الصراع العثماني ـ البريطاني حول الكويت

الكاتب: رامي -

الصراع العثماني ـ البريطاني حول الكويت


سابعاً: الصراع العثماني ـ البريطاني حول الكويت



أدركت الدولة العثمانية، أن ثمة علاقة جديدة، بين قائمقامها في الكويت وبريطانيا؛ وفي هذا ما فيه من تجاهل لعلاقته بالباب العالي. لذلك، شهدت السنوات التالية، التي أعقبت توقيع الاتفاقية، وبالتحديد منذ عام 1899 وحتى عام 1903، صراعاً جديداً، حادّاً بين مبارك، مؤيَّداً من بريطانيا، من جهة، والدولة العثمانية، من جهة أخرى. وقد استعانت الدولة العثمانية، خلال هذا الصراع، بقوَّتين، إحداهما أوروبية، وهي ألمانيا، من خلال مشروع سكة حديد برلين ـ بغداد، والأخرى إقليمية، وهي قوة آل رشيد، في حائل وشبه الجزيرة العربية. كما شهدت الفترة عينها رضوخ الدولة العثمانية، في النهاية، لمقتضيات الوضع الجديد، بعد أن حاولت تقطيع حدود الشيخ ودولته واختصارها، بما يعني استبعاد ما تبقى من الكويت خارج حدود سيادتها، لتفجر بذلك مشكلة حدود، بين الكويت وولاية البصرة، امتدت آثارها حتى اليوم. وتميزت الفترة من 1903 حتى 1913، بتزايد النفوذ البريطاني وانفراده بالكويت، بعد انتهاء المشكلة السابقة أو سكونها. لذلك، لا بدّ من تقسيم الفترة، التي أعقبت الاتفاقية إلى مرحلتين، لكل منهما طبيعة مختلفة.



1. المرحلة الأولى: الصراع العثماني ـ البريطاني على الكويت (1899 ـ 1902)



كان أهم خصائص هذه المرحلة، هو وضع الاتفاقية الكويتية ـ البريطانية موضع التنفيذ والتطبيق، بعد انكشاف أمرها، ثم رد الفعل العثماني تجاهها. وقد بدأت الدولة العثمانية تستعد للأوضاع الجديدة، بتعيين حمدي باشا والياً على البصرة؛ وهو معروف بعدائه للشيخ مبارك، واحتضانه لقضية أبناء أخوَي الشيخ. وكان ذلك مؤشراً على بداية الصراع، عسكرياً. وكان مبارك، اعتماداً على وضعه الجديد، الذي وفرته له الاتفاقية مع بريطانيا، قد أنشأ، في مايو 1899، نظاماً جمركياً في بلاده. وبدأ موظفوه بموجبه، يحصلون ضريبة، قدرها 5% على جميع الواردات، بما فيها القادمة من موانئ الدولة العثمانية. وعندما علمت الدولة العثمانية بذلك، حسبت أن مباركاً يعمل ذلك لحسابها، لكونه قائمقاماً عثمانياً. فأرسلت إليه، في 2 سبتمبر، مندوباً جمركياً، في صحبة خمسة جنود، ليتسلم حصيلة الضرائب، ثم يتولى المهمة بدلاً من موظفي مبارك. فرفض الشيخ استقبال المندوب ومرافقيه، مما اضطرهم إلى العودة للبصرة. وعندما عرفت الحكومة البريطانية بذلك، أصدرت تعليمات إلى سفيرها في إستانبول، لكي يحتج، لدى الباب العالي، ويعلمه بما سيؤدي إليه هذا الأمر من توتر، إذا أصرّت الدولة العثمانية على إقامة دائرة جمركية في الكويت، من دون اتفاق مسبق مع الحكومة البريطانية. فتراجعت الدولة العثمانية عن المسألة. وكأن شيئاً لم يحدث.



شعرت الدولة العثمانية، في يونيه 1899، أن بريطانيا تتغاضى عن تزايد نشاط الكويت في تجارة الأسلحة، واستمرار تدفق الأسلحة إلى الكويت. بل أحست السلطات العثمانية أن البريطانيين يسهلون هذه التجارة، وقد يوزعون الأسلحة على رجال القبائل، مما يعني استخدامها ضد الدولة العثمانية. لذلك، أعرب والي البصرة حمدي باشا عن قلقه، للقنصل البريطاني، راتسلو Wratislaw، واقترح أن يبادر السفير البريطاني في إستانبول إلى إيضاح هذه الأمور للسلطان، ولم يمضِ وقت طويل، حتى بعث السلطان العثماني برسالة إلى السفير البريطاني في الآستانة، جاء فيها: إن بلاده تقدر أهمية الخليج، بالنسبة إلى المصالح البريطانية، وكذلك حِرص بريطانيا على إبعاد أي نفوذ أوروبي عن هذه المنطقة الحساسة، لما لها من أهمية، لتجارة الهند. وأن الحكومة العثمانية، لن تمنح أي دولة، غير بريطانيا، امتيازات تجارية في الخليج. وفي الوقت عينه، لن تتنازل عن سيادتها على البصرة أو الكويت أو البحرين أو القطيف.



