لاقى المسلمون الكثير من الأذى من المشركين؛ ممّا أجبرهم على الهجرة إلى المدينة، فغضب المشركون من هجرة المسلمين، حتى جمّعوا جنودهم للحاق بالنبيّ وأصحابه، فأنزل الله للنبيّ الإذن بالجهاد، وعندها لم يكن مع النبيّ جيشٌ يكافئ جيش المشركين، فاختار طريقةً أخرى حين سمع أنّ هناك قافلةً للمشركين بقيادة أبي سفيان ستمرّ قريباً من المدينة، فخطّط للإغارة عليها؛ وذلك لإضعاف قوة المشركين الاقتصاديّة، فخرج ثلاثُمئة وسبعة عشر رجلاً من المسلمين إليها، فسمع أبو سفيان بقدوم المسلمين فغيّر مسار القافلة، وبعث بالخبر إلى المشركين، فخرجوا بجيش تعداده ألف مقاتلٍ بقيادة أبي جهل، فأيقن المسلمون عندها أنّه لا بدّ من الحرب، فبدأ النبيّ بالاستعداد للحرب، وبشّر الصحابة بالنصر، وبدأت المعركة يوم الجمعة في السابع عشر من رمضان سنة اثنتين للهجرة، وانتهت المعركة بنصر مؤزّرٍ للنبيّ وأصحابه، بفضل دعاء النبيّ وتأييد الله للصحابة بألفٍ من الملائكة، وذكر الله جزءاً من أحداث المعركة في سورة الأنفال.
بعد هزيمة المشركين في معركة بدر بدأوا بالاستعداد لقتال النبيّ مرّةً أخرى؛ للأخذ بثأرهم، وفي السنة الثالثة للهجرة خرجوا إلى المدينة وعسكروا عند جبل أحد، فاستعدّ النبيّ لمواجهتهم خارج المدينة مع ألف مقاتل، فجاء عبد الله بن أبيّ زعيم المنافقين فانسحب بثلث الجيش، فنزل النبيّ ومن معه عند جبل أحد، وجعل النبيّ خمسين من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير على الجبل؛ لحماية المسلمين من فوق، فبدأت المعركة بقتالٍ شديدٍ، وكان النصر فيها للمؤمنين في بدايتها، فلمّا رأى الرماة انتصار المسلمين نزلوا عن الجبل، وكان النبيّ قد أمرهم بعدم مغادرة أماكنهم تحت أيّ ظرفٍ، فاستغلّ خالد بن الوليد هذه الفرصة، وباغت المسلمين من الخلف، وأشيع خبرٌ بين المسلمين أنّ النبيّ قد قُتل، فتفرّق المسلمون، حتّى أقبل الرسول على الصحابة فتجمّعوا حوله، وانتهت المعركة باستشهاد سبعين من الصحابة، وقتل اثنين وعشرين من المشركين.
وصل المشركون إلى المدينة المنوّرة بعشرة الآف مقاتل، وكان ذلك في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة، وكانت المفاجأة للمشركين إذ رأوا الخندق؛ لأنّه فكرةٌ جديدةٌ لا عهد للعرب بها، فبدأت المعركة برمي الصحابة للنبال على المشركين؛ لمنعهم من عبور الخندق، فحاول المشركون عبوره، فنجح البعض منهم باختراقه، فتصدّى المسلمون لهم فقتلوا بعضهم، وهرب البعض الآخر، وكانت الحرب بين كرٍّ وفرٍّ، وورد أنّ الصحابة أضاعوا صلاة الظهر والعصر والمغرب؛ لانشغالهم بالحرب، فصلّوها مع العشاء، واستمرّت الحرب مدّة شهرٍ كاملٍ، وانتهت المعركة بنصر المسلمين على الأحزاب من غير قتالٍ، بفضل الله -سبحانه- ثمّ بفضل خطة الصحابيّ نعيم بن مسعود في الإيقاع بين المشركين ويهود بني قريظة، ثم أرسل الله ريحاً قويّةً وشديدة البرودة، اقتلعت خيام المشركين، وأطفأت نارهم، وأرسل الله ملائكةً لتأييد النبيّ وأصحابه