ماهي أعمال المرأة اليومية في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية.
لقد كان للمرأة دور بارز ومهم في المجتمع النجراني القديم، فقد كانت تقوم بعدة أعمال مهمة؛ إذ تستيقظ مبكرةً وتذهب لجلب الماء من البئر، ثم تعود لإعداد القهوة والإفطار مما كان يُسمى قديمًا بـ (القفرة)، وعادة ما كانت تطحن الحب بالرحى لإعداد هذه الوجبة، وتحمس القهوة لإعدادها. وبعد أن تقدم وجبة الإفطار لزوجها وأبنائها تتجه إلى الحقل لتقوم بعملية (الجز) وهي قطع البرسيم لتقديمه للمواشي، كما كانت المرأة تقوم بتلقيم الثور؛ وذلك بجمع لقمة كبيرة من البرسيم أو أوراق القصب وتقديمها للثور باليد، والهدف من ذلك هو التأكد من أن الثور قد أكل جيدًا؛ لأن الثور كان يمثل شيئًا مهمًا للأسرة؛ إذ كان يقوم بعملية سقي المزارع واستخراج الماء من البئر، وعملية الحصاد أيضًا.
كما أن المرأة كانت تجمع الحطب وتساعد زوجها في الزراعة، ثم تعود إلى بيتها لتهتم بشؤونه وتنظيفه. كما كانت تقوم بعملية تُسمى (الصهار) وهي عملية إعادة طلاء الجدران والدرج بالطين والتبن. وتختلف أدوار النساء حسب مهن أزواجهن؛ فزوجة المزارع تساعد زوجها في مزرعته، وزوجة الحرفي تساعد زوجها في حرفته.
أما في فترة ما بعد الظهيرة فتقدم المرأة وجبة الغداء لزوجها وأبنائها، ثم تتجه إلى البئر لملء قربة الماء، ثم تعود لتقديم وجبة العشاء للمواشي، وتحلب الأغنام مع الاهتمام برضاعة صغارها، ثم تعود إلى البيت لإعداد وجبة العشاء لأسرتها.
مظاهر الثبات والتغير
لا يزال أهل نجران يهتمون بالزراعة وبخاصة زراعة النخيل، إلا أن بعضهم انصرف في العقود الأخيرة عن زراعة النخل والعناية به إلى مزروعات أخرى ومحصولات جديدة وافدة على المنطقة مثل الحمضيات بأنواعها المختلفة.
ومع وصول وسائل التغيير والتحديث إلى المنطقة دخلت الأساليب والآلات الحديثة في الزراعة لتحل محل الأساليب التقليدية القديمة، فلم تعد توجد طريقة الدياس (الكوايد)، ولا استخدام السواني في الري، وانتشرت وسائل الري الحديثة في المزارع.
وكانت النتيجة أن تحولت الزراعة في المنطقة إلى وعاء إنتاجي متطور: كمًا من حيث حجم المنتجات، وكيفًا من حيث جودة نوعيتها، وتشتهر نجران بإنتاج أنواع مختلفة من الخضار والفاكهة وبخاصة الحمضيات، وأنواع الحبوب والأعلاف.
وقد حُفرت الآبار الارتوازية العميقة التي تعتمد على المضخات في استخراج المياه منها، وتم تطبيق تقنيات حديثة وطرق متقدمة في عملية الري، وقد وفرت هذه الآبار المياه طيلة العام لمختلف الأغراض، ووفرت الجهد والوقت؛ فلم يعد أحد في حاجة إلى الحبل والدلو، فالمضخات والصنابير تقوم بالمهمة. وتوفر هذه الآبار للناس أيضًا حاجاتهم من المياه للشرب والاغتسال والوضوء، ويُلحق بكل بئر مكان مخصص لشرب الدواب من إبل وأغنام تأتي إليها في أي وقت لتستقي منها.
وقد أدت الحياة المعاصرة إلى اختفاء كثير من الحرف والمهن القديمة أو على الأقل قلة وجودها، فقد اختفت بعض المنسوجات القديمة، وبعض الصناعات الخشبية والمعدنية والخوصية لوجود بدائل حديثة لمنتجاتها.
وأما الصناعات الحجرية والفخارية فلا يزال كثير منها قائمًا إلى اليوم، ولا يزال الناس يُقبلون على شراء منتَجاتها واستخدامها على الرغم من وجود البدائل الحديثة والأرخص ثمنًا؛ وذلك لأنها في نظرهم صحية أكثر، ولأنها جزء من تراثهم وأصالتهم.