وهكذا، تدعم موقف مبارك، في أول أزمة، جرت بينه وبين الدولة العثمانية، في أعقاب الاتفاقية، فضلاً عن تسلحه، واستفادته من تجارة السلاح. وزاد موقفه قوة، نجاحه، بالتعاون مع نقيب أشراف البصرة، في بغداد، في إبعاد واليها، حمدي باشا، إذ استبدلت به الدولة محسن باشا، في خريف 1899، الذي حاول معالجة أزمات علاقة الدولة العثمانية بمبارك. ولم يكتفِ مبارك بما أحرزه من تقدُّم في موضوع الجمارك، وتراجع الدولة العثمانية، فراح يستعد، في ديسمبر 1899، مطمئناً إلى تسليح جيشه، بفعل الدعم البريطاني، ليهاجم نجْداً.



أمّا الدولة العثمانية، حين رأت تشدُّد بريطانيا، دفاعاً عن مصالح الشيخ، ومصالحها، فقررت أن تستعين بألمانيا، على مقاومة المصالح البريطانية، من خلال دفعها مشروع سكة حديد برلين ـ بغداد، لكي يصل، ومعه الألمان، إلى سواحل الكويت. ففي يناير1900، وصلت بعثة ألمانية إلى الكويت، يترأسها استمرخ Stemrich، للتفاوض مع الشيخ مبارك في شأن الخط الحديدي. وفي الحال، أبرقت حكومة الهند إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج، لكي يتصل بمبارك، ويمنعه من عقد أي اتفاق مع البعثة الألمانية، أياً كان نوعه، وفاءً بالاتفاقية.



وتعهد مبارك تنفيذ الرغبة البريطانية، على الرغم من أن البعثة الألمانية أطلعته على حصولها على موافقة من السلطان، في شأن امتياز إنشاء الخط، وضمان تنفيذه في أراضيه. بل إنها أغرته، عند موافقته، على جعل خليج كاظمة (خليج الكويت) نهاية للخط الحديدي، بدعم ألمانيا له ولخلفائه من بعده، براً وبحراً، وسترسل بارجة حربية ألمانية، لحماية الكويت.



معنى هذا، أن ثمة تنسيقاً ألمانياً مع السلطان العثماني، عرضت، بموجبه، حماية ألمانية على شيخ الكويت، الأمر الذي وضع بريطانيا في مأزق، لن تخرج منه إلا بإشهار اتفاقيتها السرية مع الشيخ. وبالفعل، أرسل، اللورد روبرت سيسل، رئيس الوزراء ووزير الخارجية البريطاني، في 20 مارس 1900 برسالة إلى أوكونور، سفير بلاده في إستانبول، يوجهه فيها إلى لفت نظر السلطات العثمانية، وكذلك السفير الألماني في العاصمة العثمانية، إلى أن لبريطانيا ارتباطات خاصة مع شيخ الكويت، وهي لا تريد إخلالاً بـ الوضع الراهن، في أي حال من الأحوال، وأنها لن تسكت على منح أي قوة أجنبية حقوقاً في أرض تابعة لشيخ الكويت، إذ إن لها اتفاقات معينة معه، تمنعه من التنازل عن أي منطقة من أراضيه، لأي دولة أجنبية أخرى، إلاّ بموافقة بريطانيا.



وهكذا، كشفت بريطانيا عن الاتفاقية، ولم يكن قد مضى عليها أكثر من 14 شهراً. واحتجت الدولة العثمانية على تجاوز الشيخ صلاحياته، لأنه لا يزال، في نظرها، قائمقاماً عثمانياً، لا يحق له الدخول في مفاوضات أو عقد اتفاقات دولية. ومن ثَم، ارتأت الدولة العثمانية تأديبه، ووضع خطة لعزله، وإبعاده عن الكويت. ذلك على الرغم من أن بريطانيا قد أوضحت للدولة العثمانية أن ارتباطها بشيخ الكويت، ليس أكثر من ارتباط ودي، وأنها لا تنوي احتلال الكويت، وأنها لن تقف مكتوفة اليدين تجاه أي محاولة للتدخل في الشؤون الكويتية.



وقد ترتب على كشف السلطات البريطانية حقيقة الاتفاقية، التي تربطها بالشيخ، أن مباركاً، لم يرَ بدّاً من التصرف علناً. وفى ضوئها، وإزاء اطمئنانه إلى أن بريطانيا، ستبذل مساعيها، السياسية والعسكرية، للدفاع عنه، فرض ضرائب باهظة على الواردات العثمانية إلى الكويت، وحظر تموين السفن العثمانية في ميناء الكويت، بل وأخضعها للتفتيش، كالسفن الأجنبية، خشية تهريب أسلحة إلى الكويت، كما رفض استقبال أي موظفين عثمانيين.



وكانت التقارير البريطانية، منذ أواخر ديسمبر 1900، قد تناقلت أنباء استعدادات لمهاجمة ابن رشيد في حائل ونجْد. وكان ثمة أطماع متبادلة، بين الجارَين العربيَّين القويَّين، فرأت السلطات البريطانية، أن اتفاقيتها مع مبارك، لا بدّ أن تكبح جماحه، حتى لا يأتي الصراع في الجزيرة بالعثمانيين إلى المنطقة. وذلك يشير إلى أن بريطانيا، لم تستخدم الاتفاقية لحماية الكويت من التدخل الأجنبي فيها فقط، وإنما استخدمتها لإقرار وضع الشيخ، وكبح أطماعه، في آن واحد. فإذا ما اندلع الصراع، فإن ذلك سيجلب بالدولة العثمانية إلى المنطقة، وستكون الحكومة البريطانية في وضع حرج، إما أن تتصدى للعثمانيين، أو تضحي بالمركز المتميز، الذي حصلت عليه باتفاقية 23 يناير 1899.



وفيما يتعلق بخلفية الصراع بين مبارك وعبدالعزيز آل رشيد، فقد جاء نتيجة للصراع الأصلي، الدائر في شبه الجزيرة العربية بين آل رشيد، في جبل شمر، أمراء نجْد الجدد، وآل سعود، الذين سقطت دولتهم، ولجأ قادتُهم إلى الكويت، ولا سيما نزول عبدالرحمن بن فيصل، ومعه ابنه، عبدالعزيز، ضيفَين على مبارك. وفي المقابل، استضاف عبدالعزيز آل رشيد، يوسف بن عبدالله آل إبراهيم، وأبناء محمد وجراح، أعداء مبارك، وتبنّى قضيتهم. وكان بعض المراقبين يعتقدون، أن مباركاً كان يهدف، من محاربته آل رشيد، إلى تنصيب نفسه أميراً على شبه الجزيرة العربية، أو بناء دولة كبرى فيها، نظراً إلى طموحه ومقدرته العسكرية. معنى هذا أن مباركاً، كانت له سياسة مستقلة، تتجه نحو تصفية الحساب، وتحقيق بعض التوسع إن أمكن، بعد أن ساعدته الاتفاقية، على التسلّح جيداً، فرأى الفرصة سانحة لطموحه. واللافت للنظر أن الدولة العثمانية، راحت تستفيد من هذا التصادم الوشيك، وتحرض عبدالعزيز آل رشيد، وتعاونه بالمال والسلاح، وتدرب جيشه، آملة أن تتخلص من القائمقام المنشق، خاصة بعد فشل مشروعاتها السابقة للتدخل المباشر في شؤون الكويت، من خلال فرض الموظفين العثمانيين، أو بإتاحة الفرصة للألمان لاختراق الكويت، من خلال مشروع سكة حديد برلين ـ بغداد، فرأت معاونة آل رشيد، وإغراء أميرهم عبدالعزيز بن متعب بحكم الكويت، إذا ما تخلص من مبارك. وهو اتجاه عثماني، أملاه الصراع مع بريطانيا حول الكويت، خصوصاً بعد انكشاف الاتفاقية.



واقتصر موقف بريطانيا من هذه القضية، في البداية، على نصح الشيخ مبارك ألاّ يعطي فرصة للعثمانيين للتدخل. كما أنذرت عبدالعزيز آل رشيد أنها لن تسكت على هجومه على الكويت. ثم عزمت على إرسال المقدم تشارلز أرنولد كمبُل Charles Arnold Kemball، المقيم السياسي البريطاني في الخليج ( 1900 ـ 1904)، إلى الشيخ مبارك لتحذيره من مغبة التورط في الحرب مع آل رشيد. إلاّ أن مباركاً كان مصرّاً على هجومه، غير عابئ بالنصائح البريطانية.



وقد بدأ الصراع الكويتي ـ النجدي، في أغسطس 1900، بالمناوشات الحدودية، وتحريض القبائل، وانتهى بهزيمة جيش مبارك هزيمة قاسية، بمساعدة عسكرية عثمانية، بقيادة فيظي باشا، عند منطقة الصريف، شمالي شرقي بريدة، في القصيم، في 17 مارس 1901، بعد أن نجح في غزو نجْد والاندفاع نحو فتح منطقة جبل شمر.



وواصل عبدالعزيز آل رشيد، بعد موقعة الصريف، سيره، لمحاصرة الكويت. لكن سلطات المقيم السياسي البريطاني، هرعت[1]. إلى إرسال طراد حربي، ظل يرابط في مياه الكويت، بل أنزل كميات من المدافع إلى البر، وأخذ القائد البريطاني يطلق أسهماً نارية في الفضاء، ذُعر لرؤيتها قوات ابن رشيد، فتراجعت. بينما أجرت الحكومة البريطانية اتصالاً، مع الباب العالي، لإبلاغه أنها غير راغبة في استئناف الحرب بين الطرفين. فاستجاب السلطان، ومن ثَم انسحب عبدالعزيز آل رشيد محروماً من جني ثمار انتصاره، مما جعله يتجه نحو بريطانيا، فيما بعد، يأساً من العثمانيين، ويطلب حمايتها، آملاً أن تتركه يبتلع الكويت، وليكون رجُلها الأول في المنطقة. لكن البريطانيين، لم يضحوا بصداقة مبارك. ورأت حكومة الهند البريطانية، ووافقتها وزارة الخارجية، أنه لا داعي لتحمل المتاعب والإحراج، اللذين سينجمان عن إعلان أراضي شيوخ الكويت ونجْد، كمحميات بريطانية. واكتفى البريطانيون بضمان عدم تعدي مبارك على إمارة نجْد، ثانية.



أمّا الدولة العثمانية، فكان لها مع شيخ الكويت شأن آخر، فلم تتوانَ عن محاولة الاستفادة من الوضع الناشئ عن هزيمته. فأرسلت، في أبريل 1901، القائد العام للقوات العثمانية في العراق، إلى البصرة، على رأس قوة عثمانية. وكان متوقَّعاً أن تتجه القوة إلى الكويت للتخلّص من مبارك. وفي الوقت نفسه، وصلت بارجة حربية عثمانية إلى سواحل الكويت. فطلبت الخارجية البريطانية من سفيرها في إستانبول، لفت نظر الحكومة العثمانية إلى خطر هذا المسلك، وإلى احتمال تدخّل بريطانيا لمساعدة مبارك، تنفيذاً لتعاهدهما. وتدخل الأسطول البريطاني، وعمل على منع إنزال الجنود العثمانيين إلى البر. فبادر محسن باشا، والي البصرة، في مايو 1901 إلى إقناع مبارك بالامتثال لأوامر الباب العالي، لكون الكويت سنجقية عثمانية، وإبقاء حامية عسكرية فيها، وقبول بعض الموظفين العثمانيين، على رأسهم موظف قضائي، وإقامة دار للعوائد الجمركية، ومكتب للبرق. ولكن فشلت مهمة محسن باشا في إقناع مبارك بذلك كله، وإن كان قد نجح في إقناعه بمرافقته إلى الفاو، حيث لم يرَ بأساً من أن يبرق إلى السلطان، مجدداً ولاءه له.



أمّا بريطانيا، فقد خوّلت سفيرها في إستانبول، في 10 أغسطس 1901، بأن يصرح، عندما تسمح الفرصة، بأنه في حالة تهديد الكويت، فإن الحكومة البريطانية، سوف تستخدم القوة لمنع أي هجوم عليها. وعلى الرغم من استبعاد الحكومة العثمانية فكرة استخدام القوة، فإن وزير خارجيتها، بادر إلى إبلاغ السفير البريطاني، أن الكويت جزء لا يتجزأ من الإمبراطورية العثمانية، وأن إنذار قائد السفينة البريطانية، وتحذيره قائد السفينة العثمانية من إنزال أي قوات، قد سبب للحكومة العثمانية استفزازاً كبيراً، وأنها تحتج على ذلك، رسمياً. وإزاء الضغوط البريطانية، قبِلت السلطات العثمانية تسوية المسألة، على أساس الأمر الواقع، وأنها لن تُقدم على إرسال قوات إلى الكويت، وأنها سوف تحافظ على الوضع الراهن (Status Quo) هناك، شريطة عدم احتلال بريطانيا الكويت، أو فرض الحماية عليها.



لم يكن ما حدث في صيف وخريف 1901، سوى تسوية مؤقتة، أو هو إقرار بـ الوضع الراهن في الكويت. ولم تلبث الأزمة أن تفجرت من جديد، في أول ديسمبر 1901، عندما أبرقت إستانبول إلى رجب باشا، نقيب أشراف البصرة، بزيارة الكويت، وفي صحبته الأميرالاي نجيب بك، شقيق والي البصرة، على متن السفينة العثمانية، زحاف. وطلب المندوبان من مبارك، أن يبتعد عن البريطانيين، وأن يوافق على إبقاء حامية عسكرية تركية صغيرة، كرمز للوجود العثماني، على أن تأتمر بأوامره، ولا تتدخل في شؤون الكويت، وذلك لكسب مرضاة السلطان، الذي سيصدر فرماناً، بأن يظل مبارك في حكم الكويت، من دون أن يتعرض لأي خطر، أو بمعنى آخر قبول الحماية العثمانية، وخُيِّر بين قبول ذلك أو مغادرة الكويت إلى إستانبول، ليُعيَّن عضواً في مجلس شورى الدولة، أو يقيم بأحد الأقطار العثمانية، ويصرف له راتب شهري مُجْزٍ، وإن لم يقبَل هذا أو ذاك، فإن الدولة سوف تخرجه، بالقوة، من الكويت.



وقد رد مبارك على هذه البعثة رداً سلبياً، مهذباً. وفي اللحظة عينها، كان يستنجد تشارلز أرنولد كمبُل، المقيم السياسي البريطاني في الخليج، ويطلب منه أن تسارع بريطانيا إلى إعلان حمايتها. فرد كمبُل، في اليوم التالي باستعداد حكومته لتأييده، وعدم السماح للعثمانيين بشن هجوم على الكويت. وكانت التعليمات البريطانية، قد صدرت بالفعل، إلى قائدَي السفينة، بومن Pomone، والطراد، ردبريست Redbreast، بأن يمنعا السفينة العثمانية، زحاف، بالقوة، من إنزال أي جنود، أو أفراد مسلحين، كحرس شرف. وفُرضت رقابة، وحراسة ليلية، على زحاف، للتأكد من عدم إنزالها جنوداً. ورد الشيخ على المبعوثين العثمانيين، بأن السلطات البريطانية، تمنعه، بالقوة، من إبداء رأيه.



احتجت بريطانيا، لدى السلطان، وعَدّت ما حدث خرقاً للإبقاء على الوضع الراهن، المتفق عليه بين الحكومتَين في شأن الكويت. وأعلنت أنها ستؤيد الشيخ، ولن تسمح بأي هجوم من جانب القوات أو السفن العثمانية على بلاده. وأن على الشيخ عدم مغادرة الكويت، والاستمرار في الوفاء باتفاقاته مع بريطانيا، وطلبت إلى الباب العالي، أن يوجِّه تعليماته إلى نقيب أشراف البصرة، بالامتناع عن ممارسة أي ضغوط على مبارك. وقد ردت الحكومة العثمانية بإنكار أي علم لها ببعثة النقيب. وأعلن وزير الخارجية العثماني أن حكومته ليس لديها أي نية لنشوء مشاكل في الكويت. وهكذا بلغ الضعف والتراجع بالدولة العثمانية حدّاً مهيناً، لتؤكد أن صِلتها بالكويت ليست أكثر من صلة شكلية، لا جدوى منها، ولا فاعلية لها على الإطلاق. وفي المقابل، تزايدت هيمنة بريطانيا على الكويت، من الناحية العملية، من خلال ممارستها الفعلية للحماية.



لجأت الدولة العثمانية، بعد ذلك، إلى أسلوب التضييق والتحريض، ضد مبارك، مرة أخرى، بعد فشل محاولة التدخل، العسكري والسياسي، المباشر، بفضل التشدّد البريطاني. فعمدت، إلى تحريض ابن رشيد على مهاجمة الكويت، وأجرت اتصالات معه في أواخر ديسمبر 1901، من طريق والي البصرة ـ كان عبدالعزيز آل رشيد مقيماً، مع جزء من قواته، بالبصرة ـ بهدف شن هجوم مشترك. وزودت ألمانيا ابن رشيد السلاح والمال، وحظرت تصدير أي إمدادات إلى الكويت من البصرة. وصدرت الأوامر إلى البحرية البريطانية، من الفور، بأن توجِّه سفنها، للدفاع عن الكويت، بالقوة، إذا لزم الأمر، وأن تتعاون مع المدينة على الدفاع عن نفسها، وتزودها المؤن، وعلى الرغم من قلة عدد قوات الإنزال البريطانية، إلاّ أنها أجبرت ابن رشيد على أن يرجع إلى بلاده. ورأت السلطات البريطانية، أن حظر والي البصرة تزويد الكويت المؤن، يُعَد خرقاً للتعهد بالمحافظة على الوضع الراهن، من قِبل الدولة العثمانية، لذا، وجهت إليها إنذاراً. فأعلنت الحكومة العثمانية، أن والي البصرة، تصرف من تلقاء نفسه، من دون تعليمات، وأن الباب العالي، قد أمره بإلغاء قراره.



وأرادت سلطات البصرة الاقتصاص من مبارك، فأمرت الجنود المقيمين باستحكامات الفاو، بتحطيم سدود المياه، التي تروي ممتلكات الشيخ هناك. كما حرضت أبناء أخوَي الشيخ مبارك، في العراق، على رفع قضايا أمام المحاكم العثمانية، تتعلق بأملاك الأُسرة. ونجح هؤلاء في انتزاع أجزاء من أراضي الشيخ، سبب له شيئاً من العجز المادي. كما تكررت حوادث الإغارة على مواشي الرعايا الكويتيين على الحدود، قرب صفوان. بل ألقت السلطات العثمانية، في 18 مايو 1902، القبض على وكيل أملاك الشيخ مبارك في البصرة، وفتشت بيته، وأخذت منه ما يلقي الضوء على علاقة مبارك بالبريطانيين، كما استولت على حجج ممتلكاته في العراق العثماني، الموجودة في البصرة، والمنتشرة في: كرديلان، وجزيرة العجيراوية، وكوت الزين، والصوفية، والدواسر، والفاو. وإن كانت وساطة الدبلوماسية البريطانية، قد نجحت في إعادتها له.



ولم تنتهِ محاولات ابن رشيد، التي كان آخرها في ديسمبر 1902، لكي يستولي، بتحريض من الدولة العثمانية، على الكويت. إلاّ أنها كانت كلها محاولات يائسة، عاجزة؛ إذ كانت سفينة بريطانية واحدة، أو حتى بضعة مدافع، قادرة على إحباطها.



2. المرحلة الثانية: تزايد النفوذ البريطاني في الكويت، وردود فعل الدولة العثمانية (1902 ـ 1913)



كان اللورد كيرزون يعتقد، عام 1901، أن زيارة واحدة لنائب الملك في الهند، في بزته العسكرية، ترافقه حماية بحرية قوية، هي أمر من شأنه أن يُظهر انطباعاً بالمصالح والنفوذ البريطانيين، وخطة تفوق في عظمتها أي خطة مقترحة أخرى، قاصداً بذلك تأكيد الهيبة والنفوذ، وإثبات القوة. ولكن حكومة لندن لم توافق على ذلك، فتأجلت فكرة الزيارة. وعندما تحدث اللورد لانسدون (Lansdowne)، وزير الخارجية البريطاني، في مجلس العموم البريطاني، في 5 مايو 1903، ذكر أن بريطانيا، لن تسمح بإنشاء أي قاعدة بحرية لأي قوة أجنبية في الخليج. فانتهز كيرزون هذه الفرصة، وطلب فرض الحماية على الكويت، علناً، لكن مجلس الوزراء البريطاني، لم يقر ذلك، بسبب مشاكل بريطانيا في أفريقيا، من جهة، ولأن سفيرها في إستانبول.



أرسل يقول إن إعلان الحماية على الكويت، سيستعدي الباب العالي، من دون شك، وقد يدفع ألمانيا لتسهم في الخلاف. فاختنقت فكرة الحماية، بادئ أمرها.



سخر كيرزون من موقف الحكومة البريطانية، ورأى أنها فرضت الحماية على الكويت سلفاً، وأنها طبقت أُسس هذه الحماية، فعلاً، من الناحية العملية. وإلاّ، فماذا تبقى لفرض الحماية بعد أن يرسل الأتراك قواتهم، وترد هذه القوات على أعقابها! كما هاجمت الصحف البريطانية موقف الحكومة من المسألة الكويتية، فاضطر وزير الخارجية البريطاني، لانسدون، أن يعلن، في مجلس العموم، أن شيخ الكويت في كنف الحماية البريطانية، ترتبط معه بريطانيا بمعاهدات واتفاقات خاصة. وُيعَدّ هذا التصريح أول تصريح رسمي بريطاني، في شأن الحماية على الكويت. وهكذا، صُرِّح بإعلان الحماية، كما أراد كيرزون. وتقررت زيارته إلى الخليج بالشكل الذي اقترحه، عام 1901. وكانت تلك الزيارة التاريخية، وما سبقها من التصريح بالحماية، بداية عهد جديد للعلاقة الكويتية ـ البريطانية، تميز بفرض الحماية التامة، وبتقييد الكويت باتفاقات أخرى، تُحكِم السيطرة البريطانية عليها.



وجاءت زيارة كيرزون إلى الكويت في نوفمبر 1903، والحفاوة التي قوبل بها من جانب الشيخ ورجاله، لتدعم النفوذ البريطاني في الكويت، أو لتدشنه على نحو غير مسبوق. وخلال الزيارة منح كيرزون مباركاً لقب سير، وقلده وشاح نجمة الهند. فتوشح به الشيخ، من الفور، مفصحاً عن سعادته بأنه أصبح ضابطاً في الإمبراطورية البريطانية، وأعلن مبارك، خلال لقائه كيرزون، أنه قطع كل اتصال له مع العثمانيين. وذكر اللورد أن الشيخ صادق في ما يقول، لأنه مدين للمساندة البريطانية، التي لولاها لما احتفظ بمشيخته. وحذره من مغبة المغامرات في وسط شبه الجزيرة العربية، لأن ذلك يخرج عن حدود الحماية، التي وعدت بها الحكومة البريطانية. وبعد الزيارة، قررت الحكومة البريطانية الاستفادة من الفرصة المتاحة، كي تعمل على تحسين الاتصالات البريدية مع الكويت، ومدِّ الخدمة الطبية إليها، ورفع درجة التمثيل البريطاني فيها.



فقد كانت بريطانيا تعتمد في تمثيلها السياسي، داخل الكويت، حتى عام 1904، على صحفي من أهل البلاد، حسب رواية لوريمر، فضلاً عن أنها كانت تكتفي، منذ اتفاقية 1899، بأن يأتي المقيم، أو أحد مساعديه، إلى الكويت، من وقت إلى آخر لتفقّد شؤونها، ولقاء شيخها، خاصة وقت الأزمات. وغالباً ما كان يرافق المقيم، أو المساعد، بعض قادة البحرية البريطانية، لما لهذا الأمر من مغزى. ولكن الوضع تغير، بعد عام 1903، وأصبح على بريطانيا، نتيجة عوامل كثيرة، أن تعيد النظر في مسألة تمثيلها السياسي في الكويت. وكان كيرزون، وحكومة الهند، يلحان في تعيين ضابط سياسي بريطاني في الكويت، للمحافظة على ما تتمتع به بريطانيا من امتيازات فيها، فضلاً عن أن التمثيل السياسي، سوف يعطيها وسائل للحصول، تدريجياً، على معلومات أكثر دقة، في خصوص الأوضاع الحقيقية للشؤون الداخلية لشبه الجزيرة العربية، من جهة، ومراقبة التحركات العثمانية قرب الكويت، من جهة ثانية، وتقوية حقها في الإشراف على الامتداد الأخير لسكة حديد بغداد، من جهة ثالثة.



وعلى الرغم من هذه المبررات، التي ساقتها حكومة الهند، فقد كانت الخارجية البريطانية، تدرس الموضوع بتردد، مبعثه أن هذا الإجراء، لا ينسجم مع التأكيدات، التي أُعطيت للسلطات العثمانية، في شأن احترام الوضع الراهن في الكويت. ذلك الوضع الغامض، الذي اُنتُهك غير مرة من الجانبَين، كان آخرها تصريح لانسدون نفسه، في مجلس العموم، بأن الكويت تقع تحت الحماية البريطانية. ثم اتخذت الحكومة البريطانية قرارها، مستعدة لما يترتب عليه من نتائج، بإرسال النقيب ستيوارت جورج نوكس Stuart George Knox ما بين (1904 ـ 1909)، ليكون أول وكيل سياسي بريطاني في الكويت، في 6 أغسطس 1904(أُنظر جدول الوكلاء السياسيين البريطانيين في الكويت في الفترة من 1904 إلى 1961)، على أن يحاول ألاّ يسترعي وجوده انتباه السلطات العثمانية.



وقد احتجت الحكومة العثمانية على هذا الإجراء، وطلبت، هي الأخرى، تعيين وكيل سياسي لها في الكويت. غير أن مباركاً تجاهل هذا الطلب، فَعَدّت الحكومة العثمانية ذلك خرقاً لاتفاق احترام الوضع الراهن، في شأن الكويت. فاضطرت الحكومة البريطانية إلى سحب النقيب نوكس، مؤقتاً، وبكيفية لا تنمّ على أي معنى من معاني التنازل أو الخضوع لإرادة إستانبول، وعلى أساس أنه سيعود، بعد فترة. ويبدو أن الحكومة البريطانية، كانت تستهدف من هذا التراجع المؤقت، الوصول إلى نتائج مفيدة مع الدولة العثمانية، إذ صادف في ذلك الوقت إجراء مفاوضات بين الدولتَين، تتعلق بتخطيط الحدود بين اليمن وعدن. وواضح أن نوكس حينما عاد لمنصبه، مرة أخرى، لم تكترث الدولة العثمانية لهذا الأمر.



وإمعاناً في إحكام بريطانيا سيطرتها، وبسط نفوذها على الكويت، لم تكتفِ بتكبيل شيخ الكويت بالاتفاقات المعقودة من قبْل (اتفاقية 1899)، بل عقدت معه اتفاقات أخرى. ففي 15 أكتوبر 1907، أباحت بريطانيا لنفسها ما حرمته على الشيخ، وهو تأجير قطعة من أرض الكويت[2]، (أُنظر الوثيقة عقد تأجير بندر الشويخ بين الشيخ مبارك الصباح والحكومة البريطانية في 15 أكتوبر 1907)، و(الوثيقة قبول الحكومة البريطانية تأجير بندر الشويخ من الشيخ مبارك الصباح في 15 أكتوبر 1907)، في اتفاق سري، لتنشئ عليها محطة لتزويد أسطولها الفحم، مع إنشاء ما يقتضيه الحال من مبانٍ ومنشآت. وتقع هذه المنطقة في رقعة مهمة، غرب بندر الشويخ. وكان الهدف السياسي من ذلك، هو إيجاد مرسى لسفن الأسطول الحربي البريطاني، يمكّن مدفعيته أن تقصف منه منطقة كاظمة، إذا ما هوجمت من قِبل الدولة العثمانية. وكان مبارك متردداً، في البداية، ولكن الرائد برسي زخاريه كوكس Percy Zachariah Cox، المقيم السياسي البريطاني في الخليج[3]. استطاع إقناعه بأن لندن ستضمن الكويت وحدودها للشيخ، ولورثته من بعده، وبأنها ستدفع إليه إيجاراً سنوياً سخياً (60 ألف روبية). وبالفعل، نص الاتفاق على ذلك. وفيه أقرّ مبارك بأنه لا هو، ولا أبناؤه، ولا ورثته، سيبيعون أو يؤجرون أرضاً من بلادهم لدولة أجنبية، ولو للدولة العثمانية، إلاّ بترخيص مسبق من بريطانيا. وفي هذا النص تأكيد وتجديد للنص عينه، الذي تضمن ذلك المعنى، في اتفاقية 23 يناير 1899.



وفي أغسطس 1910، وافق الشيخ مبارك كذلك، على اتفاقية بألاّ يُسمح للأجانب بالغوص في مياه الكويت، لصيد الإسفنج واللؤلؤ، قبْل استشارة الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، وموافقة حكومة الهند. وفي شهر يوليه 1912، وافق الشيخ مبارك على إنشاء خط للتلغراف اللاسلكي، في الكويت، في رسائل تبادلها مع المقدم برسي كوكس، المقيم السياسي البريطاني في الخليج.



وفي 29 يوليه 1913، وُقّعت الاتفاقية البريطانية ـ العثمانية، على أن يتبادل التصديق عليها في لندن، في غضون ثلاثة أشهر من توقيعها، على أقصى تقدير. ولكنها لم تصدق في الفترة المحددة، فأعيدت المفاوضات، ووُقّعت اتفاقات إضافية أخرى، منها اتفاقية، منح الشيخ مبارك الإنجليز، بموجبها، امتياز التنقيب عن النفط واستخراجه في الكويت، في 27 أكتوبر 1913. ومن الواضح أن الهدف من كل هذه الاتفاقات، هو إقصاء أي دولة أجنبية عن التعامل المباشر مع شيخ الكويت.



والواقع، أنه لم يكن هناك ردود فعل حقيقية من قِبل الدولة العثمانية، تجاه تطور العلاقات البريطانية ـ الكويتية. ويمكن تفسير ذلك بما شهدته الدولة نفسها من اضطرابات داخلية، أسفرت عن ثورة تركيا الفتاة، عام 1908، ثم خلع السلطان عبدالحميد، بعد ذلك، وتولِّي جماعة تركيا الفتاة السلطة. إضافة إلى أن مباركاً نفسه، ظل على ولاء ظاهري للدولة العثمانية، إذ لم يترك أي فرصة إلاّ وكان ينتهزها، لتأكيد هذا الولاء، بدءاً بتوسطه لحل النزاع بينها وبين ابن سعود، عامَي 1904، 1905، ومروراً بمساهمته المالية في بناء ثكنات عثمانية جديدة في البصرة، وإيوائه الجنود والضباط الأتراك الهاربين من نجْد، وتسهيل وصولهم إلى البصرة، من دون السماح بتجمعهم في الكويت، ثم تبرعه لبناء سكة حديد الحجاز، عام 1906، حتى إن السلطان منحه، لذلك، وساماً، وانتهاء بتبرعه لمواجهة آثار حريق ضخم، شب في إستانبول، عام 1911، وتبرعه للدولة العثمانية، كذلك، أثناء اشتراكها في حرب طرابلس الغرب (1911 ـ 1912) والحروب البلقانية (1912 ـ 1913).



حمل مباركاً على التبرع والمعونة تعاطفه مع دولة الخلافة الإسلامية، وليس من منطلق التبعية الحقيقية. وكانت الدولة، في المقابل، تمنحه الأوسمة والنياشين. أما هو فكان يصرّ على استخدام لقب حاكم الكويت وشيخ قبائلها، بدلاً من لقب قائمقام، الذي خاطبته به مكاتبات ولاة البصرة.



 






[1]  بسبب طلب الدولة العثمانية من مبارك مغادرة الكويت، أو الرحيل إلى الآستانة، فطلب الشيخ مبارك دعم الإنجليز، الذين وقّع معهم معاهدة سرية، عام 1899



[2] نصوص عقد تأجير بندر الشويخ، بين الحكومة البريطانية والشيخ مبارك الصباح، في 15 أكتوبر 1907



[3] المقدم برسي كوكس، مقيم سياسي بريطاني في الخليج، وهو غير النقيب ستيوارت جورج نوكس، الوكيل السياسي البريطاني في الكويت





شارك المقالة:
275 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook