ما المقصود بالاستحاضة

الكاتب: مروى قويدر -
ما المقصود بالاستحاضة

ما المقصود بالاستحاضة.

 

 

الاستحاضة:

 

تُعرَّف الاستحاضة بأنّها: سَيلان دمِ علّةٍ* من أدنى نقطةٍ في رَحِم المرأة في غير أوقات الحَيض والنفاس، ويكون خروجه قبل تمام عُمر تسعة أعوامٍ، أو بعد ذلك، ولا يسمّى استحاضة إلا إذا استمر بعد أكثر مدة الحيض أو النّفاس في حال اتّصل بأحدهما، وقد تعدّدت آراء الفقهاء في أكثر مدّة الحيض والنفاس، وفيما يأتي بيان لهذه المسألة:

  • قال المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة إنّ أكثر الحيض يبلغ خمسة عشر يوماً، بينما قال الحنفيّة إنّ أكثره يبلغ عشرة أيّام.
  • قال الحنفيّة، والحنابلة إنّ أكثر النفاس يبلغ أربعين يوماً، بينما قال المالكيّة، والشافعيّة إنّ أكثره يبلغ ستّين يوماً.


أمّا استمرار نزول الدم بعد انتهاء مدّة أكثر الحيض أو النفاس فإنّه يُعتبَر استحاضةً، لا حَيضاً، ولا نفاساً، والمرأة المُستحاضة ليست كالمرأة الحائض أو النفساء؛ فهي تُصلّي، وتصومُ، وتُوطَأ حتى مع نزول الدم.

 

أقسام الاستحاضة:

 

أشار الفقهاء في كُتبهم إلى أنّ للمُستحاضة أحوالاً تختلف من امرأةٍ إلى أخرى؛ حتى تستطيع المرأة تقدير مدّة حَيضها، ويسهُل عليها التمييز بين الحيض، والاستحاضة، ولا تُفرَّقُ مُستحاضة النفاس عن مُستحاضة الحيض؛ فكلتاهما لهما الحالات والأحكام نفسها، وللاستحاضة حالات بيّنها الفقهاء، وذلك على النحو الآتي:

 

المبتدأة

وهي المرأة التي رأت نزول الدم عليها لأولّ مرّةٍ، دون أن تراه من قبل، وفي هذه الحالة على المرأة أن تعمل بالتمييز؛ فتُميِّزُ مِن دَمها ما كان أسوداً، وما كان منه أحمراً، وهو مذهب الشافعيّة، والحنابلة، وبعض المالكيّة، وأخذ به الشوكاني، وابن باز، وابن عثيمين؛ فإن كان الدم قويّاً فهو حَيضٌ، وإن كان ضعيفاً فهو استحاضةٌ حتى وإن استمرّ فترة طويلة، ولمعرفة القويّ من الضعيف في الدماء، والتمييز بينهما؛ وضع الفقهاء معاييرَ بناءً على صِفات الدم، وهي كالآتي:

  • اللون: فأقوى الدماء ما كان لونه أسودَ، أو فيه خطوطٌ سوداء، ثمّ الأحمر، ثمّ الأشقر، ثمّ الأصفر، ثمّ الأكدر*.
  • الثخانة: فالثخين أقوى من الرقيق.
  • الرائحة: فالقويّ تكون رائحته كريهةً.
  • التجمُّد: دم الحيض لا يتجمّد إذا خرج، بخِلاف دم الاستحاضة.


ويُشار إلى أنّ الدم الذي اتّصف بثلاث صفاتٍ من الصفات السابقة يكون أقوى من الذي اتّصف بصفتَين، وهكذا، فإن تساويا في الصفات فالحيض هو الأولى فيهما، وللتمييز بين الدماء، لا بُدّ أنّ تتوفّر عدّة شروط، هي:

  • عدم نقصان القويّ عن يومٍ وليلةٍ، وهي مدّة أقلّ الحيض.
  • عدم مجاوزة القويّ الخمسة عشر يوماً، وهي أكثر مدّة للحيض على مذهب الجمهور.
  • عدم نقصان الضعيف عن الخمسة عشر يوماً، وهو أقلّ الطُّهر.
  • تتابُع نزول الضعيف، واتّصاله بحيث لا يتضمّنه قويّ.

 

المُعتادة

المُعتادة المُميّزة

وهي المرأة التي لها حَيضٌ وطهرٌ سابقٌ، وتَعلَمهُما، ويُقصَد بالمُميّزة أنّها ترى القويّ، والضعيف من الدم، وتتوفّر عندها شروط التمييز التي سبق الإشارة إليها، وقد اختلفت آراء أهل العلم في هذه الحالة حول عمل المرأة؛ بتمييزها، أم بعادتها، واختلافهم على النحو الآتي:

  • يرى المالكيّة، والشافعيّة أنّها تعمل بتمييزها؛ وذلك لأنّ التمييز أقوى من العادة، ولأنّه علامةٌ في الدم بخِلاف العادة؛ فهي علامةٌ لصاحبة هذا الدم.
  • يرى الحنفيّة، والحنابلة أنّها تعمل بعادتها.

