أبرز المنتجات والأنشطة داخل القطاع الزراعي بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.
يشكل السكان المزارعون في المنطقة نحو 5.97% من إجمالي تعداد سكان منطقة المدينة المنورة عام 1423هـ / 2002م
أهم الموارد الزراعية
تعتمد الزراعة على ثلاثة موارد رئيسة هي: التربة وطبيعتها، والثروة المائية، والموارد البشرية، وتم التركيز هنا على الموردين الأول والثاني أما الثالث فسيرد في الفصل الثاني المخصص لهذا الجانب.
أ) التربة وطبيعتها:
لقد عُرفت منطقة المدينة المنورة - منذ القدم - بأن بها واحات تتميز بخصوبة تربتها، فالتربة تمتد فيها الرواسب البركانية الناتجة عن تفتت الرواسب الطبيعية التي تجرفها السيول، وتشكل هذه في مجموعها أخصب تربة تنمو فيها المزروعات. ولقد كان لهذه التربة أثر كبير في تطور الزراعة ونموها في المنطقة .
ومن الناحية التضاريسية تقع المنطقة فوق بقعة خصبة رسوبية التكوين تحيط بها الحرات من جهاتها الشرقية والجنوبية والغربية، ويحدها جبل أحد من الشمال، وجبل عير في الجنوب الغربي، ويدين هذا الموضع بأهميته للأنهار القديمة التي كانت تجري إبان العصر المطير، قبل أن تتحول إلى أودية جافة تنتشر في كل شبه الجزيرة العربية .
فالمدينة المنورة ترتمي داخل حوض تحيط به الجبال والأمكنة الصخرية والتكوينات البازلتية (الحرات) من الجهات كافة تقريبًا. وتبعًا لذلك، الأمكنة الصالحة للزراعة في المدينة المنورة تقتصر في المقام الأول على الحوض الذي تشغل الكتلة العمرانية للمدينة جزءًا منه، وعلى ضفاف الأودية الكبرى الموجودة في المنطقة وبطونها التي استغلت زراعيًا، قديمًا وحديثًا. وأهم هذه الأودية: (رانوناء) (مذينيب) و (مهزوز). وفي الشمال الغربي للمنطقة يوجد وادي (قناة)، وفي غربها يوجد وادي العقيق. ويلتقي هذان الواديان مع وادي بطحان لتشكل جميعها واديًا واحدًا شمال قرية العيون يعرف بوادي الحمض. ومن جانب آخر فإن حوض المدينة وضفاف الأودية المذكورة تمتاز باحتوائها على تربة جيدة مناسبة للزراعة في الغالب، أبرز أنواعها التربة الصلصالية الثقيلة، كما في قباء والعوالي وقربان (عالية المدينة)، وهي تربة على الرغم من احتوائها على نسبة من الأملاح إلا أنه من السهل استصلاحها، وتبلغ مساحة هذا النوع من الأراضي نحو 1192 هكتارًا أو ما يعادل 19% من مساحة الأراضي غير الصخرية في المدينة. أما شمال المدينة (السافلة) كما هو الحال في العيون وسيد الشهداء، فإن التربة فيها توصف بأنها صلصالية خفيفة تحتوي على بعض الطفل وهي بوجه عام صالحة للزراعة. وتغطي هذه التربة نحو 408 هكتارات أو 6.5% من المساحة الكلية للأراضي غير الصخرية في المدينة. وإلى الجنوب من منطقة العيون حتى جبل سلع يمتد نوع آخر من الترب الملحية الهشة (السبخات) التي تصنف بوجه عام في خانة عدم صلاحيتها للزراعة. وتسود التربة الرملية والحصوية في أبيار علي والجرف، وهي تربة على الرغم من اتصافها بعدم صلاحيتها للزراعة نظرًا لعدم قدرتها على الاحتفاظ بالماء فإنها قد تصبح صالحة للزراعة عند تحسين قوامها بإضافة الطين والطفل واستخدام أساليب ري مناسبة كالري بالرش، أو التنقيط
ومن جانب آخر يمكن القول إن نوعية التربة تختلف من محافظة إلى أخرى ؛ فمحافظة الحناكية تتميز بوفرة التربة الطميية العميقة الصالحة للزراعة وتمثل التربة الصالحة للزراعة نحو 73% من إجمالي مساحة المحافظة، ويعد ذلك مؤشرًا مهمًا لإمكانية التنمية الزراعية والرعي.. لكن يتوقف استغلال هذه الأراضي على مدى توافر المياه اللازمة للأعمال الزراعية.
وتتميز محافظة المهد بتربتها الطميية العميقة الصالحة للزراعة، وتمثل مساحة التربة الصالحة للزراعة نحو 62% من مساحة المحافظة، وبطبيعة الحال يتوقف استغلال هذه الأراضي على مدى توافر المياه اللازمة للأعمال الزراعية. تؤدي التربة البركانية المتفتتة إلى جعل التربة السطحية شديدة الخصوبة بصفة عامة، ونظرًا إلى أنه توجد بالمنطقة بعض مواقع الحمم البركانية؛ فإنها تحتوي على أنواع من التربة السطحية الخصبة الصالحة للزراعة يمكن استغلالها عند توفير المياه اللازمة في التنمية الزراعية، ومن أمثلة ذلك التربة الطميية العميقة، وتوجد هذه الإمكانية في محافظة المهد وبخاصة في مراكز السويرقية وصفينة وأرن وحاذة، ما يدعم إمكانية تطويرها في الأنشطة الزراعية والرعوية وتنميتها مستقبلاً.
ويتباين تركيب التربة السطحية بمحافظة العلا التي يغلب عليها البروزات الصخرية والجبال، حيث تتركز بالقطاع الغربي من المحافظة بالإضافة إلى الحمم البركانية، وتوجد في شمال المحافظة (حرة عويرض)، كما توجد البروزات الصخرية ذات التربة الطميية التي تتركز في القطاع الشمالي الشرقي، في حين تتركز التربة الطميية الصالحة للزراعة في وسط المحافظة.
ومحافظة بدر تحتوي على أنواع من التربة من أهمها التربة الطميية العميقة الصالحة للزراعة وتنتشر بمحاذاة السهل الساحلي، بالإضافة إلى التربة العميقة غير الصالحة للزراعة، وتنتشر في وسط المحافظة ويمكن معالجتها بوساطة المخصبات الكيميائية لتصبح صالحة للزراعة، كما توجد التربة الملحية والقيعان على طول السهل الساحلي للمحافظة بالإضافة إلى وجود البروزات الصخرية على هيئة جبال، وتمتد بمحاذاة السهل الساحلي، وهي مناطق غير صالحة للزراعة باستثناء الأودية والقيعان المنتشرة بينها، وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية بمحافظة بدر نحو 28.1كم وتمثل نحو 0.3% من إجمالي المساحة الكلية للمحافظة، وتتركز المناطق الصالحة للزراعة بالقطاع الشرقي والقطاع الجنوبي الشرقي في شكل جيوب زراعية صغيرة.
وفي خيبر تمتاز الهضبة التي تمثل السمة الرئيسة للسطح في المحافظة التي هي جزء من هضبة الحجاز بوجود الحرات البركانية التي تكونت في الزمنين الثالث والرابع الجيولوجيين، وأهمها حرتا خيبر وهتيم. ويتميز سطح الحرات بالتضرس الشديد، ولذلك يصعب السكن بها، أما التجمعات العمرانية الموجودة بالمنطقة فتقع على أطراف الحرات وجوانب السهول والأودية، خصوصًا أن تلك الأطراف تمتاز بوجود المياه الجوفية بالإضافة إلى تكوين التربة المفتتة من الحرات وهي تربة بركانية جيدة للزراعة.
ويتباين تركيب التربة السطحية بمحافظة ينبع التي يغلب عليها البروزات الصخرية والجبال، إذ تقدر مساحتها بنحو 73% من إجمالي مساحة المحافظة، في حين تتركز التربة الطميية الصالحة للزراعة في جنوب غرب المحافظة بالسهل الساحلي، كما توجد الحمم البركانية في شرق المحافظة وغربها بمراكز العيص وجراجر ورخ، بالإضافة إلى وجود التربة العميقة غير الصالحة للزراعة وهي تغطي صخورًا متباينة من صخور القاعدة المعقدة تبرز من خلالها، وتنتشر هذه التربة في مراكز سليلة جهينة وجراجر والجابرية وينبع النخل ونبط ويمكن معالجتها بوساطة المخصبات الكيميائية لتصبح تربة صالحة للزراعة.
ب) الثروة المائية:
تمثل موارد المياه في المملكة بصفة عامة ومنطقة المدينة المنورة بصفة خاصة إحدى القضايا المهمة، نظرًا لمحدودية هذه الموارد نتيجة الظروف البيئية والطبيعية والجغرافية والجيولوجية للمملكة ومناطقها المختلفة، وقد أدت الظروف الاقتصادية والاجتماعية خلال العقود الماضية إلى زيادة كبيرة في استهلاك المياه، ما حمل وزارة المياه على زيادة موارد المياه في المملكة أما طرق الري ومصادر المياه في منطقة المدينة المنورة فهي كما يأتي:
1) طرق الري:
تتصف الزراعة بمنطقة المدينة المنورة باعتمادها بشكل شبه كامل على طرق الري التقليدية التي تعتمد على الري بالغمر. وعلى الرغم من الطفرة الكبيرة التي حدثت خلال العقد الأخير في استخدام الآلات وطرق الري الحديث كالري بالرش المحوري والمدفعي والثابت والري بالتنقيط في معظم مناطق المملكة إلا أن الزراعة في المدينة لم تتوسع كثيرًا في استخدام هذه الطرق والوسائل، ويعود ذلك إلى مجموعة من العوامل أهمها صغر حجم الحيازة في هذه المناطق وتفتتها أحيانًا، وهذا لا يناسب استخدام معظم هذه النظم أو يجعل استخدامها مكلفًا من الناحية الاقتصادية، أن هذه النظم تحتاج إلى مياه كثيرة نظرًا لتغطيتها مساحات واسعة كما هو الحال في مزارع القمح الواسعة في حين تشكو منطقة المدينة وسواها من المناطق الغربية من عجز مواردها المائية ومحدوديتها، وأن طبيعة التركيب المحصولي في المدينة المنورة الذي تشكل المحصولات الشجرية نسبة كبيرة منه لا يناسبه استخدام معظم هذه النظم خصوصًا طرق الري بالرش .
2) مصادر مياه الري:
تعتمد الزراعة في منطقة المدينة المنورة منذ القدم على ثلاثة مصادر رئيسة لمياه الري هي: الأمطار، والعيون، والآبار بأنواعها المختلفة، والمصدران الأخيران يعتمدان على موارد المياه الجوفية التي هي بدورها تتأثر سلبًا وإيجابًا بكميات الأمطار والسيول، وعلى الرغم من شح الأمطار في المنطقة إذ لا يزيد معدلها السنوي على 75مم في السنة، فإن الزراعة في منطقة المدينة المنورة منذ القدم كانت تستفيد مما تحمله أوديتها من مياه، ولذلك تركزت المناطق الزراعية قرب هذه الأودية وعلى ضفافها بصورة أكبر. وقد أقيمت على هذه الأودية عدد من السدود، كتلك السدود المتعددة على أودية رانوناء والعقيق ومذينيب، وسد وادي بطحان، وسد العاقول. الهدف من إقامة هذه السدود درء أخطار الفيضانات وتنظيم استغلال المياه في الزراعة وتغذية الخزانات الجوفية .
ويختلف معدل هطول الأمطار من منطقة إلى أخرى، ومن سنة إلى أخرى .
ويوضح (جدول 3) معدلات الأمطار الشتوية في بعض أنحاء منطقة المدينة المنورة.
كما يبين (جدول 4) كمية هطول الأمطار على محطات الرصد الجوي التابعة للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المدينة المنورة ومحافظة ينبع لعام 1426هـ / 2005م.
أما المصدر الثاني لمياه الري فإنه يتمثل في العيون والينابيع، إذ تشير الدلائل التاريخية إلى أن استغلال العيون في الري كانت عملية معروفة لسكان المدينة منذ ما قبل الإسلام، وكان يوجد في المدينة في نهاية الحكم العثماني نحو 44 عينًا تتركز بشكل رئيس في منطقة العيون، وكان يعتمد عليها أكثر من نصف مليون نخلة، وقد نضبت معظم هذه العيون في الفترة ما بين 1360 - 1370هـ / 1941 - 1951م بسبب الضغط الهائل على موارد المياه الجوفية والزيادة الحادة في استغلالها .
والمصدر الثالث الأكثر أهمية لمياه الري هو الآبار بنوعيها العادية (القلبان) والأنبوبية (الارتوازية)، وقد كانت الآبار اليدوية (القلبان) الطريقة السائدة للحصول على المياه الجوفية القريبة من السطح حتى وقت قريب في المدينة المنورة، وفي مناطق المملكة الأخرى. أما الآبار الأنبوبية فلم يكن في المدينة في ذلك الوقت سوى 29 بئرًا، أي أقل من 4% من عدد الآبار، في حين كان هناك 4 آبار فقط في باقي أجزاء منطقة المدينة المنورة الإدارية .
تطور المساحة المحصولية
تقدر مساحة الأراضي الزراعية لمزارع منطقة المدينة المنورة بنحو 74.5 ألف هكتار تمثل نحو 1.6% من إجمالي مساحة أراضي المزارع على المستوى الكلي للمملكة، إلا أن متوسط مساحة الحيازة الزراعية بالإقليم تشير إلى صغر مساحتها عن المتوسط العام على المستوى الكلي للمملكة، وهو ما قد يفسر قلة عدد المشروعات الزراعية الكبيرة بالإقليم بالنسبة إلى المساحة المحصولية المزروعة بالإقليم، فقد بلغت نحو 28737 هكتارًا سنويًا في المتوسط خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م وهو ما يعادل 2.42% من إجمالي المساحة المحصولية المزروعة سنويًا على المستوى الكلي للمملكة خلال الفترة نفسها، ويوضح (جدول 5) تطور المساحة المحصولية بمنطقة المدينة المنورة خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م.
يشير (جدول 5) إلى تطور المساحة المحصولية في منطقة المدينة المنورة خلال الفترة المذكورة بصفة عامة من سنة إلى أخرى، باستثناء عام 1424هـ / 2003م، إذ انخفضت المساحة لتصبح 28490 هكتارًا بانخفاض قدره 15 هكتارًا عن عام 1423هـ / 2002م، كذلك يتضح أن هناك انخفاضًا في المساحة المحصولية لبعض المنتجات، وبخاصة الحبوب، وينسجم هذا الانخفاض مع إستراتيجية المملكة الهادفة إلى ترشيد الزراعة عالية الاستهلاك للمياه مثل زراعة الحبوب والأعلاف، والتحول نحو زراعة المحصولات ذات الكفاءة العالية في استخدامات المياه مثل الخضراوات والفواكه.
عدد الحيازات الزراعية ومساحاتها
على الرغم من المشكلات المتعددة التي واجهتها الزراعة في المدينة، ومن أهمها نقص موارد المياه وزحف المناطق العمرانية على بعض الأراضي الزراعية وعزوف عدد من المزارعين عن مزاولة الزراعة والتحول إلى المهن الأخرى، إلا أن أعداد الحيازات سواء في المدينة نفسها أو إقليمها (المنطقة الإدارية) قد شهدت زيادة مطردة، ومع ذلك تمتاز الحيازة الزراعية في المدينة المنورة بصغر حجمها مقارنة بالحيازة الزراعية في المناطق الأخرى من المملكة كالرياض والقصيم وحائل التي شهدت تنمية زراعية واسعة في العقدين الماضيين. وعلى الرغم من صغر متوسط حجم الحيازة في المدينة المنورة مقارنة بالمناطق الوسطى من المملكة إلا أنها تتفوق بشكل واضح وكبير على جميع المناطق الغربية والجنوبية الغربية من البلاد التي تشابهها في معظم ظروفها الطبيعية، خصوصًا فيما يتعلق بمحدودية موارد المياه الجوفية والأراضي الصالحة للزراعة. ومن النقاط الإيجابية في تركيب الحيازات الزراعية وبنيتها في المدينة المنورة، وبخاصة عند مقارنتها مع المناطق الغربية والجنوبية الغربية من المملكة، تميزها بوحدة المساحة وعدم تجزئة الحيازة إلى قطع متعددة، ففي حين تبلغ نسبة الحيازات ذات القطعة الواحدة في المدينة المنورة ومنطقتها الإدارية 93.3%، 92% من مجموع الحيازات على التوالي، تنخفض هذه النسبة للمملكة ككل إلى 62% وتنحدر إلى ما بين 45 و 60% في مناطق جيزان ونجران والباحة وعسير ومكة المكرمة. أما الحيازات التي تتألف من 2 - 3 قطع، أو تلك التي تتألف من أربع قطع فأكثر فلا تزيد نسبتها على 6.3% و 0.4% في المدينة المنورة، و 7.2% و 1% في منطقتها الإدارية على التوالي . (جدول 6) يوضح عدد الحيازات الزراعية ومساحتها طبقًا لمجموعة من الأسس في منطقة المدينة المنورة لعام 1420هـ / 1999م.
إذ يتضح من (جدول 6) أن الغالبية العظمى من الذين يملكون الحيازات الزراعية هم من السعوديين وأن نسبة لا تذكر من غير السعوديين يملكون حيازات زراعية، وأن من تتراوح أعمارهم بين 35 و 49 سنة هم أكثر الذين يملكون الحيازات الزراعية، وأن معظم الذين يملكون الحيازات الزراعية من الذكور المتعلمين.
طبيعة المنتجات الزراعية
تختلف منطقة المدينة المنورة عن غيرها من مناطق المملكة اختلافًا جوهريًا من حيث نمط استغلال الأراضي الزراعية في المنتجات الزراعية التي تأتي في مقدمتها زراعة النخيل ثم العنب ثم الأعلاف ثم الخضراوات ثم الموالح على الترتيب، وقد بلغت المساحة المحصولية لزراعة الفواكه 33693 هكتارًا تشكل 83.26% من إجمالي المساحة المحصولية في المدينة، وقد احتلت زراعة النخيل بمفردها نحو 65.59% من إجمالي المساحة المحصولية بالمنطقة في العام نفسه، وفي المقابل فإن منطقة المدينة المنورة تعد من المناطق التي ينخفض فيها إجمالي المساحة المحصولية المزروعة بالحبوب بالقياس إلى غيرها من المناطق الأخرى بالمملكة.
أما بالنسبة إلى محصولات الخضراوات فتتماثل منطقة المدينة المنورة تقريبًا مع كثير من مناطق المملكة من حيث نسبة المساحات المخصصة لزراعتها إلى إجمالي المساحة المحصولية المزروعة، وقد بلغت المساحة المحصولية لزراعة الخضراوات 1712 هكتارًا تمثل نحو 5.79% من إجمالي المساحة المحصولية المزروعة لعام 1426هـ / 2005م .
التركيب المحصولي
إن إدارة واستغلال الغالبية العظمى من الحيازات بوساطة الملاك أنفسهم ربما كان من العوامل المهمة التي أكسبت المدينة المنورة نمطًا واضحًا من التركيب المحصولي تحتل فيه المحصولات الدائمة (النخيل وأشجار الفاكهة) معظم المساحة المحصولية، فالملاك الذين يستغلون أراضيهم بأنفسهم يحرصون دائمًا إلى جانب الاستثمارات قصيرة الأجل، كزراعة الخضراوات، على الاستثمارات طويلة الأجل، كغرس مزيد من أشجار النخيل والفاكهة، في حين يحبذ المستأجرون عادة المحصولات المؤقتة التي تجنى ثمارها خلال مدة قصيرة ولا يلجؤون إلى المحصولات الدائمة وبخاصة المحصولات الشجرية. وتبرز هذه الخصوصية للمدينة المنورة بسيطرة المحصولات الدائمة على أكثر من نصف المساحة المحصولية في حين تتراجع الحبوب الغذائية في معظم السنوات إلى ذيل المجموعات المحصولية، ويحدث العكس في معظم مناطق المملكة الأخرى . وتتمثل أبرز المجموعات المحصولية فيما يأتي:
أ) المحصولات الدائمة:
وتشمل بشكل أساس أشجار النخيل ثم أشجار الفاكهة الأخرى، كالحمضيات والعنب والرمان والتين وغيرها، وتحتل هذه المحصولات عادة نحو 99% من مساحة المحصولات وتضم المحصولات الدائمة أيضًا أشجار الحناء المشهورة بجودتها على مستوى المملكة، حيث تعد منطقة المدينة المنورة وبخاصة محافظة ينبع المنتج الرئيس لها في المملكة. كما تعد المحصولات الدائمة القاعدة الأساسية للإنتاج الزراعي في المدينة المنورة إذ تسيطر دائمًا على ما بين 56 و 70% من المساحة المحصولية، والواقع أن أهمية المحصولات الدائمة في منطقة المدينة المنورة تبرز بشكل واضح مع مقارنتها بنسب هذه المحصولات في مناطق المملكة الأخرى في العام نفسه، ففي حين كانت مساحة هذه المحصولات في المدينة تبلغ 56% من المساحة المحصولية، فإنها لا تتجاوز 40% في المنطقة الشرقية وما بين 23 و 30% في كل من عسير وحائل والمناطق الشمالية. وفي نجران ومكة المكرمة والرياض والقصيم تنحدر نسبة هذه المحصولات إلى ما بين 19.9% في حين تتضاءل إلى ما دون 3% فقط من المساحة المحصولية في كل من الباحة وجيزان . ويعد محصولا النخيل والعنب من أشهر المحصولات الدائمة بمنطقة المدينة المنورة، كما هو موضح في (جدول 7) .
ب) الخضراوات:
تحتل المساحة المزروعة بالخضراوات حيزًا مهمًا من المساحة المحصولية بمنطقة المدينة المنورة نظرًا للطلب المتنامي عليها من قبل سكان المدينة والحجاج والزائرين، كما أن الدعم الكبير الذي أولته الدولة لإنتاج الحبوب، وبخاصة القمح والشعير، منذ عام 1400هـ / 1980م جعل كثيرًا من المزارعين يزيدون من المساحات المخصصة لهذه المحصولات على حساب المحصولات الأخرى. وتبعًا لذلك تراجعت نسبة الخضراوات إلى 5.79% من المساحة المحصولية بالمنطقة عام 1426هـ / 2005م. وإن تراجع نسبة الخضراوات من المساحة المحصولية لا يقتصر على منطقة المدينة المنورة وحدها بل يوجد بمستويات أكثر وضوحًا في المناطق الأخرى من المملكة التي شهدت معظم التوسع الحديث في إنتاج القمح والشعير كالرياض والقصيم وحائل وتبوك. ولذلك فلا غرو إن هبطت نسبة الخضراوات في المملكة من 16.7% من المساحة المحصولية في عام 1402هـ / 1982م إلى 5.79% في عام 1426هـ / 2005م.
وتحتل الطماطم صدارة محصولات الخضراوات في المدينة المنورة من حيث المساحة والإنتاج؛ إذ بلغت المساحة المزروعة بها في عام 1426هـ / 2005م نحو 944 هكتارًا، وهو ما يعادل نحو 55.14% من جملة مساحة الخضراوات في المنطقة و 5.45% من مساحة الطماطم في المملكة. كما بلغ إنتاج المنطقة من الطماطم في العام نفسه 14211 طنًا. ويأتي الباذنجان في المرتبة الثانية، إذ بلغت مساحته في عام 1426هـ / 2005م نحو 177 هكتارًا تشكل نحو 10.33% من مساحة الخضراوات في المدينة المنورة، وتعادل مساحته نحو 3.65% من مساحة الباذنجان في المملكة. وتحتل الكوسة المرتبة الثالثة في المدينة، إذ بلغت مساحتها في العام نفسه 99 هكتارًا؛ أي ما يعادل 5.78% من مساحة الخضراوات في منطقة المدينة و 1.23% من مساحة الكوسة في المملكة. وتعد البامياء من الخضراوات المهمة في المنطقة المدينة المنورة، وقد بلغت مساحتها في عام 1426هـ / 2005م نحو 57 هكتارًا أي ما يعادل 3.32% من مساحة الخضراوات في المنطقة و 1.41% من مساحة البامياء في المملكة. وقد بلغ إنتاج المدينة من البامياء في العام نفسه نحو 774 طنًا، وهو ما يعادل 1.66% من إنتاج المملكة. ويحتل الشمام المرتبة الخامسة من حيث الأهمية، إذ بلغت مساحته في العام المذكور 49 هكتارًا؛ أي 2.86% من مساحة الخضراوات في المدينة، وما يعادل 0.37% من مساحة الشمام في المملكة. كما بلغ إنتاج المدينة من الشمام في العام نفسه 860 طنًا من إنتاج المملكة. وتزرع بالمنطقة كميات جيدة من محصولات الخضراوات الأخرى كالخيار 35 هكتارًا والبصل الجاف 11 هكتارًا، والجزر 7 هكتارات والخضراوات الأخرى 370 هكتارًا . ولعل الملاحظة التي تشد الانتباه أن نسب إنتاج المنطقة من هذه الخضراوات على مستوى المملكة يفوق بشكل واضح نسب ما تحتله من مساحة، وهذا دليل على ارتفاع إنتاجية الأرض في منطقة المدينة المنورة مقارنة بالمعدل العام للمملكة
(جدول 8) يوضح تطور المساحة والإنتاج للخضراوات في المدينة المنورة خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م. ويتضح من الجدول أن المساحات والإنتاج لجميع الخضراوات بمنطقة المدينة المنورة خلال هذه الفترة تراوح بين الزيادة والنقصان.
ج) الحبوب:
يحتل القمح صدارة الحبوب الغذائية من حيث المساحة والإنتاج في منطقة المدينة، وترجع الزيادة الكبيرة في مساحة الحبوب إلى التوسع في زراعة القمح، إذ بلغت مساحته 665 هكتارًا في عام 1426هـ / 2005م وتشكل نحو 86% من مساحة الحبوب في المدينة، و 2.25% من المساحة المحصولية في المنطقة. وقد بلغ إنتاج المدينة من القمح في عام 1426هـ / 2005م نحو 2611 طنًا أو ما يعادل 0.09% من إنتاج القمح بالمملكة. وبلغت المساحة المزروعة بالشعير والدخن زهاء 92 و 20 هكتارًا على الترتيب؛ أو ما يعادل 0.31 و 0.06% من مساحة الحبوب في منطقة المدينة المنورة على الترتيب. ولم يتجاوز إنتاج المنطقة من الدخن 31 طنًا، في حين بلغ إنتاجها من الشعير 432 طنًا، كما تنتج المنطقة كميات محدودة جدًا من الذرة الرفيعة والذرة الشامية في تلك الفترة .
(جدول 9) يوضح المساحة بالهكتار والإنتاج بالطن من الحبوب في المدينة المنورة خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م.
من (جدول 9) يتضح أن مساحة القمح وإنتاجه، والحبوب عمومًا خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م انخفضت من حيث المساحة المزروعة من 713 هكتارًا عام 1422هـ / 2001م إلى 665 هكتارًا عام 1426هـ / 2005م، كما أن إنتاج القمح انخفض من 2805 أطنان عام 1422هـ / 2001م إلى 2611 طنًا عام 1426هـ / 2005م.
وقد تأثرت باقي الحبوب أيضًا من حيث المساحة والإنتاج، ويعزى هذا الانخفاض في المساحة المزروعة بالحبوب إلى إستراتيجية المملكة الهادفة إلى ترشيد الزراعة عالية الاستهلاك للمياه كما مر سابقًا.
د) الأعلاف:
يحتل البرسيم ومحصولات العلف الأخرى حيزًا مهمًا من المساحة المحصولية على مستوى منطقة المدينة المنورة. وعلى الرغم من ذلك تناقصت مساحة محصولات الأعلاف في عام 1426هـ / 2005م نتيجة لسياسة ترشيد الزراعة عالية الاستهلاك للمياه ولمزاحمة محصولات الحبوب لها، إذ بلغت مساحتها في منطقة المدينة المنورة في عام 1426هـ / 2005م 2456 هكتارًا، تنتج 42820 طنًا، تشكل ما نسبته 1.73% من إنتاج المملكة من الأعلاف. ويشكل البرسيم الدائم العمود الفقري لمحصولات الأعلاف في المدينة المنورة، إذ بلغت مساحته 2175 هكتارًا، تشكل ما نسبته 88.55% من مساحة الأعلاف في منطقة المدينة عام 1426هـ / 2005م. وتحتل باقي المساحة محصولات وحشائش رودوس وأعلاف أخرى المراتب التالية .
(جدول 10) يوضح المساحة بالهكتار والإنتاج بالطن للأعلاف في المدينة المنورة خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م.
وبالنظر إلى (جدول 10) نجد أن مساحة الأعلاف المزروعة بمنطقة المدينة المنورة انخفضت بصورة ملحوظة خلال الفترة الواقعة ما بين 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م، وهذا ينطبق أيضًا على كمية الإنتاج لتلك الأعلاف، إذ تقلصت مساحة الأعلاف المزروعة من 3678 هكتارًا عام 1422هـ / 2001م إلى 2456 هكتارًا عام 1426هـ / 2005م في حين نقص الإنتاج من 64091 طنًا عام 1422هـ / 2001م إلى 42820 طنًا عام 1426هـ / 2005م.
هـ) الفواكه:
تختلف منطقة المدينة المنورة عن غيرها من مناطق المملكة اختلافًا جوهريًا من حيث نمط استغلال الأراضي الزراعية لزراعة الفاكهة التي تأتي في مقدمتها زراعة النخيل ثم العنب ثم الموالح على الترتيب، إذ تمثل زراعة الفاكهة بالمنطقة نحو 83.26% من إجمالي المساحة المحصولية بالمنطقة لعام 1426هـ / 2005م، واحتلت زراعة النخيل بمفردها نحو 65.59% من إجمالي المساحة المحصولية بالمنطقة للعام نفسه .
ويوضح (جدول 11) المساحة المزروعة بالهكتار والإنتاج المحلي بالطن لبعض أنواع الفواكه في منطقة المدينة المنورة خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م.
الجدير ذكره أن عدد أشجار النخيل في منطقة المدينة المنورة لعام 1426هـ / 2005م بلغ 2843902 شجرة نخيل؛ أي ما يعادل 12.56% من عدد أشجار النخيل في المملكة ، كما تشتهر محافظة الحناكية ممثلة بمركز النخيل بزراعة العنب المشهور بجودته العالية، إذ يسوق إلى مختلف مناطق المملكة .
الإنتاج الحيواني
تظهر النسب التي تحتلها مساحة محصولات الأعلاف والبالغة نحو 8.31% من المساحة المحصولية في منطقة المدينة المنورة في عام 1426هـ / 2005م الأهمية الكبيرة التي يوليها مزارع المدينة لتربية الثروة الحيوانية وإنمائها. أما على مستوى المنطقة فقد بلغت أعداد الإبل 9794 رأسًا؛ أي ما يعادل 3.59% من جملة عدد الإبل في المملكة عام 1426هـ / 2005م. ونلاحظ أن عدد الإبل تناقص بشكل كبير خلال أعوام 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م. وتربى أغلب الأغنام والماعز على نطاق واسع في منطقة المدينة المنورة بوساطة أبناء البادية. وقد شهدت المنطقة إقامة مشروعين لتربية الأغنام وتسمينها في منتصف الثمانينيات، حيث كانت طاقتهما 2221 رأسًا في عام 1411هـ / 1990م، وقد توقف أحدهما عام 1412هـ / 1991م فانخفضت تبعًا لذلك أعداد الأغنام إلى 1571 رأسًا في وقت لاحق ، وقد بلغ أعداد الضأن خلال عام 1426هـ / 2005م 386441 رأسًا بنسبة تقدر بـ 4.54% من عدد الضأن في المملكة، ونلاحظ تزايد أعدادها من عام 1422هـ / 2001م حتى عام 1426هـ / 2005م. وأما أعداد الماعز في منطقة المدينة فأقل بشكل واضح من أعداد الضأن، ويلقى حليبها ولحومها إقبالاً كبيرًا من سكان المنطقة. وعلى عكس الحيوانات الأخرى فإن منطقة المدينة تعد من أهم المناطق الرئيسة في تربية الماعز ولا يضاهيها في هذه المكانة إلا مناطق قليلة في المملكة، إذ بلغت أعداد الماعز في عام 1426هـ / 2005م 362970 رأسًا بنسبة تقدر بـ 14.64% من عدد الماعز في المملكة، وقد تزايد عدد الماعز في المدينة بشكل كبير بين عامي 1422 و 1426هـ / 2001 و 2005م.
وبالنسبة إلى الأبقار، فإن عددها قد تضاعف كثيرًا من 875 رأسًا عام 1422هـ / 2001م إلى 3298 رأسًا عام 1426هـ / 2005م. وتشكل الأبقار ما نسبته 0.97% من عدد الأبقار في المملكة البالغ 337793 رأسًا عام 1426هـ / 2005م
(جدول 12) يوضح تقدير عدد الحيوانات الموجودة في المدينة المنورة خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م.
يتضح من (جدول 12) أنه لم تكن هناك زيادة ملحوظة بأعداد الضأن خلال الفترة 1422 - 1426هـ / 2001 - 2005م، في حين شهدت أعداد الأبقار ارتفاعًا ملحوظًا، إذ كان عددها 875 رأسًا عام 1422هـ / 2001م ليصبح 3298 رأسًا عام 1426هـ / 2005م. في حين شهدت أعداد الإبل انخفاضًا من 22162 رأسًا عام 1422هـ / 2001م لتصبح 9794 رأسًا عام 1426هـ / 2005م، كما لم تظهر أية أرقام لأعداد الأبقار أو الضأن في المشروعات المتخصصة.
ويهتم كثير من المزارعين بمنطقة المدينة المنورة بتربية الدواجن وإنتاج البيض، وكانت تربية الدواجن تعتمد على الطرق التقليدية ولا تكاد تخلو مزرعة من عدد من الدواجن وبخاصة الدجاج. وقد بلغ عدد مشروعات إنتاج البيض 8 مشروعات في عام 1426هـ / 2005م طاقتها أكثر من 179 مليون بيضة ، كما بلغ عدد مشروعات إنتاج الدجاج اللاحم 20 مشروعًا عام 1426هـ / 2005م طاقتها 8987 طنًا، ومن الجدير ذكره أن معظم هذه المشروعات تتركز في المناطق المحيطة بالمدينة المنورة لكونها تمثل المركز الرئيس لتسويق إنتاج هذه المشروعات. (جدول 13) يوضح العدد والإنتاج ومتوسط إنتاج مشروعات الدجاج اللاحم المتخصصة بالمدينة المنورة خلال الفترة 1411 - 1426هـ / 1990 - 2005م.
يتضح من (جدول 13) أن أعداد مشروعات الدواجن في منطقة المدينة المنورة خلال الفترة 1411 - 1426هـ / 1990 - 2005م مستقرة، ولم تكن هناك زيادة واضحة بهذا القطاع خلال الفترة، وهذا ينطبق أيضًا على كمية الإنتاج خلال تلك السنوات.