كانت غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة في شهر رجب؛ حيث حصلت بعد عودة المسلمين من حصار الطائف بستّة أشهر تقريباً، وقد وقعت في منطقة تبوك الواقعة شمال الحجاز، وتبعد منطقة تبوك عن المدينة المنورة حوالي 778 ميلاً.
حدثت غزوة تبوك بسبب تسرّب الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال الأنباط الذين كانوا يُحضرون الزيت من الشام؛ حيث قالوا إنّ الروم قد جمعت جيوشها وأعدت عدتها لغزو المسلمين والقضاء عليهم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يغزوهم قبل أن يغزوه هم، كما أنّ ابن كثير مال إلى أنّ سبب الغزوة هو الجهاد في سبيل الله تعالى وإعلاء كلمة الله تعالى؛ حيث إنّ الروم هم الأقرب إلى المدينة المنورة وبالتالي هم الأولى بالدعوة والهداية إلى الإسلام.
حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على بذل ما يستطيعون لتجهيز الجيوش الخارجة لملاقاة الروم نظراً إلى أنّ عدد جيش العدو كبير، كما أنّ المسافة بعيدة وفيها مشقةً على المسلمينوعلى العكس كان موقف المنافقين؛ حيث أخذوا يهبطون من عزيمة المسلمين بأن لا تنفروا في الحر، وهناك من اعتذر عن الخروج للجهاد بحججٍ واهيةٍ. أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم النفير العام للتجهّز للخروج إلى تبوك، وقد واجهتهم أثناء الغزو الكثير من المتاعب مثل العطش والجوع والحر الشديد، وكانَ لهذا المسير الطويل لملاقاة العدوّ الوقع الشديد في نفوسهم الأمر الذي جعلهُم لا يلتحمون مع الجيش المُسلم، فعادَ المُسلمون إلى المدينة المنوّرة دون قتال، وهذا بحدّ ذاتهِ يُسجّلُ نصراً لهُم.