 

المُعتادة غير المُميّزة

يُقصَد بغير المُميّزة أنّها ترى صفةً واحدةً في الدم، أو أنّها ترى القويّ والضعيف من الدم، إلّا أنّها فَقَدت شرطاً من شروط التمييز، وقد اختلف الفقهاء في حُكم هذه الحالة على قولَين، هما:

  • يرى كلٌّ من الحنفيّة، والحنابلة، والشافعيّة أنّها تعمل بعادتها حَيضاً، وطُهراً.
  • يرى المالكيّة أنّها تزيد ثلاثة أيّام على أكثر عادتها، فإن كان حَيضها خمسة أيّام مثلاً، زادت عليه ثلاثة أيّام، وهكذا، فإن زاد على ذلك كان استحاضة.

 

أحكام الاستحاضة:

 

حُكم الاستحاضة

يُعتبَر دم الاستحاضة حَدثٌ دائمٌ تُصلّي المرأة معه، وتصوم، وقد اختلف الفقهاء في اعتبار الاستحاضة حدثاً ناقضاً للوضوء، أم لا، وبيان ذلك على النحو الآتي:

  • الحنفيّة والحنابلة: قالوا بأنّ الاستحاضة ناقضةٌ للوضوء، ويجب عليها الوضوء لوقت كلّ صلاةٍ.
  • الشافعيّة: قالوا بأنّ الاستحاضة ناقضةٌ للوضوء، ويجب عليها الوضوء لكلّ فريضةٍ، سواء كانت الصلاة حاضرةً، أو قضاءً، أمّا بالنسبة إلى النوافل فإنّها تُصلّي ما شاءت منها بطهارتها.
  • المالكيّة: قالوا بأنّ الاستحاضة ليست ناقضةً للوضوء، ويُستحَبّ لها الوضوء.

 

كيفيّة طهارة المُستحاضة وصلاتها

يلزم المُستحاضة الالتزام بعدّة أمورٍ إذا أرادت أن تُصلّي فَرضها ، وهي كما يأتي:

  • غَسل فَرجها قبل أن تتوضّأ.
  • تضع المستحاضة مكان نزول الدم ما يمنع نزوله أو يخفّف منه، مثل القطن أو ما شابهه، وتُعفى من هذا الأمر في الحالات الآتية:
    • احتياجها إليه، فإذا لم تحتَج إليه فلا يجب.
    • عدم تأذّيها به أذيّة لا تُحتمَل.
    • عدم صيامها، فإذا كانت صائمةً تترك الحَشو نهاراً.
  • تشدّ المستحاضة المكان الذي يُحتمل أن ينزل الدم منه بعد وضع القطن، وهو ما يسمّى بالفقه بالعصْب*، ويكون بقماش أو ما يسدّ مكانه، ولا يلزمها فعل ذلك في حالة كان القطن الذي وضعته قد منع نزول الدم، وتعفى من العصْب كذلك إذا كانت تتأذى منه أذاً كبيراً.
  • وضوؤها بعد دخول وقت الصلاة، فلا يجوز أن تتوضّأ قبل دخول الوقت؛ لأنّها طهارةٌ ضروريّةٌ.
  • التتابُع بين كلّ ما سبق، ولا يجوز لها تأخير الصلاة إلّا لمصلحةٍ للصلاة كستر العورة، أو الراتبة القبليّة، فإذا أخّرتها لغير هذا، فإنّه لا بُدّ عليها من إعادة كلّ ما سبق.
  • وجوب تجديد كلّ ما سبق لكلّ صلاةٍ مفروضةٍ، ودليل ذلك ما روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- حيث قال: ( جَاءَتْ فَاطِمَةُ بنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ أفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ، وليسَ بحَيْضٍ، فَإِذَا أقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي).
  • جواز التنفُّل للمُستحاضة في أيّ وقتٍ شاءت.
  • عدم وجود ضرر بخروج الدم بعد العصْب، إلّا إذا قصّرت المُستحاضة في الشدّ.

 

الفرق بين الحَيض والاستحاضة:

 

يمكن التفريق بين الحَيض والاستحاضة من خلال عدّة فروقاتٍ، وهي كالآتي:

  • اعتبار الحَيض دم جِبِلّةٍ* والاستحاضة دم مَرضٍ.
  • تحريم عشرة أمورٍ بالحيض، وعدم تحريمها بالاستحاضة، وهذه الأمور هي:
    • الصلاة.
    • الطواف.
    • مَسّ المصحف.
    • حَمل المصحف.
    • الصيام.
    • الطلاق.
    • المرور بالمسجد إن خافت تلويثه.
    • المباشرة ما بين السرّة والركبة.
    • قراءة القرآن.
    • المكوث في المسجد.
شارك المقالة:
220 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook