سكر الحمل أو سكري الحمل أو السكري الحملي (بالإنجليزية: Gestational diabetes) هو الحالة الصحية التي تتمثلبارتفاع مستوى السكر في الدمبصورة تكفي لتشخيص إصابة المرأة بالسكري أثناء الحمل، وعادة ما يختفي هذا النوع من المشاكل الصحية بعد ولادة المرأة، ومن الجدير بالعلم أنّ سكري الحمل من الممكن أن يظهر في أي مرحلة منمراحل الحمل، ولكنّه أكثر شيوعًا في الثلث الثاني أو الثلث الثالث من الحمل، وبالاستناد إلى الدراسة التي تم نشرها في مجلة Diabetology and Metabolic Syndrome في عام 2019 م فقد تبيّن أنّ هناك ما يُقارب 4.4% من مجموع النساء الحوامل حول العالم يُصبن بسكري الحمل.
إنّ سكر الحمل لا يكون مصحوبًا بظهور أيأعراضأو علامات في الغالب، وفي بعض الأحيان قد تُعاني الحوامل المصابات بهذه المشكلة الصحية من العطش بشكل أكثر من المعتاد أو زيادة معدلات التبول عن الحدّ الذي اعتدن عليه،هذا بالإضافة إلى احتمالية المعاناة من بعض الأعراض الأخرى، مثل ضبابية الرؤية ضمن ما يُعرف بزغللة النظر (بالإنجليزية: Blurred vision)، وكذلك الإصابة بعدوى المسالك البولية وخاصة المثانة، والشعوربالغثيانأو أن تُوشك المرأة علىالتقيؤ، وكذلك الشعور بالتعب وحدوث جفاف في الفم، والجدير بالتنبيه أنّ هذه الأعراض عادة ما تكون أعراضًا طبيعية ترافق الحمل بشكل عاديّ، ولا يُشترط أن ترتبط هذه الأعراض بالإصابة بسكري الحمل.
عند تناول الإنسان الطعام فإنّ الجسم يقوم بدوره بتحطيم السكرياتوالنشوياتالموجودة في الطعام، إذ يُحطّمها إلى سكر الجلوكوز ليتمّ استخدامه في إنتاج الطاقة، وحقيقة فإنّ عضوًا في الجسم يُفرز هرمونًا يتحكم في مستويات السكر في الدم ليُبقيها ضمن الحدود المقبولة، وإنّ هذا العضو هوالبنكرياسويوجد خلف المعدة، ويُفرز هرمونًا يُعرف بالإنسولين يتحكم في بمستويات السكر في الدم كما أسلفنا،وبالنسبة لحالات الحمل فإنّ المشيمة (بالإنجليزية: Placenta) تُفرز هرمونات مهمة للحمل ولصحة الجنين ونموه، وإنّ هذه الهرمونات ذاتها يكون لها أثرٌ على عمل الإنسولين ومدى كفاءته، وهذا ما يُعرف بمقاومةالإنسولين(بالإنجليزية: Insulin Resistance)، ولعل هذا ما يُفسّر أنّه عند تقدم الحمل وزيادة حجم الجنين ومعدل نموّه فإنّ جسم المرأة يحتاج إلى إنتاج المزيد من هرمون الإنسولين للمحافظة على مستويات السكر ضمن الحدود المقبولة، وعليه يمكن القول إنّ مستويات الإنسولين في المراحل المتقدمة من الحمل تكون ضعف مستوى هرمون الإنسولين أو ربما ثلاثة أضعافه في الوضع الطبيعيّ، ولذلك فإنّه في حال لم يتمكن جسم الحامل من إنتاج الإنسولين بالمستوى الذي يحتاجه الجسم؛ فإن مستوى السكر في الدم يرتفع وعندئذ تُعاني المرأة من سكري الحمل.
