المحتوى

هل مشاهدة المواد الإباحية عادة أم إدمان؟

الكاتب: يزن النابلسي -

هل مشاهدة المواد الإباحية عادة أم إدمان؟

 

الاستخدام العفوي لكلمة (إدمان) غالبا ما يستخدم بشكل متبادل  مع كلمة (عادة)،  لكن من المهم والمفيد  القدرة على معرفة الفرق بين  الكلمتين،  فمرادفات الكلمتين تظهر الفرق بينهما جيدا .
 
العادة: العرف ، الروتين ، الممارسة ، النمط ، القاعدة ، التقليد .
 
الإدمان: التثبيت ، الهوس ، الاعتماد ، الاستعباد ، الشغف ، الإكراه
 
 
العادة : هي النمط السلوكي الذي يبدأ بتوجيه أو تحريك، وينتهي بمكافأة لا تُنسى، يشار اليها غالبا ب ” حلقة العادة ” الإثارة ، السلوك  أو المكافاة  ( فكرة بافلوف  والتكيف الكلاسيكي )
 
على الجانب الآخر  الإدمان  ويبدأ بسلوك  ثم يتطور إلى تبعية دراماتيكية،  تقود بدورها إلى تداخل الوظائف الطبيعية لحياة الفرد  وعمليات الدماغ.
 
(انظر كيف هو الاختلاف بين العادة والإدمان )
 
 
كلمة الإدمان  مشتقة من مصطلح لاتيني  يعني:   ” مستعبد” أو “مقيد ” وهذا ما هو مهم : الاستعباد ، والتبعية  والإدمان ، لكن  من الملاحظ أن هناك عنصرا  مشتركا مهما بين  العادة  والإدمان،  وهو أن الاثنين يبدوان كسلوكيات .
 
 حيث تشير الأبحاث  إلى أن العادات (أنماط ، ممارسة ، سلوكيات ) يمكن إن تتطور إلى إدمان،  حيث تتم الاستجابة الصحيحة  وإعطاء الدوبامين  من خلال مركز البحث عن المتعة في الدماغ (تشكل النواة).
 
لذاك فالحقيقة إن  الأشخاص  المعرضين للإصابة بالإدمان هم الأشخاص الذين  لديهم تطور العادات  أو بعبارة أخرى: إن هذا ينطبق على أكثرنا إلى حد ما . ولكن كيف يحدث هذا  بالفعل ؟
 
 
الدوبامين
 
وفقا لأحد  تقارير هارفارد  الصحية: فإن الدماغ يقوم بتسجيل جميع  الملذات (المتع) بنفس الطريقة،  سواء كانت ناتجة عن  مخدرات ذات تأثير نفسي ، مكافاة مالية، لقاء جنسي  أو من تناول وجبة مرضية (مفضلة)،  حيث إن هناك  توقيعًا مميزًا للمتعة في الدماغ  يتم عند إطلاق الناقل العصبي  للدوبامين  في النواة، وهي مجموعة من الخلايا العصبية التي تقع تحت القشرة الدماغية،  حيث إن إطلاق الدوبامين في النواة مرتبط  بشكل وثيق بالمتعة  كما يشير علماء الأعصاب إلى المنطقة كمركز للمتعة الدماغية .
 
بعبارة أخرى:  المتعة عنصر مهم بعملية الإدمان،  وبدون متعة  تظل  عبارة عن  سلوكيات وعادات مجزية .
 
 
إنه الدوبامين  (المادة الكيميائية المسؤولة عن المتعة في الدماغ ) الذي لديه القدرة على تحويل  عادات  وممارسات  وأنماط حياتنا إلى عبودية ، ولكن هذا بالطبع يتطلب بعض الوقت والعوامل الأخرى،  وبشكل  أسهل عندما نشبع النواة بالاستجابة للمتعة  نزيد من تسامحنا معها بشكل أكبر  أو بشكل آخر نحتاج إلى كمية أكبر من الدوبامين  للشعور بالمتعة التي  شعرنا بها للمرة الأولى ، وهذا يتطلب مشاركة السلوك المسؤول عن  إطلاق الدوبامين ، فكلما أصبحنا أكثر تسامحًا زاد اعتمادنا على السلوك بشكل أكبر ، ووفقا لخبراء الإدمان الجسدي والعقلي والعاطفي والجنسي  فإن الاعتماد على نمط وسلوك معين يعتبر نوعًا من الإدمان  ، بالإضافة إلى أنه بحال وجود نواة نشطة  فأنت معرض للإصابة بالإدمان .
 
 
القضايا الكامنة
 
انتظر فهناك المزيد ، إن المشاعر السلبية  مثل الحزن ، الغضب ، الصدمات  ، الضجر وانعدام الأمان  تحفز الجسم للسعي للحصول على المتعة؛  للتخلص من هذه  المشاعر السلبية  المزعجة. ألا تبدو وكأنه البحث عن المتعة  للهروب من الألم ؟ هذا هو أحد العناصر (بوجود عوامل أخرى ) فالسلوك المستخدم للهرب من المشاعر العاطفية  غالبا  ما يتحول من الاعتدال إلى الإفراط،  ومن الرتابة (الروتين) إلى الإدمان .
 
هل يوجد شخص لم  يمر بحزن ، أو وحدة أو علاقة جنسية  لتجنب الأشياء السلبية في الحياة؟ فالعاطفة تعتبر جزء آخر من المعادلة  -ولكن هذا  بالطبع لا يعني أنه لا مفر من الإدمان- إما ببناء العادات  أو إطلاق الدوبامين ، فالإدمان  خطر يواجهه الكثير منا بطريقة أو بأخرى.
 
 
 
ماذا عن الإباحية ؟
 
إن كان نظام مكافأة  طلب المتعة في أدمغتنا هو التفسير العصبي للإدمان  وإدماننا  في نهاية المطاف يتأثر بالاضطرابات العاطفية ، إذًا فهل توجد هناك حدود للإدمان  ؟؟
 
من الناحية النظرية ، فإن المخدرات تعتبر  عوامل مسببة للإدمان ، لكن هذه المواد (المخدرات والكحول )  تقوم بمعالجة كيميائية مفرطة للنواة ، إذا ماذا عن السلوك ؟ هل بإمكاننا أن نصبح مدمنين فقط من الأشياء الكيميائية التي تحفز إفراز الدوبامين؟ أم أنه بإمكان السلوك بإفرازه الطبيعي للدوبامين أن يقودنا إلى الإدمان ؟
 
على سبيل المثال هل بإمكاننا أن نصبح مدمنين للتدريب (التمارين) كإدماننا للكحول ؟ وماذا عن الطعام ؟ أو التسوق ؟ أو الجنس ؟
 
وفقا لذلك التقرير الصحي  الصادر عن هارفارد : لسنوات  عديدة كان يعتقد الخبراء أن الكحول والمخدرات القوية هي فقط التي تسبب الإدمان،  ولكن أبحاث وتقنيات التصوير العصبي الحديثة أظهرت أن بعض الأنشطة الممتعة مثل القمار والتسوق والجنس يمكن أن تؤثر على الدماغ .
 
 اتضح أن المتعة هي المتعة،  فالدماغ لن يفرق بين أصول الدوبامين  طالما تم  إفرازه،  وهذا يعني أن المتعة الناتجة عن  وجبة ( توست الأفوكادو) لا تختلف عن المتعة الناتجة عن  شراء حذاء جديد  أو تناول المخدرات .
 
إذا بمعرفة كل ما عرفناه الآن ،  هل المواد الإباحية  تعتبر إدمانا ؟  كل هذا يعود إلى الدماغ؛  إذا كان تصفح الصور الجنسية يؤدي إلى إفراز المتعة في النواة  فإن الدماغ سوف يبحث عنها مرة أخرى ؛ ولتجنب إدمان المواد الإباحية  يجب أن لا يقوم  الدماغ بتفسير اللقاءات الجنسية  على أنها  مكافأة في نظام المكافأة الموجود بالدماغ .
 
إذًا لماذا يتم بيع المواد الجنسية ؟ لأن البشر مرتبطون بشدة للتعرف على اللقاءات الجنسية على أنها ممتعة، وكوسيلة لبقاء البشر . من الطبيعي 100%  أن يحب الشخص ممارسة الجنس، ولكن إذا كان الدماغ لا يفرق بين مصادر الدوبامين  فإنه لا يمكن للنواة (مركز المتعة في الدماغ) أن تفرق بين المتعة الناتجة عن الجنس والمتعة الناتجة عن الخيال الجنسي ؟
 
 
 
شارك المقالة:
209 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook