يوصف هذا الكتاب بأنّه موسوعيّ في مجاله، فهو سِفرٌ ضخمٌ مُختصٌّ في بحث المسائل والعلوم المرتبطة بالقرآن الكريم ارتباطاً مباشراً، ومُؤلفه هو عبد الرحمن السيوطيّ.
أهمّ العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم التي يتناولها الإمام السيوطيّ في كتابه الإتقان، هي: أوقاتُ ومواطنُ نزول الآيات، وعلم القراءات وأسانيد الروايات التي وصل بها القرآن الكريم، كما يتناول الألفاظ والمفردات القرآنية والتجويد، ويتعرّض إلى أحكام القرآن الكريم، مثل: العام والخاص، والمُجمل والمُبيّن، والمُطلق والمُقيّد، والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك من علوم القرآن، وعند تعرّضه لعلم من علومه يشرع بشرحه وبيانه بالأمثلة وشروط هذا العلم، لذا فإنّ كتاب الإتقان يُعدّ عمدة ما يختاره الباحثون في هذا المجال؛ فقد جمع فيه ثمانين فرعاً من فروع علوم القرآن، واستطاع أن يجمع بين دفيته ما كتبه كُلّ من سبقه في علوم القرآن. وقد ختم مُصنّفه بذكر طبقات المُفسّرين من الصحابة الذين اشتهر عنهم تفسير القرآن، ثمّ عرّج إلى المفسّرين من طبقة التابعين، ثمّ من بعدهم من الذين ذاع صيتهم بالتّصنيف في تفسير القرآن، كابن جرير الطبريّ، والرّازيّ، والقرطبيّ، وغيرهم، وهو في كُلّ ذلك إمّا يوجّه أو يمتدح أو ينتقد أو ينصح.
الإمام السيوطيّ هو الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكرٍ بن محمّدٍ بن سابق الدين بن الفخر بن عثمان السيوطيّ، وهو إمامٌ حافظٌ، جلال الدين، كنيته أبو الفضل، كانت ولادته سنة ثمانمئةٍ وتسعٍ وأربعينٍ للهجرة، وكان قد نشأ يتيماً غير أنّ الله -تعالى- أكرمه بحفظ القرآن الكريم وهو دون سنّ الثامنة، وانصرف همّه لتلقّي العلم وهو صغير، ثمّ نشط في رحلات طلب العلم، فرحل إلى بلاد الشام والحجاز وغيرها، وانشغل بالتأليف حتى صار له مؤلفاتٌ كثيرةٌ، قيل أنّها نحو ستمئة مُصنفٍ، بعضها في التفسير، وبعضها في الحديث والفقه والسِير والتاريخ، وذُكر أنّه لما بلغ سن الأربعين اعتزل الناس وانزوى بنفسه بروضةٍ على النيل، وكان يرُدّ هدايا الأمراء والأغنياء، بل إنّ السلطان أرسل إليه فلم يُجب، وظلّ كذلك حتى توفي سنة تسعمئةٍ وإحدى عشرة للهجرة.
موسوعة موضوع