عوامل الجذب السياحي في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
عوامل الجذب السياحي في المملكة العربية السعودية

عوامل الجذب السياحي في المملكة العربية السعودية.

 
 
تتميز السياحة بتنوعها الكبير الذي يعود إلى تنوع اهتمامات الأفراد والجماعات بما يثير فضولهم ويحقق متعتهم. وبالنظر إلى السياحة عمومًا نجد أن بعض أنواعها يحظى بشعبية كبيرة، وبعضها الآخر يختص به مَن له اهتمامات محددة. ولا بد أن نشير هنا إلى أن النـزعة إلى السفر والاهتمامات السياحية عند الأفراد والشعوب تخضع بصورة كبيرة إلى عوامل ثقافية وبيئية كثيرة؛ فتوجد عوامل متعددة تزيد من تنوع موارد الجذب السياحي يمكن تقسيمها إلى: عوامل طبيعية، وعوامل بشرية.ونلحظ في المملكة تنوعًا لا بأس به في الموارد السياحية، بعضها مهم ومستغَل وقابل للتطور، وبعضها الآخر يُستَغل على نطاق محدود، أو لا يزال كامنًا. وتوجد عوامل مهمة تعطي للمملكة شخصيتها السياحية المميزة، منها: مناخها الصحراوي، وكونها مركز الإسلام ومهد الحضارة العربية، وغناها النفطي، ونهضتها العمرانية الحديثة.وفي هذا القسم نعرض عوامل الجذب السياحي التي تمتلكها المملكة، مع الإشارة إلى درجة أهميتها في حركة السياحة في المملكة:
 

 المقومات السياحية الطبيعية

 
تنتمي بيئة المملكة عمومًا إلى البيئات الصحراوية الحارة الجافة التي تتميز بالأرض العارية قليلة الغطاء النباتي، وهي بيئة مثيرة لكثير ممن يهتمون بغموضها وسحرها وأمكنتها النائية المجهولة التي يندر أن تطأها الأقدام، وهي تتميز بتنوع كبير في مساحتها الشاسعة، من حيث المناظر الطبيعية، والتضاريس، والمناخ، والنبات، والحيوان، هذه العناصر تكوِّن أنماطًا من البيئات تجذب الناس بمختلف ميولهم وتكسر حدة الرتابة.وفيما يأتي عرض مختصر لدور هذه العناصر في الجذب السياحي، مع ذكر البيئات الطبيعية الرئيسة في المملكة وخصوصية كل منها من الناحية السياحية:
 
1 - الجيولوجيا والتضاريس:
 
تنعم المملكة بوجود القسمين الجيولوجيين الرئيسين وهما: صخور القاعدة أو الصخور النارية التي تُعرف بـ (الدرع العربي)، والطبقات الرسوبية التي تُسمى بـ (الرف العربي)  ، ومن ثَمَّ وجود كثير من المظاهر الجيولوجية ذات الأهمية السياحية؛ ففي القسم الغربي تظهر صخور القاعدة بأنواعها المختلفة، وفي الشرق تسود الطبقات الرسوبية. وتتميز صخور القاعدة بتكوينات صخرية عارية تلفت الانتباه، وبألوان كثيرة تراوح بين الأبيض، والأخضر، والأحمر، والوردي، والأسود، أما القسم الرسوبي فيميزه الاستواء عمومًا مع ظهور الحواف والتلال، وكذلك الألوان الفاتحة التي تتدرج بين الأبيض إلى البني الفاتح والداكن عمومًا، ويميزه أيضًا وجود أحافير الحيوانات البحرية القديمة من أصداف ومرجان، وكذلك الأشجار المتحجرة. وفي كلا القسمين تتجمع الكثبان الرملية والرسوبيات الحديثة في الأحواض وقد تكسو بعض المنحدرات والسفوح.ويرتبط بالجيولوجيا ومظاهر السطح عدد من الأنشطة المتعلقة بالسياحة والتنـزه، مستفيدة من التنوع الشديد لما هو موجود على أرض المملكة؛ ومن ذلك قيام بعض المتنـزهين والسياح بجمع الأحافير من الرف الرسوبي، حيث تكثر وتتنوع، وكذلك الصخور ذات الأشكال الغريبة، والكريستالية، وأحجار الصوان. ومن أكثر ما يبحث عنه السياح الغربيون ما يُسمى بالألماس السعودي: وهو كريستال طبيعي نقي ذو طبيعة تشبه الألماس، ويوجد في هضاب مستوية كانت يومًا ما قيعانًا لأنهار جيولوجية قديمة، بدليل استدارة أحجاره بفعل الدحرجة النهرية، وهي توجد بصفة أساسية في هضبة الدبدبة. ويستخرج الناس البلورات الملحية ذات الشكل الفريد التي تُسمى (ورود الصحراء) من السبخات الملحية. ويهتم بعضهم بالرمال التي تتنوع حجمًا ولونًا، فهم يجمعون عينات منها، وبعضهم يستخدمها في أعمال فنية جميلة.ولعل أكثر الأنشطة ممارسةً هو الاستكشاف ورؤية الغرائب، وخلال تجوال السائح في الصحراء سيجد كثيرًا من المظاهر المثيرة التي تتفاوت في حجمها وأهميتها. وفيما يأتي بعض أهم المظاهر الجيولوجية التضاريسية ذات الأهمية السياحية:
 
أ) الحواف:
 
لهذه الحواف قيمة كبيرة؛ لأنها ذات مظهر غريب يثير فضول الإنسان، إذ تتيح له إطلالة رائعة على الأراضي المجاورة، فهي مواقع للتأمل والنظر، بالإضافة إلى أهميتها بوصفها ملاجئ طبيعية للحيوانات والطيور. ومن أهم هذه الحواف الحافة الجبلية الانكسارية المتصلة من حدود المملكة مع اليمن جنوبًا حتى جبال الهدا بالطائف شمالاً، وتطل هذه الحافة على الغرب بارتفاع شاهق وفجائي، وتنحدر منه أودية تنكشف للناظر بمنظر أخاذ، وتوجد فيها أحيانًا مساقط مائية جميلة تحيط بها النباتات. وتوجد حواف متقطعة تمتد أيضًا بامتداد جبال الحجاز نحو الشمال حتى جبال مدين، ولها أهمية محلية.وفي الجزء الرسوبي يظهر عدد من الحواف الرسوبية الممتدة من الشمال إلى الجنوب، الناتجة من مقاومة الطبقات الرسوبية الصلبة للتعرية، وتظهر مكاشفها مواجهةً للغرب، وهي أقل ارتفاعًا من الحافة السابقة، إلا أنها تتيح إطلالة جميلة على الصحراء التي تبدو من دون نهاية، ومن أهمها حافة جبل طويق التي تمتد لما يزيد على 800كم في وسط المملكة  ، وتوازيها من جهة الشرق حافة أخرى تُسمى جبال العرمة، وتوجد حواف أخرى أقل قيمة تظهر هنا وهناك حيثما وُجد مكشف لصخور رسوبية صلبة، مثل: حافة الجله بمنطقة القصيم.
 
ب) القباب الجرانيتية: 
 
يُعد الجرانيت أكثر الصخور النارية انتشارًا في الدرع العربي، ويوجد بألوان كثيرة، مثل: الرمادي، والوردي، والأحمر، والمائل إلى الخضرة... وغيرها. وهو صخر تَكَوَّن في الأعماق على شكل كتل هائلة، ثم ظهر على السطح لأسباب جيولوجية وبفعل عوامل التعرية، وتأخذ الكتل أشكالاً هائلة كقطعة واحدة أحيانًا، فتبدو جبلاً مكوَّنًا من صخرة واحدة. وعلى الرغم من انتشار هذه الأشكال في منطقة الدرع العربي إلا أنه توجد أجزاء ذات تميز واضح، أبرزها مجامع الهَضْب التي تقع في جنوب غرب منطقة الرياض إلى الشمال من وادي الدواسر، حيث نشاهد مئات من القباب الجرانيتية بأشكال متنوعة توجد في مساحات من الرواسب الرباعية التي تنصرف إليها مياه جبال الجرانيت لتسقي غطاء من الأشجار الصحراوية.
 
ج) الحرَّات والفوهات البركانية:
 
على امتداد الجبال الغربية وإلى الشرق منها يوجد نطاق من الحقول البركانية التي تُسمى (الحرَّات: جمع حرَّة)، وهي تحوي مظاهر مثيرة؛ لانسياب المصهورات البركانية، ووجود فوهات بركانية كثيرة تختلف في حجمها. وبعض هذه الحرَّات لم يتأثر بعوامل التعرية كثيرًا لحداثة نشأتها، ومنها: حرَّة البقوم  ، ونواصيف، ورهط، وهتيم، والعويرض، والحرَّة. بالإضافة إلى فوهات ومصهورات بركانية متناثرة أخرى تصل إلى وسط منطقتي القصيم وحائل، ومن أهم الفوهات مقلع طميَّة الموجود ضمن حرَّة كُشُب، ويتميز بفوهة واسعة تحوي بحيرة ملحية وسفوحًا تنـزُّ منها المياه للداخل وتسقي أشجار النخيل، وفوهة الوعبة قرب الطائف، وفوهة هتيمة بمنطقة حائل. وتتميز فوهة طابة بأنها مفتوحة من جهة واحدة  ، وأنها تحوي قرية قديمة في وسطها. وتنتج من حركة المصهورات البركانية أخاديد عميقة ذات شكل مميز كما هو موجود في صلاصل بين منطقتي القصيم وحائل، وكهوف بركانية عميقة أحدها يقع في غرب منطقة حائل بالقرب من الحائط والحويّط، ويصل عمقه إلى 2كم، وينتهي ببحيرة صغيرة.
 
د) تكوينات الحجر الرملي:
 
يتميز الحجر الرملي بضعفه إجمالاً، وهو يعطي أشكالاً تضاريسية شديدة الغرابة ذات تجاويف والتفافات وأخاديد وجسور طبيعية وشقوق في صخور تنـز بالماء غالبًا لمساميتها العالية. وفي المملكة مواقع كثيرة ذات صخور رملية مميزة أهمها على الإطلاق هضبة الحسمى في الشمال الغربي، ومنها العلا، حيث نحت بالقرب منها قوم صالح - عليه السلام - بيوتًا ومقابر  ، كما توجد صخور رملية غرب منطقة حائل وفي منطقة جازان ضمن جبال القهر. هذه الأمكنة تضم آلاف الأشكال التي خلَّفتها التعرية الطبيعية في الحجر الرملي، وهي ميدان رائع للاستكشاف والتصوير والاستمتاع بغرائب الطبيعة. ومن أمكنتها المميزة: الديسة، والزيتة، وجبل قراقر في منطقة تبوك، وحبران في منطقة حائل، ووادي لجب في منطقة جازان.
 
هـ) الرمال:
 
تتميز المملكة بوجود مسطحات رملية هائلة تتكون من كثبان رملية نظيفة ذات أشكال كثيرة، وذات تميز في حياتها النباتية في مظهرها المتعاقب الذي يبدو من دون نهاية، وأشهرها وأكبرها على الإطلاق الربع الخالي الذي يقع في الجنوب الشرقي في حوض هائل تزيد مساحته على 600 ألف كيلومتر مربع  ، ويضم صياهد، وبحيرات، وينابيع مالحة، وسباخًا، وهو بيئة نموذجية لاستكشاف الصحارى الرملية الخالية من السكان. ومن هذه المسطحات النفود الكبير بين حائل والجوف، ويتميز بكثبانه البكر النظيفة، ووجود واحة جميلة في وسطه ذات أهمية بيئية وتاريخية. ومنها أيضًا رمال الدهناء التي تمتد على شكل قوس يصل بين النفود الكبير والربع الخالي.وقلَّما توجد منطقة في المملكة إلا وفيها أو بالقرب منها كثبان رملية، وهي تُتخذ أمكنة للنـزهة وممارسة بعض الهوايات والجلوس عليها في الفصول المعتدلة وليالي الصيف، وهي مصدر لكثير من الأنشطة الترويحية من أهمها: المشي، والتجوال، والتدحرج من سفوحها العالية، وقيادة السيارات والدراجات ذات الدفع الرباعي.
 
و) مظاهر أخرى:
 
يوجد كثير من المظاهر التي تثير اهتمام بعض السياح تتفاوت في الحجم والأهمية، ومعظمها يمكن أن يُسمى روائع صغيرة تستحق الزيارة، ومنها ما يأتي:
 
1) الخوانق:
 
هي أودية ضيقة ذات حواف عمودية عالية، ومن أهمها في المملكة وادي لجب بمنطقة جازان  ، حيث يشق طريقه عبر صدع في صخور رملية، ويتميز ببيئة نباتية استثنائية تعتمد على مياه (الأوشال: جمع وشل: أي الماء الذي ينـز من الجبل) والينابيع التي تنـز من جانبيه. وتوجد خوانق كثيرة في أودية الحمم بالحرات البركانية، مثل: الحرة الشرقية بالمدينة المنورة.
 
2) الدحول:
 
جمع دحل، وهي كهوف أرضية تنحتها الإذابة في بعض طبقات الصخور الكلسية. ومن أشهرها دحول هضبة الصمّان: وهي هضبة تمتد من الشمال إلى الجنوب بمحاذاة رمال الدهناء ورمال المظهور من الشرق والشمال الشرقي، وتبدأ بفتحات أرضية قد يصل قطرها إلى عشرات الأمتار، أو تضيق فتسمح بدخول رجل واحد فقط لتتسع بعدها وتمتد وتتفرع، ويحوي بعضها غرفًا واسعة تتدلى من بعضها النوازل الكلسية، ومن هذه الدحول: دحل أبا الهول، وأبو رضام، ودحل أبو نخلة، ودحل عزازة، ودحل هديبان، ودحل أبا الكبود، وكلها بالصمّان  ،  ودحل هيت إلى الجنوب الغربي من مدينة الرياض، وغيرها كثير  .
 
3) القلتات:
 
وهي حفر طبيعية منحوتة في الصخر تحت مساقط مائية تحفظ الماء لفترة طويلة. وتوجد في رؤوس الشعاب المنحدرة من الحواف الصخرية، مثل: حافة جبل طويق، ولها بيئة نباتية وحيوانية مميزة؛ بسبب ندرة المياه المكشوفة في الصحراء، ويقصدها الناس للنـزهة والصيد، ومنها: قلتة الرصفة بأعلى وادي الغاط  ، وقلتة أم حيشة بأعالي وادي المجمع بالسليّل، وقلتة مربوبة شمال جلاجل بسدير، وغيرها كثير.
 
4) الموائد والمسلاَّت الصحراوية:
 
وهي من المظاهر التي تميز الصحارى ذات الحواف الرسوبية، حيث تتراجع هذه الحواف مخلِّفةً كتلة منعزلة تأخذ شكل المسلَّة (الإبرة) أو مائدة مستوية السطح، وتكثر أمام جبل طويق، ويؤمها هواة مشاهدة الغرائب والتصوير الفوتوغرافي والتسلُّق.
 
5) الكهوف:
 
وهي واسعة الانتشار في المملكة، وترتبط بأنواع كثيرة من التكوينات الجيولوجية والصخور، وتتفاوت أهميتها السياحية حسب عوامل كثيرة، منها: الحجم، والشكل، والخلفية التاريخية، وارتباط بعضها بالأساطير، وهي أكثر من أن تحصر، ولها هواتها واستخداماتها الترويحية بوصفها ملاذًا للمتنـزهين من حر الصيف وبرد الشتاء.
ومن أشهر الكهوف - على الرغم من صغره - غار ثور؛ لدوره التاريخي في رحلة الهجرة، إذ لجأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق، وغار حراء الذي كان يتعبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة. وفي تاريخ الدولة السعودية الحديث يبرز غار الإمام تركي بن عبدالله في جبل طويق. ومن أشهر الكهوف في المملكة من الناحية الطبيعية غار جبل قارة بواحة الأحساء  .
 
2 - المناخ:
 
يحمل كثير من الناس فكرة خاطئة عن الصحراء على أنها شديدة الحرارة والجفاف، في حين أن هذا الأمر ليس على إطلاقه؛ فواقع الحال أن مناخ معظم مناطق المملكة يميل إلى الاعتدال في معظم أشهر السنة، مع اشتداد البرد في ذروة الشتاء، واشتداد الحرارة في أشهر الصيف الثلاثة (يونيو ويوليو وأغسطس)، هذا عدا أن أجزاء من المملكة تتميز بمناخ خاص؛ فالمرتفعات الجنوبية الغربية معتدلة طيلة السنة عمومًا، لذا أصبحت المصيف السعودي المفضَّل، والسواحل الغربية - وبخاصة الجنوبية منها - تتميز بالدفء شتاءً؛ لذا أصبحت أحد مشاتي المملكة.إن اتساع مساحة المملكة وامتدادها على درجات عرض تمتد بين 16 ْ و 32 ْ شمال الدائرة الاستوائية أوجد فروقًا مناخية واضحة، فضلاً عن تأثير خصائص المواقع الجغرافية التي تؤثر بوضوح في تباين المناخ بين مناطق المملكة المختلفة.ويمكن تقسيم المملكة من الناحية السياحية إلى خمسة أجزاء تبعًا لطبيعتها السياحية والفصول المفضلة لزيارتها، وهي:
 
أ) الأجزاء الداخلية:
 
تتميز باشتداد الحرارة والجفاف صيفًا، وتميل إلى البرودة شتاءً، مع سقوط كميات متفاوتة من الأمطار في هذا الفصل. وتشمل بيئات صحراوية مختلفة، أهمها: الصحارى الرملية، مثل: النفود الكبير، والدهناء، والربع الخالي. والجبال الداخلية، مثل: جبلَي أجا وسلمى  ، والأراضي الحصوية من هضاب، وسهول، وواحات، وأودية. وأفضل فترة لزيارتها في فصول الخريف، والشتاء، والربيع.
 
ب) السواحل الغربية:
 
تتميز بالدفء شتاءً، وهو أفضل فترة لزيارتها، وبخاصة النصف الجنوبي، في حين تكون حرارة الجزء الشمالي محتَمَلة في فصل الصيف.
 
ج) السواحل الشرقية:
 
تشتد الحرارة والرطوبة فيها صيفًا بدرجة عالية، وتميل إلى البرودة شتاءً، وأفضل فترة لزيارتها فصلا الخريف والربيع.
 
د) المرتفعات الجنوبية الغربية:
 
تمتد من حدود اليمن إلى محافظة الطائف، وتشمل الجبال الساحلية في مناطق جازان وعسير والباحة، وتتميز باعتدال نسبي في الصيف مع سقوط أمطار تلطف الجو؛ مما أهَّلها لأن تكون مصيف المملكة، ويميل شتاؤها إلى البرودة، إلا أنه أكثر دفئًا من الأجزاء الوسطى والشمالية.
 
هـ) الأطراف الشمالية الغربية:
 
تتميز باشتداد البرودة في فصل الشتاء، وحرارة محتَمَلة في فصل الصيف، وأفضل فترة لزيارتها هي فصلا الربيع والخريف.
 
3 - المياه العذبة:
 
لا توجد في المملكة مياه ذات جريان دائم، غير أنها تحوي مظاهر صغيرة ذات أهمية لندرتها في الصحراء، ولبيئتها الاستثنائية في وسط صحراوي يتصف بالجفاف. وأهم هذه المظاهر ما يأتي:
 
أ) العيون:
 
يوجد عدد من العيون المائية في المملكة، بعضها يعتمد على المياه الجوفية القديمة، وبعضها الآخر يعتمد على مياه الأمطار التي تُحفظ في الأرض لفترة بعد سقوطها. ويتميز بعضها بمياهه الحارة، وقد تحوي بعض المعادن والأملاح، وتُستخدم محليًا في العلاج الطبيعي، ومنها: عيون بني مالك بجازان، وعين الجوبة بوادي الدواسر  ، والعين الحارة بحفر الباطن، وعين نجم بالأحساء. وتوجد عيون قديمة ناضبة بقيت على شكل خسف أرضي، مثل: عيون الخرج، وعيون الأفلاج التي كانت تجري على وجه الأرض في زمن سابق  . 
 
ب) المساقط المائية:
 
بعض هذه المساقط المائية شبه دائم، تُغذيها الأمطار التي تُحفظ في رسوبيات الأودية أو في الصخور الرملية مع انحدارها تبعًا لانحدار الأرض، فتخرج عند وجود اختلاف في مستواها ناتج من طبقة صلبة، وتتحول إلى شلال ثم إلى جدول مائي جميل تحيط به النباتات، مثل: شلال المرزوق بالباحة، وشلال الدهناء بعسير.
 
ج) الأوشال:
 
جمع وشل: أي الماء الذي ينـز من الجبل، ويوجد في أمكنة كثيرة في المملكة، سواء في الدرع العربي أو الرف الرسوبي، وبعضها دائم الجريان، وقد تملأ حوضًا طبيعيًا أو مبنيًا من قِبَل الأهالي. ويؤمها المتنـزهون وصيادو الطيور وهواة التصوير  ، وهي أكثر من أن تُحصى، وقد تُسمى بـ (الثمد).
 
4 - الحياة النباتية والحيوانية:
 
تمثل الحياة النباتية والحيوانية أحد المصادر المهمة للسياحة، من حيث تعزيزها للجاذبية الطبيعية للمكان، وكونها مصادر مهمة لأنشطة ترويحية يمارسها السياح والمتنـزهون.
وتنتمي البيئة النباتية والحيوانية في المملكة إلى المجموعات الصحراوية، ويوجد تفاوت ملموس بين بيئاتها الطبيعية المختلفة، حسب درجة العرض والارتفاع ونوع التربة والتضاريس. وعلى الرغم من قلة الأمطار والمياه العذبة إلا أن الصحراء ذات تنوع بالنبات والحيوان والطيور والحشرات التي تشكل جزءًا مهمًا من المنظر الطبيعي. وقد حدد بعض الباحثين   ثماني بيئات أرضية طبيعية تشكل بيئات أحيائية مميزة هي: الجزر، والأراضي الرطبة، والأودية، والحافات الجبلية والجبال ومناطق الغابات الجبلية، والحرَّات، والسهول الحصوية، والحماد، والصحارى الرملية. وحسب نظام التصريف الطبيعي للمياه فقد أصبحت بعض الأمكنة مثل بطون الأودية والرياض أغنى من غيرها، وأكثر أهمية للسياحة البيئية. وتشكل قمم المرتفعات الجبلية الجنوبية الغربية استثناءً بيئيًا واضحًا تسوده الأشجار والشجيرات الدائمة، إلى درجة أن بعض أجزائها يشكل غابات، ومن أبرز أشجارها العرعر: وهو نوع من الأشجار الصنوبرية يميز هذا الجزء عن بقية أجزاء المملكة، وكذلك شجيرة الدودونيا، وغيرها من الأشجار والشجيرات والأعشاب التي تعطي المكان رائحة عطرية.ومن بين النباتات الكثيرة في المملكة والتي يبرز بعضها بوصفها رموزًا مهمة للبيئة السعودية: النخلة التي نمت بصورة طبيعية قبل أن يزرعها الإنسان  ، فكانت أكثر الأشجار انتشارًا في المملكة، ومن تلك النباتات أيضًا أشجار الأكاسيا بمختلف أنواعها، وتوجد في معظم مناطق المملكة وتميز المنظر العام للصحراء. ويوجد أيضًا بعض الأشجار النادرة مثل اللبخ: وهو شجر ضخم يوجد في بعض الأودية التي تنحدر من المرتفعات الجنوبية الغربية.ويرتبط بعض النباتات بأنشطة ترويحية موسمية، مثل جني الكمأة في نهاية الشتاء والربيع إذا سقطت أمطار مبكرة تُعرف محليًا بـ (الوسمي)  ، وكذلك جني الأعشاب العطرية والمأكولة من البراري والرياض في فصل الربيع.وقد تبدو الحيوانات قليلة في الصحراء، إلا أنه يوجد تنوع واضح فيها تبعًا للبيئات الطبيعية المختلفة، فحيثما يوجد غنى نباتي نسبي توجد حيوانات وطيور وحشرات مستوطنة، بعضها غريب مثير للاهتمام، وبعضها مهم لندرته، مثل: المها العربي، والحبارى، والنمر العربي. وإذا كانت النخلة سيدة الأشجار في المملكة فإن الجمل هو سفينة الصحراء واستثناء طبيعي واضح لضخامته في بيئة نباتية فقيرة  . وهو من أكثر الحيوانات جذبًا للسياح لمشاهدته وتصويره وركوبه، ولا تخلو منه منطقة من مناطق المملكة.ومن أبرز الحيوانات ذات الشهرة العالمية الحصان العربي الذي اشتهر بالسرعة والجَمال  ، وتُعد الجزيرة العربية موطنه الأصلي، ولاتزال المملكة تحتفظ ببعض سلالاته الأصيلة، وهو يلقى اهتمامًا كبيرًا على المستويين الرسمي والخاص، ويتم تنظيم سباقات أسبوعية وموسمية له في مختلف مناطق المملكة.وقد اهتمت المملكة بحماية البيئة والمحافظة على الحياة البرية، وكان أحد أبرز إنجازاتها في هذا المجال إنشاء المحميات الطبيعية التي تحوي أبرز الكائنات المهددة بالانقراض، مثل: المها العربي، والحبارى، والنمر العربي، والغزلان المحلية، بالإضافة إلى حياتها النباتية المميزة.
 
- الحياة البحرية:
تتمتع المملكة بواجهتين بحريتين؛ الأولى تطل على الخليج العربي بطول 790كم تقريبًا، والثانية تطل على البحر الأحمر ويصل طولها إلى 1800كم  ،  وهي الأكثر تنوعًا في خصائص بيئتها البحرية. وعلى خط الساحل في أجزاء يسود فيها المد والجزر، وتتميز بأرضها الطينية التي تعلوها مياه البحر عند المد؛ تظهر بيئة بحرية خاصة تنمو بها نباتات الشورة أو القرم (المانجروف)  ، مكوِّنةً بيئة حيوية مميَّزة يعيش فيها كثير من الأحياء البحرية والبرمائية والطيور، وهي ذات منظر مميز. ويزداد تركزها في النصف الجنوبي من ساحل البحر الأحمر، مع ظهورها على أجزاء صغيرة من شواطئ الخليج، ومن أفضلها شواطئ جزر فرسان، حيث تنمو هذه النباتات بغزارة مكوِّنةً غابات تمتد على طول خط الساحل، ويوجد منها نوع نادر الوجود في المملكة هو القندل شديد الخضرة.وتنتشر تحت الماء على الرصيف القاري الطحالب الكلسية وأنواع المرجان مشكِّلةً الشعاب المرجانية الهامشية والمتفرقة والعمودية التي تكون على شكل حواجز. وتوجد شعاب مرجانية كثيفة في خمسة أجزاء على الساحل الشرقي للبحر الأحمر  هي: تيران، وضفة الوجه، والجزء الكائن شمال ينبع، والجزء الساحلي الواقع بين أبحر وثول (شمال جدة)، وعلى شواطئ جزيرة فرسان الخارجية. وقد تم تسجيل أكثر من 194 نوعًا من المرجان تمثل ما لا يقل عن 70 جنسًا موجودًا في البحر الأحمر، وأعلى نسبة من أنواع المرجان توجد في الجزء الأوسط من البحر الأحمر، أما الخليج العربي فتُعد الحواجز المرجانية والجزر فيه أقل انتشارًا  . وتُعد الشعاب المرجانية - وكذلك الأجزاء التي توجد فيها الأعشاب البحرية والمنتشرة انتشارًا واسعًا في البحر الأحمر والخليج العربي - مسكنًا لكثير من الأنواع البحرية، مثل أنواع الأسماك والكائنات البحرية مثل عرائس البحر والسلاحف، فهي توفر الحماية والغذاء لها. وتتمتع هذه الأجزاء بأهمية جذب سياحي كبرى؛ بوصفها أمكنة لرياضة الغطس والصيد تحت الماء والتصوير. وقد نشأ عدد من المراكز للتدريب على هذه الرياضات، وأُقيمت نوادٍ لها في المدن الساحلية الكبرى، مثل: جدة والدمام.
 

المتنـزهات الطبيعية

 
أرض المملكة متنوعة بتضاريسها ومناخها ونباتاتها وكائناتها الحية. وتسهم نظم التصريف الطبيعية وطبيعة التربة والتضاريس في إيجاد أمكنة ذات تميز من الناحية الطبيعية يجعلها مقصدًا لرواد البَر من متنـزهين وسياح يرتادونها لساعات أو لأيام، فالسائح الذي يأتي إلى مدينة الرياض يستطيع أن يزور متنـزهات برية مجاورة لها، وسكان الرياض قد يقصدون الصحراء سياحًا حيث يمضون فيها أيامًا  . وتتوافر الحدائق في جميع المدن من دون استثناء، إلا أن أكبرها يقع في المدن الكبرى، ويوجد عدد من المتنـزهات الطبيعية أهمها: متنـزه عسير الوطني قرب مدينة أبها  ، ومتنـزه الأحساء الوطني، ومتنـزه سعد شرق الرياض، ومتنـزه مشار قرب مدينة حائل، وشعب حريملاء، والدهناء شرق مدينة الرياض، وروضات الخفس والتنهات وخريم إلى الشرق من مدينة الرياض، وغيرها من المتنـزهات البرية.إنه ليس من السهل حصر المتنـزهات الطبيعية أو تصنيفها في هذا المقام؛ فهي تتباين في جاذبيتها حسب ميول الناس، وفي حجمها أيضًا، غير أن بعضها اشتهر بوصفه متنـزهات برية رئيسة على المستوى الوطني أو الإقليمي، ومنها ما له شهرة على مستوى دول الخليج العربي، ومن أهمها وأكبرها - على سبيل المثال لا الحصر - ما يأتي:
 متنـزه عسير الوطني: وهو من أهم المتنـزهات الطبيعية في المملكة، فهو يشمل قمم جبال السروات في عسير وسفوحها الغربية، ويمتد إلى تهامة وسواحل البحر الأحمر، وقد تم تطوير مواقع للتخييم والنـزهة فيه.
 هضبة الصمَّان: تقع في الشمال الشرقي من المملكة، وتتميز بكثرة الرياض التي تنبت فيها النباتات الحولية وأشجار السدر، وتكثر فيها الكهوف الأرضية، وهي مقصد الرعاة في أواخر الربيع بقطعانهم.
الدهناء: تقع شرق مدينة الرياض، وهي من أجمل المتنـزهات الرملية وأكثرها نباتًا في فصل الربيع  ، وإن مبيت ليلة بالدهناء تجربة لا يمكن نسيانها فهي تختزل سحر الصحراء العربية، وفيها يقول الشاعر:
ألا  حـبذا الدهنـا وطيـبُ ترابها     وأرضٌ  خلاءٌ يصدَحُ الليلَ هامُها  
 هضبة حسمى: وهي هضبة من الصخور الرملية بمنطقة تبوك، وهي من أجمل الأمكنة السياحية في المملكة بتكويناتها الصخرية وينابيعها الجارية.
وتوجد متنـزهات ذات أهمية إقليمية ومحلية في مختلف مناطق المملكة، ويمكن لمن يقصد هذه المناطق سائحًا أن يجعل تلك المتنـزهات إحدى محطاته، ومنها:
 وادي لجب في منطقة جازان: وهو وادٍ انكساري جميل ومميز بنباته ومياهه وتكوينه الجيولوجي.
 متنـزه جَبَلَة: ويقع في شمال منطقة الرياض، وهو جبل جرانيتي تحيطه الرمال من إحدى جهتيه، والشعاب المكسوة بأشجار السمر من جهته الأخرى، وينحدر منه وادٍ جميل، ويحوي تكوينات صخرية جميلة، وله أهمية تاريخية؛ إذ ارتبط به عدد من أيام العرب المشهورة.
 عِبْلة أوضاخ: تقع أيضًا في شمال منطقة الرياض، وهي أرض شديدة الاستواء تغطيها الرمال المخلوطة بمفتَّتات الصخور الجرانيتية، وهي شديدة الإنبات للنباتات الحولية في فصل الربيع، حيث تتحول إلى حديقة نباتية تمتد على مدِّ النظر، ويقصدها رواد البَر من منطقتَي الرياض والقصيم.
جبل أجا في منطقة حائل: ويتميز بتنوعه النباتي وشعابه ذات الحصباء الجميلة.7 - المحميات الطبيعية:
توجد ضمن أراضي المملكة أمكنة ذات تميز طبيعي لافت، ويوجد بعض الأمكنة التي أصبحت ملاذًا لبعض الكائنات الحية المهددة بالانقراض نتيجة التطور البشري السريع والصيد الجائر. وقد صدرت أنظمة وتعليمات تحدد مواسم الصيد وأمكنته وطريقته، وتحمي بعض الأنواع، كما تمنع منعًا باتًا صيد بعض الأنواع المهددة بالانقراض، وتمنع الصيد في أوقات التوالد، وتسمح بصيد بعض أنواع الطيور المهاجرة، وتتولى الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها - بالتعاون مع وزارة الداخلية - تطبيق هذا النظام  . 
وقد تولت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها تحديد المحميات والإشراف عليها وحمايتها، ومحاولة توطين الكائنات المهددة بالانقراض فيها. وتتميز هذه المحميات بالتنوع تبعًا لطبيعة الأرض والمناخ والكائنات التي تعيش فيها، ويمكن للسياح دخولها بترتيب مسبق مع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها.
ومن أهم هذه المحميات:  
 محمية الوعول: وتقع إلى الجنوب من مدينة الرياض في جزء من جبال طويق، وتتميز بتضاريسها ونباتاتها وإعالتها للوعول.
 محمية عروق بني معارض: وتقع في أقصى جنوب منطقة الرياض وشمال منطقة نجران، وتتميز بعروقها الرملية التي هي جزء من رمال الربع الخالي، وقد تم توطين المها العربي فيها  .
محمية جزر فرسان: وهي نموذج جيد لجزر جنوب البحر الأحمر، تتميز بطبيعتها البكر ونباتاتها الفريدة مثل أشجار القندل، وبإعالتها للغزلان الفرسانية.
 محمية رَيْدة: وتقع في سفح جبال السروات إلى الشمال الغربي من مدينة أبها، وتتميز بنباتاتها الكثيفة وإعالتها نقار الخشب العربي.
 محمية مجامع الهضْب: وتقع بين محافظتي بيشة ووادي الدواسر، وهي حديقة جيولوجية للقباب الجرانيتية الضخمة التي تنتشر حولها أشجار الأكاسيا.
 

 

شارك المقالة:
358 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook