اخْتُلِفَ في عدد الغزوات التي غزاها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فهي سبع وعشرون غزوة في سيرة ابن اسحق وفي (الطّبقات) لابن سعد، وسبع عشرة غزوة في صحيحَيّ البخاري ومسلم، كما روى عن بريدة أنّها بلغت تسع عشرة غزوة، وفيما رواه عن جابر بن عبد الله أنّها كانت إحدى وعشرين غزوة، كما أخرج عبد الرّزّاق أنّ سعيد بن المسيّب قال إنّ غزوات الرّسول ثماني عشرة ثمّ قال أربعاً وعشرين، حيث إنّ هذا الخلاف في عدد الغزوات التي غزاها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعود إلى اعتبارات عديدة؛ فابن اسحق لم يذكر غزوة بني قينقاع لأنّه سمّاها عمرة القضاء، ومسلم في روايته عن بريدة لم يعدّ الفتح لأنّه اعتبرها صُلْحاً، أو قد يكون اعتبر الخندق وبني قُريظة غزوة واحدة، أو لعلّه خَفي على بريدة غزوتي الأبواء وبُواط كما خفيتا على زيد بن أرقم لِصِغَره في رواية صحيحي الشّيخين عن ابن اسحق السّبيعي، كما اخْتلِف أيضاً في عدد البُعُوث والسَّرايا التي ابْتَعَثَها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ فهي عند الواقديّ ثماني وأربعين وعدّها المسعودي ستّين، وزادت على السّبعين عند الحافظ العراقي، وعن المئة عند الحاكم في (الإكليل)، أمّا ابن اسحق فعدّها ثماني وثلاثين، وابن سعد ستاً وخمسين، وهذه الاختلافات في العدّة لا ينفي
إنّ جميع الغزوات التي غزاها الرّسول وقادها بنفسه قد أدار رحاها بتوجيهاته وإرشاداته الحكيمة صلّى الله عليه وسلّم، لكنّه لم يخوض غمار المعركة ويباشر القتال إلّا في عدد قليل من تلك الغزوات وكانت سبعة هي: بدر، وأُحد، والخندق، وقريظة، والمصطلق، والطائف، وحُنين، أمّا باقي الغزوات اكتفى بالإدارة والمتابعة.
إنّ غزوة (وَدَّان) هي أول غزوة غزاها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وقيل إنّها والأبواء غزوة واحدة، وكانت في شهر صَفَر كما حمل لواءها حمزة بن عبد المطّلب، وكان كلّ من شارك فيها من المهاجرين فقط، كما انتهت الغزوة بالمصالحة بين المسلمين وبين بني ضمرة الذين خرج الرّسول لقتالهم وقريش، فتعهّدوا بألا يقاتلوا النّبي ولا يُعينوا أعداءه عليه