه عصفور أم مستقلاً عنه تمام الاستقلال، علمًا أن الصلة كانت وثيقة بينهما، وأن الشيخ عصفورًا كانت المنطقة تعترف بزعامته، ويستدل من الأحداث التي تلت مقتل أبي عاصم أن الشيخ عصفورًا أخذ يحكم القطيف من دون معارضة. حتى تمكن بنو عامر في حدود نهاية العقد الثالث من القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي من بسط سيطرتهم على معظم بلاد البحرين باستثناء جزيرة أوال، كما امتدت سيطرتهم أيضًا إلى اليمامة وعُمان  .  ويشير النص التالي الذي أورده ابن سعيد المغربي إلى مدى نفوذ بني عامر في بلاد البحرين واليمامة، إذ يقول: "وملكوا أرض اليمامة من بني كلاب، وكان ملكهم فيها لعهد الخمسين والستمئة عصفور وبنوه"  
 
شارك المقالة:
65 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook