تعدّ معركة ذات الصواري أول معركةٍ خاضها المسلمون بالبحر، وكانت ضد الأسطول البيزنطي، وتجدر الإشارة إلى أنّ المكان الذي جرت فيه أحداث المعركة لم يعيّن ولم يحدّد،وجرت أحداث المعركة في السنة الواحدة والثلاثين للهجرة النبوية، وقاد المسلمين فيها عبد الله بن أبي السرح بمئتي سفينةٍ، وقاد الروم قسطنطين بن هرقل ملك الروم، بستمئة أو ثمان مئة سفينةٍ.
يرجع السبب الذي أدّى إلى وقوع معركة ذات الصواري إلى اغتياظ الروم من الفتح الإسلامي في أفريقيا، فعندما فتح عبد الله بن سعد مدينة سبيطلة الرومانية وما يحيط بها، التي تقع إلى الجنوب الشرقي من تونس، التي كانت الحصن المنيع لبقايا الرومان، فاجتمع الرومان على قسطنطين بن هرقل، متجهين إلى المسلمين في المغرب في كمٍّ لم يرَ المسلمين مثله، وعند مقابلة الفريقين بدءوا الرومان يصلبون، بينما قرأ المسلمون القرآن، وانتهت المعركة بنصر المسلمين.
تمثل صبر المسلمين وتحملهم في أبهى صوره في معركة ذات الصواري، إضافةً إلى الإيمان والفكر السليم، والتخطيط العميق الذي جعلها معركةً شديدةً على الأعداء الذين استحال عليهم اختراق صفوف المسلمين، فكانت معركة ذات الصواري الحد الفاصل لسياسة الروم في استرداد هيبتهم أو استرجاع أراضي مصر والشام، فكانت النتائج بعكس ما خطط له الروم، فففتح المسلمون قبرص وكريت وكورسيكا وسردينيا وصقلية وجزر البليار وصولاً إلى جنوة ومرسيليا، ومن نتائج معركة ذات الصواري التي كانت لصالح المسلمين مستقبلاً في فتح القسطنطينية تولّي ابن قسطنطين الرابع الحكم بعد قتل قسطنطين، كما أنّ الإعداد الروحي والإيماني له دورٌ بارزٌ في الإعداد للنصر، فالصدق والإخلاص لله تعالى في نيات الأعمال من أهم الإعدادات للمعارك.