وبعد فهم الفكرة العامة للأسباب التي قد تكمن وراء المعاناة من سكري الحمل، يجدر بيان أنّه توجد مجموعة من العوامل تُعرف بعوامل الخطر؛ ومثل هذه العوامل تجعل المرأة أكثر عُرضة للإصابة بسكري الحمل مقارنة بقريناتها، ويمكن إجمالها فيما يأتي:
حقيقة يجدر أن تخضع جميع النساء الحوامل لفحص يكشف عن سكري الحمل، وذلك عادة خلال الفترة التي تتراوح ما بين الأسبوع الرابع والعشرين والأسبوع الثامن والعشرين من الحمل، ومع ذلك فإنّ بعض النساء قد يُوصين بإجراء الفحص الذي يكشف عن سكري الحمل بوقت أبكر من ذلك،وذلك في حال الشكّ بأنّ المرأة معرضة للإصابة بسكري الحمل بشكل واضح، إمّا لوجود أحد عوامل الخطر أو ظهور السكر في البول خلالفحوصات البولالدورية،وحقيقة يُعدّ أكثر فحوصات الكشف عن سكري الحمل شيوعًا هو فحص الكشف الحمليّ الفموي (بالإنجليزية: Oral glucose screening test)، إذ يُعنى هذا الفحص بالكشف عن كفاءة الجسم في إنتاج الإنسولين، وأمّا بالنسبة لآلية إجرائه؛ فيتمّ بإعطاء محلول حلو المذاق لشربه، ثمّ بعد مرور ساعة يتم قياس مستوى السكر في الدم بأخذ عينة من دم المرأة المعنيّة، وفي حال كان مستوى السكر عالٍ فإنّ الطبيب يطلب إجراء فحص آخر يُعرف بفحص تحمل الغلوكوز (بالإنجليزية: Oral Glucose tolerance test)، وأمّا هذا الفحص فيجدر أن تكون المرأة صائمة قبل إجرائه؛ إذ يتم قياس مستوى السكر الصوميّ، ثمّ تُعطى المرأة المعنيّة محلولًا سكريًا، ليُقاس مستوى السكر بعد ساعة ثم بعد ساعتين، ثم بعد مرور ثلاث ساعات، وفي حال كانت نتيجة فحصين من الفحوصات المذكورة أعلى من المعدلات المقبولة فإنّ المرأة تشخّص بسكري الحمل، وفي سياق الحديث عن هذه الفحوصات يجب التنبيه أنّ هذه الفحوصات آمنة للغاية ولا تُلحق الضرر بالأم أو بجنينها،وبالرغم من أنّ هذه الطريقة المعتمدة في الكشف عن السكري الحملي وتشخيصه في العادة، إلا أنّ هناك بعض الحالات التي يكفي فيها إجراء فحص واحد لتشخيص الإصابة بسكري الحمل.
يهدف علاج الإصابة بسكري الحمل إلى السيطرة علىمستويات السكر في الدمللمرأة الحامل لتصبح ضمن الحدود الطبيعية مع الحرص على عدم التهاون في ذلك،وأمّا بالنسبة للخطة العلاجية التي يضعها الطبيب المختص للنساء المصابات بسكري الحمل، فغالبًا ما تتمثل بداية بتغيير نمط الحياة، والذي يتضمن تعديل النظام الغذائيّ بحسب ما يراه الطبيب المختص مناسبًا مع الحرص على ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، والمواظبة على فحص مستوى السكر في الدم بشكل منتظم، ومن الجدير بالتوضيح أنّ مثل هذه الإجراءات قد لا تكون كافية في الغالب للمحافظة على مستوى السكر في الدم ضمن الحدود المُستهدفة، الأمر الذي يدفع الطبيب لوصف الدواء المناسب للسيطرة على مستوى السكر، وأمّا بالنسبة للخيارات الدوائية التي تُعطى في مثل هذه الحالات؛ فمنها أدوية تُعطى عن طريق الفم وأكثرها شيوعًا دواء ميتفورمين (بالإنجليزية: Metformin)، ومنها الإنسولين الذي يُعطى على شكل حقن،وفي حال وصف الطبيب حقن الإنسولين فيجدر تذكيره بتعليم المرأة كيفية أخذ هذه الحقن بالشكل الصحيح، وعلى أية حال وبغض النظر عن نوع الدواء الموصوف يجدر بالمرأة الحامل إخبار الطبيب حول أي دواء آخر تأخذه حتى لو لم تكن له علاقة بسكري الحمل، وبشكل عامّ فإنّه يُوصى بعدم أخذ أي دواء خلال الحمل دون استشارة الطبيب المختص وكذلك عدم التوقف عن أخذ أي دواء دون استشارته، فبعض الأدوية قد يكون لها تأثير ملحوظ في صحة الأم أو جنينها،وبعد ولادة المرأة فإنّ الطبيب يعمد إلى فحص مستوى السكر، ثم يُعيد إجراء الفحص خلال ستة إلى اثني عشر أسبوعًا من الولادة، وذلك بهدف التأكد أنّ مستويات السكر في الدم عادت إلى وضعها الطبيعيّ، ومن الأخبار السارة كما أسلفنا أنّه عادة ما يعود السكر إلى وضعه الطبيعيّ الذي كان عليه قبل حدوث الحمل، وتُنصح النساء اللواتي عانين من سكري الحمل بإجراء فحص السكر مرة واحدة كل ثلاث سنوات على الأقل.
في حال التزام الحامل بالعلاجات التي يصفها الطبيب وتعديل نمط الحياة على الوجه المطلوب فإنّه يتم السيطرة على سكري الحمل بحيث لا يُسبب أي مشاكل تُذكر على مستوى الحمل، بمعنى أنّه لا يُلحق الضرر بصحة الأم ولا بجنينها، ولكن في حال عدم علاج سكري الحمل كما يجب وارتفاع مستويات السكر في دم الحامل وجنينها؛فإنّ عددًا من المشاكل قد تحدث على مستوى صحة الأم وجنينها أيضًا، ويمكن إجمال أهمّ هذه المشاكل فيما يأتي:
حقيقة لا يمكن الوقاية من الإصابة بسكري الحمل، ولكن تُنصح جميع السيدات بالمحافظة على أوزانهنّ لا سيّما عند التخطيط لحدوث الحمل؛ إذ إنّ التحكم في الوزن ضمن المدى المقبول قبل الحمل قد يساعد على تقليل فرصة الإصابة بسكري الحمل، وقد يتبادر إلى ذهن بعض النساء أنّ الحدّ من تناول الطعام خلال الحمل قد يُقلل فرصة المعاناة من سكري الحمل، والصحيح أنّ الحدّ من تناولالسعرات الحراريةدون الحدّ المقبول يسبب المشاكل؛ فلا بُدّ للحامل من الحصول على التغذية المناسبة، وفي سياق الحديث عن الوقاية يجدر العلم أنّ الوقاية من مضاعفات سكري الحمل أمر في متناول اليد، وذلك بمراقبة مستوى السكر في الدم ليظل ضمن الحدود الطبيعية ومتابعة الأمر مع طبيب النسائية المختص، وعلى الصعيد الآخر يمكن تقليل فرصة الإصابة بالسكري من النوع الثاني مستقبلًا بالحرص على إرضاع الطفل رضاعة طبيعية؛ إذ تقلل الرضاعة الطبيعية الوزن وبالتالي يقل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، والحدّ من تناول الطعام ذي السعرات الحرارية العالية، وفي حال بلغ الأمر حدّ ارتفاع مستويات السكر فوق الحدّ الطبيعيّ ولكن بصورة لا تكفي لتشخيص الإصابة بالسكري؛ فإنّ الطبيب قد يصف دواء الميتفورمين، وأخيرًا يجدر التنويه إلى أهمية إجراء فحص السكر بعد الولادة بأربعة أسابيع إلى اثني عشر أسبوعًا، ثم مرة واحدة كل سنة إلى ثلاث سنوات إذا كانت نتائج الاختبار الأول طبيعية.
"