إرسابات الزمنين الثالث والرابع السطحية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
إرسابات الزمنين الثالث والرابع السطحية بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية

إرسابات الزمنين الثالث والرابع السطحية بالمنطقة الشرقية  في المملكة العربية السعودية.

 
هناك عدد من مظاهر الإرساب والتعرية السطحية المتنوعة التابعة للزمنين الثالث والرابع التي تغطي مساحات كبيرة في أنحاء المملكة العربية السعودية مثل السهول الحصوية، والقشرات الكلسية الصلبة، والسباخ، والإرسابات الطميية، وسنقوم بذكر الأنواع الموجودة في المنطقة الشرقية وهي كالآتي:
 

السهول الحصوية

  توجد رقع صغيرة من السهول الحصوية (Gravel Plains) منعزلة ومبعثرة على نطاق واسع تعود إلى أواخر الزمن الثالث في وادي السَّهْبَاء وما جاوره من مواقع بين حوض مُغَرَة 30 َ 47 ْ شمالاً وخط طول 35 َ 48 ْ شرقًا، وفي الدَّهْنَاء جنوب وادي السَّهْبَاء بنحو 40كم، وفي قِنْتُوب المَفَارِيْع 00 َ 23 ْ شمالاً، و 00 َ 47 ْ شرقًا حيث نجد مساحة واسعة من السهل الحصوي كجزء من هضبة البَيَاض. وتتكون السهول الحصوية غالبًا من حصى كوارتزي أبيض مستدير ذي قطر يبلغ نحو 10سم، ينتظمها نسيج بين ترابي ورملي ضعيف الفرز (Sorting)، ويأتي في الدرجة الثانية حصى الحجر الجيري الذي عادة ما يكون موجودًا؛ ولهذا فمن ناحية الخصائص الصخرية فهذه السهول الحصوية تشبه إلى حد بعيد سهول الهُفُوف الحصوية. وهي توجد في قطارات مستطيلة وفي بقع متفرقة على الأراضي المرتفعة. وفي وادي السَّهْبَاء تزداد هذه السهول الحصوية في الوضوح من الغرب إلى الشرق، ومن دون أدنى شك فقد كانت تمثل مجرى نهر قديم؛ فمن المحتمل أن حوض وادي السَّهْبَاء كان الطريق الذي عبر النهر القديم من خلاله حافة العَرَمَة. وغرب الحافة لا توجد (جراول) نهرية إلا في حيز صغير على طول محور حوض مُغَرَة بشكل عام على طول درجة عرض 18 َ 24 ْ شمالاً، وبين 30 َ 47 ْ و 37 َ 47 ْ شرقًا. وعلى الرغم من أن حشو الأودية الجديد قد أخفى معالم السهول الحصوية القديمة، فإن هناك بقعتين حصويتين موجودتين بالقرب من الحافة الغربية للدَّهْنَاء، واحدة على بعد 10كم والأخرى على بعد 25كم شمال وادي السَّهْبَاء. وهما تمثلان ضلوعًا حصوية (Gravel Ridges) مستطيلة واضحة المعالم متجهة نحو الشرق من الدَّهْنَاء إلى السهول الحصوية حول جنوب الغَوَّار. وهذه العلاقات المحتملة تشير بقوة إلى أن (جراول) المجاري النهرية القديمة هي بقايا مجموعة من الأنهار التي كانت تجري في أواخر الزمن الثالث، وأحضرت معها كميات هائلة من الإرسابات أثناء فيضانها؛ ما جعل (الجرول) يوجد في الجزء السفلي من تكوين الهُفُوف 
 

القشرات الكلسية المتصلبة

 
تعد القشرات الكلسية المتصلبة أحد أنماط التجوية المتخلفة، وتتشكل بتراكم المعادن القابلة للذوبان عندما تسحب مياه التربة الحاملة للمعادن إلى أعلى ثم تتبخر في ظل مناخات شبه جافة وشبه مدارية. وهذه العملية تجري عادة في ظل ظروف مناخية تتناوب فيها فصول الرطوبة والجفاف حيث يحدث الارتشاح والذوبان خلال الفصل الرطب، تتبعه عملية بخر وإرساب خلال الفصل الجاف. وتكاد جميع القشرات المتصلبة بالمملكة توجد على الغطاء الصخري، كما أن أشهر إرسابات القشرات المتصلبة بالمملكة هي قشرات كلسية يراوح سمكها بين سنتمترات قليلة إلى ثلاثة أو أربعة أمتار. وكثيرًا ما تشكل هذه القشرات الصلبة بعض الجروف التي قد يصل ارتفاعها إلى 50م، نظرًا لمقاومتها للذوبان في المناخ الجاف  
 
وفي الأحساء تغطي القشرات الكلسية المتصلبة أرضًا وعرة نشأت على حجر جيري رملي يعود إلى عصري المايوسين والبلايوسين، وهي ذات لون رمادي أو بني مشوب بحمرة وهي متصلبة جدًّا. وتنقسم إلى ثلاثة أنواع: حديثة جدًّا، وغير ناضجة، وناضجة. أما الحديثة جدًّا فتعلو أحدث السطوح الطبوغرافية، وهي الأحدث والأرق وأقل أنواع القشرات تطورًا، والقشرات غير الناضجة تستند إلى سطوح أقدم، وهي أقدم من القشرات الحديثة جدًّا وأسمك وأكثر تطورًا. أما القشرات الناضجة فهي تقع فوق أقدم السطوح الطبوغرافية، وهي الأكثر قدمًا، والأسمك، والأكثر تطورًا من بين كل أنواع القشرات الكلسية المتصلبة 
 

إرسابات السباخ

السبخة هي مصطلح عربي يطلق على المسطحات الملحية الساحلية والداخلية، وهي أرض منخفضة تنتهي إليها مياه الشعاب المحيطة، وتتكون نتيجة إرساب الغرين والطمي والرمل الطيني في منخفضات ضحلة قد تكون واسعة في بعض الأحيان، وغالبًا تتشبع الإرسابات بالملح نظرًا إلى انعدام تصريف المياه المتجمعة، وقد يكون لها قشرة ملحية. وفي الحقيقة فإن وجود الملح هو الصفة المميزة للسباخ، وهو يميزها عن القيعان المملوءة بالغرين نتيجة تجمع المياه بها ولكنها من دون ملح، فهذه تسمى (قيعانًا) مفردها (قاع). أما (المملحة) وجمعها (ممالح) فهو اسم يتكرر في الأمكنة الداخلية للدلالة على السبخة التي يستخرج منها الملح، أو استخرج منها بالفعل في وقت من الأوقات، وبالتحديد فإن المملحة هي الحفرة أو المكان الذي يستخرج منه الملح في السبخة 
 
وتتركز غالبية السباخ في حزام ضيق على امتداد ساحل الخليح العربي من الكويت إلى شرق قَطَر، ومعظمها يوجد خلال مسافة 60كم من خط الساحل، ولكن بعضًا منها يقع بعيدًّا في الداخل، مثل السباخ حول يَبْرِين، وعلى شريط واسع على امتداد الحافة الشرقية للرُّبْع الخَالِي. وتختلف الطريقة التي تتكون بها السباخ الداخلية عن السباخ الساحلية، فتتميز السباخ الساحلية باحتوائها على طبيقات من الرمال والرمال الموحلة الملتحمة وغير الملتحمة ذات خصائص وسمك متنوع. وأهم المواد اللاحمة هي كربونات الكالسيوم وبعض المعادن الناشئة بعد الإرساب كالجبس. وفي معظم الأوقات تتميز السبخة بسطحها الصلب القوي المستوي، ما يمكن من استخدامها طريقًا سهل العبور. ولكن عندما يتبلل سطح السبخة نتيجة نـزول المطر أو جريان السيل أو وصول المد العالي إلى اليابس بسبب الأعاصير يتحلل الملح القابل للذوبان ومعظمه من الهاليت (ملح الطعام الصخري) الذي يوفر المادة اللاحمة، فيصبح سطح السبخة موحلاً مستحيل العبور. وتقع السباخ الساحلية عادة فوق مستوى المد العالي وتنحدر برفق نحو البحر بمعدل 0.4م /م، وتحاذي حدودها نحو اليابس منكشفات صخرية، أو كثبان رملية، أو نهاية مروحة فيضية  
 
ومن خلال دراسات متعمقة عن السباخ الساحلية بأبو ظبي تبين أن تطور تلك السباخ بدأ قبل 7000 سنة مع طغيان مياه الخليج العربي على المواقع الساحلية الداخلية التي كانت تغطيها الكثبان الرملية التي تشكلت خلال البلايستوسين. ونتيجة لطغيان البحر استوت الكثبان الرملية، وتشكلت البحيرات الشاطئية الضحلة التي فصلتها بعض الأمكنة المرتفعة نسبيًّا عن الخليج، وفي داخل هذه البحيرات جرى إعادة تشكيل الرمال الريحية وخلطها مع إرسابات كربوناتية يجري تشكلها. وهناك إرسابات أخرى أضيفت إلى البحيرات؛ وهي رمال كربوناتية موحلة ذات لون رمادي. واستمر هذا كله حتى أصبحت البحيرة ضحلة جدًّا ولم تسمح التيارات والأمواج بالإرساب بعدها في قيعان البحيرات ما عدا أمكنة حدود البحيرات مع اليابس، وهذا أدى إلى زحف خط الساحل نحو البحر. وفي الأمكنة الداخلية من البحيرات التي توقف فيها الإرساب تكونت قشرة ملتحمة على السطح. وقبل أقل من 4000 سنة انخفض سطح البحر بمعدل متر واحد في الخليج العربي، وتحولت الأمكنة المديَّة (Intertidal) إلى فوق مديَّة (Supratidal) وتحت المديَّة (Subtidal) إلى أمكنة مديَّة. وأدى انخفاض مستوى سطح البحر إلى زيادة مساحة السبخة، ولكنه لم يكن ضروريًّا لتشكلها. وبعد إرساب المواد الأصلية تحدث عمليات ضغط وتراص، وعمليات ميكانيكية وكيميائية تنتج عنها معادن جديدة مثل الأراغونيت والكالسيت والجبس والأنهيدريت والمغنيسيت والدولوميت والملح الصخري (هاليت). وفي المناخ الجاف ذي الحرارة المرتفعة ومستوى الماء الباطني المرتفع نسبيًّا نجد أن معدل التبخر المرتفع للماء من سطح السبخة ينتج عنه تركز الماء الشعري الخلالي وترسب المعادن المذكورة أعلاه 
 

الرمال الريحية

 
رواسب الرمال الريحية هي النمط الأكثر وفرة من الرواسب السطحية في المملكة العربية السعودية. وأغلب هذه الرواسب توجد في أربعة بحار رملية رئيسة هي الرُّبْع الخَالِي والنُّفُود الكَبِير والدَّهْنَاء والجَافُورَة. وهي تغطي نحو نصف مساحة الجزء الرسوبي من المملكة، وبخاصة إذا أضفنا مساحات كبيرة وصغيرة من الرمال متناثرة هنا وهناك على الرف العربي، كما توجد تجمعات رملية كثيرة أصغر حجمًا على الدرع العربي نفسه مرتبطة بالوديان الرئيسة أو السهول الطميية الشاسعة، إضافة إلى كثبان صغيرة الحجم في تِهَامَة تذري في اتجاه الجبال التهامية. وتكاد مساحة الرمال في المملكة تصل إلى ثلث مساحتها  . 
 

الإرسابات الطميية وضمور الأودية

 
تعكس طبيعة وتوزيع الإرسابات الطميية في المملكة تأثير عدد من الفترات المطيرة خلال الزمن الرابع، وأغلب هذه الإرسابات قد أصابها حت شديد أو تبدلت خلال الفترات الجافة والمطيرة المتتابعة. وقد أرسب أغلب الطمي على الدرع العربي في أثناء الفترات المطيرة الثلاث الأخيرة للزمن الرابع. ومن اليسير تمييز الطمي الحديث في الطبيعة، إذ تعوزه الصبغة الداكنة لطلاء الصحراء. وعلى وجه العموم نجد أن أعظم قدر من المساحة السطحية على المراوح الفيضية والبدمنتات تغطيها الصبغات شديدة الدكنة 
 
وهناك مساحات كبيرة من السهول الحصوية المندمجة شبيهة الدلتاوات تنبثق عن أنظمة صرف الأودية الرئيسة مثل وادي السَّهْبَاء ووَادِي الدَّوَاسِر. ويظهر التوزيع الحالي للمكتشفات أنه قبل تكوُّن رمال الرُّبْع الخَالِي ونفود الجَافُورَة كان جزءٌ كبيرٌ من المنطقة الموجودة غرب خط طول 00 َ 51 ْ شرقًا مغطى بحطام صخري خشن حملته تلك الأودية 
وفي الواقع فإن الأودية في المملكة هي في مرحلة من الضمور؛ فلقد لاحظ الجيمورفولوجيون أن بعض مجاري الأنهار لا تتناسب مع حجم الأودية التي تشغلها، ولقد اصطلح على تسميتها بالأنهار الضامرة، وقد يكون تعرج النهر صغيرًا جدًّا على حجم الوادي فيسمى بالنهر العاجز أو الضامر. وبما أن الأنهار تحاول جاهدة الوصول إلى حالة من الاتزان بين حجم التصريف والإرسابات المنقولة وبين شكل المجرى فإن أي تغير في هذه العلاقة يحدث تغيرات في شكل المجرى
وتوجد أمثلة كثيرة في المنطقة الشرقية للأودية الضامرة منها نهايات الأودية الكبيرة كوَادِي الدَّوَاسِر ووادي السَّهْبَاء ووادي الرمة /لباطن وغيرها.
 
شارك المقالة:
49 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook