منذ القدم وإلى الآن الصراع مستمر بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، والتوحيد والكفر والشرك، والغلبة والنصر دائماً وأبداً حليف الحق وأصحابه، وأحياناً لحكمة يعلمها الله عزّ وجل يكون حليف الأقوى، والنصر الأكبر للفائز يوم القيامة حتى ولو غُلِب في الحياة الدنيا، وأسباب الحرب والعداء كثيرة؛ فمنها الحروب الطائفية والدينية، والحروب من أجل احتلال الأرض والبلاد، والسيطرة عليها، ونهب خيراتها ومواردها.
وقعت في زمن رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم في شهر جمادى الأولى، من السنة الثامنة بعد الهجرة، الموافق للعام الميلادي ستمائة وتسع وعشرين، ومؤتة مدينة تقع في بلاد الشام، و بالأخص جنوبي محافظة الكرك، والتي تقع في الجنوب من المملكة الأردنية الهاشمية.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم، الحارث بن عمير الأزدي، ليوصل رسالته إليه، ويدعوه لدخول الإسلام واعتناقه، وفي الطريق وقبل وصوله قام أحد عمال الملك بالقبض على الحارث وقتله، فبلغ ذلك رسول الله واشتدّ غضبه؛ فالرسول آنذاك لا يقتل، ولو تمّ قتله فهو أمر أشدّ من الحرب وأشنع، فأعدّ رسولنا الكريم العدة، وجهّز جيشاً من ثلاثة آلاف مقاتل ليذهبوا إلى مكان مقتل الحارث، ويدعوا أهله للإسلام، فإن أبوا ورفضوا فالقتال، وجعل قائد ذلك الجيش زيد بن حارثة، وإن استشهد فمن بعده جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة.