لقد نذر الشيخ هرم طاعن في السن صيام أيام، وهو لا يطيق الامتناع عن الطعام والشراب سويعات قليلة. أو نذر هذا الشيخ الفاني أن يمشي إلى بيت الله الحرام من الشام، وهو لا يقوى على مشيّ أمتارٍ قليلة. ولو نذرت امرأة أن تقوم ليلة معينة فحاضت تلك الليلة، أو نذرت امرأة أن تقوم يوماً معيناً فحاضت في ذلك اليوم. ولو نذر شخص أن يطير في الهواء أو أن يمشي على الماء، وهذا مستحيل في حقه، لا يقدر على القيام به. ولو نذر شخص فقير معدوم أن يتصدق غداً على رجل بمليون دينار. فكل هذه صور تبين لنا أن الناذر غير قادر على الوفاء بالمنذور وأن المنذور غير مقدور عليه شرعاً أو عُرفاً أو عقلاً.
والعجز نوعان وهما: عجزٌ دائم وعجزٌ لعارض. وسنفصِلُ في حكم المسألة في كل نوع فيما يلي:
العجزُ الدائم: ويكون العجزُ الدائم لعلةٍ لا يرجى زوالها، مثل الهرم فهي علةٌ لا دواء لها، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: “تداووا فإنَّ الله لم يضع داءً إلا ووضعَ له دواءً غير داءٍ واحد. الهرم”. فالمنذورُ هنا يكون إما أن يكون صوماً أو غير صوم.
وإنَّ كان العجز لعارض يُرجى زواله من مرضٍ أو فقر أو حيض أو نفاس أو نحوها، فلا يخلو أن يكون المنذور صوماً أو غيره. فإذا كان المنذور صوماً، ولم يزل العجزُ إلا بعد فوات وقت الوفاء؛ كأن نذرت امرأة صيام يومٍ فحاضت فيه