إمارة آل رشيد في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 إمارة آل رشيد في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

 إمارة آل رشيد في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية.

 
أ - الأمير محمد بن رشيد:
 
تعد عودة محمد بن رشيد من الرياض بداية النهاية لحكم بندر بن طلال، وقد تعددت الروايات واختلفت المصادر حول تفاصيل الأحداث التي أدت إلى مقتله. بدأ الخلاف كما أشرنا سابقًا بتجدد الخلاف بين الأمير بندر بن طلال وإخوته من جانب وعمهم الأمير محمد بن رشيد من جانب آخر. وكان عام 1289هـ / 1872م عام قحط ومجاعة انتشرت في نجد بشكل عام وفي حائل بشكل خاص، ولتخفيف هذه الضائقة خرج محمد بن رشيد بصفته أميرًا للقوافل إلى العراق، واستأجر جمالاً لحمل الطعام إلى حائل، ومن بينها جمال من قبيلة الظفير. كان محمد بن رشيد يعلم جيدًا أن قبيلة الظفير على علاقة عدائية مع الأمير بندر، وأنه لا يسمح بالتعامل معها، ولكننا لا نعلم إذا ما كان مضطرًا إلى ذلك، بسبب ظروف المجاعة والحاجة إلى الجمال لنقل الطعام، أم أنه كان ينوي استثارة الأمير لكي ينفذ خطة مبيتة. فتقدم محمد بقافلته حتى اقترب من حائل حيث قابل الأمير بندر، وأخبره بأمر الحملة وقال له: "يا طويل العمر جبت الظفير بوجهي" (أي أحضرتهم بعد أن أعطيتهم الأمان)، فرد عليه: "ما لك وجه" (أي ليس من حقك إعطاء الأمان). فأخذا يتبادلان الكلام والمجادلة حتى استشاط الاثنان غضبًا، ولكن محمدًا كتم غيظه وأحكم خطته، فبينما هما عائدان إلى حائل بعد صلاة العصر احتال بالأمير بندر وأرداه قتيلاً. كان محمد بن رشيد على وفاق مع حمود بن عبيد الرشيد، وبعد أن دخلا البلد، وجمعا أنصارهما نشبت معركة مع إخوة الأمير القتيل الذين تحصنوا وأنصارهم واستمرت المعركة إلى ما قبل الصباح، وقد انضم أهل البلد إلى صف محمد. ونتيجةً لذلك ضعف موقف إخوة الأمير بندر، فاضطروا إلى مغادرة قصر برزان، وتمت ملاحقتهم، وقتلهم ما عدا نايف؛ وهو أصغرهم  
 
وبتسلُّم الأمير محمد بن عبدالله بن رشيد زمام الأمور في حائل سنة 1289هـ / 1872م دخلت المنطقة مرحلة جديدة من تاريخها لم يقتصر تأثيرها على حدودها فحسب، بل تعداها إلى ما جاورها من المناطق. ففي بداية الأمر واجهته مشكلتان محليتان: الأولى مشكلة أبناء جبر الرشيد، وقد تمكن من الاحتيال عليهم والقضاء على بعضهم في حين هرب بعضهم الآخر إلى بلدة قفار المجاورة، أما المشكلة الثانية فهي مشكلة موالي آل رشيد الذين تنامى دورهم في عهد محمد بن رشيد، فمنهم أمراء المناطق، ومنهم المبعوثون السياسيون حتى أنه كان يسند شؤون حائل إلى أحدهم في حال غيابه. ونتيجةً لهذه المكانة السياسية التي حظوا بها ظن الموالي أن بإمكانهم الاستيلاء على السلطة، لذا قرر مجموعة من موالي الأمير محمد بن رشيد اغتياله وضربوا موعدًا لذلك، ولكن أحدهم أفشى الخطة لسيده الذي ألقى القبض عليهم وقتلهم  .  وبعد أن تخلص الأمير محمد بن رشيد من هذه المشكلات التي هددته في بداية الأمر، تفرغ ليحكم ويتوسع مستغلاً الظروف الصعبة التي مرت بها الدولة السعودية الثانية.
 
في العام الذي وصل فيه الأمير محمد بن رشيد إلى الحكم في حائل كان النـزاع بين أبناء الإمام فيصل بن تركي قد وصل إلى درجة خطيرة، وخصوصًا بعد معركة (جودة) وما تلاها من أحداث أدت إلى خروج الإمام عبدالله بن فيصل من الرياض، وكذلك استيلاء العثمانيين على الأحساء  .  وكان الأمير محمد بن رشيد يطمح إلى الاستيلاء على منطقة نجد كلها، فبدأ بإعادة سيطرة حائل على منطقة الجوف بعد أن عقد اتفاقًا مع الدولة العثمانية. كما ركز جهوده بعد ذلك على تيماء وخيبر والعلا واستولى عليها، ثم وجه أنظاره إلى منطقة وادي السرحان، ومد نفوذه شمالاً حتى وصل إلى تدمر وحدود حوران في سورية  
 
لاحت الفرصة لمحمد بن رشيد ليتوسع جنوبًا عندما حصل خلاف في القصيم بين آل أبي عليان أمراء بريدة سابقًا، وآل مهنا أمرائها من قبل الدولة السعودية الثانية، حيث قتل مهنا أبا الخيل سنة 1292هـ / 1875م، فرد ابنه حسن بمهاجمة آل أبي عليان، وتولى الإمارة خلفًا لوالده. وكتب حسن بن مهنا إلى الإمام عبدالله بن فيصل في الرياض شاكيًا فعل آل أبي عليان، ولكن أمير عنيزة تمكن من إقناع الإمام بالتدخل لصالح آل عليان. وفي ظل هذه الظروف اضطر حسن بن مهنا إلى طلب المساعدة من أمير حائل، وتعاهدا على ذلك، فعندما جاء الإمام عبدالله بقواته إلى عنيزة لمساعدة آل أبي عليان، برزت قوة التحالف بقدوم محمد بن رشيد إلى بريدة في الوقت الذي تأخر فيه أنصار الإمام عن القدوم؛ مما أضعف موقفه، فأقلع عن فكرة الهجوم. وبعد أن تم الصلح بين الطرفين عاد كل من ابن رشيد والإمام عبدالله إلى قاعدة حكمه  ،  ولكن هذا الصلح بقدر ما أظهر القوة الجديدة في حائل، فقد كشف مدى الضعف الذي وصلت إليه الدولة السعودية الثانية.
 
تجرأ حسن بن مهنا مدفوعًا بتحالفه مع ابن رشيد على مهاجمة المناطق التابعة للإمام عبدالله، إذ أرسل سرية أغارت على شقراء سنة 1294هـ / 1877م، كما خرج في العام نفسه بصحبة حليفه محمد بن رشيد، وأغارا على قبيلة عتيبة، واستولى على محصولات بلدة أشيقر، ولم يقف زحف ابن رشيد جنوبًا عند هذا الحد بل تكرر مشهد القصيم في إقليم سدير، حيث توغل إلى المجمعة، وعقد مع أهلها حلفًا دفاعيًا، ولهذا عندما جاء الإمام عبدالله لمحاربتها وحاصرها سنة 1299هـ / 1881م استنجدت بابن رشيد الذي قدم مع حليفه ابن مهنا؛ ما جعل الإمام يفك الحصار عن البلدة، ويعود إلى الرياض، في حين دخلها ابن رشيد، وعين سليمان بن سامي قائدًا لحاميتها  .
 
وفي العام التالي حاول بعض أنصار الإمام عبدالله التصدي لتوسع ابن رشيد الذي سار مع حليفه حسن بن مهنا إلى عالية نجد، حيث التقى الجمعان في معركة عروى (مورد ماء)، ولكن الدائرة كانت على أنصار الإمام، إذْ لم يطق الإمام عبدالله أن يرى دولته تتفكك، فخرج سنة 1301هـ / 1883م على رأس جيش لاستعادة نفوذه على المجمعة، فهب ابن رشيد وابن مهنا لنجدتها، ودارت بين الفريقين معركة في أم العصافير، انتصر فيها ابن رشيد ومن معه مثبتًا مركزه في إقليمي سدير والوشم، إذ عين في كل بلدة أميرًا من قبله. وبعد هذه التحركات اتضحت سياسة ابن رشيد التوسعية، أو كما قال ابن عيسى: "وطمع بعد هذه الوقعة في الاستيلاء على مملكة نجد، وأطمع أهل المقاصد والأغراض في ذلك، وأخذ يكاتب رؤساء البلدان ويبذل فيهم المال"  
 
أدرك الإمام عبدالله بن فيصل خطورة الوضع، فأرسل أخاه محمدًا إلى حائل للتفاوض مع ابن رشيد، وتمخضت المفاوضات عن تخلي الأخير عن كل البلدان التي دخلت تحت نفوذه في سدير والوشم باستثناء المجمعة. وقد كان ذلك تصرفًا ذكيًا من ابن رشيد الذي كان يعلم أن أمراء تلك البلدان لن يتعاونوا مع الإمام عبدالله. ثم أخذت الأحداث في التسارع حيث قدم أبناء الإمام سعود بن فيصل، وقبضوا على الإمام عبدالله وسجنوه واستولوا على الحكم في الرياض سنة 1305هـ / 1887م  
 
وفي ظل هذه الظروف، وجد الإمام نفسه مضطرًا إلى طلب المساعدة من ابن رشيد الذي استغل الفرصة، فأسرع مع حليفه ابن مهنا، وضرب حصارًا على الرياض حتى أُفرج عن الإمام. وبعد أن عين على الرياض أميرًا عاد إلى حائل، وبصحبته بعض من آل سعود، وعلى رأسهم الإمام عبدالله وأخوه عبدالرحمن، وبهذا أصبحت العاصمة السعودية تحت نفوذ ابن رشيد. كما قام أميره على الرياض بقتل ثلاثة من أبناء الإمام سعود بن فيصل في الخرج، وفي هذه المرحلة شعر ابن رشيد أنه لم يعد بحاجة إلى تحالف ابن مهنا الذي رأى أنه عقبة في طريق تحقيق طموحه بالاستيلاء على نجد كاملة. فتصادمت المصالح وبدأت العلاقات تسوء بين الطرفين؛ ما جعل القصيم تعود لتتحد مرةً أخرى، حيث تحالف ابن مهنا مع أمير عنيزة زامل بن سليم  
 
من ناحية أخرى أذن ابن رشيد للإمام عبدالله وأخيه عبدالرحمن بالعودة إلى الرياض سنة 1307هـ / 1889م، وكان الإمام مريضًا فتوفي بعد يومين من وصوله، وتولى الإمامة أخوه عبدالرحمن. حاول الإمام عبدالرحمن توسيع نفوذه في الرياض، فاصطدم مع عامل ابن رشيد، فاحتال عليه، وقبض عليه مع بعض رجالاته، وأودعهم السجن، ما دفع ابن رشيد إلى القدوم مسرعًا على رأس جيش كبير، وبعد حصار المدينة نحو أربعين يومًا، توصل الطرفان إلى أن يكون الإمام عبدالرحمن إمامًا في العارض، ويفك أسر من عنده من أتباع ابن رشيد في مقابل انسحاب ابن رشيد، وأن يطلق سراح من عنده من آل سعود في حائل. وبعد هذه التدخلات في شؤون الرياض، وما بقي بها من أثر للحكم السعودي، أدرك ابن رشيد أن ليس هناك ما يحول بينه وبين تحقيق طموحه في الاستيلاء على نجد كلها سوى تحالف القصيم. وبعد شهر من عودته إلى حائل جمع قواته، وزحف إلى القصيم، حيث التقى الطرفان في القرعاء سنة 1308هـ / 1890م. في بداية الأمر كانت الغلبة لأهل القصيم، ولكن بعد مرور عشرة أيام انسحب ابن رشيد من ذلك الموقع؛ ليستدرجهم إلى أرض المليداء الصالحة لكر الخيل وفرها، ودارت هناك معركة شرسة انتصر فيها ابن رشيد، وقتل أناسًا كثيرين من أهل القصيم، ومنهم أمير عنيزة زامل السليم، أما حسن بن مهنا فقد جرح، وأُخذ أسيرًا إلى حائل. وتعد معركة المليداء من المعارك الفاصلة في تاريخ الجزيرة العربية، إذ حققت سيادة ابن رشيد على منطقة القصيم المهمة حيث أقر الأسر الحاكمة هناك على إماراتها ما عدا مدينة بريدة التي جعل عليها حسين بن جراد أميرًا من قبله  
 
كان التغير في العلاقات بين ابن مهنا وابن رشيد قد جعل موقف القصيم أقرب إلى موقف الإمام عبدالرحمن بن فيصل في الرياض، ونتيجةً لذلك فعندما سمع بمسير ابن رشيد خرج على رأس جيش لنجدة أهل القصيم وفي الطريق وصلته أخبار معركة المليداء، فعاد إلى عاصمته، وأخرج أسرته منها إلى البادية، وبهذا أصبحت هذه المنطقة تحت سيطرة ابن رشيد. وفي العام التالي قدم إبراهيم بن مهنا على رأس جيش إلى الإمام عبدالرحمن، وشجعه على العودة، حيث تمكن من انتزاع الدلم من رجال ابن رشيد، ثم تقدم إلى الرياض، ودخلها دون قتال. ولكن ابن رشيد عندما سمع بتلك التطورات جاء مسرعًا من حائل، والتقى الطرفان في موقعة حريملاء التي هزم فيها الإمام عبدالرحمن، وقتل إبراهيم بن مهنا، وكانت بمنـزلة إعلان نهاية الدولة السعودية الثانية. حيث تقدم ابن رشيد بعد ذلك إلى الرياض، وأمر بهدم سورها، وجعل فيها أميرًا من قبله معلنًا بذلك سيطرته على منطقة نجد كلها  
 
عاد الأمير محمد بن رشيد بعد تلك الانتصارات المهمة إلى عاصمته حائل التي أصبحت محط الأنظار فازدادت أهميتها السياسية والاقتصادية إبان ما تبقى من سنوات حكمه. وكان تعامل ابن رشيد مع البادية لا يخلو من القسوة، فهو يرى أن الظلم يقع من البدو على الحاضرة، وقد نجح في توطيد الأمن، وإنـزال العقاب الصارم بمن يتعرض لقوافل التجارة أو الحجاج. كما تغاضى عن عادة الغزو بين القبائل البدوية شريطة أن يدفعوا له ضريبة الغزو وهي: الفرس الأصيلة، والعبد، والذلول النجيبة. أما الزكاة فقد كان يجمعها من البادية والحاضرة على حد سواء، والقبيلة التي تمتنع عن دفع الزكاة يقوم بغزوها. وقد سعى ابن رشيد إلى توسيع نطاق إمارته التي أصبحت تمتد من أطراف العراق إلى مشارف الشام، ومن نواحي المدينة إلى قرب الأحساء وإلى أقصى جنوب نجد. فوثّق علاقته مع الدولة العثمانية التي منحته الوسام المجيدي بعد توليه الإمارة، وقد شهد عهده تعاونًا واعترافًا بسلطة الدولة العثمانية، وعند المواسم يُنادى في سوق حائل: بأن الولاية فينا لعبدالحميد   (أي للسلطان عبدالحميد الثاني).
 
ب - الأمير عبدالعزيز بن متعب ابن رشيد:
 
وبعد حكم استمر ستة وعشرين عامًا توفي الأمير محمد بن رشيد في حائل سنة 1315هـ / 1897م متأثرًا بداء ذات الجنب، ولم يخلف عقبًا، فانتقلت السلطة إلى ابن أخيه عبدالعزيز بن متعب بن رشيد. وعلى خلاف المرات السابقة ففي هذه المرة يبدو أن مرض محمد بن رشيد قد أعطى الفرصة لترتيب انتقال السلطة مسبقًا، بدليل أنه أوصى ابن أخيه بعدة وصايا، إذ حذره من العصبية القبلية، وعدم التعرض للكويت، وفتح البلاد أمام أهل القصيم للتجارة، والتشدد في معاملة البادية. ومما يدلُّ على توجه الحاكم الجديد واستمراره على نهج سلفه في تعامله مع الدولة العثمانية، إرسالُ الأمير عبدالعزيز بن متعب رسالة إلى السلطان عبدالحميد الثاني يبلغه بوفاة عمه وبتسلمه منصب الإمارة في حائل  
 
كان الأمير عبدالعزيز بن متعب شجاعًا وفارسًا مغوارًا، ولكن كانت تنقصه الحنكة والبراعة السياسية التي تميز بها سلفه، فبدأت الإمارة تضعف، وخصوصًا بعد استعادة الملك عبدالعزيز للرياض سنة 1319هـ / 1902م، فكان أسلوبه في الحكم يتسم بالشدة.
 
أخذ الأمير عبدالعزيز بن متعب ينظر إلى الكويت مدفوعًا برغبته في اتصال بلاده بالبحر؛ ما أدى إلى تورطه في خلاف الشيخ مبارك بن صباح مع أبناء أخويه وخالهم الثري يوسف بن إبراهيم الذي لجأ إلى حائل. كان رد الشيخ مبارك على هذا التهديد أن عقد معاهدة حماية مع بريطانيا. ولتخفيف الضغط على الكويت ساند مَن عنده من آل سعود وآل مهنا وآل سليم في مهاجمة المناطق الخاضعة لحكم ابن رشيد. وهكذا تلاقت المصالح بين مناوئي ابن رشيد والشيخ مبارك الذي حشد جيشًا كبيرًا ناهز عدده عشرة آلاف مقاتل، وقد خرج معه من الكويت الإمام عبدالرحمن بن فيصل وابناه عبدالعزيز ومحمد وزعماء من آل سليم وآل مهنا، أسرتي الإمارة في عنيزة وبريدة. وهكذا سار ذلك الجيش الجرار صوب نجد حتى وصل قرب الرياض، وفي محاولة لتشتيت جهود ابن رشيد انقسم الجيش إلى قسمين: سار الأمير (الملك فيما بعد) عبدالعزيز على رأس قوة إلى الرياض، وتمكن من دخولها وحصار حامية ابن رشيد فيها حتى جاءته أخبار معركة الصريف. أما القسم الأكبر من الجيش فقد سار بقيادة الشيخ مبارك الصباح إلى القصيم، حيث تمكن آل سليم من دخول عنيزة، كما تمكن آل مهنا من دخول بريدة. من ناحيته كان ابن رشيد يرصد تحركات جيش الكويت وأحلافه فتقدم على رأس جيشه ليلتقي الجيشان في الصريف سنة 1318هـ / 1901م حيث انتصر ابن رشيد انتصارًا عظيمًا، ثم تتبع فلول المنهزمين حتى كاد يبيدهم جميعًا. وعاد مبارك إلى الكويت وانسحب آل مهنا من بريدة، وآل سليم من عنيزة، أما الإمام عبدالرحمن فقد سار إلى الرياض حتى اقترب منها، ثم أرسل إلى ابنه عبدالعزيز يخبره بنتيجة معركة الصريف، حيث انسحب الجميع عائدين إلى الكويت  
 
ولم يكن ابن رشيد حكيمًا في تعامله مع الناس بعد انتصاره الحاسم في الصريف، فدخل بريدة، ونكل بعدد من زعماء البلدان، وصادر أموالاً من أهل القصيم وأهل الرياض لتضامنهم مع الشيخ مبارك وحلفائه  .  ثم عاد إلى حائل، وجهز جيشًا توجه به إلى الشمال الشرقي من جزيرة العرب في محاولة للاستيلاء على الكويت بمساعدة من الدولة العثمانية، ولكن الأمور سارت على عكس ما خطط له حينما استغل الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن هذه الظروف، واستولى على الرياض واضعًا بذلك اللبنة الأولى على طريق توحيد المملكة العربية السعودية. وقد علم ابن رشيد بما حصل في الرياض، وهو في حفر الباطن فلم يأبه بالأمر كثيرًا، حيث بقي في ذلك المكان شهورًا قبل أن يعود إلى حائل. ثم جمع قواته من بادية شمر وحاضرتها، واستنفر أتباعه في القصيم والوشم وسدير والمحمل والشعيب وسار بهم إلى الرياض محاولاً تطويقها، وقطع الإمدادات عنها، ولكنه لم ينجح في مسعاه فانتقل من هناك إلى حفر الباطن. ويبدو أن هدف ابن رشيد من ذلك هو التمويه على خصمه في الرياض، ولذا عاد مسرعًا إلى الرياض عندما علم بخروج الملك   عبدالعزيز بقواته منها، لكنه وجدها محصنة فتوجه إلى الخرج، حيث التقى الجيشان في معركة الدلم سنة 1320هـ / 1902م التي انتصرت فيها قوات الملك  .  وكان ذلك أول لقاء عسكري مباشر بين قوات الخصمين، وكل منهما على رأس قواته؛ ما أعطى الملك عبدالعزيز وأنصاره دافعًا كبيرًا، فأخذ يتوسع عامًا بعد عام، حتى ضم على حائل ذاتها بعد عقدين من الزمن.
 
انسحب ابن رشيد بعد هزيمته في الدلم إلى القصيم، ومن هناك توجه إلى حفر الباطن؛ ما جعل الشيخ مبارك يشعر بالخطر، فطلب النجدة من الملك عبدالعزيز الذي توجه إلى هناك، ولكن ابن رشيد ارتحل مظهرًا أن حائل وجهته، ثم غير اتجاهه صوب الرياض لمباغتتها، ولكنه صُد عنها من قبل الإمام عبدالرحمن. ثم توجه بعد ذلك إلى شقراء التي خرجت عن طاعته، فلم يستطع إخضاعها، واكتفى بتعزيز حامياته في الوشم وسدير قبل أن يذهب إلى القصيم. وبعد عودة الملك عبدالعزيز من الكويت خرج مسرعًا إلى شقراء، ومن هناك أرسل سرايا من جيشه تمكنت من إخراج حاميات ابن رشيد من ثرمداء وروضة سدير وبقية بلدان هذين الإقليمين ما عدا المجمعة التي بقيت على تبعيتها لابن رشيد لعدة سنوات  
 
بعد أن فقد ابن رشيد أقاليم نجد الواقعة شمال الرياض، أدرك أن القصيم هو الميدان التالي للصراع بين الطرفين، فرتب دفاعاته، وعزز حامياته، ثم بعث بسرية بقيادة حسين بن جراد لترابط في إقليم السر الواقع على أطراف القصيم الجنوبية. ثم توجه بعد ذلك إلى العراق للتزود بالمؤن ولطلب العون من قبيلة شمر والدولة العثمانية؛ ما أعطى الملك عبدالعزيز الفرصة، وفاجأ سرية ابن جراد في أواخر سنة 1321هـ / 1904م، ثم استولى على عنيزة وبريدة معلنًا سيطرته على القصيم في مستهل العام التالي. وعلم ابن رشيد بتلك التطورات وهو في العراق، فغضب غضبًا شديدًا، واقتنعت السلطات العثمانية بأهمية الموضوع وخطورة التوسعات في المناطق الخاضعة لحكمهم في شرق الجزيرة وغربها، ونتيجةً لذلك وافقت على إمداده بقوة نظامية مسلحة. سار ابن رشيد بهذه القوة إلى القصيم، بالإضافة إلى من انضم إليه من حاضرة حائل وباديتها وغيرهم حتى وصل إلى قصيباء  ،  حيث قدمت عليه فلول جيشه المنهزم في القصيم. فتولى ابن رشيد قيادة كل هذه القوات ثم أكمل زحفه حتى وصل الشيحية، حيث التقى مع جيش الملك عبدالعزيز في معركة البكيرية التي رجحت بها كفة ابن رشيد، وكثر القتلى من الطرفين، وخصوصًا من أهل العارض والجنود العثمانيين. وعلى الرغم من أهمية معركة البكيرية إلا أنها لم تكن حاسمة، فقد أعاد كل طرف ترتيب قواته، وحاول ابن رشيد اقتحام بلدة الخبراء، ولكنه لم يتمكن من ذلك، فارتحل إلى الشنانة، وعسكر بها. أما الملك عبدالعزيز، فاتخذ من الرس معسكرًا له، وبقي الطرفان متقابلين مع حدوث بعض المناوشات لما يقارب الشهرين، ثم دارت بينهما معركة الشنانة التي رجحت فيها كفة جانب الملك عبدالعزيز  .  وقد كان لتلك المعركة نتائج سياسية تفوق أهميتها العسكرية، فقد غنم الملك عبدالعزيز كثيرًا من الغنائم كما وطدت أقدامه وقوّت موقفه في القصيم في مقابل ضعف ابن رشيد وتفكك جبهته، حيث لم يحارب العثمانيون إلى جانبه بعد ذلك اليوم.
 
انسحب ابن رشيد بعد هزيمة الشنانة إلى النبهانية، حيث لحقت به فلول جيشه، وما تبقى من الجيش العثماني، ومن هناك ارتحل إلى الكهفة التي اتخذها معسكرًا له، وقد ذكرت بعض المصادر أنه آلى على نفسه ألا يدخل حائل حتى ينتقم من خصمه، ونتيجةً لذلك كان إذا قدم حائل خيم في ظاهرها. وقد حاول ابن رشيد خلال إقامته في الكهفة إظهار نفسه بمظهر القوي، فقام ببعض الغارات على بعض القبائل البدوية، كما حاول الحصول على مساعدة عثمانية جديدة، ولكنه لم يوفق في ذلك. وفي تلك الأثناء أرسل العثمانيون إلى القصيم قوات جديدة من العراق والحجاز، فقدم ابن رشيد للتفاوض مع قائدها، ولكنه لم يوفق في إقناعه بالحصول على مساعدة عسكرية. كان ابن رشيد ما زال يأمل باستعادة القصيم التي لم يستقر بها الوضع بعد، وكان له بعض الأنصار الذين دفعتهم مصالحهم إلى التعاون معه لاستعادة مراكز حكمهم التي سبق أن فقدوها. كما أخذ في الإغارة على أطراف القصيم، ولم يقلع عن ذلك إلا بعد قدوم الملك عبدالعزيز على رأس جيش إلى تلك المنطقة، ولكن المحاولات استمرت بعض الوقت حتى التقى الطرفان في معركة روضة مهنا الشهيرة التي قتل فيها الأمير عبدالعزيز بن رشيد سنة 1324هـ / 1906م  
 
ج - إمارة آل رشيد 1324 - 1337هـ / 1906 - 1918م:
 
خلف الأمير متعب بن عبدالعزيز آل رشيد والده في إمارة حائل، ولكن أمور الإمارة بدأت تضعف شيئًا فشيئًا أمام تنامي قوة الملك عبدالعزيز. وفي محاولة لتحسين العلاقات أفرج عمن كان مسجونًا من آل سعود في حائل، ثم اتفق الطرفان على أن تكون المناطق الواقعة شمال القصيم تابعةً لابن رشيد، وما عداها جنوبًا يتبع للملك عبدالعزيز. ومن الجدير بالذكر أن تلك التطورات التي حصلت في القصيم تمت مع وجود الجيش العثماني الذي لم يفعل شيئًا تجاهها. أراد العثمانيون تفعيل دورهم هناك، فأرسلوا من المدينة المنورة قائدًا جديدًا التقى الأمير متعب بن رشيد، واتفق معه على تبعية القصيم للدولة العثمانية، ولكن الملك عبدالعزيز لم يوافق على الطلب نفسه؛ لأنه سيخسر بخلاف ابن رشيد الذي سيكسب بإخراج المنطقة عن سيطرة خصمه. وأدرك الملك عبدالعزيز خطورة بقاء القوات العثمانية في القصيم، فأمر بترحيلها، ولكن جبهة حائل لم تهدأ، حيث قام سلطان وسعود وفيصل أبناء حمود بن عبيد آل رشيد، باغتيال الأمير متعب بن عبدالعزيز وأخويه مشعل ومحمد، وأصبح سلطان أميرًا على حائل. حاول الأمير سلطان بن حمود التحالف مع أمير بريدة وفيصل الدويش، وخاضوا معركة الطرفية سنة 1325هـ / 1907م ضد الملك عبدالعزيز الذي تمكن من هزيمتهم. عاد الأمير سلطان ليجد أن الجبهة الداخلية في حائل تزداد تفككًا حيث تمكن آل سبهان من تهريب الأمير الطفل سعود بن عبدالعزيز آل رشيد إلى المدينة المنورة. فلم يقدر للأمير سلطان أن يهنأ بالحكم طويلاً، حيث اختلف مع أخيه سعود، لذا حاول الخروج إلى الجوف ولكن سعودًا لحقه، وأعاده مقيدًا، ثم قتله. وبعد أشهر أوقع آل سبهان وأنصارهم في حائل بالأمير سعود بن حمود، ونادوا بالطفل سعود بن عبدالعزيز بن متعب أميرًا وتولى حمود بن سبهان الوصاية عليه وإدارة شؤون الإمارة  
 
توفي حمود بن سبهان بعد أشهر من توليه زمام الأمور في حائل، فخلفه زامل بن سبهان، واستهل عهده بمهاجمة بعض الفئات البدوية التابعة للملك عبدالعزيز الذي كان في ذلك الوقت موجودًا قرب حائل. حاول زامل مباغتة جيش الملك عبدالعزيز في الأشعلي سنة 1327هـ / 1909م، ولكنه احتاط للأمر، فترك مخيمه فارغًا، والإبل حوله طليقةً لينشغل بها المهاجمون، ثم هجم عليهم، وهزمهم في معركة سميت باسم ذلك المكان. وقد بدأت علامات الضعف تظهر على إمارة حائل، حيث تمكن ابن شعلان من السيطرة على بعض المناطق في الجوف. وفي ظل هذه الظروف اضطر ابن رشيد إلى التصالح مع الملك عبدالعزيز؛ مما جمد الجبهة لبعض الوقت، ولكن عندما سنحت الفرصة قام زامل بن سبهان بمهاجمة قبيلة عتيبة قرب الشعراء. من ناحية أخرى لم تستقر الأمور في حائل، حيث اغتيل زامل بن سبهان، وحل محله سعود بن سبهان سنة 1332هـ / 1914م، وكان ذلك وقت اندلاع الحرب العالمية الأولى، وما صاحبها من تحالفات إقليمية ودولية فرمى بثقله إلى جانب الدولة العثمانية التي أمدته بالمال والسلاح. ونتيجة لذلك توترت العلاقات بين ابن رشيد والملك عبدالعزيز فقدم الأول على رأس جيش حيث التقى جيش الملك عبدالعزيز في معركة جراب سنة 1333هـ / 1915م التي رجحت فيها كفة ابن رشيد. ثم سار ابن رشيد بعد تلك المعركة إلى القصيم محاولاً الاستيلاء عليها وقام بمهاجمة بعض الفئات البدوية قبل أن ينسحب إلى حائل. وبعد أشهر توصل ابن رشيد إلى صلح مع الملك عبدالعزيز، ولكن ذلك الصلح لم يدم طويلاً حيث هاجم القصيم؛ مما دفع الملك عبدالعزيز إلى إرسال جيشًا اضطره إلى العودة إلى حائل. وفي تلك الأثناء بدت علامات الهزيمة على الدولة العثمانية، وأخذت غارات الملك عبدالعزيز تصل إلى أطراف جبل شمر، ما جعل ابن رشيد يميل إلى الصلح  
 
المملكة العربية السعودية 1340هـ / 1921م
 
تعد نهاية الحرب العالمية الأولى بداية مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة العربية بشكل عام والجزيرة العربية بشكل خاص، الأمر الذي كان له انعكاساته على إمارة آل رشيد في حائل، حيث هزمت حليفتها الدولة العثمانية؛ ولذا ضعف موقفها بشكل كبير. وعلى النقيض من ذلك أصبح موقف الملك عبدالعزيز أكثر قوة من ذي قبل، سواء كان ذلك سياسيًا أو اقتصاديًا أو عسكريًا، وخصوصًا بعد أن قويت حركة الإخوان وأصبحت سلاحًا ضاربًا في يد الملك، كما انضمت لها بعض الفئات من قبيلة شمر.
 
على المستوى الداخلي تفاقمت المشكلات في إمارة حائل، وتمثل ذلك في مقتل الأمير سعود بن عبدالعزيز سنة 1338هـ / 1919م على يد عبدالله بن طلال الذي قتل فورًا على يد مماليك الأول. أعقب ذلك سلسلة من الأحداث والتطورات لم تتوقف إلا بسقوط الإمارة، حيث بويع عبدالله بن متعب أميرًا على حائل، وكادت أن تقع فتنة بينه وبين محمد بن طلال لولا خروج الأخير إلى الجوف. أدرك الأمير عبدالله بن متعب ضعف موقفه، فأرسل وفدًا إلى الملك عبدالعزيز لتجديد الصلح السابق، ولكن ظهور بعض المستجدات في المنطقة جعل الملك يشترط أن تكون الشؤون الخارجية بيده والشؤون الداخلية لإمارة آل رشيد فلم يتم الاتفاق. من ناحيته صمم الملك عبدالعزيز على ضم منطقة حائل وتوحيدها مع ما تم توحيده من مناطق البلاد، فأرسل ابنه سعود على رأس جيش من الإخوان، وأغار على فريق من قبيلة شمر في الشعيبة. وفي عام 1339هـ / 1920م توجه الملك عبدالعزيز إلى القصيم، ثم قسم جيشه إلى قسمين: القسم الأول تحت قيادة ابنه سعود، وقام ببعض الهجمات على بادية شمر. أما القسم الآخر فبقيادة أخيه محمد، وتوجه إلى مدينة حائل وحاصرها، وفي أثناء الحصار ذهب وفد إلى القصيم لمفاوضة الملك بشروط العام الماضي، ولكنه لم يقبل إلا بدخول هذه المنطقة تحت سيادته. وبعد فترة من الحصار استدعى الملك أخاه محمدًا، وعقد لواء القيادة العامة لابنه سعود، وفي أثناء ذلك عاد محمد بن طلال من الجوف ما أخاف الأمير عبدالله بن متعب، فلجأ إلى معسكر الأمير سعود بن عبدالعزيز الذي عاد به إلى والده.
 
تولى محمد بن طلال بن رشيد الإمارة التي لم يكتب لها البقاء طويلاً، حيث قام ببعض الهجمات على بعض السرايا السعودية في أطراف حائل، ولكن الملك عبدالعزيز قرر الحسم فأمر فيصل الدويش أن يتوجه على رأس جيش من الإخوان إلى حائل. علم الأمير محمد بن طلال بتلك التحركات، فخرج لملاقاته، وعسكر في النيصية، ودارت بينهما بعض المناوشات حتى جاء الملك عبدالعزيز بجيش كبير، ودارت بين الطرفين معركة في ذلك المكان، وبعد هزيمته في معركة النيصية، انسحب محمد بن طلال إلى حائل، وتحصن بها، فلحق به الملك عبدالعزيز، وشدد الحصار عليها، وفي أثناء الحصار حاول محمد بن طلال أن تتوسط بريطانيا في النـزاع، ولكنه لم ينجح في مسعاه. وأمام حصار الملك عبدالعزيز لحائل لجأ أهلها إلى التفاوض معه وذلك بدخوله المنطقة مقابل إعطائهم الأمان فكان لهم ذلك، وعندما علم محمد بن طلال بتلك التطورات اعتصم بقصر الإمارة، ولم يستسلم إلا بعد أن منح الأمان، وذلك في 29 صفر 1340هـ الموافق 31 / 10 / 1921م. وبهذا تم ضمّ منطقة حائل مع بقية مناطق البلاد، ثم عاد الملك عبدالعزيز إلى الرياض مصطحبًا معه الأمير محمد بن طلال وبقية أفراد أسرة آل رشيد  
 
وهكذا أصبحت منطقة حائل جزءًا من المملكة العربية السعودية، وقد تحقق لها الأمن والاستقرار، وخصوصًا بعد أن أكمل الملك عبدالعزيز توحيد بقية مناطق المملكة العربية السعودية. وقد شهدت منطقة حائل في عهد الملك عبدالعزيز، وما تلاه من عهود، نهضة حضارية وتطورًا مطردًا في شتى مناحي الحياة.
 
الأمراء الذين تولوا إمارة منطقة حائل منذ عهد الملك عبدالعزيز وتواريخ توليهم:  
 
1- إبراهيم السالم السبهان (1340هـ).
 
2- الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود (1341هـ).
 
3- الأمير فهد بن سعد بن عبدالرحمن آل سعود (1391هـ).
 
4- الأمير سعد بن فهد آل سعود (1392هـ).
 
5- الشيخ ناصر بن عبدالله الشيخ (1394هـ).
 
6- الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود (1400هـ).
 
7- الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود (16 / 8 / 1420هـ، وحتى تاريخه).
 
شارك المقالة:
47 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook