أبرز معالم المنشآت المائية في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
أبرز معالم المنشآت المائية في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

أبرز معالم المنشآت المائية في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية.

 
1 - برك المياه:
 
تتميز برك المياه في المنطقة وتلك الواقعة على مسار درب زبيدة بعدد من الخصائص المعمارية منها:  
 
 تتسم البرك بأنها نادرًا ما تكون متشابهة، فهي مختلفة الشكل، والمساحة، والتصميم، وأسلوب البناء، وتبرز من خلال عمارتها جودة فن العمارة الإسلامية.
 
 جميع البرك بحالة جيدة، وهي في الوقت الراهن مليئة برواسب ما جرفته السيول وما حملته الرياح إليها من رمال وأتربة.
 
 غالبًا ما تكون البركة في مكان منخفض يتخلل سهلاً مستويًا، ونادرًا ما تكون مشيدة ببطن وادٍ عميق أو أخدود.
 
 توجد بركة على الأقل في كل محطة، وفي كثير من الأحيان توجد أكثر من بركة واحدة في المحطة نفسها.
 
 شيدت البرك إما من حجر الكلس أو الجرانيت والبازلت، وغالبًا ما كانت هذه الأحجار تجلب من مناطق أخرى في حالة عدم توافرها في الموقع نفسه.
 
 تنقسم البرك من حيث تخطيطها إلى قسمين: إما أن تكون دائرية المسقط، أو أن تكون مستطيلة أو مربعة المسقط، وهي عادة مزودة بالدعائم الكتفية، والسلالم المدرجة، والمصبات المائية.
 
 يلاحظ أن مداخل بعض البرك مبنية على شكل قوس معقود، وأحيانًا يبنى الشكل نفسه فوق المخارج أيضًا.
 
 يلاحظ أن جدران تحويل الماء وتوجيهها إلى البرك تمتد إلى مسافة كيلومتر واحد فوق سفوح الهضاب بانحدارات ومناسيب مدروسة؛ لكي تغذي البرك بالمياه في المنخفضات، وعند فوهات الأودية.
 
 يراوح عمق البركة بين 2 و 3م، بينما يبلغ متوسط قطر معظم برك المياه نحو 30م، ومنها ما يراوح قطره بين 50 و 60م، ومن أنواع هذه البرك في المنطقة ما يأتي:
 
أ) برك مياه ذات مسقط دائري:
 
ومنها ما وُجد في موقع الأجفر، وموقع الساقية  ، وموقع فيضة الأجفر (عقبة الأجفر)  ، وموقع القنعة (قنعة خفاف)، و موسى بن عيسى، وبركة الغريبين (القرائن)، وبركة أرينبة في موقع المزيربات (العنابة)، وبركة موقع الجفالية (الفحيمة)، وبركة موقع حريد (الحسنة)، وبركة موقع كتيفة (العباسية)، وأخيرًا بركة موقع سناف اللحم (قرورى). وفيما يأتي وصف لإحدى هذه البرك:
 
بركة الغريبين (القرائن): 
 
يقول عنها الحربي في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي ما نصه:   وعلى أحد عشر ميلاً ونصف من فيد بركة وحوض لعبد الله بن مالك، تسمى القرائن، والبركة مدورة، وبئرها كثير الماء....
 
وصف البركة:
 
معظم أجزاء البركة في الوقت الحالي مطمور بالرمال، ولا يتبين منها سوى حواف بعض جدرانها الخارجية، والبركة تأخذ شكلاً دائري المسقط، وطول قطرها يبلغ 24.60م، أما سمك جدارها فيبلغ 50سم، وهي محاطة من الخارج بجدار لتدعيمها، يبلغ سُمْكه 80سم، وارتفاعه يصل إلى 50سم، وقد دعمت من الداخل بدعائم نصف دائرية المسقط، أما من الخارج فدعمت فيما بعد بدعائم نصف دائرية المسقط أيضًا، ولها مخرج للماء في الجهة الشمالية الشرقية بعرض 33سم، ومحاط بدعامتين من الخارج، كل منهما ربع دائرية المسقط. أما مدخلها فيقع في الجهة الغربية بعرض 65سم، وعند امتداد البركة إلى الشرق يلاحظ وجود جدار يتصل به جداران أضيفا فيما بعد ليحولا الماء إلى البركة من الوادي جنوبًا، ويمتدان لمسافة 50م، ويشكلان فيما بينهما قبل وصول البركة ما يشبه المصفاة، وسمك كل منهما 1.10م  
 
ب) برك مياه ذات مسقط مربع أو مستطيل:
 
عثر في مسار درب زبيدة عبر المنطقة على عدد من البرك ذات مسقط مربع أو مستطيل، ومنها ما وجد في موقع الوسيط  ، وفي موقع الحويض (بريد فهدان)، وفي موقع فيد، وفي موقع المخروقة (توز)، وفي موقع الحميمة الشمالية، وفي موقع سناف اللحم (قرورى).وفيما يأتي وصف موجز لبركتي فيد المربعة والمستطيلة:
 
1) البركة المربعة المسقط (البركة الشمالية): 
 
تقع إلى الشمال من بلدة الحديثة، وجنوب الوادي، وهي مربعة المسقط، طول ضلعها 36.5م، وعمقها 1م، وسُمْك جدارها 1م. ودعمت أركانها بدعائم دائرية المسقط، وهي مشيدة من الحجر، وغطيت من الداخل بطبقة جصية سُمْكها 2سم، وتضم بداخلها حوضًا مستطيل المسقط، أبعاده 5.85×3.60سم، وعمقه 30سم، وسُمْك جداره 88سم، وقد شيد من اللبن ماعدا جداره الجنوبي المبني من الحجر، وغطي من الداخل والخارج بطبقة جصية سمكها 1سم  . 
 
2) البركة المستطيلة المسقط (البركة الجنوبية): 
 
تقع شرق البركة المربعة، وهي مستطيلة المسقط أبعادها 30×20م، وسمك جدارها 95سم، وعمقها 45سم، ومن المرجح أنها تتصل بالبركة الأولى بوساطة قناة في جدارها الشمالي، وتسير باتجاه الشمال الغربي إلى البركة المربعة، وتحتوي أيضًا على حوض مستطيل المسقط أبعاده 4×7.70م، يقع في ركنها الشمالي الشرقي، ويبلغ سُمْكه 50سم، وينحدر الماء إليه من قناة عرضها 43سم، وسُمْك جداريها 55سم في الزاوية الشمالية الشرقية  . 
 
ج - العمارة المدنية:
 
وتتمثل في القصور والبيوت (المنازل).
 
1 - القصور:
 
تتسم عمارة القصور - كما يتضح من خلال أطلالها في المواقع الأثرية بالمنطقة - بعدد من الخصائص المعمارية لعل من أهمها:
 
 يلحق بالقصر عادة مسجد خارجي، يقع في الغالب ملاصقًا للبوابة الرئيسة، ويعلوه برجان على هيئة ربع دائرية المسقط.
 
 يتم تدعيم القصر بأبراج دائرية في الأركان الخارجية، أما في منتصف الأضلاع فيدعّم بأبراج مسقطها على هيئة نصف دائرة.
 
 شيدت بعض أساسات القصور بالحجر، وبعضها الآخر باللبن، واستخدمت مونة الجص للتثبيت.
 
 كسيت جدران القصور من الداخل ومن الخارج بطبقة من الجص، ويبلغ سُمْك الجدران بصفة عامة نحو 90سم.
 
 معظم تخطيط القصور في المنطقة مقسم من الداخل عرضيًا إلى قسمين متشابهين، وطوليًا إلى قسمين متباينين، كما هي الحال في تخطيط القصر العتيق  بالوسيط الشرقي، أو أن يكون مقسمًا عرضيًا إلى ثلاثة أقسام، مثلما هو عليه الوضع في مخطط قصر الوسيط الغربي.
 
ثمة مجموعة من القصور متشابهة من حيث التخطيط والخصائص المعمارية كشف عنها في عدد من المواقع الأثرية بالمنطقة، ومنها: القصر العتيق بالوسيط الشرقي، وقصر آخر في موقع الوسيط الغربي، وقصر بموقع الصقعة، وقصر بموقع الكراع، وقصر في موقع المخروقة، وقصر في موقع قرورى (سناف اللحم)، وقصر في موقع الجفالية (الحمية)، وقصر في موقع العباسية (كتيفة)، وقصر في موقع (المنتصفة) شقرة.
 

أ) القصر العتيق في الوسيط الشرقي:

 
يقع القصر العتيق في موقع الوسيط الشرقي على مسافة 13كم تقريبًا إلى الجنوب الشرقي من بئر الهاشمة، ويسمى الآن موقع الوسيط الشرقي أيضًا باسم الخزيمية. وتعد محطة الخزيمية من المحطات المعروفة على درب زبيدة خلال العصور الإسلامية المبكرة، وحسب رواية المؤرخين والجغرافيين والرحالة فهي تعرف أيضًا باسم زرود  . 
 
ويذكر عنها الحربي في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي:   زرود سميت زرود وشقرة، وفيها من الآبار العامرة نحو عشرين بئرًا ماؤها غليظ، وبها قصر وحوانيت وبركة ماء وحوض على بئر كبيرة... وزرود العتيقة التي كان الناس ينـزلونها من عهد بني أمية... وعلى مقدار ميلين من الخزيمية أيضًا موضع يعرف بالقصر العتيق، كان أبو جعفر المنصور قد بناه، وفيه بركة مربعة.
 
وقد كشفت آخر نتائج البحث الأثري في موقع الوسيط الشرقي عن أطلال خمس عشرة وحدة معمارية، بالإضافة إلى عدد من كسر الأواني الخزفية والفخارية، ومن بين الوحدات المعمارية القصر العتيق، وهو قصر كبير الحجم، يقع في الجزء الشمالي الشرقي من الموقع الأثري، ويقوم بداخله مسجدان  ،  ووفق ما ذكر في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي، فإن من قام ببناء هذا القصر هو الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور 136 - 158هـ / 754 - 775م  
لقد شيدت أساسات القصر من الحجر واللبن، أما المونة فكانت من الجص، وغطيت الجدران من الداخل والخارج بطبقة جصية، ويبلغ سمك جدرانه نحو 90سم، وهو مدعم من الخارج بأبراج نصف دائرية في الضلعين الجنوبي الشرقي والجنوبي الغربي، ودائرية في الأركان الأربعة من القصر. ومسقطه مربع الشكل، ويبلغ طول ضلعه 56.50م، وهو يشبه كلاً من: قصر موقع الصقعة، وموقع الكراع، وموقع المخروقة، وذلك من حيث التصميم المعماري، وكذلك وجود المسجد الخارجي الملاصق للبوابة الرئيسة الشمالية الشرقية. وتخطيطه المعماري من الداخل كالآتي:
 
ينقسم مخطط القصرعرضيًا إلى قسمين متشابهين، أما طوليًا فينقسم إلى قسمين متباينين على النحو الآتي:  
 
1) القسم الجنوبي الغربي:
 
فناء مستطيل المسقط تبلغ أبعاده 19.5م×46.80م، مقسم إلى ثلاثة أجزاء، جميعها تحيط بالفناء: الجزء الجنوبي الغربي، وهو صف من الغرف يقابله صف آخر من الغرف، بينما الجزء الجنوبي صف من الغرف يفصله ممر عرضه 24م عن سور القصر. ويلاحظ أن ثمة بقايا محراب في هذا الجزء؛ ما يدل على وجود مسجد صغير الحجم خاص بمن يعيشون داخل القصر.
 
2) القسم الشمالي: 
 
فناء مستطيل الشكل تبلغ أبعاده 24×56.50م، ويحتوي على ثلاث بوابات مدعمة بأبراج ربع دائرية المسقط من الخارج وتستند إلى الجدران الثلاثة: الشمالي، والشرقي، والغربي، ويحتوي القصر أيضًا على بابين يقعان في الجدار الجنوبي، ويفتحان على الفناء.
 
أما البوابة الشمالية الشرقية فيلاصقها من الخارج، ويقع شرقها، مسجد مربع صغير الحجم، يبلغ طول ضلعه 11م، وتوجد شرق المسجد وعلى صف واحد معه، وملاصق للقصر غرفتان. كما توجد غرفتان أخريان تقعان في الجانب الغربي من الخارج، يقابلهما داخل القصر غرفة مستطيلة، في وسطها جدار يقسمها إلى قسمين صغيرين.
 
3) القسم الشمالي الشرقي:
 
فناء تفتح عليه بوابة القصر الشرقية، وتقابلها بوابة خارجية مدعمة بأبراج ربع دائرية المسقط إلى الخارج، وهذا الفناء مستطيل المسقط 20.30×8م، وعلى ما يبدو من التفاصيل المعمارية المجاورة أن هذا الفناء قد أضيف إلى القصر بعد بنائه، ومن المحتمل أن يكون إسطبلاً خاصًا بالقصر.
 
وتحتفظ المنطقة في أرجاء متفرقة منها ببعض المباني التاريخية المهمة والمعالم العمرانية وبخاصة في مدن: حائل، وقفار، وعقدة، وموقق، والمستجدة، والغزالة، والروضة، والحائط، ومن أهم هذه المعالم التاريخية:
 
ب) قصر برزان: 
 
شيد القصر الأمير محمد بن عبد المحسن آل علي ثاني أمير من أسرة آل علي  ،  ويقع حاليًا وسط سوق حائل، وجدّده وأكمل بناءه الأمير طلال بن عبد الله بن رشيد الذي تولى الحكم بعد وفاة والده عام 1263هـ / 1847م  
 
ولم يتبقَ من القصر الآن سوى برجين دائريي المسقط، ويبلغ قطر البرج الشمالي نحو 7م، والبرج الجنوبي نحو 5م، ويصل ارتفاع كل منهما إلى 10م  
 
ج) قصر القشلة: 
 
يقع المبنى وسط مدينة حائل، ويعود تاريخ تشييده إلى بداية الستينيات من القرن الماضي، وذلك بعد تولي الأمير عبد العزيز بن مساعد إمارة المنطقة أواخر عام 1341هـ / 1923م، وكان الغرض من تشييده في أول الأمر ليكون مقرًا لأفراد الجيش السعودي  
 
ويتكون التخطيط المعماري لمبنى القشلة من مساحة مستطيلة المسقط تبلغ أبعادها من الخارج 142.8×14.2م، ويبلغ ارتفاع جدرانه من الخارج نحو 8.5م، وقد دعم في زواياه وأواسط أضلاعه بثمانية أبراج مربعة المسقط، ويدخل إليه عبر بوابتين: إحداهما شرقية، والأخرى غربية. وتشرف جميع حجرات المبنى على أفنية واسعة  ، ويتوسط فناء مبنى القشلة مسجد له خلوة سفلية ومصلى مكشوف. ويتميز مبنى القشلة باحتوائه على جميع العناصر المعمارية التي تميزت بها العمارة المحلية وسط المملكة العربية السعودية.
 
2 - البيوت (المنازل):
 
تحتفظ المنطقة بنماذج كثيرة من المنازل القديمة بعضها في مدينة حائل، وبعضها الآخر ينتشر في جبة، وبقعاء، وفيد، وموقق، وسميراء، والسليمي، والحائط وغيرها، وقد تميزت هذه المساكن بتنوع أنماطها المعمارية التقليدية، وما زالت تحتفظ بعناصرها المعمارية والفنية حتى الوقت الراهن.
 
إن عمارة المنـزل في المنطقة، مثل غيرها في بقية مناطق المملكة قد تعرضت لعدد من المؤثرات، أبرزها تأثير العوامل البيئية والجغرافية في عمارة المنازل، فالمناطق ذات التضاريس الوعرة تبنى بيوتها بشكل رأسي، كما في بلدة الحائط، حيث يلاحظ على مساكنها أنها تتكون من عدد من الطوابق، ولكل طابق استخداماته المحددة. أما المناطق ذات الأرضية المستوية والمساحات الواسعة، فكان الاتساع فيها أفقيًا؛ لذا تميزت بأنها ذات وحدات معمارية متعددة الأغراض  
 
كما كان لتميز منطقة حائل بالتنوع البيئي من حيث التكوينات الجيولوجية من جبال وحرات وسهول ورمال، بالإضافة إلى وفرة المياه  ،  دور مهم في تنوع مواد البناء التي بنيت بها المنازل، وقد ظل الطين  يشكل المادة الأساسية بجانب الأحجار والأخشاب لبناء مساكن سكان المنطقة. 
 
كذلك كان للمناخ أثره في تخطيط منازل حائل التقليدية، حيث زودت ممرات المنـزل ودهاليزه بالفتحات لتعمل على سحب الهواء من الخارج، وتبريد المسكن من خلال اندفاعه عبر الممرات والدهاليز. ومن أجل السبب نفسه جعلت كل وحدات البيت تفتح على فناء أوسط تتم في الغالب زراعته بأنواع مختلفة من الأشجار، ويسقى بالمياه المتحركة ليعمل على تلطيف درجة الحرارة داخل وحدات المنـزل في فصل الصيف.
 
أما الأبعاد الاجتماعية متمثلة في الثوابت الدينية والقيم والعادات والتقاليد  ،  فقد انعكست هي الأخرى على عمارة المساكن وأساليب تخطيطها في المنطقة، لذا روعي في التخطيط العام للمسكن مسألة خصوصية وحرمة مَنْ بداخل المنـزل وفق ما جاء في التعاليم الإسلامية، وما تواتر في العادات والتقاليد المتوارثة. وعلى هدي ذلك استخدمت المداخل المنكسرة بالمنـزل حتى لا يتمكن الطارق أو المارة من رؤية مَنْ بداخل المسكن، بالإضافة إلى تخصيص مدخل للرجال يقع في الواجهة الرئيسة، ومدخل آخر للنساء يقع في الغالب في الطرف الآخر من الواجهة أو في الواجهة الخلفية للمنـزل  .  ومن أجل الحفاظ على الخصوصية بنيت مجالس الرجال (قاعات الاستقبال) بعيدة عن بقية الوحدات المعمارية الأخرى، وتفصل بينها في الغالب جدران مانعة.
 
ولقد تميزت المنازل في المنطقة بجملة من الخصائص المعمارية أهمها:  
 
 تتسم عمارة الواجهات الخارجية للمنازل بالبساطة، فهي تكاد تخلو من الزخارف الإضافية، كما تتميز بقلة فتحات النوافذ التي غالبًا ما تكون مرتفعة لغرض التهوية والإضاءة، وتُزود الواجهات بالمآزيب البارزة لتصريف مياه السطوح الناتجة عن هطلان الأمطار.
 
 عادة ما يعلو مداخل المنـزل مباشرة طُرُم، تبرز قليلاً عن سمت جدار الواجهة بنحو 10 - 20سم، وتحملها عوارض خشبية مثبتة في الجدار، وهي تخدم وظيفة محددة، لكي ينظر أهل البيت من خلال ثقوب في أسفلها إلى فتحة الباب الخارجي للمسكن؛ وذلك للتأكد من هوية الطارق قبل السماح له بالدخول إلى البيت.
 
 زخرفت بعض واجهات المنازل في الأجزاء العليا منها بمجموعة من المثلثات البارزة (الشرف) لإضفاء شكل جمالي على واجهة المسكن  .
 
 الاهتمام بالواجهات الداخلية للمنـزل، وخصوصًا واجهة الفناء الأوسط الداخلي الذي تفتح عليه جميع فتحات المنـزل ونوافذه من أجل نفاذ الإضاءة والتهوية إلى الوحدات المعمارية في الداخل. وفي الغالب يتقدم الوحدات المعمارية إيوان مظلل بسقائف تحيط بفناء المنـزل أو بأفنية المجالس والملاحق. وقد حظيت هذه الواجهات الداخلية من المسكن بإضافات جمالية، حيث زخرفت بزخارف جصية بارزة، أو غائرة غاية في الدقة والجمال، وتتركز أنماط الزخارف على أشكال هندسية ونباتية متنوعة في هيئتها وحجمها.
 
 تنوعت أشكال ومادة البناء للأساطين (الأعمدة) أو الدعائم الحاملة للسقائف المحيطة بالفناء الرئيس والأسقف والمجالس والحجرات، وقد حظيت هذه الأعمدة، خصوصًا تلك التي تقع داخل المجالس، بزخارف جمالية متنوعة.
 
 تنقسم المنازل من حيث التخطيط إلى ثلاثة طرز:  
 
طراز المنـزل ذي الفناء الواحد وتوجد أمثلة كثيرة منه في مدينة حائل، وموقق، والسليمي، وفيد، وسميراء.
 
 طراز المنـزل المكون من فناءين، كما في مدينة السليمي، وفيد، وبقعاء، أو أكثر من فناءين كما في مدينة حائل، وموقق وجبة، وهذا الطراز هو الأكثر شيوعًا في منطقة حائل.
 
 طراز المنـزل دون الفناء الأوسط، وانفردت بلدة الحائط بهذا الطراز.
 
 وينقسم المنـزل في الغالب من الداخل إلى:
 
 الفناء الأوسط ويحيط به إيوان أو أكثر.
 
 حجرات المعيشة الداخلية وتقع في الطابق الأرضي.
 
 مجالس الرجال.
 
 الملاحق: المطبخ، والمغسل، وحجرات التخزين.
 
 حظيرة الحيوانات.
 
 البستان.
 
إن أكثر مخططات المنازل بمدينة حائل تشتمل مخططاتها على أفنية متعددة، ويلاحظ أن المسقط الأفقي لهذا النوع من المنازل هو مساحة مستطيلة، ويشرف على واجهة رئيسة تمتد نحو 15م، ويصل ارتفاعها إلى نحو 5 - 6م، ويجري في الغالب تزيينها من الأعلى بصف من الشرفات المسننة. وشيدت الواجهة من الطين وبطريقة البناء بالعروق المغطى بطبقة من الطين المخلوط بالتبن، وتتكون في الغالب من طابقين يربط بينهما سُلَّمان؛ أحدهما للرجال والآخر لأفراد الأسرة 
 
ويقع في الواجهة مدخلان: رئيس للرجال والغرباء، وفرعي للنساء، وعادة ما يعلو كل مدخل طرمة للتأكد من كشف الطارق ومعرفته، كما يوجد في نهاية واجهة المنـزل العليا ميزاب خشبي لإخراج مياه الأمطار من سطح المنـزل، وبجانب هذا الميزاب ثمة وسيلة أخرى لتصريف المياه من سطح المنـزل يطلق عليها محليًا اسم السيالة، وهي تجويف مسقط على هيئة حرف (U) يوضع بشكل رأسي على الواجهة الخارجية للمنـزل.
 
ومخطط المنـزل من الداخل كالآتي:
 
يؤدي المدخل الرئيس للمسكن إلى ممر (دهليز) مستطيل رأسي منكسر، ومغطى بسقف خشبي يقطع امتداده من جهة مجلس الرجال حجاب (ساتر) متوج من الأعلى بصف من الشرفات المسننة (المدرجة) لحجب رؤية من بداخل المنـزل، وحفاظًا على خصوصية من بداخل المسكن. ويتكون المسكن في الغالب من عدد من الوحدات المعمارية على النحو الآتي:
 
أ) الأفنية: 
 
يضم المنـزل في الغالب عددًا من الأفنية المكشوفة هي:
 
 الفناء المركزي، ويفضى إليه ممر (دهليز)، تحيط به من جهاته الأربع سقائف ترتكز على أعمدة، وتقع خلفها حجرات المنـزل الرئيسة، وعادة ما يتجمع أفراد العائلة في هذا الفناء الذي تتركز وظائفه في تسهيل مرور الهواء المتجدد والإضاءة إلى وحدات المنـزل. أما السقائف المظللة للمساحات الواقعة أمام الحجرات، فتستخدم للجلوس، كما تسهم في تبريد الهواء القادم من الفناء.
 
 الفناء الجانبي الثاني، ويقع في قسم النساء، ويصل إليه المرء عبر المدخل الفرعي الواقع في الواجهة الرئيسة من المنـزل.
 
 الفناء الجانبي الثالث، ويجمع حجرات الملاحق من مطابخ ومراحيض وغيرها.
 
 الفناء الجانبي الرابع، ويقع في نهاية حدود المنـزل من الداخل، وهو مخصص لتربية الماشية (حظيرة)، وعادة يقع محصورًا بين ملاحق الخدمة من الداخل والمزرعة (البستان) من الخارج.
 
ب) الغرف:
 
تقع في الطابق الأرضي، ومسقطها ما بين المربع والمستطيل، وتستمد إضاءتها وتهويتها عبر فتحات صغيرة تعلو أبوابها، وزينت أبوابها الخشبية بزخارف ملونة غاية في الدقة والجمال  . وعادة ما تفتح حجرات المعيشة على الفناء الرئيس، وتكون بعيدة عن مجالس الرجال وملاحق المنـزل وحجرات التخزين. أما أكبر حجرات المنـزل فقد خصصت للمجلس (غرفة استقبال الضيوف)، وتكون أقرب حجرات المنـزل إلى المدخل الرئيس.
 
ج) مجالس الرجال:
 
تبوأت مجالس الرجال أهمية خاصة، وذلك من حيث اختيار موقعها من المخطط العام للمسكن، ومن حيث كبر حجمها، كما اهتم المعماري بزخرفتها وتزيينها. ويدخل إليها عبر المدخل الرئيس الذي يؤدي بدوره إلى ممر (الدهليز)، ويقع على يمينه مدخل المجلس الذي عادة ما يحجب بحجاب (ساتر) يفصل بين المجلس والوحدات المعمارية الداخلية للمنـزل.
 
ويتميز المجلس بأنه مرتفع السقف وأكبر حجرات المنـزل اتساعًا، ويفتح في سقف المنـزل ما يسمى بالكشاف، وهو فتحة لخروج الدخان الناتج من إشعال النار بهدف التدفئة وعمل القهوة والشاي. ويشّيد في صدر المجلس الوجار، وهو المكان المخصص لتجهيز القهوة، ويأخذ هيئة مستطيل في وسطه حفرة، وفي طرفه حفرة صغيرة لوضع الحطب عليها وإشعال النار اللازمة للتدفئة وإعداد القهوة، وتقع خلفه أو بجانبه حجرة صغيرة مخصصة لخزن الحطب، ويعلوه كمر لحفظ أواني القهوة والشاي من أباريق ودلال وأوعية، وغالبًا ما يزين الكمر بزخارف جصية بديعة، قوامها زخارف هندسية ونباتية متنوعة في شكلها وحجمها 
 
ويحتوي جدار المجلس على عدد من الكوات غير النافذة، تستخدم لوضع أسرجة الإضاءة والكتب القيمة، كما تتخلله أوتاد خشبية تثبت في الجدران لتعليق الأسلحة والمشالح وخلافه.
 
د) الملاحق:
 
لقد وزعت الملاحق في المخطط العام للمسكن بعناية فائقة من حيث مراعاة اتجاه الرياح، وذلك لإبعاد الروائح الناتجة من جراء طهو الطعام، وتلك المنبعثة من حظائر الحيوانات، ومن حجرات التخزين والمراحيض والمغاسل أيضًا.
 
3 - البستان:
 
تتميز أغلب مساكن المنطقة باحتوائها على بساتين ملحقة تزرع فيها أشجار مثمرة كأشجار النخيل مثلاً، وهي تأخذ في الغالب مكانًا يقوم في الجهة الخلفية من المنـزل، وفي حالة عدم توافر مثل هذا المكان يكون البديل هو زرع الفناء الأوسط المكشوف (الفناء الرئيس)، وهو في هذه الحالة له فائدتان هما: الاستفادة من إنتاج المحصولات الزراعية اللازمة لقوت أهل المنـزل، وفي الوقت نفسه تلطيف درجة حرارة الشمس المتجهة إلى وحدات المنـزل  
 
د - العمارة الحربية: 
 
تشتمل على القلاع والحصون، ويمكن أن يدرج معها بعض المنشآت المعمارية المشابهة للحصون من حيث التخطيط، ولكنها تختلف في وظيفتها مثل: الخانات، ودور الضيافة، وبعض المرافق الإدارية مثل: مركز صاحب البريد، ومركز المشرف (المسؤول) عن محطة الطريق.
 
وتوجد في المنطقة مجموعة من القلاع والحصون تنتشر في عدد من المواقع المختلفة، ومن أهم هذه القلاع المكتشفة قلعة في موقع سميراء، وقلعة في الوسيط الشرقي (زرود العتيقة). وقد اتسمت هذه القلاع بعدد من الخصائص المعمارية المهمة منها:
 
 شيدت الجدران من الحجر وكسيت بالجص، ونادرًا ما تشيد من الطوب اللبن، كما هي الحال في قلعة موقع سميراء.
 
 يبلغ سُمْك جدران أسوار القلعة نحو 60سم، بينما يبلغ سُمْك جدران الغرف الداخلية 1م.
 
 تدعم القلعة من الخارج في أواسط أضلاعها بأبراج نصف دائرية المسقط، وفي أركانها بأبراج دائرية المسقط.
 
 تشتمل القلعة على مدخل واحد فقط مدعم من الخارج ببرجين ربع دائريي المسقط.
 
 عادة ما يكون مسقطها مربعًا أو مستطيلاً، ويتوسطها صحن أوسط مكشوف تحيط به الغرف. ومن أمثلة القلاع في المنطقة:
 
1 - قلعة موقع الوسيط الشرقي:
 
تقع على مسافة 150م غرب القصر العتيق  .  وهي مشيدة من الحجر ومليسة بالجص، ومسقطها مستطيل، تبلغ أبعادها من الداخل 22.5×17.10م، وسُمْك جدرانها نحو 60سم، ودعمت في الركن الشمالي منها ببرج دائري المسقط، أما في وسط كل من الضلع الجنوبي الغربي والضلع الجنوبي الشرقي فدعمت ببرج نصف دائري المسقط، ويقع مدخلها الرئيس وسط الضلع الشمالي الشرقي، ويقوم فيه برجان مساقطهما ربع دائرية، ويؤدي المدخل إلى الصحن وهو مستطيل المسقط، تبلغ أبعاده 15.30×17.10م، ويشاهد في الضلع الجنوبي الغربي للفناء آثار صف من الغرف، كانت تفتح أبوابها على الفناء مباشرة. وقد أضيف إلى هذه القلعة بعد ذلك غرفتان ملاصقتان لكل من الضلع الشمالي الغربي والركن الشرقي، وكل منهما تفتح على فناء القلعة، ولهما بابان يؤديان إلى خارج القلعة.
 
2 - قلعة أعيرف: 
 
تعد قلعة أعيرف من المعالم التاريخية المهمة الباقية وسط مدينة حائل، وقد شيدت فوق قمة جبل متوسط الارتفاع؛ ما جعل تشييدها يتدرج حسب مستوى طبيعة الأرض، خصوصًا من الداخل، فالأرضيات ذات مستويات متفاوتة.
 
وتعود بداية بناء قلعة أعيرف إلى فترة حكم أسرة آل علي للمنطقة، أي خلال القرن الثاني عشر الهجري / الثامن عشر الميلادي، ثم توالت عليها الترميمات والإضافات حتى وصلت إلى شكلها الحالي  
 
لقد شيدت القلعة على هيئة مستطيلة المسقط، تبلغ أبعادها نحو 40×11م، وجدرانها المبنية من الطين تقوم على أساسات من الحجر، وتشتمل على جميع العناصر الحربية المعمارية للقلاع من أبراج وسقاطات وغيرها  . وتتكون وحداتها المعمارية من برج رئيس للمراقبة، ومسجد، وغرفتين، وفناءين مكشوفين.
 
هـ - المنشآت الصناعية:
 
تتمثل المنشآت الصناعية التي كُشف عنها في المنطقة في أفران حرق الحجر الجيري المتوافرة في المنطقة لعمل الجص المستخدم في بناء الوحدات المعمارية والبرك، وفي أعمال تلييس الجدران، كما استخدمت أيضًا المونة لتثبيت الأحجار بعضها ببعض في عملية البناء.
 
وقد كشفت أعمال المسح الأثري في المنطقة عن مجموعة من الأفران في بعض المواقع الأثرية التي عثر عليها في موقع الحميمة الشمالية  ، وفي موقع الخوير (بركة عبد الله بن مالك)، وفي موقع العباسية (كتيفة)، وفي موقع الوسيط الشرقي (زرود العتيقة)، وفي موقع شامة كبد (بركة الغدير)، وفي موقع القنعة (قنعة خفاف)  
 
- فرن حرق الحجر الجيري في موقع الحميمة الشمالية:
 
تقع الحميمة الشمالية على مسافة 40كم شمال غربي موقع الحاجر الأثري وعلى مسافة 37كم إلى الشمال الغربي من قرية البعايث، و 30كم إلى الغرب من موقع حريد الأثري  ،  وتحيط بالموقع مجموعة من السلاسل الجبلية تسمى جبال القصر في الشمال والشمال الغربي، وجبال الجابرية في الغرب، وجبل عزورة الأبيض اللون في الجنوب الغربي، وتلال صخرية متناثرة حول الموقع. وقد عثر في الموقع على عدد من الوحدات المعمارية من بينها أنقاض أربعة أفران لعمل الجبس من الحجر الجيري المتوافر بالمنطقة، وقد تم حفر واحد منها، وذلك للتعرف على معالمه المعمارية الداخلية، وأسلوب بنائه  ،  فتبين أنه مشيد من الطوب (اللبن)، وله مسقط مربع الشكل، ويبلغ طول ضلعه من الداخل 2.5م، وعمقه 1.5م. ويتكون من الداخل من أربعة عقود منفصلة ومتجاورة على امتداد الجدار الشمالي للفرن في اتجاه الجنوب، وسمك العقد في الوسط 30سم، وفي الجوانب 70سم، وعرضه يراوح بين 30 و 40سم. وقد انهار العقدان الجانبيان، ويصل بين كل عقدين امتداد بسُمْك يراوح بين 15 و 20سم، تاركًا ثلاث فتحات مستطيلة واسعة بين العقد والعقد الذي يليه، وذلك لتسهيل وصول النار إلى جميع جوانب الفرن. أما الجداران الخارجيان فقد شيدا من اللبن أيضًا، ويبلغ حجم قالب الطوب 15×18×30سم، والفرن مليس بالطين من الداخل، ويلاحظ تحول الطين إلى طوب محروق مختلف الأشكال نتيجة لعملية الاحتراق، ولا يزال طوب الجدران من اللبن على طبيعته، مع احتفاظه بدرجة أقل من الصلابة والتماسك.
 

 

شارك المقالة:
92 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook