يجتمع نسب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- في كعب بن لؤي بن غالب؛ واسمه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي؛ ويُكنّى بأبي حفص؛ وإن لم يكن له ولد بهذا الاسم، كما يُلقّب بالفاروق؛ لأنّه أظهر الإسلام في مكة فكان سبباً في التفريق بين الكفر والإيمان، وُلد -رضي الله عنه- بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنةً، وتعلّم القراءة والكتابة في الجاهلية، كما نشأ نشأةً غليظةً شديدةً؛ فكان أبوه الخطاب يدفعه إلى المراعي ليرعى إبله، ثمّ اشتغل بعدها بالتجارة؛ فجنى منها أرباحاً أصبح بها من أغنياء مكة، كان عمر -رضي الله عنه- أبيض طويلاً أصلعاً أشباً، كما كان حكيماً بليغاً قوياً حليماً، وكان قويّ الحجة واضح البيان.
إنّ عدد ما فُتح في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من مدنٍ وأقاليم ومناطق وقرى صغيرةً وكبيرةً يزيد على الألفين، وقد هدم من الكنائس عدداً كبيراً، وبنى ما يزيد عن ألفي مسجد، ومن أهم فتوحاته؛ فتح دمشق، وكان فتح بعضها صُلحاً وبعضها الآخر عُنوةً، ومنها فتح بلاد الروم؛ وفيها طبرية وقيسارية وفلسطين وعسقلان وبيت المقدس الذي قام عمر -رضي الله عنه- بفتحه صُلحاً بنفسه، ومنها أيضاً فتح حمص وبعلبك وحلب وأنطاكيا والرقة وغيرهم، ومن بلاد العراق فُتح في عهد عمر كلٌّ من الموصل والقادسية والرها والمدائن حتى ذلّ للمسلمين مُلكُ الفرس كاملاً، كما فُتحت كور الأهواز ونهاوند وأذربيجان وبعض أقاليم خرسان، وفتح عمرو بن العاص مصر والإسكندرية وطرابلس الغرب وما يليها من الساحل، وكذلك اليرموك وبيسان والخابور، وصارت البصرة والكوفة معقلاً لجيوش المسلمين.
قامت دولة الخلفاء الراشدين على مبدأ العدل بين الناس، وجاءت ممارسة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لهذا المبدأ خير شاهدٍ على ذلك؛ فقد أسر القلوب وأذهل العقول بعدله، حيث سار على ذات نهج رسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وجعل سياسته قائمةً على العدل والمساواة بين الناس، ونجح في تطبيق ذلك على الواقع نجاحاً منقطع النظير؛ حتى صار اسمه مرتبطاً بالعدل بين الناس، ومن أمثلة ذلك؛ أنّ عمرو بن العاص حين كان والياً على مصر أقام حدّ الخمر على عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب، وكانت العادة أن يُقام الحدّ أمام الناس في الساحة العامّة؛ إلّا أنّ عمرو أقام الحدّ على ابن أمير المؤمنين في البيت، فلمّا بلغ عمر بن الخطاب ذلك غضب على عمرو بن العاص؛ لتفريقه بين ابنه وباقي المسلمين، ثمّ أمره بإرسال ابنه إليه وأقام عليه الحدّ جهراً في المدينة.
موسوعة موضوع