أدوات الزينة و الحلي في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
أدوات الزينة و الحلي في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

أدوات الزينة و الحلي في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.

 
أ - ما يخص النساء:
 
إذا تناولنا الحديث عن لباس المرأة في الزواج والأفراح فإن هذا يقتضي منا أن نتحدث عن أدوات الزينة، فالحلي كان معظمها من الفضة وبعض الأحجار الثمينة مثل (الظَّفار) وهي أحجار ملونة تشبه الزجاج في نعومتها، وقيل إنها سُميت بذلك نسبة إلى البلد الذي ينتجها وهو (ظفار) في عُمان، حيث تُؤخذ من عروق صخرية توجد في تلك المنطقة، ويُستخدم (الظفار) قلائد  وأساور حول المعصم، ويتخلل القلادة قواطع فضية لتزيد من قيمتها وجمالها.
 
وكانت النساء يستخدمن الحناء في المناسبات، وكانت مادته تُشترى من الأسواق، وتقوم المرأة نفسها أو إحدى قريباتها بوضعه على الكفين والقدمين دون نقوش. وكان استخدام الكحل شائعًا، وكان هو الوسيلة الوحيدة من وسائل (المكياج) في ذلك الزمن، يُضاف إليه استخدام السمن على بشرة الوجه والكفين بمقادير خفيفة، خاصة في مواسم البرد الشديد، وفي مواسم العمل الشاق الذي يؤثر على البشرة، وبخاصة اليدان اللتان كانتا تُستخدمان بكثرة في الحصاد، وفي جمع الحطب والأعلاف، والتنظيف وغيره من الأعمال المنـزلية.
 
وفيما يخص العطور فإن معظم الروائح الطيبة كانت تأتي باستخدام النباتات العطرية المحلية، مثل الريحان، والكادي، والبعيثران، والنفل.. وما شابهها. وفي الربع الثالث من القرن الرابع عشر الهجري 1350 - 1375هـ/1931 - 1956م كان شراء العطور من الأسواق نادرًا جدًّا؛ لندرتها في الأسواق وغلاء أسعارها، أما في الربع الأخير فقد بدأ الرجال القادرون ماديًّا يستخدمون دهن العود، والعنبر، والمسك، ويشترونها من المدن المجاورة مثل الطائف ومكة. وأما النساء فكنَّ يستخدمن بعض العطور النسائية التي اشتهرت في المنطقة مثل (أبو حنش) ويبدو أنه نوعٌ من أنواع العنبر، سُمي (أبو حنش) لوجود رسم أو صورة لحنش (ثعبان) عليه، ومنها نوع كان يُسمى (الحبشوش). وفي منتصف التسعينيات الهجرية/السبعينيات الميلادية عرف الناس العطور الكيماوية التي لا تزال تُستخدم إلى اليوم.
 
ومن زينة العروس (السلسلة)  وهي مصنوعة من الفضة، لها نهايتان مربعتان، وبكل واحدة منهما (شنكار) ليمكن تعليقها على جانبي الرأس، وما بين هذين المربعين مجموعة من السلاسل الدقيقة تمتد من جانبي الرأس إلى تحت الذقن، وتغطي جزءًا من الرقبة وقد تغطيها كلها، وكانت (السلسلة) جميلة جدًّا، ولا يزال بعضهن يحتفظن بها إلى اليوم، ويوجد اتجاه لإحيائها وإعادة استخدامها. ومن الزينة التي كانت تتزين بها العروس (السير) وهو شرائح دقيقة من الجلد المدبوغ يتم جدلها مثل غدائر الشعر، ويتخلل فتلها خرز فضي صغير يُعرف محليًّا بـ (الرصاص)، والسير يشبه في وظيفته بالنسبة إلى المرأة العقال بالنسبة إلى الرجل، ويتدلى منه جزء إلى الخلف ينتهي بكتلة جميلة. وتستعمل العروس أيضًا (الحزام) الذي يُصنع من الفضة، ومنه ما كان يُصنع محليًّا من قِبَل صناع متخصصين في صناعة الذهب والفضة، وتوارثوا أسرار هذه المهنة كابرًا عن كابر.
 
ومن أدوات الزينة التي كانت شائعة في المنطقة الخواتم الفضية التي ترتفع فصوصها - وهي مصنوعة من الفضة كذلك - فوق الإصبع عددًا من السنتيمترات. و (الحجول)  المصنوعة من الفضة، ومعظمها غليظ. و (الشمايل) وهي تشبه الحجول، ولكنَّ صناعتها أكثر دقة، وتشبه إلى حد كبير بعض الأسورة الذهبية المستخدمة اليوم. و (المفارد) وهي أسورة مصنوعة من الخرز، بألوان وأنواع مختلفة أشهرها (الظفار). و (الخرصان؛ واحدها خُرص) وهي أقراط كبيرة الحجم تُعلق في الأذنين وتُصنع من الفضة. و (الشروخ؛ مفردها شَرْخ) وهو غالبًا ريال من الفضة تُصنع له كتل فضية تتدلى منه، وأحيانًا يُوضع في وسط القلادة، وأحيانًا تُصف مجموعة من (الشروخ) إلى جوار بعضها ويوضع بينها بعض القواطع من الخرز أو الفضة. وكان بعض النساء يتزينَّ بزينة تشبه زينة العروس. وكان ثقب الأنف في أحد جانبيه أمرًا مألوفًا؛ حيث يُوضع فيه ما كان يُسمى بـ (الزمام)، وهو من الفضة أو الذهب، بشكل نجمة أو دائرة منقوشة. ومما يجدر ذكره أن البنات قبل زواجهن يُمنع عليهن استخدام الزينة اللافتة للنظر، مثل الكحل، والعطر، والحناء ونحوها.
 
ب - ما يخص الرجال:
 
أما أدوات الزينة بالنسبة إلى الرجال فتتمثل في الحزام، ويكون فيه غالبًا (جنبية) أو (قديمية). والجنبية طويلة بشكل عرضي، أما القديمية (أو القُدَيمي كما يسميها بعضهم) فتكون بشكل طولي؛ وهما سلاحان شخصيان، ومن لوازم الحياة سابقًا، بحيث كانت (الجنبية)  أو (القديمية)  ترافق صاحبها طول الوقت وفي كل مكان: في المسجد، وفي الأسواق، وفي المزرعة، وفي الحفلات. وكان بعضهم يعدها جزءًا من لباسه ولا يتركها إلا عند النوم. وكان الناس يعيبون على الشخص الذي يرونه لا يحمل سلاحه الشخصي، إذ إن حمل السلاح الشخصي زينة من جهة، وتحسُّب لأي طارئ من جهة أخرى مثل مواجهة عدو، أو ذبح خروف أو ثور أو جمل يسقط من مكان عالٍ أو يسقط في بئر.. أو نحو ذلك.
 
وكان سكان تهامة يتزينون بـ (المَصْنَف) وهو قطعة من القماش سميكة بعض الشيء، ومخططة بألوان زاهية أهمها الأسود والأصفر، وتكون له كتل صغيرة في نهايته من الجانبين. وأفضل أنواعه (الحُدَيْدِي) نسبة إلى مكان صناعته وهو مدينة (الحديدة) في اليمن. وكان يوضع على الكتفين، أو حول الخصر، وفوق طرفي (الجنبية)، وكان الناس يحرصون عليه لأنهم يستخدمونه رداءً أثناء النوم عند الحاجة. وبعضهم كان يتحزَّم بـ (المَسْبَت) وهو الذي يُحمل فيه رصاص البنادق، ويكون حول الخصر، وله حمالة تكون قطعة واحدة عريضة من الظهر إلى الرقبة، ثم تنفصل من القفا إلى خطين يتقاطعان في الصدر، ويُثبتان في مقدمة الحزام، وكان يوضع فيه سكين لاستخدامها عند الحاجة؛ لأن الرصاص لا يفيد في ذبح الحيوانات عند الضرورة.
 
وكان العقال المقصَّب  (مثل الذي كان يرتديه الملك عبدالعزيز رحمه الله) شائع الاستعمال، ولكن لم يكن في متناول الجميع لعدم القدرة على شرائه واقتنائه. ثم جاء العقال الأسود وحل تدريجيًّا محل العقال المقصَّب، وربما كان الملك فيصل - رحمه الله - من أواخر من ارتدى ذلك النوع من العُقُل.
 
وكان الرجال يتزينون بالريحان، والبِرْك - وبعضهم يسميه (البعيثران) - وهو نبات طيب الرائحة لونه فضي تقريبًا، يضعونه فوق العقال أو تحته، أو تحت الطاقية، ويتدلى من جانبي الرأس، أو من جانب واحد فقط. ويُسمى ما يُوضع على الرأس من نبات طيب الرائحة (الغِراز)،  والواحدة منها تُسمى (غُرْزة)، وكانت إطالة الشعر وتسريحه عادة شائعة عند بعض الرجال، وكانت دليلاً على الشجاعة والرجولة والفروسية، وإن كان الشاعر المحلي سالم الفديم يقول:
يشـوقني  راعِ المـدايحْ دايمْ والاْفعال     ما شاقني اللي فوق صدره لايمُ سروحه
أي يعجبني الشخص بمخبره لا بمظهره، فالذي يُمدح بأفعاله وقيمه النبيلة أفضل عندي من الذي يُمدح بغدائر شعره المسرَّح والمجدول على صدره، والسروح جمع (سِراح) بكسر السين، وهو الخصلة المجدولة من الشعر. وكان صاحب الشعر يُعنى بتنظيفه، ودهنه بالسمن، وكانت وسائل التنظيف بدائية وبسيطة، تتمثل في استخدام بعض الأعشاب، وأوراق بعض الأشجار المحلية مثل خلاصة التين الشوكي، وورق السدر الذي ثبتت فائدته مؤخرًا في مقاومة قشرة الرأس وفي تنظيف البدن، وهو من المواد التي تُستخدم بكثرة في غسل الأموات إلى يومنا هذا. أما الأمشاط فلم يكن يوجد إلا نوع واحد يُصنع من الخشب، ويُباع في الأسواق، ولها جانبان: واحد منهما له أسنان دقيقة وصغيرة، والجانب الآخر له أسنان كبيرة، والفتحات بين أسنانه أكبر.
 
مظاهر الثبات والتغير
 
غزت المنتجات الحديثة جميع مناطق المملكة، وحلت محل كثير مما كان موجودًا فيها قديمًا. والملابس في منطقة الباحة تعرضت لكثير من التغير، فالثوب المفرج اختفى تقريبًا، ولم يعد يُستخدم إلا في الاحتفالات والأعراس من قِبَل بعضهم، وكذلك العقال المقصب، واختفت كذلك العمامة الخيَّالية. وبالنسبة إلى النساء اختفت الحوكة والعكافة والكرتة وإن كان بعض الفساتين المعاصرة يشبهها، وأصبحت العباءة جزءًا من زي النساء حتى داخل القرية، فلا بد من لبسها عند الانتقال من بيت إلى آخر ولو كان قريبًا، وهي لباس لم يكن معروفًا قديمًا إلا لمن يسافر إلى المدن. كما اختفى كثير من الحلي الفضية وحلت محلها الحلي الذهبية. أما لباس العروس المكون من السلسلة الفضية والثوب المطرز والحزام الفضي أو الذهبي فبدأ يعود مرة أخرى في الأعراس والاحتفالات العامة.
 
شارك المقالة:
373 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook