أدوات البناء في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
أدوات البناء في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية

أدوات البناء في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية.

 
المواد الرئيسة في البناء التقليدي في منطقة نجران هي الطين والحجارة والأخشاب:  
 
أ - الحجارة:
 
تُحمل من المحاجر القريبة، وتُستعمل في ثلاثة أشكال مختلفة:
 
1 - قطع كبيرة:
 
وتُستعمل للأساسات وجدران الطابق الأرضي.
 
2 - قطع صغيرة:
 
وتُستخدم في ملء الفجوات بين الحجارة الكبيرة المستخدمة لبناء الأساس وجدران الطابق الأرضي.
 
3 - ألواح حجرية مسطحة رقيقة:
 
وتُستعمل بين طبقات البناء بشكل مائل نحو الأرض كي تمنع تآكل الطين بسبب سقوط الأمطار.
 
ب - الطين:
 
ويُستخدم في بناء جدران الأدوار العلوية؛ وذلك لعدة أسباب منها: توافره بكثرة وسهولة الحصول عليه، وقدرته على العزل الحراري، ومرونته عند التشكيل، بالإضافة إلى قلة تكلفته.
 
ج - مواد السقف:
 
تُستخدم في التسقيف المواد الآتية على التوالي:
 
1 - الجاوات (المربوعات؛ أو المرابيع):
 
وكان استعمالها شائعًا وتُسمى (الأتوم)، وهي مصنوعة من الخشب القوي، وتكون أبعادها 20×20سم في المقطع، وطولها 3م، وتشكل جسورًا تحمل الثقل وتوزعه على الأعمدة.
 
2 - الجريد:
 
يُوضع فوق الجاوات، ويتم اختياره بعناية، ويُؤخذ من فروع الأشجار، ويكون سمكه 5سم تقريبًا.
 
3 - التبن:
 
يُخلط بالطين، ويُوضع الخليط فوق الجريد.
 
4 - الجهمك:
 
وهو خلطة مصنوعة من الحجارة الصغيرة والطين، يُوضع فوق الجريد مكونًا سطحًا قويًا، وهو يساعد على الحماية عند سقوط الأمطار، كما أنه يتعرض لأشعة الشمس التي تعمل باستمرار على تجفيفه وزيادة قساوته.
 
د - الأعمدة:
 
وأهمها ما يُسمى بـ (المزارة) وهي مهمة في كل بناء، وهي عمود متين وطويل يُؤخذ من شجر يُسمى (الأتوم)، وهو متوافر بكثرة في منطقة نجران.
 
هـ - الأساسات:
 
وهي في الغالب قطع كبيرة من الحجارة القاسية، وتكون أبعادها نحو 1×1م، أو 75×50سم، ويُختار أكبر الأحجار وأقواها ليُوضع تحت المزارة (العمود الخشبي) لتتحمل الحمل الثقيل الآتي من السقف.
 
خطوات البناء
 
أول خطوة في عملية البناء تتمثل في تحديد قطعة الأرض المراد إقامة البيت فوقها، وبدلاً مما يُسمى اليوم بـ (الخنـزيرة) المكونة من الخشب كان أهالي نجران يضعون خيوطًا لتحديد أبعاد البيت وتحديد أمكنة أساس البيت، ويثبتون تلك الخيوط بأوتاد يدقونها في الأرض ويشدون الخيوط عليها. وبعد ذلك تُحفر الأساسات في الأرض بالعمق المناسب الذي قد يصل إلى 2م أو أقل أو أكثر حسب صلابة الأرض؛ فالأساس يكون عميقًا في المناطق الترابية، وأقل عمقًا في المناطق الصخرية، ثم يُوضع الأساس المسمى (الوِثْر) وهو من الحجارة وأحيانًا يُضاف إليها الطين، وسُمِّي وِثْرًا لأنه يمهد ويوطِّئ للبناء ويكون له بمنـزلة الفراش، والوِثْر والوَثير - في اللغة - هو: الفراش الجيد الوطيء. ثم يُوضع المدماك الأول؛ والمدماك هو الصف من الطين بارتفاع نصف متر أو أقل أو أكثر، ويمتد من أول امتداد الجدار إلى آخره، وغالبًا ما يُوضع المدماك في أوقات متقاربة على جميع الجدران المراد إقامتها في البيت، وبعد الانتهاء منه يُترك لمدة يوم واحد حتى يجف ويصبح قادرًا على حمل مدماك آخر فوقه، وذلك في فصل الصيف، أما في فصل الشتاء فيُترك يومين أو ثلاثة، وكان معظم الأبنية الطينية يُبنى في فصل الصيف لتجنب الأمطار والاستفادة من حرارة الشمس لتجفيف المداميك في وقت قصير مما يسهل عملية إنجاز البناء في وقت مناسب، ثم يُوضع المدماك الثاني، ثم الثالث... وهكذا حتى يتم البناء بارتفاع يحدده صاحب البيت، ويكون غالبًا 3م تقريبًا. وبعد الانتهاء من البناء تُجرى عملية (الصماغ) وهي لياسة الجدران من الأسفل بالطين الناعم المخلوط بالتبن، وبعضهم يستخدم سماد البقر ويخلطه بالطين لقدرته على التماسك  
 
ويُسقف المبنى بخشب من جذوع النخل، أو من أشجار السدر، أو من أشجار الأثل  ، ويُوضع سعف النخل أو أعواد الأثل على ذلك الخشب بطريقة معاكسة لاتجاهه. وبعد مدة تقارب خمسة عشر يومًا يُعمل (القضاض) وهو الجير الأبيض، ثم عملية (التسعيف) وهي عمل الدرج وتلييسه بالطين وتلوينه بالنورة البيضاء، وبهذا يكون العمل قد تم.
 
وتوجد إضافات تُوضع إما لتجميل المبنى أو لحمايته أو لحفظه؛ إذ يُبنى في بعض الغرف ما يُسمى بـ (الدكة) وهي خاصة بكبار السن، وتكون ملاصقة للجدار ومرتفعة بقدر ارتفاع الكنب، ويمكن استخدامها للجلوس أو النوم. وفي منازل كبار القوم تُبنى الدكة خارج المنـزل؛ ليجلس عليها الضيوف ويعرضوا حاجاتهم وخصوماتهم على صاحب المنـزل الذي غالبًا ما يكون شيخ قبيلة أو من أعيان القوم. وبعضهم يبني عريشًا خارج المنـزل، ويكون مغطى بسعف النخل، ويُستخدم للجلوس في أوقات الحر.
 
كما يُوضع في جدران الغرف ما يُسمى بـ (الكوَّة)؛  وهي تجويف مربع أو مستطيل، يُستخدم لوضع الكتب أو المصباح (السراج) أو القهوة ونحوها من المواد التي تُستعمل بكثرة، ويجب أن تكون الكوة قريبة ممن يحتاجها. كما يُعمل في طرف الغرفة ما يُسمى بـ (الصفيف) لوضع الأكل فوقه، وتُعلَّق بين جدارَي الغرفة خشبة من أشجار الأثل والسدر لوضع المفروشات.
 
وقد جرت العادة أن تُوضع دورة المياه داخل إحدى الغرف، ولها تصريف خارجي هو عمود مجوَّف من أشجار الأثل أو السدر. كما يُوضع في أعلى البيت ما يُسمى بـ (الشراريف) و (الزناقب) وهي نتوءات وزوائد جمالية تُوضع للزخرفة وإكساب البيت جمالاً وزينة.
 
ومن أراد أن يحمي بيته من الملوحة الأرضية ومِن تدفق المياه التي قد تؤثر في أساسات البيت وتؤدي إلى انهياره؛ فإنه يضع ما يُسمى بـ (الحذوة) وسُمِّيت كذلك لأنها تحاذي الجدار وتلامسه، وهي من الحجارة والطين، وتُقام على المدماكين السفليين من الخارج. وبعض البيوت يُعمل لها أحواش ويُسمى واحدها (الحوي) لأنه يحوي البيت بداخله، وهو بارتفاع ستة مداميك أي ما بين 2 و 3م، وفي أركانها أبراج صغيرة للمراقبة، تُسمى الواحدة منها (قصبة).
 
وقد كانت لعملية البناء في الماضي فرحة خاصة، ويُعد الانتهاء منها إنجازًا كبيرًا ومهمًا، ولهذا كانت تُقام مآدب يُدعى إليها الأهل والجيران، وبعد الانتهاء من البناء لا بد من إقامة مأدبة تخص (المعلِّم) والعمال الذين بنوا البيت، إذ يُقدِّم لهم صاحب البيت (الكسوة) وهي ثياب جديدة؛ تعبيرًا عن إعجابه وتقديره لما قاموا به من عمل.
 
وقد كانت أجرة المعلم - مهما كان نوع البيت - عن كل طابق 100 ريال فرنسي من الفضة قبل أن تكون قد وُجدت العملة السعودية. أما العمال فلهم 150 ريالاً فرنسيًا للبيت (أبو خمس) كاملاً، و 100 ريال فرنسي للبيت (أبو ثلاث)، أما للبيت (أبو اثنين) فلهم 80 ريالاً فرنسيًا.
 
أما نوعية الأثاث المستخدم في غرف هذه البيوت؛ فتوجد صناعات صوفية كثيرة منها البساط والساحة، ويُستعملان فرشًا للغرف، وكانت هذه المفروشات تُصنع محليًا، كما أن بعض الأدوات والمفروشات التي تُستخدم داخل المنـزل كانت تُصنع من سعف النخل.
 
أما طريقة بناء المساجد  قديمًا في منطقة نجران فلم تكن تختلف كثيرًا عن طريقة بناء البيوت الطينية، فقد كانت تُستخدم المواد والأدوات نفسها، ويقوم بالتنفيذ المعلم والعمال ذوو الخبرة في هذا المجال، ولكن المساجد تختلف في أنها يُوضع لها في الوسط أعمدة من الطين لحمل السقف، أما البيوت فتُحمل الأسقف فيها على الجدران. وخارج باب المسجد يُبنى فناء يُسمى (الشماسي)، وسُمِّي بذلك لأنه يكون مكشوفًا لأشعة الشمس، ويتجمع المصلون فيه في أيام الشتاء عند انتظار الصلوات، يتعرضون لأشعة الشمس، ويتبادلون الأحاديث إلى أن يُؤذَّن للصلاة.
 
شارك المقالة:
43 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook